49 قتيلاً وما يقرب من 100 مصاب تلك كانت المحصلة النهائية حتى الآن لحادثة اصطدام قطارين بالقرب من محطة خورشيد شرقي محافظة الإسكندرية، الذي وقع أمس الجمعة، حسبما نقل التلفزيون الرسمي المصري.
وبحسب بيان هيئة السكة الحديدية المصرية فإن القطار رقم 13 “إكسبريس” القادم من القاهرة متجهًا إلى الإسكندرية اصطدم بالقطار رقم 571 بورسعيد الذي كان متوقفًا نتيجة عطل فني، مما تسبب في خروج عربات القطار الأول عن مسار السكة، إضافة إلى خروج عربتين من مؤخرة القطار الثاني، وذلك في تمام الساعة الثانية والربع بعد ظهر أمس الجمعة.
حادثة خورشيد حلقة في سلسلة طويلة من نزيف الدم المراق على قضبان السكك الحديدية المصرية طيلة عقود ماضية، ورغم الكوارث التي تقع ما بين الحين والآخر، في مقابل مليارات الدولارات المقدمة من مختلف دول العالم كمنح وقروض لتحسين مستوى هذا المرفق، فالمحصلة واحدة: شلالات من الدماء ومزيد من الأرواح، في ظل الإبقاء على هذا المستوى المتدني من الخدمة والتي تفتقد في كثير منها إلى الاستخدام الآدمي بحسب الشهادات الرسمية.
حزمة من التساؤلات تطل برأسها مع كل حادثة من هذا النوع، لعلها تجد إجابة شافية تحل هذا اللغز الذي بات كابوسًا يؤرق مضاجع المسافرين المصريين في حلهم وترحالهم، فمن المسؤول عن تكرار تلك الكوارث؟ وهل تتم محاسبته بصورة تردع غيره أم تعطي الضوء الأخضر للأجيال القادمة من المسؤولين بالسير على نفس الدرب من التقصير واللامبالاة ليدفع الفقراء وحدهم فاتورة هذا الفساد؟
ربع قرن من الكوارث
تعرضت مصر خلال السنوات الـ25 الأخيرة إلى العشرات من حوادث القطارات خلفت ورائها مئات القتلى وآلاف المصابين، جمعت بينها سمات مشتركة لعل أبرزها تكرار نفس الأخطاء وانتهاج ذات ردة الفعل مع كل حادثة وهو ما قلل من وقعها رغم ما تحمله من كوارث في الخسائر سواء كانت في الأرواح أو الممتلكات في كثير من الأحيان.
“نون بوست” يستعرض هنا جولة سريعة لأبرز حوادث القطارات التي وقعت في مصر خلال ربع القرن الأخير والتي أخذت منحنى تصاعديًا على عكس مختلف دول العالم، مما أثار الجدل وفرض العديد من التساؤلات التي لم تجد لها إجابة حتى الوقت الراهن.
التسعينيات
شهدت فترة التسعينيات عددًا ليس بالقليل من حوادث القطارات أبرزها:
– ديسمبر 1993: تصادم قطارين على بعد 90 كم شمال مدينة القاهرة أسفر عن مقتل 12 وأصيب 60.
– ديسمبر 1995: تصام قطار بمؤخرة آخر جنوب القاهرة، مما أسفر عن مقتل 75 راكبًا وإصابة المئات.
– فبراير 1997: تصادم بين قطارين في أسوان أسفر عن وقوع 11 قتيلاً وعشرات الإصابات.
– أكتوبر 1998: اصطدم قطار بالقرب من الإسكندرية بإحدى المصدات الأسمنتية الضخمة، مما أدى إلى مقتل 50 شخصًا وإصابة أكثر من 80.
– أبريل 1999: تصادم قطاري ركاب مما أسفر عن مقتل 10 مواطنين وإصابة آخرين.
– نوفمبر 1999: اصطدم قطار متجه من القاهرة إلى الإسكندرية بشاحنة نقل، أسفر عن وقوع 10 قتلى وإصابة 7.
