ترجمة وتحرير نون بوست
كتب ريان غريم وزيد جيلاني
توشك الإمارات العربية المتحدة على المساهمة بمبلغ يقدر بحوالي 20 مليون دولار على امتداد سنتي 2016 و2017 لفائدة معهد الشرق الأوسط، أحد أكبر خلايا التفكير في واشنطن، وذلك وفقا للوثيقة التي حصلت عليها صحيفة “الإنترسبت”. ومن شأن هذه المساهمة الضخمة التي تأمل دولة الإمارات العربية المتحدة أن تبقيها في الخفاء، أن تسمح لمعهد الشرق الأوسط، وفقا للاتفاق، “بزيادة قائمة الباحثين فضلا عن الخبراء العالميين من أجل التصدي للمفاهيم الخاطئة الأكثر فظاعة بشأن المنطقة، والنفاذ لصناع السياسة الحكومية الأمريكية، وحث الزعماء الاقليميين على إجراء حوار مكثف حول القضايا الملحة”.
ووفقا لوكالة الأنباء “أسوشيتد برس”، تدير الإمارات شبكة تعذيب في اليمن، حيث يتم حرق المعتقلين وهم على قيد الحياة. عموما، تأسس معهد الشرق الأوسط سنة 1946، وتعد هذه الخلية، منذ فترة طويلة، لاعبا بارزا في صلب الدوائر السياسة الخارجية في واشنطن. فضلا عن ذلك، يعتبر هذا المعهد بمثابة منصة للعديد من الشخصيات الأكثر تأثيرا في الولايات المتحدة، مما يسمح لهم بالظهور بشكل منتظم ضمن أخبار الكابلات، وبحوث ثلة من الكتاب، فضلا عن أنه يتم استضافتهم في جلسات إعلامية خاصة كما يبادرون بحضور اللقاءات التي تنظمها الحكومة.
في الواقع، تلعب خلايا التفكير في واشنطن دورا مهما على غرار “كي ستريت”، على الرغم من عدم وجود بحث شامل عن نشاطها أو مصادر أموالها. وفي الوقت الذي تعاني فيه المؤسسة السياسية من تأثير روسيا فيما يتعلق بانتخابات سنة 2016، تغرق واشنطن في الأموال المتأتية من الشركات والحكومات الأجنبية.
يعد العتيبة أحد الشخصيات الاثنتين أو الثلاث الأكثر تأثيرا في واشنطن، علما وأن ذلك يعد إنجازا استثنائيا لسفير ينحدر من إحدى الدول الصغيرة
كانت هذه الوثيقة من بين مجموعة من المراسلات الدبلوماسية التي تم الاستيلاء عليها من حساب البريد الإلكتروني لسفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة. وقد تم ذلك، إما من قبل قراصنة أو شخص بإمكانه الولوج إلى صندوق الرسائل البريدية الخاص بالعتيبة، ليحصل عليها موقع “الإنترسبت” فيما بعد. وفي الأثناء، يبدو أن “المفاهيم الفظيعة” التي سيتم توظيف المال حتما للقضاء عليها، لم يتم توضيحها أبدا، إلا أن العتيبة لم يخفي ازدرائه تجاه قطر، المنافس الشرس لدول الخليج، التي ينظر إليها على اعتبارها الممول الرئيسي للإرهاب في المنطقة. كما أعرب عن رغبته في أن تتخذ الولايات المتحدة موقفا أكثر تشددا مع إيران.
في الحقيقة، يعد العتيبة أحد الشخصيات الاثنتين أو الثلاث الأكثر تأثيرا في واشنطن، علما وأن ذلك يعد إنجازا استثنائيا لسفير ينحدر من إحدى الدول الصغيرة. والجدير بالذكر أن لدى العتيبة علاقات وثيقة مع صهر ترامب، جاريد كوشنر.
علاوة على ذلك، تقرب العتيبة، منذ فترة طويلة، من مدير الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو، وبنى علاقات شخصية مع شخصيات نافذة فى مجلس النواب. وفي هذا الصدد، أوضح العتيبة في رسالة إلكترونية إلى الباحث في شؤون الشرق الأوسط، بلال صعب، أن بناء العلاقات هو مفتاح الدبلوماسية، حيث كتب “لقد تلقيت اتصالا هاتفيا من قبل الجنرال ماتيس، قبل شن واشنطن غارة جوية على سوريا وذلك بسبب العلاقة التي تجمعني به. لم يكن مسؤولا عن حزب العمال أو مسؤولا من البنتاغون، لقد كان ماتيس نفسه على الهاتف”.
