ليس غريبًا مع كلّ التطور الحاصل في عالم الإنترنت والإلكترونيات أن يكون بوسع الفرد منّا بنقرةِ زرٍ أو الدخول لتطبيقٍ ما الحصول على العلاج والاستشارة النفسية عن طريق معالجٍ مختص والتواصل معه بطرقٍ شتى ومتنوعة، ويمكن أن يحدث ذلك من خلال البريد الإلكتروني أو مؤتمرات الفيديو أو الدردشة الفورية أو الرسائل أو المحادثات الهاتفية.
يكثر الكلام حول العلاج عن بُعد، ما بين مشكّكٍ فيه وفي جدواه وما بين داعمٍ له، إلا أنه بات أمرًا واقعًا يسعى الكثير للجوء إليه خاصة في حالات تعذّر الوصول لمكاتب الأطباء والمعالجين النفسيين نظرًا لعدم توافرها أو ارتفاع تكاليفها أو حتى عدم الراحة التي قد يشعر بها الفرد بالجلوس أمام المعالج والتحدث إليه ومواجهته.
وعلى الرغم من الاختلافات بين كلّ من العلاج النفسي التقليدي والعلاج عبر الإنترنت إلا أنّ كلُّا منهما قائم على وجود شخصين؛ أحدهما يسعى للتحدث عن مشاكله وأفكاره وذكرياته ويسعى لحلها أو التخلص منها والآخر معالِج يحاول فهم تلك الأفكار والمشاكل وتشخيصها وتقديم المساعدة اللازمة أو الممكنة.
لا يُعدّ تقديم المشورة عن بُعد أمرًا حديثًا في الطب النفسي، فقد استخدم سيجموند فرويد الرسائل المكتوبة للتواصل مع مرضاه وزبائنه إضافةً لجلسات العلاج التي كان يقوم بها. وقد بدأت مجموعات الدعم النفسي بالظهور على الشبكة العنكبوتية في وقتٍ مبكر من عام 1982. أما في الأعوام الأخيرة فقد زاد عدد المواقع التي تقدّم المعلومات السيكولوجية والنفسية المبسّطة بطريقة يسهل على الأفراد فهمها واستيعابها، ما شجّع لبروز عيادات العلاج الإلكتروني وتأسيس الجمعية الدولية للصحة العقلية الإلكترونية.
خدمات العلاج النفسي عبر الإنترنت لديها بعض المزايا والعيوب التي ينبغي النظر فيها بعناية. وغالبًا ما يُنظر إلى الراحة التي تقدّمها باعتبارها واحدة من أكبر الفوائد التي تتيحها، خاصة لأولئك الذين يجدون صعوبة في مواجهة المعالجين وجهًا لوجه. كما أنّه يعدّ خيارًا جيدًا في المناطق التي يصعب فيها العثور على معالجٍ نفسيّ مختص، أو نظرًا للقيود المالية وعدم القدرة على تحمّل تكاليف العلاج.
كما أنّ الإنترنت بمواقعه وتطبيقاته قد يمثّل البوابة الوحيدة لأولئك الذين قد يجدون صعوبة في مغادرة منازلهم ومواجهة العالم الحقيقيّ والاحتكاك بأيّ إنسانٍ آخر، فيبدأون بالبحث عمن يتواصلون معهم إلكترونيًا لتخفيف آلام عزلتهم ووحدتهم أو لنسيان مشاكلهم العاطفية أو للخروج من حالات اكتئابهم.
وقد أظهرت دراسة حديثة نُشرت في دورية “The Lancet” الطبية أنّ العلاج النفسيّ الإلكتروني يُعدّ فعّالًا أكثر نظرًا للحرية التي يتمتّع بها المريض في الحديث عما يختلج صدره ويدور في عقله مقارنةً بجلسات العلاج التقليدية. ووفقًا للدراسة فإنّ هناك أدلة على أن الكتابة عن الأحداث المؤلمة في حياة الفرد، تساهم في تخلص العقل منها. كما أنّها تعطي الناس الوقت للتوقف والتأمل، وهذا قد يساعد في العملية العلاجية، إضافةً إلى أنهم يكونون أكثر حرية في الحديث عن مواقفهم التي يرونها محرجة، إذا كان الحوار يتم عبر الإنترنت، وهذا ما قد يسرع العلاج ويجعله أكثر فعالية.
لكن وبطبيعة الحال، يجب أن لا نغفل على أنّ العلاج النفسيّ الإلكتروني لا يُناسب جميع الحالات، فالأفراد الذين يعانون من مشاكل عقلية وعضوية أو أولئك الذين يعانون من مشاكل الإدمان قد لا يوفّر لهم هذا النوع من المواقع والتطبيقات العلاج الكافي أو الفعّال. كما أنّ بعضًا منها قد لا تمتلك القدرة الكافية للتعامل مع الحالات الجديّة والخطرة مثل المرضى الذين يفكّرون بالانتحار ولا يفصحون عن ذلك خلال جلسات علاجهم الإلكترونية.
