أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس الثلاثاء مذكرة اعتقال بحق عسكري ليبي رفيع، يقود كتيبة تدعم قوات حفتر، للاشتباه بتورطه في مقتل 33 شخصا في مدينة بنغازي، في دليل إدانة للقوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يتّخذ الشرق الليبي مقرا له، حسب عديد المتابعين للشأن الليبي.
مذكرة توقيف دولية بحق الورفلي
الجنائية الدولية تتهم محمود مصطفى بوسيف الورفلي، قائد “قوات الصاعقة” الموالية لحفتر في ليبيا بتنفيذ إعدامات ميدانية لمدنيين ومقاتلين مصابين بين عامي 2016 و2017، وأفاد بيان الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا أنها أصدرت “مذكرة توقيف بحق محمود مصطفى بوسيف الورفلي، الذي يشتبه بأنه مسؤول عن عمليات قتل هي بمثابة جريمة حرب في إطار النزاع المسلح في ليبيا“.
ظهر الورفلي في عدة تسجيلات وهو يشرف على إعدامات خارج القانون
وقالت المحكمة إن الورفلي ارتكب بنفسه وأمر بارتكاب جريمة القتل باعتبارها جريمة حرب، في سياق سبع حوادث شملت 33 شخصًا ووقعت في الفترة الممتدة ما بين الثالث من يونيو 2016 أو ما قبله و17 يوليو 2017 أو ما يقاربه، وذلك في بنغازي أو في مناطق محيطة بها في ليبيا.
يُذكَر أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أحال الحالة في ليبيا إلى المدَّعي العام في المحكمة، بموجب قراره رقم 1970 الصادر بتاريخ 26 فبراير 2011. وأعلن المدعي العام قراره مباشرة التحقيق في الحالة في ليبيا بتاريخ 03 مارس 2017.
وفي يوليو الماضي، نشر مقطع فيديو على مواقع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أظهر محمود الورفلي آمر المحاور بالقوات الخاصة «الصاعقة»، وهو يشرف على إعدام 20 محتجزًا، وظهر الورفلي وهو يعطي أوامر لجنود ملثمين تقدموا نحو محتجزين يرتدون ملابس برتقالية موحدة، تشبه ما كان يرتديه ضحايا تنظيم «داعش» في سرت، بينما كانت أيديهم مكبلة خلف ظهورهم وأعيونهم معصوبة، وعندما يسمع الجنود أوامر الورفلي يتقدمون ويطلقون النار على رؤوس المحتجزين، ثم يمطرونهم بوابل من الرصاص للتأكد من موتهم.
وليست هذه المرة الأولى التي يظهر فيها الورفلي وهو يشرف على إعدامات خارج القانون، فقد ظهر الورفلي في عدة تسجيلات أخرى وهو يشرف على إعدامات خارج القانون، بينها فيديوهات يظهر فيها مع جنوده وهم ينكلون بضحاياهم قبل قتلهم، ورفض آمر القوات الخاصة العميد ونيس بوخمادة إقالة الورفلي، وأصر على إبقائه في منصبه آمرًا لمحاور القتال في بنغازي.
وفي مارس الماضي، أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن قوات تابعة لحفتر “قد تكون ارتكبت” جرائم حرب تشمل إعدامات ميدانية، داعية إياه إلى “أن يأمر بتحقيق كامل وشفاف“، من جهتها، حثت فاتو بنسودة، التي تشغل منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، السلطات الليبية على اعتقال الورفلي وتسليمه إلى لاهاي “بدون أي تأخير“.
العفو الدولية تطالب بتوسيع التحقيقات
في أول تعقيب لها على قرار الجنائية الدولية، قالت مديرة البحوث بالمكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية هبة مرايف: “إن قرار المحكمة الجنائية الدولية اليوم (أمس) خطوة هامة نحو إنهاء تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب على جرائم الحرب في ليبيا. محمود الورفلي قاد وحدة عسكرية متهمة بارتكاب فظائع، بما في ذلك عمليات إعدام خارج نطاق القضاء لأسرى غير مسلحين وعزل“.
العفو الدولية رأت أن هذا الأمر يبعث برسالة واضحة مفادها أن الذين يرتكبون أو يأمرون بجرائم مروعة ليسوا فوق القانون وأنهم لن يفلتوا من العقاب
وتابعت: “على السلطات الليبية أن تمتثل على وجه الاستعجال لأمر التوقيف هذا وأن تسلم محمود الورفلي إلى المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة متهِميه في محاكمة عادلة“. كما رأت أن “وهذا الأمر يبعث برسالة واضحة مفادها أن الذين يرتكبون أو يأمرون بجرائم مروعة ليسوا فوق القانون وأنهم لن يفلتوا من العقاب”.
مضيفة “بأن السلطات الليبية والمجتمع الدولي، بإخفاقهما في محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في ليبيا في السنوات الأخيرة، شجعوا أطراف هذا الصراع على التصرف بتجاهل تام لحياة الإنسان والقانون الدولي“. وخلصت مديرة البحوث بالمكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية هبة مرايف إلى مطالبة الجنائية الدولية بتوسيع تحقيقاتها في ليبيا وشمل جرائم أخرى ترتكب يوميا في مجموع ليبيا.
من هو الورفلي؟
يعدّ الورفلي، المولود عام 1978، من المقربين لحفتر وقياديا بارزا في “قوات الصاعقة”، وهي وحدة خاصة انشقت عن الجيش الليبي في أعقاب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق معمر القذافي عام 2011. ومنذ 2015 بدأ الورفلي يلعب دورا قياديا حيث بدأت الفرقة تقاتل إلى جانب القوات الموالية لحفتر ضد مقاتلي “مجلس شورى بنغازي.
انتسب الورفلي المتخرّج من إحدى الكليات العسكرية في ليبيا، والحاصل على رتبة نقيب منذ العام 2009، للتيار المدخلي السلفي منذ منتصف العقد الماضي (موال لحفتر، ويوفر له الغطاء الشرعي والديني)، واتصل بقياداته في ليبيا، وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2015، أوكلت للورفلي أولى المهمات القيادية من قبل آمر القوات الخاصة، ونيس بوخمادة، حيث كلف بإمرة دوريات الصاعقة لتأمين المناطق الداخلية في بنغازي. وفي أغسطس 2016، كلف آمرًا لمحاور الصاعقة وقيادة أحد القواطع التي تحاصر مقاتلي شورى بنغازي في منطقة قنفودة.
محمود مصطفى بوسيف الورفلي المطلوب لدى الجنائية الدولية
وبررت القوات الخاصة أعمال الورفلي الانتقامية ضد خصومه بأنها ردات فعل مشروعة، إذ علّق القيادي الميداني بقوات “الصاعقة”، وليد العقوري، على فيديو ظهر فيه الورفلي وهو يعدم بالرصاص ثلاثة شبان في حي سكني، قائلًا: “نعم الفيديو صحيح وليس مفبركا، ومن ظهر به هو النقيب محمود الورفلي”، مضيفًا أن “الواقعة حدثت في بنغازي قبل يومين مباشرة عقب تحرير منطقة العمارات 12 من قبل الجيش، ومن قتل هم ثلاثة من تنظيم أنصار الشريعة”، موضحًا أن الإعدام “جاء انتقامًا لمقتل 2 من مرافقيه قتلوا في محاولة اغتيال تعرض لها في بنغازي”.