استغلت دولة الإمارات العربية المتحدة دورها البارز، لدفع السياسة الأمريكية في اتجاه أكثر صرامة خاصة مع خصوم البلاد؛ أي إيران وقطر والحوثيون في اليمن والحكومة الائتلافية في ليبيا، المدعومة من قبل الدوحة. وفي الأثناء، كان العتيبة من بين أكثر الداعمين للسعودي، محمد بن سلمان في واشنطن منذ سنة 2015، حيث لعب دورا رئيسيا في رعاية الملك السعودي في المدينة بينما كان بن سلمان يناور من أجل فرض سيطرته على الحكومة السعودية.
فرضت السعودية والإمارات العربية المتحدة حصارا على جارتهم الخليجية قطر بسبب التعليقات التي نسبت إلى أمير قطر حول إشادته بإيران. في المقابل، شددت قطر على أن التعليقات مفبركة ولا أساس لها من الصحة وهي نتيجة لاختراق طال وكالة الأنباء.
وتجدر الإشارة إلى أن بن سلمان كان الرأس المدبر وراء تورط بلاده في الحرب على اليمن، التي تضمنت سلسلة متواصلة من جرائم الحرب التي شاركت الولايات المتحدة في ارتكابها والتي انجر عنها كارثة إنسانية ذات أبعاد تاريخية، بما في ذلك تفشي وباء الكوليرا وانتشار المجاعة على نطاق واسع.
عموما، تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة مشاركا نشطا في الحرب اليمنية، حيث شغلت شبكة من مخازن التعذيب على مرأى من الولايات المتحدة، حيث يتم حرق الأسرى وهم على قيد الحياة. “يتم تكبيل المعتقلين وشيّهم على النار”، (نفت الإمارات العربية المتحدة التقارير الصادرة عن أسوشيتد برس).
فضلا عن ذلك، فرضت السعودية والإمارات العربية المتحدة حصارا على جارتهم الخليجية قطر بسبب التعليقات التي نسبت إلى أمير قطر حول إشادته بإيران. في المقابل، شددت قطر على أن التعليقات مفبركة ولا أساس لها من الصحة وهي نتيجة لاختراق طال وكالة الأنباء. وفي هذا الصدد، أبلغت مصادر مخابرات أمريكية صحيفة “واشنطن بوست” أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت وراء هذه العملية السيبرانية.
خلافا لذلك، لا يزال الحصار قائما، حيث تم خلق سيناريو متشابك بشكل غير مسبوق. من جانبها، اتهمت الولايات المتحدة الإمارات العربية المتحدة بالتسبب في اندلاع أزمة دبلوماسية في الشرق الأوسط، في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة تنفق حوالي 20 مليون دولار لتمويل مركز أبحاث رئيسي يضم مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، من شأنهم أن يساعدوا في خلق مبررات مبتذلة لقضايا مثل الأزمة الدبلوماسية التي أثارتها دولة الإمارات.
عُين العتيبة سفيرا للإمارات العربية المتحدة لدى واشنطن في آذار/مارس سنة 2008، في أعقاب أزمة دبي المتعلقة بالموانئ العالمية. وتتمثل هذه الحادثة في أزمة علاقات عامة للبلاد اندلعت بعد أن حاولت شركة مملوكة للدولة الإماراتية الاستثمار في مجموعة من الموانئ الأمريكية. وقد وبخ بعض السياسيين الإمارات العربية المتحدة بسبب الصور النمطية المعادية للمسلمين.
في خضم هذه الأزمة، كانت مهمة العتيبة تقتضي أن يضمن أن لا تتكرر هذه المشكلة مرة أخرى، وهذا يعني منح مبالغ كبيرة لصالح “كي ستريت”. وفي هذا الإطار، أصبح العتيبة محط الأنظار، بفضل حفلات الغداء غير المحدودة التي كان ينظمها والحفلات الخيرية فضلا عن إنشاء فروع لبعض المستشفيات. وبالتالي، أصبح تودده للسياسيين والشخصيات البارزة في الدولة حديث وسائل الإعلام، الأمر الذي تتجسد من خلال حفلات العشاء التي كان ينظمها في قصره والتي تشمل تقديم وجبات من إعداد الشيف “وولفغانغ باك”. وعادة ما يفاجئ ضيوفه حينما يخرج الشيف المشهور من المطبخ ليقابل المدعوين.
في الواقع، لم يكن معهد الشرق الأوسط خلية التفكير الوحيدة التي كانت تتصيد البترودولارات الإماراتية، إلا أنه يعد من بين الخلايا الأكثر نشاطا. وفي نيسان/ أبريل سنة 2008، بعد شهر واحد من تعيين العتيبة في منصبه الجديد، قام ماك ماكليلاند الابن، وهو استشاري مقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتواصل بالنيابة عن رئيس مجلس إدارة معهد الشرق الأوسط، ويندي تشامبرلين مع العتيبة ليخبره أنه التزم بجمع 50 مليون دولار من الإمارات العربية المتحدة لفائدة المعهد، وطلب مساعدته لجمع هذا المبلغ.
