أمام ارتفاع عدد الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها المؤسسات العامة والخاصة في فرنسا، عملت السلطات هناك إلى تكوين جيش إلكتروني من خبراء تابعين لمراكز للدفاع الإلكتروني للاستعداد لمواجهة أي حرب إلكترونية قد تستهدف “ديمقراطيتهم” أو البنية التحتية المدنية والعسكرية لبلادهم، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وإمكانية قيام بعض الدول على رأسهم روسيا، بقرصنة مواقع فرنسية لخدمة مرشحين معينين للرئاسة.
استعداد لحرب إلكترونية
في آخر دوراته التدريبية، احتضن مركزًا للدفاع الإلكتروني في غرب البلاد، عشرات الشبان الفرنسيين من 12 كلية تكنولوجية في البلاد، خلال الفترة بين 20 و31 مارس، لإجراء اختبارات تؤهلهم لتعزيز الدفاع الإلكتروني لبلادهم، ضد أي هجمات محتملة، قد تستهدف البنية التحتية المدنية مثل المياه والكهرباء والاتصالات والنقل.
وسبق هذا التدريب عشرات التدريبات الأخرى التي استهدفت آلاف الشبان، بداية من سنة 2013، خضعوا خلالها لتدريبات وتمارين مكثفة على مهام تتراوح من مواجهة محاولات للتسلل عبر اختراق في النظام إلى الفقد الكامل للسيطرة على الشبكة وإعادة السيطرة عليها، وتسعى فرنسا لتشكيل جيش من جواسيس الإنترنت المهرة لمواجهة محاولات قرصنة عبر الإنترنت لزعزعة الاستقرار.
لا تخفي السلطات الرسمية في فرنسا تخوفها من امكانية تعرض البلاد لهجمات إلكترونية على البنية الأساسية المدنية
وتستقبل قيادة العمليات الإلكترونية مليار يورو في شكل استثمار مبدئي حتى عام 2019، بهدف تجهيز 3200 جندي إلكتروني بحلول هذا التاريخ مقابل مائة جندي قبل ستة أعوام، وسيبقي الجيش على قوة احتياطية قوامها 4400 على استعداد للعمل عند الحاجة.
ولا تخفي السلطات الرسمية في فرنسا تخوفها من إمكانية تعرض البلاد لهجمات إلكترونية على البنية الأساسية المدنية الفرنسية مثل شبكات المياه والكهرباء والاتصالات والنقل إضافة إلى هجمات ضد الديموقراطية ووسائل الإعلام الفرنسية ومواقع عسكرية.
قرصنة قناة ” تي في 5 موند”
وسبق لوزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لو دريان، أن قال، إن الأنظمة الأمنية الفرنسية أحبطت 24 ألف هجوم معلوماتي خارجي استهدفت أجهزة الدفاع خلال سنة 2016، تضمنت محاولات لتعطيل أنظمة الطائرات الفرنسية المسيّرة، وفي سنة 2015 تعرضت “محطة تي في 5 موند” التلفزيونية الفرنسية لهجمات إلكترونية، قبل أن تتحدث مصادر قضائية عن أن متسللين روس لهم صلة بالكرملين (الرئاسة الروسية) ربما هم المسؤولون عن هذا الاختراق الذي أدى إلى وقف بث المحطة لوقت وجيز، كما شهدت فرنسا في العام نفسه أكبر موجة من هجمات القرصنة في تاريخها، حيث وصل عدد المواقع المُخترقة أكثر من 19,000 موقع، وفقا لأرقام رسمية.
مخاوف من هجمات روسية
أمام اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي من المنتظر أن تجرى دورتها الأولى في الـ 23 من شهر أبريل الحالي، على أن تقام الجولة الثانية في 7 من مايو 2017، في حال عدم فوز أي مرشح بالأغلبية المطلقة، تعمل فرنسا على مضاعفة عدد «الجنود الرقميين» في محاولة للتصدي لأي هجمات إلكترونية.
اتهم حزب “إلى الأمام”، وسائل إعلام ومتسللين روس باستهداف مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة إيمانويل ماكرون
وحثّ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في وقت سابق، بلاده على تعبئة كل وسائل الدولة الضرورية للتصدي للتهديدات الإلكترونية التي تواجهها الانتخابات الرئاسية الفرنسية، من قبل روسيا، وذلك بعد اتهام الأمين العام لحزب “إلى الأمام” (حزب المرشح ايمانويل ماكرون) ريتشارد فيران، وسائل إعلام ومتسللين روس باستهداف مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة إيمانويل ماكرون لمساعدة منافسيه المؤيدين لموسكو.
خشية من هجمات روسية
ووفقًا لتقارير إعلامية، فإن جهاز المخابرات الفرنسي، أكد اعتزام روسيا دعم مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان على الشبكات الاجتماعية من خلال الروبوت على شبكة الإنترنت والتي من شأنها بث آلاف الرسائل الإيجابية، أو من خلال الكشف عن بيانات ورسائل سرية لخصومها المرشحين، والتى من واجبها إساءة سمعتهم ثم خسارتهم الكثير من الأصوات وتصب لصالح مرشحة اليمين المتطرف. وكان وزير خارجية فرنسا، جان – مارك إيرولت، حذّر موسكو من الآثار التي ستخلّفها الهجمات الإلكترونية ضد مواقع حكومية ووسائل إعلامية وشبكات عامة على مستقبل العلاقات بين فرنسا وروسيا.
وفي أكتوبر الماضي، وجه مسؤولون أمريكيون أصابع الاتهام إلى روسيا، متهمين إياها بالتدخل في الحملة الانتخابية، من أجل دعم موقف دونالد ترامب خلال السباق الرئاسي، أعقب ذلك طرد 35 ديبلوماسيا روسيا من أمريكا. واستهدفت تلك الهجمات المراسلات الإلكترونية للحزب الديمقراطي، ومراسلات مساعد بارز للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وتسعى روسيا إلى مساعدة مرشحي اليمين المتطرّف خلال الانتخابات التي تشهدها دول أوروبية عدّة هذه السنة، حسب عديد التقارير الاعلامية والاستخباراتية التي حذّرت من هذه المساع الروسية.