التقرير الصادر منذ 11 شهرًا كشف أن إجمالي حوادث القطارات في السنوات الخمسة من 2011 إلى 2015، بلغ 4777 حادثة
2000-2010
– فبراير 2002: حريق يشب بقطار الصعيد عند منطقة العياط – 70 كم جنوبي القاهرة – مما أسفر عن مقتل 350 مواطنًا، بعد أن استمر القطار في سيره مشتعلاً بالنيران مسافة قدرها 9 كيلومترات، ورغم العدد المعلن عن القتلى، لا توجد إحصائية رسمية بعدد الضحايا وإن كان البعض يشير إلى تجاوز العدد حاجز الألف قتيل.
– فبراير 2006: اصطدام قطارين بالإسكندرية، مما أسفر عن إصابة نحو 20 شخصًا.
– مايو 2006: اصطدام قطاري شحن بالشرقية، مما أدى إلى إصابة 45 شخصًا.
– أغسطس 2006: اصطدام قطارين أحدهما قادم من المنصورة متجهًا إلى القاهرة والآخر قادم من بنها على نفس الاتجاه، مما أدى إلى سقوط 80 قتيلاً وأكثر من 163 مصابًا.
– يوليو 2007: اصطدام قطارين شمال مدينة القاهرة أسفر عن سقوط 58 شخصًا وإصابة أكثر من 140.
– أكتوبر 2009: تصادم قطارين في منطقة العياط على طريق القاهرة- أسيوط وأدى إلى مقتل 30 شخصا وإصابة آخرين.
حادث قطار الصعيد 2002 الأسوأ في تاريخ مصر الحديث
4777 حادثة في 5 سنوات
شهدت مصر خلال السنوات الخمسة الأخيرة على وجه الخصوص موجة من حوادث القطارات لم تشهدها منذ تدشينها أول قطار بين القاهرة والإسكندرية عام 1856م في عهد عباس الأول، وذلك حسبما أشار التقرير الصادر عن هيئة سكك حديد مصر في سبتمبر 2016.
التقرير الصادر منذ 11 شهرًا كشف أن إجمالي حوادث القطارات في السنوات الخمسة من 2011 إلى 2015، بلغ 4777 حادثة، ما بين حوادث خفيفة وإصابات سطحية وصولاً إلى الحوادث الكارثية التي راح ضحيتها المئات من القتلى والمصابين، وتعد حادثة قطار الصعيد بالعياط فبراير 2002 التي راح ضحيتها 350 راكبًا على أقل تقدير هي الأسوأ في تاريخ مصر، وذلك حين قطع القطار مسافة 9 كم سيرًا بينما النار مشتعلة بداخله ما اضطر الركاب للقفز من النوافذ ومن لم يستطع مات محروقًا.
تصدر عام 2015 قائمة السنوات الأكثر تعرضًا لحوادث قطارات حيث بلغت حينها 2011 حادثة، بينما وصلت إلى 489 في 2011، و447 في 2012، و781 في 2013، و1044 في 2014.
ومن أبرز الحوادث التي وقعت خلال تلك الفترة:
2012
في 11 من نوفمبر اصطدم قطاران بالفيوم أسفر عن مقتل 4 مواطنين وجرح العشرات، وفي 17 من نوفمبر اصطدم قطار بحافلة نقل مدرسة أودى بحياة 50 تلميذًا إضافة إلى سائق الحافلة ومُدرّسة كانت برفقة التلاميذ.
2013
14 من يناير اصطدم قطار تجنيد في البدرشين بآخر، مما أدى إلى مقتل 17 مجندًا وإصابة أكثر من 100، وفي 18 من نوفمبر اصطدم قطار مع سيارتين في مدينة الفيوم أودى بحياة أكثر من 27 شخصًا وجرح أكثر من 30.
2014
شهدت مدينة دشنا، اصطدام القطار رقم 976 ركاب، والقادم من القاهرة والمتجه إلى أسوان بسيارة نقل في أثناء عبورها مزلقان مصنع “سكر دشنا”، مما أدى إلى تهشم السيارة، واشتعال النيران بها نتيجة الاصدام، وانتقال النيران إلى جزء من العربة رقم 3 بالقطار، ونتج عنها إصابة شخص بكسور، وتمكنت قوات الدفاع المدني والحريق من إخماد النيران قبل امتدادها للعربات الأخرى.
2015
في 6 من مارس 2015، اصطدم قطار السويس بأتوبيس مدرسة بالكيلو 38 طريق “القاهرة – الإسماعيلية”، بالقرب من البوابة الأولى لمدينة الشروق، في أثناء مرور الأتوبيس من المزلقان، مما نجم عنه مقتل 7 ركاب منهم 3 أطفال وإصابة 26.