بحلول سنة 2013، أخذ العتيبة يضطلع بشكل جدي بدوره في إطار حملة جمع التبرعات لصالح المعهد. وقد تجلى ذلك من خلال المبادلات الالكترونية بينه وبين رامي يعقوب، وهو ناشط وباحث مصري
في الأثناء، كتب ماكليلاند في واحدة من رسائل البريد الإلكتروني المسربة: “أظن أن الوقت قد حان الآن للتعامل مع جميع قادة دولة الإمارات العربية المتحدة نظرا للسيولة الضخمة التي تتمتع بها البلاد، فضلا عن الحاجة الواضحة لتعزيز الوعي العربي /الإسلامي في الولايات المتحدة”.
وردا على ما جاء في رسالته الالكترونية، أفاد العتيبة أن المبلغ ضخم جدا، حيث قال: “أنا على بينة من حملة جمع التبرعات لمعهد الشرق الأوسط وسأفعل ما بوسعي للمساعدة في دعم هذه الحملة. ولكن أشعر أنه من المهم أن نحد من سقف توقعاتنا. لذلك، أعتقد أن الأرقام التي ذكرتها هي أبعد قليلا عن حجم تقديراتنا الأصلية”.
وأضاف العتيبة “طبعا أنا أتكلم فقط عن حكومة أبوظبي فيما يتعلق بهذه المسألة”. (يمثل العتيبة رسميا دولة الإمارات بأكملها، التي تتألف من سبع إمارات. ومع ذلك، يعد داعما ونائب حاكم إمارة أبو ظبي ولي العهد، محمد بن زايد، الذي ذكره ماكليلاند في رسالته الإلكترونية).
بحلول سنة 2013، أخذ العتيبة يضطلع بشكل جدي بدوره في إطار حملة جمع التبرعات لصالح المعهد. وقد تجلى ذلك من خلال المبادلات الالكترونية بينه وبين رامي يعقوب، وهو ناشط وباحث مصري. وقد كشف ذلك كواليس الترتيبات التي خطط لها، في ذلك الوقت. وفي هذا الصدد، قال العتيبة ليعقوب، إن “اتفاق معهد الشرق الأوسط ينص على تقديم 1.5 مليون دولار سنويا، سأهتم أنا بذلك. أولا، ستغطي مجموعات الضغط والاتصالات لمجموعة المعارضة. وثانيا، لا أستطيع أن أجمع كل المبلغ. ولذلك، سوف يكون المبلغ أقل بكثير”. وقد أجابه يعقوب بالموافقة.
وفي رسالة إلكترونية كتبها يعقوب للعتيبة في كانون الأول/يناير سنة 2013، قال يعقوب “تمام، كان نجيب يعتقد أنه سوف يكون نصيبه من التمويل سيكون جزئيا. سوف أعمل مع ريتشارد من أجل المضي قدما في أسرع وقت ممكن، وسوف أشرح لنجيب كل شيء”.
والجدير بالذكر أنه وضمن الرسائل الإلكترونية لم يتم توضيح من هما ريتشارد ونجيب، مع العلم أن ريتشارد هو على الأرجح ريتشارد مينتز، أهم ممثلي العتيبة في واشنطن، والثاني هو نجيب ساويرس، المصري الذي فاز قبل شهرين “بجائزة معهد الشرق الأوسط للتميز في القيادة المدنية” في مأدبة المعهد السنوية في نسختها 66.
خلال شعر حزيران/ يونيو الماضي، تسلّم العتيبة مسودة بحث إستراتيجي من إعداد إيلين ليبسون حول مستقبل السياسة الأمريكية تجاه إيران
في حقيقة الأمر، كان ساويرس من أبرز المعارضين لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، الذين فازوا بانتخابات سنة 2012، ليتم الإطاحة بهم على خلفية انقلاب عسكري في سنة 2013. في الأثناء، أسس ساويرس حزب المصريين الأحرار، وكان يعقوب يشغل منصب رئيس أركان الحزب، ويفترض أنه يشار إليها كجماعة معارضة.
في سياق متصل، يعد العتيبة أحد أشد المنتقدين لجماعة الإخوان المسلمين في واشنطن، حيث اتهمهم بأن لهم صلة بالإرهاب، مناديا للإطاحة بهم. في الأثناء، قدّمت قطر، منافسة الإمارات العربية المتحدة، الدعم لحكومة الإخوان المسلمين، في حين لا تزال العلاقات بين البلدين متوترة. وفي الوقت الراهن، تفرض كل من الإمارات ومصر، اللتان انضمت إليهما السعودية، حصارا على قطر متهمة إياها بتمويل الإرهاب.
