تعرف على أشهر الشخصيات السيكوباتية في الأفلام السينمائية
الاضطراب النفسي هو نمط سيكولوجي أو سلوكي، ينتج عن الشعور بالضيق أو العجز الذي يصيب الفرد، ولا يعد جزءًا من النمو الطبيعي للمهارات العقلية.
ومؤخرا، تغيرت أساليب إدراك وفهم حالات الصحة النفسية عما كانت عليه في السابق، بالرغم من الاختلافات في تصنيف الاضطرابات النفسية وتعريفها وتقييمها، وصارت المعايير الإرشادية القياسية مقبولة، ومتفق عليها على نطاق واسع، ويتم تعريف الاضطرابات النفسية على أنها اضطرابات في عصبونات الدماغ، من المرجح أن تكون ناتجة عن العمليات الارتقائية التي يشكلها التفاعل المعقد بين العوامل الوراثية والتجارب الحياتية.
وقد ذكرت تقارير الصحة النفسية، أن أكثر من ثلث سكان دول العالم تعرضوا للإصابة بأحد الفئات الرئيسية من الأمراض النفسية في إحدى مراحل حياتهم.
في الإصدار الأخير من الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية الذي تصدره الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، تم حذف كلمة (سيكوباتي psychopath) من الدليل، وذلك لأنهم رأوا أن السيكوباتية لا تعد مرضًا نفسيًا أو عقليًا
من هو الشخص السيكوباتي/مضطرب العقل؟
الشخصية السيكوباتية المعتلة نفسيًا، هي واحدة من أكثر الشخصيات تعقيدًا وصعوبة في التعرف على صاحبها. حيث أن المعتل نفسيا يجيد تمثيل دور إنسان عاقل، كما أن لديه القدرة على التأثير بالآخرين والتلاعب بأفكارهم، بل ويتلذذ بإلحاق الأذى بمن في محيطه وخاصة إذا كان زوجًا/ زوجة. والشخص السيكوباتي؛ عذب الكلام، يعطى وعودًا كثيرة، ولا يفي منها بشيء.
وعند مقابلة الشخص السيكوباتي، قد تبهرك لطافته وقدرته على استيعاب من أمامه، ومرونته في التعامل، وشهامته الظاهرية المؤقتة و وعوده البراقة، ولكن حين تعامله لفترة كافية أو تبدأ في التحري حول تاريخه، تجد حياته شديدة الاضطراب ومليئة بتجارب الفشل والتخبط والأفعال اللاأخلاقية.
والمضطرب نفسيًا، شخص مستغل، قادر على ارتكاب كل صور الاستغلال الجسدي والمادي؛ وقد يصل سلوكه إلى ارتكاب جرائم.
والشخصية المعتلة نفسيا، شخصية لا يهمها إلا نفسها وملذاتها فقط. بعضهم ينتهي بهم المطاف إلى السجون، وبعضهم يتقلد أحيانًا أدوار قيادية في المجتمع، نظرا لأنانيتهم المفرطة وقدرتهم العالية على التمثيل، وطموحهم المحطِّم لكل القيم والعقبات والتقاليد والصداقات في سبيل الوصول للمراد.
والشخصية السيكوباتية، مثلها مثل باقي أنواع الشخصيات المختلفة، تبدأ ملامحها في الظهور منذ الصغر، فنرى الطفل السيكوباتي يكذب ويحتال ويوقع بين الأطفال ويسعى إلى المشاجرة والعنف والإيذاء حتى للحيوانات الأليفة، و شيئا فشيئا يكبر هذا الإنسان، وقد ازدادت لديه هذه الصفات ترسخا. بحيث يصبح الكذب شيئا ثابتا في حياته، ونمطا في سلوكه، حتى و إن كان لا يعود عليه بأي فائدة أو يحميه من العقاب. فهو يكذب لمجرد الكذب ويسرق من الأشياء البسيطة إلى العظيمة، وينافق ويتسلق على ظهور الآخرين، ويسعى لإيذاء من حوله، حتى يفسح الطريق لنفسه، ويرضي غرائزه ونزعاته، وفوق ذلك؛ لا يشعر بالذنب تجاه أي فعل يقوم به أو أي ضرر يلحقه بالآخرين لأنه يعيش بمنطق أنا و من بعدي الطوفان.
ويرى الاطباء أن 25% من المجرمين ومرتكبي المخالفات، نتاج الشخصية السيكوباتية، والإحصائات العلمية توضح أن من نصف بالمائة إلى واحد بالمائة من سكان العالم يحملون صفات وجينات وراثية تودي إلى السيكوباتية وتختلف درجة وشدة الاعتلال النفسي في الاشخاص المصابين بناء على درجة ذكاء الشخص والبيئة والتعليم.
