مباشرة بعد عودته من جولته الإفريقية الطويلة التي قادته إلى كل من إثيوبيا وجنوب السودان وغانا وزامبيا وغينيا ثم ساحل العاج، قرّر العاهل المغربي محمد السادس، إعفاء رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بنكيران من قيادة الحكومة الجديدة التي تعثر تشكيلها خلال أكثر من خمسة أشهر، وقرر تكليف شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية الفائز بالانتخابات التشريعية.
إعفاء بنكيران
بعد وصول مفاوضات تشكيل الحكومة في المملكة المغربية إلى باب مسدود، بسبب خلافات في المواقف بين عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المكلف، وعزيز أخنوش زعيم حزب “الأحرار”، بشأن دخول حزب الاتحاد الاشتراكي إلى الحزب، ارتأى الملك إعفاء بنكيران.
وذكر بيان للديوان الملكي المغربي مساء الأربعاء أن الملك محمد السادس قرر أن يعين رئيسًا جديدًا للحكومة، شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية، ولم يشر بلاغ الديوان الملكي إلى الشخصية الجديدة التي ستقود الحكومة المغربية، مكتفيًا بالإشارة إلى أن الملك سيستقبل في القريب العاجل هذه الشخصية، مبرزًا أن الملك اتخذ هذا القرار من ضمن كل الاختيارات المتاحة التي يمنحها له نص وروح الدستور.
قرار الملك جاء نتيجة انعدام أي مؤشرات توحي بقرب تشكيل الحكومة
وأوضح الديوان أن الملك وبعد عودته إلى البلاد من جولته الإفريقية علم بأن المشاورات التي قام بها السيد رئيس الحكومة المعين، لمدة تجاوزت الخمسة أشهر، لم تسفر إلى حد اليوم، عن تشكيل أغلبية حكومية، إضافة إلى انعدام مؤشرات توحي بقرب تشكيلها، كما تضمن البلاغ إشادة العاهل المغربي بـ”روح المسؤولية العالية والوطنية الصادقة، التي أظهرها السيد عبد الإله بنكيران، طيلة الفترة التي تولى خلالها رئاسة الحكومة، بكل كفاءة واقتدار ونكران ذات.”
العاهل المغربي محمد السادس
بهذا القرار لجأ العاهل المغربي إلى الفصل الـ42 من الدستور لسنة 2011 لحل الانسداد في تشكيل الحكومة الجديدة وينص هذا الفصل على أن “الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي”.
بنكيران يطلب عدم التعليق
تعقيبًا على قرار الملك، أصدر بنكيران توجيهًا لكل أعضاء حزبه بعدم التعليق على مضامين القرار، وقال التوجيه الصادر، ليلة الأربعاء/ الخميس إن أعضاء الحزب مطالبون بعدم التعليق على البلاغ الصادر عن الديوان الملكي، بتعيين رئيس حكومة جديد من حزب العدالة والتنمية ،على أن يجتمع الحزب صباح اليوم لبحث قرار الملك محمد السادس الذي عبر بنكيران عن قبوله به.
وقال بن كيران لرويترز: “هذا ملكنا وقراره جاء في إطار الدستور الذي أحترمه وأعتبره مرجعًا لي،” وأضاف “سأتوضأ وأصلي وأواصل العمل،” وينص الفصل الـ47 من الدستور المغربي على تعيين الملك لرئيس الحكومة من الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية، ولا يشترط الفصل أن يكون رئيس الحكومة المعيّن هو من يتولى زعامة الحزب الفائز.
عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، في 10 من أكتوبر الماضي، بنكيران، رئيسًا للحكومة، وكلفه بتشكيل حكومة جديدة، عقب تصدر حزبه الانتخابات البرلمانية
وكان بنكيران قد أصر على الاقتصار على الأحزاب الأربع التي شكلت الحكومة المنتهية ولايتها، وهي العدالة والتنمية (125 مقعدًا من أصل 395)، والتجمع الوطني للأحرار (37 مقعدًا)، والحركة الشعبية (27 مقعدًا)، والتقدم والاشتراكية (12مقعدًا)، إلا أن تشبث حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، بمشاركة الاتحاد الاشتراكي (يساري)، كان سببًا في “انسداد” مشاورات بنكيران لتشكيل الحكومة.
عبد الإله بنكيران
وعيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، في 10 من أكتوبر الماضي، بنكيران، رئيسًا للحكومة، وكلفه بتشكيل حكومة جديدة، عقب تصدر حزبه الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 من الشهر ذاته، ولا ينص الدستور المغربي صراحة على ما يتم إجراؤه في حال فشل الحزب الفائز في تشكيل الحكومة، كذلك لم يحدد مهلة زمنية معينة لتشكيلها من الشخص المكلف بذلك.
من البديل؟
كشفت تقارير إعلامية محلية ودولية عن أربعة أسماء قد تكون الأكثر حظًا لخلافة رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران الذي أعفاه العاهل المغربي من منصبه، ويعتبر سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني في حزب العدالة والتنمية (أعلى هيئة تقريرية في الحزب)، أوفر الشخصيات في حزب العدالة والتنمية حظًا في تولي المنصب وتشكيل حكومة جديدة، إضافة إلى محمد يتيم عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ومصطفى الرميد وزير العدل والحريات في حكومة تصريف الأعمال، إلى جانب عبد العزيز الرباح وزير التجهيز والنقل واللوجستيك في حكومة تصريف الأعمال.
سعد الدين العثماني بجانب بنكيران
وسبق لسعد الدين العثماني أن قال في كلمة ألقاها، الإثنين، في اللقاء التكويني للفريق البرلماني لحزبه بمقر مجلس النواب، قال إن قوة حزبه تتمثل في ثلاث نقاط أساسية، هي “المنهج والقاعدة الاجتماعية ووحدة الصف”، وشدد العثماني في كلمته على “وحدة الصف الداخلي” لحزب العدالة والتنمية، والتي اعتبرها من بين أهم أسباب قوة الحزب، لافتًا إلى أن هذه الوحدة مبنية على الديمقراطية، وتجمع بين التنوع في الأفكار والوحدة في التوجه والبرنامج.
هل يتوجه الحزب للمعارضة؟
بعد قرار الملك بإعفاء بنكيران من قيادة الحكومة الجديدة التي تعثر تشكيلها منذ أكثر من خمسة أشهر، وقرار تكليف شخصية أخرى من نفس الحزب، تعالت أصوات تنادي بضرورة أن يتوجه حزب “المصباح” إلى موقع المعارضة ليكون بذلك فاتحة لبناء الديمقراطية، إلا أن توجه الحزب لشغل منصب المعارضة يبقى صعب التحقق لأن أنصاره وناخبيه انتخبوه كي يحكم لا كي يعارض، وبسبب أزمة تعثر التشكيل الحكومي التي تُعرف داخليًا بـ”البلوكاج الحكومي”، يدفع المغرب ضريبة سياسية واقتصادية كبيرة.