يشغل ريتشارد كلارك منصب رئيس مجلس إدارة “معهد الشرق الأوسط”، وهو مستشار الأمن القومي السابق لكل من بيل كلينتون وجورج بوش الابن. وقد اكتسب كلارك شهرة بفضل الاعتذار العلني الذي وجّهه لضحايا أحداث 11 من أيلول/ سبتمبر، والذي قدّمه نيابة عن مجتمع الاستخبارات بسبب فشله في منع الهجمات. وقد عرف بانتقاداته اللاذعة، وخاصة تجاه الحكومة السعودية.
منذ انضمامه إلى مجلس “معهد الشرق الأوسط”، حيث تم تعينه رئيس مجلس الإدارة، مارس كلارك جملة من الضغوط على السعودية من أجل الرفع من عطاياها للمعهد. وقد انقلبت الموازين لصالحه خلال اجتماعه بسفير السعودية في الولايات المتحدة، آنذاك، عادل الجبير. ووفقا لما أفاد به مصدران مطلعان على خبايا الاجتماع، أحدهما مقرب من العائلة السعودية المالكة وآخر مسؤول سابق في معهد الشرق الأوسط، خرج كلارك من الاجتماع الذي احتضنته السفارة السعودية مع الجبير وهو يحمل صكا بمبلغ 500 ألف دولار. من جانبه، يعمل مايكل بيتروزيلو، ممثل المملكة العربية السعودية لفترة طويلة في واشنطن، ضمن مجلس معهد الشرق الأوسط، في حين يربط ريتشارد مينتز، رجل العتيبة منذ وقت طويل في واشنطن، بالسعودية، في الوقت الحالي، عقد مربح.
في الوقت الذي يتحدث فيه العتيبة عن تعزيز “قائمة الباحثين في معهد الشرق الأوسط من خلال استقطاب خبراء من الطراز العالمي بغية التصدي أكثر للمفاهيم الخاطئة والأكثر فظاعة بشأن المنطقة”، فهو يشير بذلك إلى الإخوان المسلمين خاصة وإلى الإسلام السياسي عامة، فضلا عن إيران وقطر. فعلى سبيل المثال، من بين الخبراء العالميين الذين أدرجت أسماؤهم ضمن قائمة معهد الشرق الأوسط، منذ أن ارتفعت العطايا من مليون ونصف دولار إلى 20 مليون دولار، الخبير بلال صعب.
خلال شهر أيار/ مايو الماضي، دعت قطر صعب إلى حفل سنوي من خلال بعث رسالة الكترونية له، ليقوم بدوره بإعادة إرسالها إلى العتيبة من منطلق السخرية من هذه الخطوة. وفي هذا الصدد، قال العتيبة معلقا على الأمر إنه “لأمر يدفع للشعور بالإطراء أن تكون محط اهتمام الكثيرين”. في المقابل، أجاب صعب قائلا إن “مثل هذه الدعوة ليست ما أسعى إليه”، ومن ثم رفض صعب تلبية الدعوة.
بلال صعب غادر المجلس الأطلسي خلال الشهر الماضي، حيث أنه بصدد الانتقال إلى معهد الشرق الأوسط، مع العلم أن صعب يدرك تماما أن العتيبة يعتبره أكثر من مجرد حليف. خلال سنة 2016
من جهة أخرى، استجاب صعب للعديد من الدعوات الأخرى بشيء من الحماس. وقد نوه بذلك من خلال مراسلاته مع العتيبة، حيث كتب إليه خلال شهر آذار/ مارس الماضي، مصرحا: “لقد تمكنت من إقناع ديفيد بتريوس بكتابة مقدمة لتقريرنا الرئيسي حول التحدي الإقليمي لإيران، وهو ما يعتبر خبرا سارا. خلافا لذلك، يتمثل الخبر السيئ في أني مجبر على كتابة المقدمة عوضا عنه، وهي ليست المرة الأولى التي أقوم فيها بكتابة مقدمات بعض التقارير عوضا عن الآخرين، فما رأيك بالموضوع؟”.
في أعقاب ذلك، قام صعب بإضافة نص المقدمة أدنى البريد الإلكتروني حتى يتمكن العتيبة من إجراء تعديلات على نص كتبه صعب وسيتم نشره لاحقا تحت اسم بتريوس. عموما، لا تخلو المساهمة في خلية تفكير من الفوائد، حيث كان صعب، وقبل التحاقه بمعهد الشرق الأوسط، باحثا في معهد المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بارزة أخرى في واشنطن تتلقى تمويلا من قبل الإمارات.