وعلى عكس المرضى النفسيين الذين يعانون من الهذيان واضطرابات عقلية، تدفعهم لارتباك أفعال لا يدركون عواقبها، بسبب عدم وعيهم لما يرتكبونه، فإن الشخص السيكوباتي يُدرك تمامًا ما يقوم به وما يفعله من أفعال، عن عمد وقصد تام. وذلك دون أن يخالجه أي شعور بالذنب أو تأنيب ضمير، ولا وازع من شفقة أو تعاطف مع ضحيته، بالإضافة إلى ارتداؤه للباس الغرور، الذي يجعله مندفعًا ومقدم على ارتباك جرائمه بثقة عالية ودقة.
وفي عالم السينما، هناك العديد من الممثلين الذي قدموا أدورا متقنة لشخصيات سيكوباتية، جعلتنا -من فرط السيكوباتية التي كانوا عليها- نشكك في صحة قواهم العقلية، بل ونتساءل إن كانوا فعلا سيكوباتيين، في الحياة الواقعية.
في هذا التقرير، نستعرض معكم بعض هذه الأفلام التي تتمحور حول شخصيات سيكوباتية..
المنشار – Saw (2004)
(جيجسو من فيلم المنشار)
إذا مت، فذلك لأنك لم تحاول جاهدا كي تحيا!
المنشار، سلسلة أفلام رعب من سبعة أجزاء، عُرض الجزء الأول منها في عام 2004، من تأليف وإخراج جيمس وان. وتدور أحداثه حول المختل “جيجسو” -الذي قام بدوره الممثل الأمريكي توبين بيل- والذي يكرس حياته لإعداد اختبارات قاسية مميتة لبعض الأشخاص، من أجل أن يجعلهم يقدرون قيمة حياتهم، ويجدون هدفا لها.
وجيجسو، كان في الأصل مهندس ناجح يُدعى جون كرامر، متزوج من “جيل” التي تعمل على إعادة تأهيل مدمني المخدرات. لتنقلب حياة “جون” رأسا على عقب، بعد اعتداء أحد المدمنين على زوجته، مما تسبب في فقدانها لحملها. تصاب زوجته باكتئاب، ويحزن جون، وينغلق على نفسه محاولا الانتحار. لكنه يفشل في قتل نفسه، ويبدأ في ابتكار اختباراته المميتة، كي ينهي حياة كل من لا يعطي قيمة لحياته، ومن ضمنهم مدمن المخدرات الذي قتل طفله.
مشهد من فيلم المنشار 2004
وجون أو جيجسو، يرى أنه ليس بقاتل أو مسؤول بشكل مباشر عن اغتيال ضحاياه. فكل ما يفعله هو ابتكار وإدارة اختبارات مميتة، في حين أن مستقبل الضحايا يعتمد فقط على رغبتهم في البقاء على الحياة، ونجاحهم في ذلك، فالحياة كما يقول، مليئة بأشخاص لا يقدرون قيمتها.
يجب أن نتحدث عن كيفن – We need to talk about Kevin (2011)
(ملصق فيلم يجب أن نتحدث عن كيفن)
(كنت أعتقد أنني أعرف، الآن أنا لستُ واثقا من ذلك! )
فيلم بريطاني من إنتاج تليفزيون البي بي سي، ومن بطولة النجمة “تيلدا سوينتون”، و”جون سي ريلي” والشاب “إزرا ميلر”. عُرض في مهرجان كان عام 2011 ويعتمد على سيناريو شاركت في كتابته مخرجة العمل لين رامزي. مقتبس عن رواية واسعة الانتشار بالعنوان نفسه للكاتبة ليونيل شريفر، كُتبت من وجهة نظر الشخصية الرئيسية، وهي شخصية الأم “إيفا”، على عكس الفيلم.
يدور الفيلم حول أسرة مكونة من زوجة (إيفا)، وزوج (فرانكلين) وابن (كيفن). ويُبين الفيلم كيف تحولت حياة إيفا التي كانت تعج بالحركة والاستقلال والنشاط والمغامرة، إلى حياة الالتزام والمكوث في مكان واحد بعد ولادة كيفن. فينتابها غضب داخلي مكتوم، ينفجر أحيانا ضد فكرة الأمومة التي قيدتها.
(كيفن وإيفا من أحد مشاهد الفيلم)
وبعيدا عن التبرير، إلا أن غضب “إيفا” وشعورها أن الأمومة كانت نكبة عليها، غيرت شكل حياتها للأبد، انتقل إلى “كيفن” الذي ظهرت عليه معالم التمرد الشرس منذ مراحل حياته الأولى، والتي كانت موجهة في الأساس ضد الأم وضد كل ما تقدمه له الأم، بالرغم ارتباطه بالأم أكثر من ارتباطه بالأب، صاحب الدور السلبي في حياته. هذا التمرد والعنف والرغبة في الإيذاء الذي تكلل في النهاية بمأساة حقيقية.