2016
في يناير اصطدم قطار في العياط ما أسفر عن 7 قتلى و7 مصابين، وفي فبراير اصطدم قطار في مدينة بني سويف بصخرة خرسانية، مما أسفر عن إصابة 71 راكبًا، بينما في أبريل انقلب قطار في أسوان مما أودى بحياة 8 مواطنين وإصابة لآخرين مثلهم، كما انقلب في سبتمبر أيضًا قطار متجه من القاهرة إلى أسوان عند منطقة العياط أسفر عن 5 قتلى و31 جريحًا.
تصدر عام 2015 قائمة السنوات الأكثر تعرضًا لحوادث قطارات حيث بلغت حينها 2011 حادثة، بينما وصلت إلى 489 في 2011، و447 في 2012، و781 في 2013، و1044 في 2014
أين ذهبت مليارات المنح والقروض؟
تتكشف ملامح الفاجعة أكثر حين يسقط النقاب عن حزمة المنح والقروض والمساعدات الخارجية التي قدمت لمرفق السكك الحديدية المصرية، والتي كانت كفيلة أن تضعه على قائمة الدول الأكثر تطورًا في هذا المجال تماشيًا مع الأسبقية التاريخية لمصر في هذا المجال الحيوي، إلا أن السؤال الأبرز الذي دومًا يفرض نفسه: أين ذهبت تلك الأموال؟
نستعرض هنا أبرز المنح والقروض التي حصلت القاهرة عليها من بعض الكيانات العربية والأجنبية بغية تطوير واقع القطارات والسكك الحديدية.
– 2006: اتفاق التوأمة بين وزارتي النقل في مصر وفرنسا في مجال إصلاح قواعد وإجراءات وممارسات أمن وسلامة السكك الحديدية بقيمة إجمالية تبلغ 13 مليون جنيه.
– 2007: اتفاقية التعاون المالي بين مصر والنمسا بمبلغ 50 مليون يورو من أجل تمويل مشروع توريد أجهزة تستهدف إعادة هيكلة قطاع السكك الحديدية في نطاقه.
– 2009: اتفاقية قرض البنك الدولي لتمويل المشروع القومي لإعادة هيكلة سكك حديد مصر بقيمة 270 مليون دولار.
– 2009: هيئة السكك الحديدية تحصل على 150 مليون دينار كويتي من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لصالح مشروع دراسة جدوى كهربة خط السكك الحديدية (شبين القناطر – الزقازيق – المنصورة – دمياط).
– 2011: الجزء الثاني من اتفاقية التمويل المقدمة من البنك الدولي بقيمة 330 مليون دولار لتطوير نظم الإشارات من خط بني سويف إلى أسيوط.
2012: منحة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بقيمة ٦٠ مليون دينار كويتي بهدف إعداد الدراسات الخاصة بمشروع كهربة إشارة علي خط ( طنطا – المنصورة- دمياط ) ومشروع ازدواج الخط الحديدي ما بين المنصورة- ودمياط .
– 2012: اتفاقية مع وزارة الخارجية الإيطالية بمبلغ 2.3 مليون يورو كمرحلة أولى لمشروع “دعم خطة إعادة هيكلة وتطوير الهيئة القومية لسكك حديد مصر” والمخصص له 8 مليون يورو.
– 2013: اتفاقية قرض بقيمة 44 مليون دينار كويتي من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لصالح مشروع كهربة إشارات خط السكك الحديدية (بنها – الزقازيق- الإسماعيلية – بورسعيد)
لم يكن الدميري وزير النقل الوحيد الذي تمت الإطاحة به من منصبه، فهناك أيضًا محمد لطفي منصور، الذي تمت إقالته على خلفية حادث تصادم قطارين بمدينة العياط في 2009، كذلك محمد رشاد المتيني وزير النقل السابق الذي تولى الوزارة لمدة 4 أشهر فقط
49 قتيلاً في حادثة الإسكندرية وما يزيد على 100 مصاب
هل تمت محاسبة المقصرين؟
“لا بد لي أن أقف، هذه جريمة كبرى لا بد أن يحاسب من تسبب فيها، وأنني لا أطلب سوى محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن قتل 20 تلميذًا لم يجنوا شيئًا سوى أنهم أبناؤنا” كانت هذه الصرخة الأولى التي دونها الكاتب بشير الديك على لسان الفنان أحمد زكي في فيلم “ضد الحكومة” عام 1992 ليدق ناقوس الخطر حيال حوادث القطارات وضرورة محاسبة المسؤولين عنها.