خلال شعر حزيران/ يونيو الماضي، تسلّم العتيبة مسودة بحث إستراتيجي من إعداد إيلين ليبسون حول مستقبل السياسة الأمريكية تجاه إيران. وفي تعليقه على المسودة، كتب العتيبة في رسالة موجهة لصعب وباري بافيل، رئيس مركز “برنت سكوكروفت” للأمن الدولي التابع للمجلس الأطلسي، قائلا “لقد قرأت التقرير إلى غاية الصفحة السادسة قبل أن أتوصل إلى نتيجة مفادها أنه من الصعب متابعة القراءة. في الواقع، يطرح هذا التقرير إشكالية كبيرة لأسباب لا تحصى ولا تعد، التي سأسر بمناقشتها عبر الهاتف”.
وفي رده على رسالة العتيبة، كتب بلال صعب “أعتقد أنك استخدمت عنوان البريد الإلكتروني الخاطئ لإرسال الرسالة”، مشيرا على الأرجح إلى حقيقة استخدام العتيبة لحساب هوتميل الخاص به. وأردف صعب قائلا: “أنا وأنت نتفق بشكل تام حول إيران. وعلى الرغم من أن العديد من المخاوف تملكتني بشأن هذا العمل منذ البداية إلا أنني سأدافع عن إلين ولكن لن أدافع عن تقريرها القذر”.
في المقابل، كانت إجابة العتيبة يشوبها الكثير من الشك، حيث قال: “ألا تنتميان كلاكما إلى المجلس الأطلسي؟؟ وهو المركز ذاته الذي يوشك على نشر هذا التقرير؟؟”. وفي حين دافع صعب عن موقفه، حاول من جانب آخر دفع العتيبة إلى رؤية الصورة الكبرى، حيث كتب “سواء كان مصدر التقرير المجلس الأطلسي أو أي خلية تفكير أخرى فأنت تعلم جيدا أننا لا نعمل على شاكلة الحزب الشيوعي، كما أننا لا نملك ‘خطا حزبيا'”.
وأردف صعب “نحن نشجع التنوع في وجهات النظر، تماما مثلما هو الحال في خلايا التفكير التي تتسم بالمصداقية، فضلا عن أننا نقدر استقلالنا الفكري، فنحن لا نمثل هيئة ضغط. هذا التقرير، كما تعلم جيدا، قد تمت موازنته من قبل الهيئة العظيمة للعمل الرائد والصلب الذي قمت بنفسك بتزعمه في مركز سكوكروفت الذي يجادل تقريبا في الاتجاه المعاكس!”.
من جانبه، أفاد باري بافيل، واحد من القلة القليلة من الأشخاص في هذه القصة الذين يُريدون لحديثهم أن يُوثّق، أن البحث المتعلق بإيران كان مثالا جيدا على أحد المواضيع الشائكة التي يجب أن تتطرق إليها خلايا التفكير. وفي تعليقه على ذلك، قال بافيل “نحن نعمل في إطار هذه القضايا مع عدة شركاء، من قبيل الشركات والحكومات والأفراد وليس بالقدر ذاته مع المؤسسات التي لا وزن لها حقا في هذا الصدد. في الواقع، نستمع لآرائهم عندما يتم طرحها ومن ثم نمررها لكتّاب البحوث”.
أما في هذه الحالة، فقد وافقت الكاتبة، وفقا لما أفاد به بافيل، على بعض التعاليق الصغرى التي تم الإدلاء بها إلا أنها ظلت ملتزمة بأطروحتها. وفي هذا الصدد، أوضح بافيل أن “إلين غالبا ما تلتزم بأفكارها وإذا ما شعرت بقوة أحد الأطراف فستعرب عن أنها تختلف مع التعليقات الواردة. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن بإمكاننا تكليف كاتب يتمتع بمثل امكانياتها للتعاطي مع هذا الموضوع المعقد”. وأضاف بافيل أن العتيبة لم يكن المانح الوحيد الذي حصل على فرصة مراجعة البحث، علاوة على أن الإمارات لا تزال الممول للمجلس الأطلسي.
من جانبها، تتفهم الحكومات الأجنبية أن المجلس يقدّم مجموعة متنوعة من وجهات النظر، كما تميل إلى التوجه إلى خلايا التفكير الأخرى لشراء الأبحاث التي تتناسب مع احتياجاتها الدبلوماسية. علاوة على ذلك، قال بافيل إن “مصداقيتنا تعد في أوجها نظرا إلى أننا أشبه بمكان يعكس وجهات النظر المختلفة. في المقابل، أعي جيدا أن [الحكومات الأجنبية] تمتلك جهات أخرى تقوم بأعمال موجهة أكثر”.