(كيفن يلطخ غرفة مكتب أمه)
فـ “كيفن” منذ نعومة أظافره، عندما يغضب يلطخ غرفة مكتب أمه بطعامه، ويفسد الخريطة التي وضعتها لتوها على الجدار، ويشرع بالتبرز الفوري في ملابسه بعد أن قامت والدته لتوها بتغييرها، أو بعصيان أوامرها وتعليماتها، أو بإلقاء الطعام في الحوض. ثم تتطور رغبته في الإيذاء بعد ولادة أخته التي كانت تصغره بثماني سنوات، فيحاول قتلها عن طريق اقناعها بتناول مادة بلاستيكية لتسبب في خنقها، ثم يتسبب في فقدانها لإحدى عينيها.
(كيفن يفتح هدية عيدالميلاد، القوس والأسهم الحقيقية)
يكبر “كيفن” ويصبح مراهقا خشن عنيف، يميل إلى الإيذاء، يبدي كل ازدراء واحتقار لأمه، يحضر له والده في عيد ميلاده الثامن عشر، هدية سبق أن تدرب على نموذج صغير لها هي عبارة عن قوس ضخم ومجموعة من الأسهم الحقيقية لكي يمارس هوايته المحببة في رشق السهام.
هذه “الهواية” هي التي ستؤدي به في النهاية إلى قتل والده وشقيقته وزملائه في الفصل الدراسي في مذبحة جماعية رهيبة، لكنه يترك أمه كي يعذبها إلى الأبد.
American psycho (2000) – مختل أمريكي
باتريك بيتمان أو كريستان بيل في أحد مشاهد “مختل أمريكي”
(امسك السلاح وقطّع أوصال هذا اللعين الذي استطاع تحقيق مراده، على عكسك أنت)
مختل أمريكي، فيلم من إنتاج عام 2000، من بطولة: كريستيان بيل، ويليام دافو، جاريد ليتو، جوش لوكاس، و ريز ويذرسبون، ومأخوذ عن رواية لـبريت إيستون إيليس تحمل نفس الاسم.
تدور أحداث الفيلم حول “باتريك بيتمان”، رجل الأعمال الطموح الذي يعمل في وول ستريت ويعيش في شقة فاخرة، ويسعى دائمًا للكمال في كل شيء؛ يجتهد في عمله، يهتم بمظهره، يمارس الرياضة، ويرتاد الأماكن المترفة المثالية مرتديًا ملابس أنيقة، كما أنه يقتل الناس يوميًا.
كريستان بيل في إحدى لقطات الفيلم
باتريك بيتمان، المعتل نفسيا والمهووس بالقتل، يقتل لأسباب تافهة للغاية، وتتلخص في أن الضحايا ببساطة “يزعجونه”. سواء تمثل هذا الإزعاج في كونهم ارتدوا بذلةً بماركة أفضل من بذلته، أو أنهم يحملون بطاقة عمل أجمل من بطاقته، أو أنهم استطاعوا إيجاد حجز بمطعم فاخر، في حين أنه فشل في ذلك.
يتجلى التناقض في فيلم American Psycho على نحو مثير للدهشة، فهو مليء بصور توضح الجمال والمظاهر المثالية، ثم تتناقض تلك الصور الباردة، مع الانفجارات النفسية العنيفة، ومشاهد القتل الدموي.
أما النجم كريستيان بيل، والذي يتبع في التمثيل الـ”Acting Method”، فكان أداؤه مثاليا لدرجة مرعبة،حيث يتبدل مزاجه بين الهدوء التام والعنف المتطرف في لحظة.
صورة فورية – One hour photo (2002)
(أكثر مخاوفك، حدثت بالفعل)
فيلم من بطولة النجم الراحل “روبين ويليامز”، من تأليف وإخراج مارك رومانك، ويدور الفيلم حول “ساي باريش” فني معمل التصوير الفوتوجرافي “One hour photo” والذي لا يملك عائلة أو أي أصدقاء ويعاني من وحدة قاتلة، تدفعه للتلصص على حياة زبائنه عبر صورهم التي يقوم بطباعتها.
يقوم “ساي باريش” بطباعة الصور الفوتوجرافية لزبائنه ويشغل نفسه بخلق قصص حول كل صورة ولكل عائلة، لكن هوسه يزيد بعائلة معينة هي عائلة “يوركين”، وبخاصة الزوجة “نينا”، والصبي “جيك”، حتى يشعر أنه يستحق أن يكون جزء من هذه العائلة المثالية، ومن حقه التدخل في حياتهم وقراراتهم وخلافاتهم الأسرية، ويتمادى في التماهي المرعب مع هذه العائلة، حتى أنه كان يقوم بنزع الأب من الصور، ووضع نفسه مكانه في كل الصور الشخصية لهم منذ ولادة “جيك” وكأنه هو رب الأسرة الحقيقي، وكان واحدا منهم عبر مراحل حياتهم.
(ساي برايش وبجواره على الحائط الصور الخاصة بعائلة يوركين والتي يحتفظ بها)
وعبر طباعة صور عائلة “يوركين” ودراستها المرضية، ومراقبة منزلهم ونسج الخيالات عنهم، وكأنه فرد من أفراد العائلة، يكتشف “ساي” خيانة الزوج لنينا، فيبدأ في تتبعه هو وعشيقته، ومعاقبتهما.