أصدرت جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) بيانا تطالب فيه النظام السعودي “بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب والوطن وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة للأسرة الحاكمة”
وقال البيان الذي نُشر أمس على موقع حسم الإلكتروني (المحجوب في السعودية) أن “النظام السعودي هو الذي يتحمل المسئولية الكبرى (في سفر الشباب السعودي للقتال في الخارج) وسهل خروج بعض الشباب الذين كانوا يتظاهرون للمطالبة بمحاكمة ذويهم المعتقلين إلى سوريا للخلاص منهم ووقف المظاهرات، فالسعوديون تحت سلطة مطلقة تتحكم في كل شيء في البلد, وهي التي صاغت التعليم وثقافة المجتمع وفرضت عليه آيدلوجيتها المتطرفة والاقصائية وبالتالي حتى الأشخاص الذين تتهمهم السلطة بالتشدد هم نتاج مدرستها, وخلافها معهم ليس لتشددهم ولكن لأنهم وجهوا تشددهم تجاه السلطة وليس تجاه المجتمع فقط كما أراد النظام”
ويؤكد البيان على العلاقة بين السلطة والتطرف إذ ينقل عن تقرير صحفي أمريكي قول بندر بن سلطان للبيت الأبيض في 2007 “نحن من صنعنا هذه الحركات، ونحن من يمكنه السيطرة عليها, إن المسألة لا تتعلق بأننا لا نريد من الأصوليين أن يقذفوا القنابل وإنما تتعلق بمن نريد إصابتهم بتلك القنابل”.
وتحدث البيان عن رجال الدين المقربين من السلطة في السعودية و”الذين يزينون لهم سوء إدارتهم وفشلهم. رجال الدين هؤلاء يؤمنون بشرعية المتغلب أي شريعة الغاب وهم مع من غلب ولا يخفون ذلك بصكوك أحكامهم ومحاضراتهم وكتبهم, أي أنه إذا حصل انقلاب عسكري على الأسرة الحاكمة أو استولت مجموعة مسلحة على السلطة سينفضوا عن الأسرة الحاكمة ويتبعوا المتغلب.”
وقال البيان أن النظام السعودي ربط مصيره وتحيزاته بمصير وتحيزات الغرب، “ففي الستينيات فرض النظام على المجتمع أدبيات الإخوان المسلمين ووصفهم بأنهم مجاهدون, لصد المد الناصري (القومية/ اشتراكية عربية) وحينما اعتنق شريحة من المجتمع هذا الفكر يأتي الأمير نايف ليقول: “إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها وسمّها كما شئت جاءت من الإخوان المسلمين”, وفي الثمانينيات في ذروة الحرب الباردة فرض النظام على الشعب خطابا دينيا متشددا يحارب التسامح والتعددية ويعتمد العنف ويعادي معطيات العصر, ولم يكتف بفرض هذا الخطاب في الداخل بل دفع أموالاً هائلة لتصديره للعالم الإسلامي, واليوم نرى نتاج هذا الخطاب المدمر في جنوب آسيا وأثره التدميري في إعاقة تقدم الثورات العربية نحو أهدافها”
وتحدث البيان كذلك عن فشل السلطات السعودية “في كافة المجالات على الرغم من الوفرة النقدية التي تدفقت على البلاد نتيجة ارتفاع أسعار النفط”
ومن ناحية الفساد الحكومي تحدث البيان عن الفساد الذي تديره العائلة المالكة “من المؤسف أنه بعد كل تلك العقود من تأسيس البلاد أننا لم نتحول من إقطاعية إلى دولة, وتحول النظام إلى نظام فصل عنصري يستأثر فيه أبناء الأسرة المالكة وحاشيتهم بالثروة والقرار السياسي والامتيازات”
“إن الخلل ليس في المجتمع وإنما في النظام السياسي المستبد, وإذا أراد صناع القرار في النظام السعودي أن يعرفوا من هو المسئول المباشر عن جميع مشاكل الدولة والمجتمع فعليهم الوقوف أمام المرآة ليعرفوا, فالنظام في بلادنا ليس لديه مشروع ومشروعه الوحيد هو الاستئثار بالسلطة والثروة من دون الشعب”
وطالب البيان عدة مطالب واضحة ومحددة إذ قال “على النظام أن يبادر إلى الاعتراف أن هناك شعب هو صاحب الأرض والثروة, وهو من يجب أن يكون مصدر السلطة والشرعية, ويجب أن يكون ولاء السلطة له, وهذا يقتضي التخلص من ذهنية الغنيمة التي تسيطر على الأمراء والكف عن النظر للبلد ككعكة يجب تقاسمها بينهم, وإعادة صياغة العلاقة بين الشعب و الأسرة الحاكمة لتكون علاقة تعاقدية, يضعها الطرفان في عقد اجتماعي مكتوب (دستور), ويبدأ ممثلين عن الطرفين لصياغة خارطة طريق للتحول من الملكية المطلقة إلى الملكية الدستورية”
كما طالب البيان كذلك ببناء “مؤسسة عسكرية على أسس وطنية بحيث لا تتدخل في السياسة وتكون مهمتها حماية البلاد من أي عدوان خارجي” بالإضافة إلى “الفصل بين السلطات الثلاث, وإصلاح القضاء وضمان استقلاله, وإنشاء محكمة دستورية, وأن يسن نظام فعال لمؤسسات المجتمع المدني يضمن استقلالها عن الحكومة, وأن يكون الإعلام حراً”
وختم بيان حسم قائلا “نخشى أن يكون حال جمعية حسم مع النظام السعودي كحال إحسان نراغي مع شاه إيران كما شرح في كتابه “من بلاط الشاه إلى سجون الثورة” عندما كان ينصح الشاه بأن يصلح شأن أسرته ونظامه الذي انتشر فيه الفساد والامتعاض الشعبي منه, وأن لا يركن لتقارير مخابراته التي تكتب تقارير مرضية له كي لا تثير غضبه ولا تشخص الواقع, ولكن الشاه لم يستمع له وغره الاستقرار الظاهر والهش إلى أن أطاحت به الثورة فانتهى منفياً منبوذاً خارج إيران.
فليبادر النظام للإصلاح قبل فوات الأوان فنحن في سباق مع الزمن, وما هو مقبول اليوم قد يكون مرفوضا غداً, وسقف المطالبة بملكية دستورية اليوم قد يرتفع في الغد, والقوى الأجنبية التي طالما استقوي بها على الشعب قد تنفض عنه غداً إلى حلفاء جدد وتتركه يواجه أزماته الداخلية والخارجية وحيداً إن لم تساهم في أضعافه.”
وجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) هي جمعية حقوق إنسان غير حكومية سعودية أسسها 11 ناشطا حقوقيا وأكاديميا عام 2009. تهدف الجمعية إلى التوعية بحقوق الإنسان مركزة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948. في 9 مارس 2013 أصدرت المحكمة الجزائية بالرياض حكما في محاكمة حسم وشمل حل الجمعية ومصادرة أملاكها فورا.
ومن ضمن مؤسسي حسم الثلاثة عشر، هناك 8 معتقلين لدى النظام السعودي حاليا، بينهم سليمان الرشودي (80 عاما) وعبدالله الحامد (63 عاما)، وعمر السعيد الذي أتم الثالثة والعشرين من عمره. بالإضافة إلى ثلاثة آخرين رهن التحقيق حاليا.