زكي في صرخته سعى إلى تكسير تابوهات تأليه الوزراء والمسؤولين، معلنًا: “ليست لي سابق معرفة بالأشخاص الذين أطلب مساءلتهم، لكن لدي علاقة ومصلحة في هذا البلد، لدي مستقبل هنا أريد أن أحميه، أنا لا أدين أحدًا بشكل مسبق، ولكنني أطالب المسؤولين عن هذه الكارثة بالمثول أمامكم فهل هذا كثير؟ أليسوا بشرًا خطائين مثلنا؟ أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقي البشر؟” وإن كان يتهم الجميع بالفساد حتى وإن كان بالصمت “كلنا فاسدون، لا أستثنى أحدًا، حتى الصمت العاجز الموافق قليل الحيلة”.
تتكشف ملامح الفاجعة أكثر حين يسقط النقاب عن حزمة المنح والقروض والمساعدات الخارجية التي قدمت لمرفق السكك الحديدية المصرية، والتي كانت كفيلة أن تضعه على قائمة الدول الأكثر تطورًا في هذا المجال
رغم قسوة المناظر التي خرجت بها حادثة الأمس وما تخللها من فضح لأوجه الفساد واللامبالاة، فقد اقتصرت ردى الفعل على إقالة رئيس هيئة السكك الحديدية اللواء مدحت شوشة، وذلك بعد ضغوط مورست على وزير النقل الدكتور هشام عرفات من قبل أعضاء لجنة النقل بمجلس النواب.
ويمكن الوقوف على ميوعة ردة الفعل الرسمية حيال تلك الكوارث مقارنة بما هي عليه في الدول الأخرى من خلال العودة إلى الوراء قليلاً، حيث تعد لجان التحقيق التي يتم تشكيلها عقب كل حادث، الخطوة الأولى والأخيرة وقد تكون الوحيدة التي تتخذ من قبل الحكومة.
ففي أكتوبر 1998 شُكلت لجنة فنية مكونة من بعض أساتذة الجامعات لمعرفة أسباب حادثة قطار الإسكندرية الذي أودى بحياة 50 شخصًا، نتيجة خروجه عن القضبان واختراقه المحطة إلى سوق مزدحمة بالقرب منه، لتخرج اللجنة في تقريرها النهائي إلى أن “عبث بعض المسافرين المنبطحين فوق سطح القطار بصمام فرامل الهواء، وبالتالي إتلافها، ومن ثم لم يستطع السائق استخدامها، مما أدى إلى وقوع الكارثة”.
وفي عام 2012 شكل المهندس زكريا حسين رئيس الهيئة القومية للسكك الحديد سابقا، فريقًا من خبراء الهيئة لمعاينة حادث اصطدام قطار “المنصورة – طنطا” بسيارة “ميكروباص”، بقرية “شبشير الحصة” بالغربية والذي أدى إلى إصابة 8 أشخاص، لكن التقرير في النهاية لم يخلص إلى جديد، ولم يحاسب أي مسؤول.
3 وزراء نقل و3 رؤساء لهيئة السكك الحديدية هم حصيلة كشف الحساب الذي قدمته الحكومة لإخماد النيران المشتعلة بصدور المصريين على مدار ما يزيد على ربع قرن وقعت خلالها عشرات الكوارث
وفي 2013 وعقب وقوع حادث قطار دهشور الذي أودى بحياة 27 مواطنًا، شكل وزير النقل حينها، الدكتور إبراهيم الدميري، لجنة لدراسة الحادثة والوقوف على أسبابها دون الخروج بنتائج إيجابية، وقد تكرر ذلك في عهده مرة سابقة حين كان وزيرًا للنقل عقب حادثة قطار الصعيد 2002 والتي كانت سببًا في الإطاحة به من منصبه، إلا أنه عاد مرة أخرى لنفس المنصب في مشهد أصاب الكثير من المصريين بالذهول حينها.
