تسعى إيران قبل نهاية مرحلة داعش في العراق إلى السيطرة على بعض نقاط التواصل الاسترايجية في المدن السنية مع البلدان العربية المحيطة وفصلها قدر الإمكان من خلال السيطرة على المناطق المحاذية للحدود أو التحكم بالطريق الدولي الواصل بين العراق ومحيطه العربي في محافظة نينوى “تلعفر” الواصل بسوريا، وفي الأنبار منطقة النخيب الواصلة بالسعودية والخليج والتي تضم طريق الحج والتجارة الدولي.
منطقة النخيب تُشكل ثلث مساحة محافظة الأنبار ومحاذية للسعودية برًا، وتحاول قوى شيعية ضمها إلى محافظة كربلاء التي لا تشكل مساحتها سوى 25% من مساحة النخيب تقريبًا.
إن الهدف الذي تسعى إليه القوى الشيعية الموالية لإيران في هذه المرحلة هو فصل النخيب عن الأنبار أمنيًا لاستلام ملفها الأمني وإبقاء المليشيات فيها بحجة وجود داعش ووجود خطر على المراقد في النجف وكربلاء المحاذية لها، علمًا أن المَعني بمحاربة قضايا الإرهاب “جهاز مكافحة الإرهاب” وليس المليشيات التي لا تخضع للرقابة ولا للمحاسبة.
الهدف الإيراني الثاني هو مد التشيع بسبب قرب مناطق السكان في السعودية مع العراق وتقليص الجغرافيا السنية مع الحصول على الثروات الغازية والنفطية المكتشفة وغير المستغلة إلى الآن في النخيب.
تحتوي ناحية النخيب على مخزون نفطي هائل يفوق 200 مليار برميل من النفط والغاز، وكان النظام العراقي السابق قد وضع خططًا لحفر آبار النفط لكن غزو العراق سنة 2003 حال دون ذلك
إذ تحوي ناحية النخيب على مخزون نفطي هائل يفوق 200 مليار برميل من النفط والغاز، وكان النظام العراقي السابق قد وضع خططًا لحفر آبار النفط، لكن غزو العراق سنة 2003 حال دون ذلك، فقضم منطقة النخيب وضمها إلى كربلاء يتناسب مع عدة أهداف استراتيجية سياسية واقتصادية وعقائدية.
إضافة إلى محاولة قطع الصلة بين الأنبار وامتداد عشائرها مع المملكة العربية السعودية والأردن، وفرض (طوق شيعي) حول السعودية من جهة العراق إضافة إلى قطع أي صلة برية بين أي إقليم سني أو سلطة لا مركزية بعيدة عن إرادة المركز داخل محافظة الأنبار مستقبلاً.
النخيب على خارطة العراق
إن الطريق الدولي المار بمحاذاة الحدود السعودية إلى سوريا يُعد أحد أهم الطرق لنقل المليشيات الشيعية لمساندة نظام الأسد في سوريا لتجنب المرور بالمدن السنية، ناهيك عن أن نقطة حرس الحدود “عرعر” مع السعودية تم تحويلها إلى القوات الأمنية التابعة لمدينة النجف مؤخرًا.
قيادة عمليات الفرات الأوسط اضطلعت منذ دخول داعش إلى الأنبار بمسؤولية تأمين ناحية النخيب عسكريًا وهي قيادة تابعة لمدن النجف وكربلاء وغيرهما من المدن الجنوبية وليس لها علاقة بحماية مناطق في الأنبار.
ناهيك عن دخول مليشيات الحشد الشعبي إليها دون التنسيق لا مع مجلس محافظة كربلاء ولا مع قيادة عمليات الأنبار ولا أي قوات أخرى، مما يعني أن الحشد الشعبي وتحديدًا المليشيات التي لم تنضم إلى قانون هيئة الحشد الشعبي – وعددها 7 كحد أدنى – ولا تعترف بالقانون والدستور ولا تخضع للحكومة المركزية وتصرح علنًا بذلك كحزب الله العراقي المتهم بخطف 1500 مدني من الفلوجة وزجهم بسجونه الخاصة وإطلاق سراح الدواعش ليعود الإرهاب إلى المدن السنية من جديد.
تلك المليشيات تؤدي هدفًا إيرانيًا بعيدًا عن القوى والأحزاب الشيعية “المتفقة” مع القوى السنية على تبعية النخيب لمحافظة الأنبار بالوثائق الرسمية والتاريخية، وتقوم بسياسة مستقلة بعيدًا عن أي قوة من الممكن أن تمارس ضغوطًا عليها
أي لتخلق المبرر للبقاء داخل تلك المدن، فهي تعتاش على محاربة الإرهاب وتزول بزواله، إن تلك المليشيات تؤدي هدفًا إيرانيًا بعيدًا عن القوى والأحزاب الشيعية “المتفقة” مع القوى السنية على تبعية النخيب لمحافظة الأنبار بالوثائق الرسمية والتاريخية، وتقوم بسياسة مستقلة بعيدًا عن أي قوة من الممكن أن تمارس ضغوطًا عليها سوى قيادة الحرس الثوري الإيراني “فيلق القدس”.
هجّرت مليشيات الحشد الشعبي قبل أشهر 250 عائلة من بلدة الرحالية القريبة من مدينة كربلاء تحت تهديد السلاح
أخيرًا، لقد بدأت المليشيات تنفذ المشروع الإيراني بصمت بعيدًا عن أنظار الإعلام الذي يغطي أحداث معركة الموصل مستغلاً الخلافات السياسية في محافظة الأنبار بين أقطابها السياسية والعسكرية وإهمال الحكومة المركزية للقوات الأمنية المعنية بحماية مناطق الأنبار من خطر عودة مقاتلي داعش إلى المدينة مع عدم التنسيق بين قيادة عمليات الفرات الأوسط وقيادات العمليات التابعة لمحافظة الأنبار.
وقد هجرت مليشيات الحشد الشعبي قبل أشهر 250 عائلة من بلدة الرحالية القريبة من مدينة كربلاء تحت تهديد السلاح واعتقلت 16 من أبناء المدينة واقتادتهم إلى مقر استخبارات كربلاء، مما يعني أن خطوات “التغيير الديمغرافي” لتغيير التركيبة السكانية للمدينة قد بدأت فعليًا والتي تبدأ بوجود داعش فيها وإدخال المليشيات لاستعادتها واتهامات لسكانها بالانتماء إلى داعش مما سيسبب هجرة لسكانها وسيطرة المليشيات عليها.