بالإضافة إلى أنّ الكثير من المعالجين النفسيين يولون أهميّة كبيرة للتواصل وجهًا لوجه نظرًا لما توفّره لغة الجسد ونغمات الصوت وتعابير الوجه والإيماءات من أهمية أساسية في دراسة المريض وفهمه وتوقّعه وتعطي معلومات عديدة عن مشاعره وسلوكياته وأفكاره ومزاجه. وبالتالي حين تكون جلسات العلاج الإلكتروني مقتصرة فقط على الرسائل النصية أو الدردشة، فهذا يعني أنّ المعالِج قد يسيء فهم مريضه أو العكس.
يوفّر لك فرصة التواصل مع معالجٍ نفسيّ مختص مقابل 32 دولارًا في الأسبوع أو 128 دولارًا في الشهر، كما تقدم خدمة الاستشارة النفسية للأزواج والعلاقات مقابل 189 دولارا في الشهر أو 499 دولارًا خلال 3 شهور، وهي أسعار يراها البعض رخيصة مقارنةً بأسعار الكثير من جلسات العلاج التقليدية.
يركّز التطبيق على التعامل مع حالات القلق والتوتر والإجهاد النفسيّ والاكتئاب، من خلال التواصل بالرسائل المكتوبة أو المكالمات الصوتية أو عن طريق الفيديو.
على غرار توك سبيس، يسمح لك هذا التطبيق بالتواصل مع المعالجين النفسيين المختصين والذين تلقوا تدريبات معينة لمساعدة الأفراد من خلال العلاج النفسي الإلكتروني. إذ بإمكان كلّ مشترك التواصل مع معالجه النفسيّ الذي يختاره من خلال محادثة خاصة بينهما، يستطيعان فيها التواصل والحوار إما كتابةً أو عن طريق محادثات الصوت أو الفيديو. وتبلغ تكلفته 35 دولارًا في الشهر.
يقدّم هذا التطبيق فرصة العلاج النفسي استنادًا للعلاج السلوكيّ المعرفيّ، الذي يستعمل في الكثير من الأمراض النفسية مثل الكآبة والقلق وتعكّر المزاج ثنائي القطب وحالات نفسية أخرى، ويستند على مساعدة المريض في إدراك وتفسير طريقة تفكيره السلبية؛ بهدف تغييرها إلى أفكار أو قناعات إيجابية أكثر واقعية.
طريقة عمل التطبيق بسيطة. يُطلب من المستخدم الإجابة على بعض الأسئلة التي وبناءً عليها يستطيع التواصل مع أحد المعالِجين المختصين ضمن الفريق القائم على التطبيق، والذي بدوره يقوم ببناء خطة مخصصة للعلاج النفسيّ، وتشمل التمارين اليومية والحصول على الدعم المطلوب من قبل المعالِج للوصول إلى أهداف العلاج الخاصة. وتبلغ تكلفة العلاج 49 دولارًا في الشهر.
يُمكن من خلال هذا التطبيق والموقع ربط المشتركين الذين يعانون من مشاكل القلق أوالتوتر أوالاكتئاب أو الوحدة أو المشاكل العاطفية وغيرها الكثير، بمستمعين مختصين -معالجين نفسيين- أو غير مختصين -مشتركين آخرين بالموقع، وهذا ما يجعل التطبيق محطّ سؤال حول فعاليته واحترافيّته.
فقد يؤدي اللجوء لشخص غير مختص وظيفته هي الاستماع للمريض وحسب، لتبطيء العلاج أو زيادة سوء الحالة. لكنه في الوقت ذاته يوفّر من يستمع لك دون أن يعرف هويتك أو يطلق أحكامًا عليك بناءً على اسمك أو أصلك أو وضعك الاجتماعي.
يختص هذا الموقع بالتواصل عن طريق محادثات الفيديو بين كلّ من المشترك والمعالج أو الطبيب النفسيّ الذي بدوره يحدّد أجرة الاشتراك والعلاج، أيْ أنّ لا سعر محدد لهذا الموقع.
لعلّ هذا التطبيق هو أول مشروع لاستشارات الطب النفسيّ عبر الإنترنت في العالم العربيّ. إذ يوفّر عددًا من الأطباء المختصين في علم النفس يمكن للمشترك الاطلاع على خبراتهم ومعرفة تاريخهم العمليّ، ليكون أكثر ثقة وطمأنينة تجاههم.
يستطيع المشترك اختيار المعالِج الذي يراه مناسبًا له ولأوقاته، ويمكنه إجراء المحادثات إما كتابةً أو عن طريق الفيديو. وتبلغ تكلفة العلاج 19 دولارًا