والجدير بالذكر أن بلال صعب غادر المجلس الأطلسي خلال الشهر الماضي، حيث أنه بصدد الانتقال إلى معهد الشرق الأوسط، مع العلم أن صعب يدرك تماما أن العتيبة يعتبره أكثر من مجرد حليف. خلال سنة 2016، وحين قدّم له عرض من قبل شركة مقرها في أبو ظبي، قام صعب بإرسال بريد إلكتروني للعتيبة لمعرفة ما يمكن القيام به.
العلاقة بين العتيبة ومركز الأمن الأمريكي الجديد، بفضل مساعدة جماعات الضغط النفطية الصديقة. وفي الأثناء، حصل كل طرف منهم على نصيبه من الكعكة
في هذا الصدد، كتب صعب “أنا أعلم أنك تفضل أن أعمل على مقربة منك هنا، ولكن فكّر في “الضرر” الذي يمكنني التسبب به في أبو ظبي إذا ما عدّلوا عرضهم”. وخلال الشهر الماضي، تناولت صحيفة “الإنترسبت” المناورة التي مكنت الإمارات من إقامة علاقة تمويل مع أبرز خلايا التفكير للأمن القومي، التي من شأنها أن تمنح الإمارات نفوذا كبيرا لتحديد أسس النقاش حول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
فضلا عن ذلك، تظهر الرسائل الالكترونية التي حظينا بها كيف ساعد إيان ديفيس، أحد كبار اللوبيات في شركة أوكسيدنتال بتروليوم، في توطيد الصلة بين العتيبة ومركز الأمن الأمريكي الجديد، وهي خلية تفكير تم تأسيسها وإدارتها من قبل خبراء الأمن القومي الذين كانوا مرتبطين بإدارة أوباما، التي كان العتيبة في حرب مفتوحة معها إلى النهاية.
وفي هذا الصدد، كتب العتيبة لريتشارد كلارك، في أعقاب صدور مقال رفيع المستوى للصحفي جيفري غولدبرغ، تتطرق من خلاله إلى “عقيدة أوباما” في صحيفة “ذي أتلانتك”، “معظم الإدارات تصبح أكثر حكمة تدريجيا، إلا أن هذه الإدارة تصبح أكثر تكبرا”. وقد أجابه كلارك قائلا: “كرّر هذا الكلام على امتداد الأشهر العشرة القادمة”.
ساهم ديفيس “والغرب للبترول” في تكوين سياسة “مركز الأمن الأمريكي الجديد”، الذي يعد بمثابة نافذة للعالم فيما يتعلق بمدى تأثير واشنطن. والجدير بالذكر أن “الغرب للبترول”، هي شركة بترول وغاز أمريكية مقرها الرئيسي هيوستن في تكساس. وفي الأثناء، ينحدر أبرز شركائها من الإمارات العربية المتحدة، ألا وهي الشركة الوطنية للبترول التي تعاقدت معها لمدة 30 سنة في مشروع مشترك وهو “مشروع غاز الحسن”، الذي يعد “يعد أكبر مشروعات الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط”، حسب ما ورد في موقع الشركة على الانترنت.
ويظهر البريد الإلكتروني أن “الغرب للبترول”، ومن خلال ديفيس، تدعم سرا مركز الأمن الأمريكي الجديد وذلك خدمة لمصلحة الحكومة الإماراتية. وفي الأثناء، عمدت هذه الشركة إلى خلق مسار تعاون سياسي لصالح حكومة أجنبية بغرض المصلحة المادية. في 8 من كانون الأول/ ديسمبر سنة 2011، كتب أندرو إكزام، وهو جندي سابق ومحلل عمل سابقا ضمن إدارة أوباما، كما يساهم حاليا في تحرير مقالات لصحيفة “الأتلنتيك”، ناهيك عن عمله لصالح مركز الأمن الأمريكي الجديد، لديفيس ليخبره أن خلية التفكير تعمل على تركيز الخطوات الأولى في صلب مشروع “إستراتيجية الشرق الأوسط” بين سنة 2011-2012.
وفي سياق متصل، أورد إكزام في رسالته لديفيس متحدثا عن العتيبة “يسرني أن أستمع لأفكار السفير ولتوجيهاته لنا. ونظرا لأن العلاقة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة مهمة جدا، ونظرا لأن تقريرنا سيؤثر مباشرة على مبيعاتنا الخارجية من السلاح ودعمنا العسكري في المنطقة، ستكون رؤيته بالتحديد قيّمة جدا في بحثنا”.