لم يكن الدميري وزير النقل الوحيد الذي تمت الإطاحة به من منصبه، فهناك أيضًا محمد لطفي منصور، الذي تمت إقالته على خلفية حادث تصادم قطارين بمدينة العياط في 2009، كذلك محمد رشاد المتيني وزير النقل السابق، الذي تولى الوزارة لمدة 4 أشهر فقط، وخلالها وقع أكثر من 15 حادثة بقطارات السكة الحديد مما أجبره على الاستقالة في 2012.
علاوة على ذلك فقد لجأت الحكومة إلى الإطاحة ببعض رؤساء السكك الحديدية على خلفية حوادث قطارات في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي حينها، على رأسهم المهندس هاني حجاب وذلك بسبب تعطل تكييف رئيس الوزراء، ثم عبد السلام شعث الذي أقيل بعد حادث العياط وسقوط قطارين إثر تصادم بينهما.
ماذا بعد؟
3 وزراء نقل و3 رؤساء لهيئة السكك الحديدية هم حصيلة كشف الحساب الذي قدمته الحكومة لإخماد النيران المشتعلة بصدور المصريين على مدار ما يزيد على ربع قرن وقعت خلالها عشرات الكوارث التي كانت تستوجب إقالة حكومات بأكملها إن لم يكن أنظمة تحترم حياة مواطنيها وتتحمل مسؤولية إزهاق أرواحهم بأرخص الأثمان.
50 ألفًا هو التعويض المناسب الذي ارتضته الحكومة المصرية لأهالي القتيل في حادث الإسكندرية أمس الجمعة، دون تحديد المسؤولية الحقيقية وراء وقوع تلك الكارثة، فما بين سائق القطار وعامل التحويلة تدور حلقة تبادل الاتهامات، بينما تم الدفع إلى إقالة رئيس هيئة السكك الحديدية إرضاءً لأعضاء مجلس النواب وليس لقناعات الوزير أو الحكومة.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تصريحات سابقة له تحدث عن المليارات التي يحتاجها قطاع السكك الحديدية من أجل تطويره وتحسين مستوى خدمته، لكنه ألمح إلى أن الدولة لا تملك مصادر التمويل وإن كان من باب أولى أن توضع تلك المليارات في البنوك لتدر عائدًا في صورة فوائد أكثر أهمية من ضخها في قطاع يتعامل فيه الملايين من المصريين يوميًا.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي أعادوا تداول مقطع الفيديو الذي تناول تصريحات السيسي والذي جاء فيها على لسانه “اللي خلى مستوانا كده إننا مش بنواجه الحقايق، العشرة مليارات بتوع السكة الحديد لو حطيتها في البنك حاخد عليهم الفايدة ملياري جنيه، لما مرفق عايز مائة مليار جنيه لرفع كفاءته حانجيبه منين؟ حنسد قروض كوريا وغيرها منين؟ لازم الكل يعرف الحاجات دي، ولما تيجي تزود عليه التذكرة جنيه واحد يقولك أنا غلبان مش قادر، وأنا كمان غلبان مش قادر”.
50 ألفًا هو التعويض المناسب الذي ارتضته الحكومة المصرية لأهالي القتيل في حادث الإسكندرية، دون تحديد المسؤولية الحقيقية وراء وقوع تلك الكارثة
العديد من الانتقادات التي وجهت لتلك التصريحات تمركزت حول اعتبارها رفضًا واضحًا لتطوير هذا المرفق الحيوي رغم تسببه في إزهاق أرواح المئات من المصريين بسبب سوء حالته في مقابل إنفاق المليارات على قطاعات أخرى قد لا يحتاجها المواطن خلال هذه الأيام، مستشهدين بمليارات صفقة الرافال الفرنسية وحفر قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية وكلفة مؤتمرات الشباب وغير ذلك من المشروعات التي استحوذت على النصيب الأعظم من ميزانية الدولة في السنوات الأخيرة.
وبعد مرور ربع قرن تقريبًا لا زال قطاع السكك الحديدية في مصر يعاني من تدهور مكتمل المعالم يتجسد ما بين الحين والآخر في حادثة تثير حفيظة المسئولين والمجتمع في آن واحد، ثم يهدأ الجميع قبل أن تجف الدماء فوق القضبان، ويظل الحديث حول مصير مليارات المنح والقروض المقدمة من الخارج والداخل لتحسين مستوى هذا المرفق، فضلا عن محاسبة المتورطين الحقيقيين عن تلك الحوادث، تساؤلات تبحث عن إجابة.