وفي اليوم نفسه كتب ديفيس للعتيبة متحدثا عن لقائه برئيس مركز الأمن الأمريكي الجديد في وقت مبكر هذا الأسبوع لمناقشة “الدعم الذي ستوفره “أوكسي” تماما مثل “الغرب للبترول” في السنوات القادمة. وفي هذا الإطار، أشار ديفيس إلى أنه قد أخبرهم أن أولوية أوكسي تتمثل في الموافقة على توفير حزمة دفاعية للإمارات وعليهم أن يتأكدوا من أهمية هذا الأمر. ويحيل ذلك إلى أن هذا الاجتماع كان محوره الأساسي الدعم المالي.
كما واصل ديفيس شرحه للعتيبة، مؤكدا له أن مؤسسي مركز الأمن الأمريكي الجديد، عبارة عن فرق مؤلفة من عديد الوجوه السياسية والعسكرية المتقاعدة، من بينها فريق مقرب جدا من إدارة أوباما. وفي الأثناء، قال ديفيس: “تحظى تقاريرهم بمتابعة كبيرة واحترام في “الكابيتول هيل” وفي صلب الإدارة الأمريكية”.
الهاجري طلب وثيقة أعبر له فيها عن مدى وعينا بحجم التمويل الذي تقدمه مؤسسة الشرق الأوسط لهذه الحملة. وقال الهاجري إنه قد تحدث مع ولي العهد، الذي كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة
وأورد ديفيس في الختام، قائلا: “إن كنت مهتما بالاجتماع بهم فرجاءً أعلمني وسأكون مسرورا بتنظيم هذا اللقاء. لأن أوكسي من أبرز الداعمين لمركز الأمن الأمريكي الجديد، وأؤمن شخصيا أنها ستكون حليفا هاما في الأشهر القادمة”. (وبالفعل لقد قدم مؤسسي مركز الأمن الأمريكي الجديد المساعدة في وقت لاحق، عندما مرروا وثائق تحث إدارة ترامب على التخفيف من القيود المفروضة على الإمارات العربية المتحدة حول نقل طائرات من دون طيار للإمارة الصغيرة).
وقد أجاب العتيبة، الذي وصل في اليوم نفسه إلى البلاد، في رد مقتضب: “سأكون مسرورا بالاجتماع معهم. سيكون وزير خارجيتي في البلاد الأسبوع القادم أو الأسبوع الذي يليه”. وفي اليوم الموالي أرسل مساعد ديفيس، السيد جو سميث بريدا إلكترونيا لبولين هابر، مساعد العتيبة، يخبره فيه أن إكزام متفرغ للقاء العتيبة لمدة 30 دقيقة الشهر المقبل أو في شهر كانون الثاني/ يناير.
ومن هذا المنطلق، وببساطة تشكلت العلاقة بين العتيبة ومركز الأمن الأمريكي الجديد، بفضل مساعدة جماعات الضغط النفطية الصديقة. وفي الأثناء، حصل كل طرف منهم على نصيبه من الكعكة. وفي تصريح خص به “الإنترسبت”، قال متحدث باسم خلية التفكير “لم يكن لدينا فكرة عن الحوار الذي دار بين سفير الإمارات العربية المتحدة والغرب للبترول في سنة 2011”. وقال المصدر ذاته إن مركز الأمن الأمريكي الجديد لم يتلقى تمويلا من الإمارات منذ سنة 2016.
في المقابل، أكد القائمون على هذه الخلية أن “الغرب للبترول” كانت متبرعا سابقا للمركز، وأن آخر إمدادات مالية من طرفها أرسلت في سنة 2014، وهو التاريخ الذي أصبحت فيه “الغرب للبترول” بمثابة همزة وصل بين الطرفين. وقد سمح لها الدعم المالي الذي تقدمه لمركز الأمن الأمريكي الجديد بالعمل على اعتبارها وسيلة ضغط بالوكالة عن الإمارات العربية المتحدة.
كتب كلارك رسالة إلكترونية للهاجري، قام ببعث نسخة منها لتشامبرلين، يطمئنه قائلا: “لقد خططت مؤسسة الشرق الأوسط بشكل دقيق حتى لا يتم الكشف عن مساهمتها”. وأضاف كلارك “سأقول في تشرين الثاني/ نوفمبر، في المأدبة السنوية والاحتفال بالذكرى السبعين
على العموم، لم تصدر الموافقة على تمويل مركز الشرق الأوسط مباشرة من الحكومة الإماراتية، ولكنها وصلت عبر المركز الإماراتي للدراسات والبحوث الإستراتيجية، الذي يتخذ من أبو ظبي مقرا له. في الحقيقة، كان العتيبة المتكفل بترتيب حيثيات عملية الدفع. وفي الأثناء، تبيّن الطريقة التي نظم بها العملية المصادر الحقيقية للتمويل. وقد كتب ويندي تشامبرلين، رئيس معهد الشرق الأوسط، لسيف الهاجري في شهر أيلول/ سبتمبر سنة 2016، قائلا: “لقد أعلم السفير يوسف العتيبة رئيس المجلس ريتشارد كلارك بموافقة مركز الإمارات”.
أرسل للعتيبة نسخة من البريد الإلكتروني، الذي وافق في وقت لاحق على محتواها وأرسلها للهاجري والدكتور جمال السويدي، رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية. ويتضمن محتوى هذه الرسالة بين تشامبرلين والسويدي، على بيانات الحساب البنكي لمعهد الشرق الأوسط حتى يتم عبرها إرسال الأموال. كما جاء في نص الرسالة التالي: “نحن سعيدون جدا بالدعم الذي تقدمونه لنا ونطلب منكم أن تتقبلوا هذه الرسالة على أنها دليل وعينا الشديد بعطائكم”.
على الرغم من الإشارة إلى خلية التفكير الإماراتية، إلا أنها تقبع تحت سيطرة الهاجري الذي يدير بنفسه عمليات التمويل. وقد تطرق ريتشارد كلارك إلى ذلك من خلال رسالة إلكترونية بعثها لتشامبرلين في 11 من كانون الثاني/ يناير سنة 2016، بعد أن اجتمع كلارك بالهاجري. وقد أفاد كلارك من خلال هذه الرسالة، أن “الهاجري طلب وثيقة أعبر له فيها عن مدى وعينا بحجم التمويل الذي تقدمه مؤسسة الشرق الأوسط لهذه الحملة. وقال الهاجري إنه قد تحدث مع ولي العهد، الذي كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة، وأنه أخبره أن تلك الوثيقة مهمة جدا من الناحية الرسمية من أجل المراقبة الداخلية للسجلات. كما أضاف أن التمويل قادم من قبل مجموعة توازنات، من صندوق أعدوه من أجل أن تتمكن المؤسسات التي عليها مستحقات أن تتبرع نقدا بدلا من توظيف المشاريع التابعة لها. وأكد أنه لا يرغب في تواصلنا المباشر مع تلك الشركات”.
وقع الدفع على أربعة دفعات بقيمة 5 مليون دولار في كل دفعة. ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان، فقد كان الهاجري غير مرتاح حيال هذه التبرعات، في حال علم بها العامة. وفي تموز/ يوليو سنة 2016، كتب كلارك رسالة إلكترونية للهاجري، قام ببعث نسخة منها لتشامبرلين، يطمئنه قائلا: “لقد خططت مؤسسة الشرق الأوسط بشكل دقيق حتى لا يتم الكشف عن مساهمتها”. وأضاف كلارك “سأقول في تشرين الثاني/ نوفمبر، في المأدبة السنوية والاحتفال بالذكرى السبعين، إننا قطعنا نصف المسافة نحو هدفنا فقد منحنا أصدقاؤنا وبعض المتبرعين 40 مليون دولار من مجموع تعهداتنا”.
وفي سنة 2017، أورد كلارك أنه مجبر على تقديم كشف ضريبي عن الإيرادات للحكومة. وفي هذا الصدد، أوضح كلارك “ستشمل تلك الوثيقة جميع الإيرادات، نظرا لأننا لسنا مؤسسة غير الربحية، ويجب أن تكون بحوزتنا وثائقنا في حال وقع تفتيش عام. وفي الأثناء، قد يتمكن أي صحافي من قراءة هذه الملفات وكتابة تقرير في الغرض، كما قد لا يحدث هذا”.
وأفاد كلارك في رسالته الالكترونية للهاجري: “نحن ندرك أنك لا ترغب في التباهي بالهدية التي قدمتها أو أن يرتبط اسمك بها، ولكن نعتقد أن أي محاولة لإخفاء آثار هذا التمويل لن تكون فكرة سديدة. فسنبدو وكأننا نحاول لسبب ما إخفاء علاقتنا، مما سيثير الكثير من الشبهات والتساؤلات حولنا. نحن فخورون بتاريخنا الطويل مع الإمارات العربية المتحدة”.
في تشرين الأول/ أكتوبر، اتصل كلارك مجددا بالهاجري، قائلا في منتهى الارتباك: “لقد قال يوسف إنه ناقش معك التأخير الذي تسبب فيه الدكتور جمال. نحن على وشك بداية المشروع، ولكن لا يمكن أن نمضي قدما قبل تحويل الأموال”. فأجاب الهاجري، في رسالة إلكترونية، بلغت العتيبة نسخة منها: “لقد اجتمعت بجمال ظُهر هذا اليوم، ووافقنا على السير قدما في هذا المشروع. سأرسل غدا 20 مليون دولار لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، حتى يقوموا بإرسالها مباشرة للمؤسسة”.
المصدر: الإنترسبت