عند ذكر اسم “بلغاريا” ما الذي يأتي إلى ذهنك؟ بلد ساحلي عاصمتها صوفيا؟ على عكس العديد من البلاد الأوروبية، فأنت تعرف عنها أكثر من مجرد العاصمة. معظم الأشخاص لا يدركون مدى جمال وتنوع بلغاريا، ولا يعرفون ماذا يتوقعون عند زيارتها. بلغاريا بلد صغير مشمس، مكان مناسب جدًا لقضاء عطلة ساحلية، لكنها ليست مكانًا ساحليًّا فقط، وإن كانت الشواطئ سببًا رئيسيًّا لزيارتها.
دعني أريك الآن لماذا تعتبر بلغاريا بلدًا استثنائيًّا..
1- أول حضارة أوروبية
تمتد الأراضي البلغارية بين أوروبا وآسيا، لقد عاشت الكثير من الشعوب على هذه الأراضي، وتركوا الكثير من الذخيرة الثقافية، وليس من قبيل الصدفة أن تولدت في هذه الأراضي أول حضارة أوروبية، حيث اكتُشف أحد الكنوز الذهبية في مقبرة “فارنا” التي تعود إلى العصر الحجري الحديث، مما يجعله أول ذهب مُصَنَّع اكتُشِف في العالم، كذلك اشتهرت بكم كبير من الآثار والقبور والمعابد، كذلك من المهم معرفة أن بلغاريا تُعد بلدًا اشتراكيًّا سابقًا، لذلك ستصادفون عددًا كبيرًا من المتاحف التي تهتم بالقادة البلغاريين.
2- النفقات
من مميزات بلغاريا أنها تُعد من أكثر البلاد في الاتحاد الأوروبي انخفاضًا في نسبة النفقات الجارية، فمستوى دين الدولة ونقص الميزانية لعام 2011 كان من أكثر المستويات انخفاضًا في الاتحاد الأوروبي، مما جعلها دولة ذات بيئة اقتصادية ثابتة، وإحدى الدول الأكثر استقرارًا في الاتحاد الأوروبي.
والعملة في بلغاريا هي “الليف البلغاري” ويساوي تقريبًا نصف يورو، لذلك عند زيارة بلغاريا ستجد من السهل جدًا تحويل العملة، ورُبما لن تفعل، فهناك العديد من الأماكن – وخصوصًا العاصمة – ليست لديها أي مشكلة في التعامل باليورو.
كذلك يجب عليك معرفة أن العاصمة “صوفيا” تُعتبر من أرخص عواصم أوروبا، فهناك تستطيع تناول الكثير من الوجبات بمبالغ بسيطة جدًا، كما أن تنوع المطبخ البلغاري سوف يشجعك على هذا.
3- المجتمع في بلغاريا
هناك العديد من البلدان التي يتسم أهلها بالبرود تجاه الأجانب، فلا يرحبون بهم، كما أن حاجز اللغة في الغالب سيشعرك بالضيق، لكن ليس عليك القلق من هذا في بلغاريا، فعلى العكس من إندونيسيا مثلاً التي قد تشعر فيها بالوحدة بسبب حاجز اللغة، لن تشعر بذلك في بلغاريا.
اللغة في بلغاريا هي “البلغارية”، واحدة من اللغات “السلافية الجنوبية”، فالإنجليزية ليست شائعة هناك على الأعكس من الروسية والألمانية، اللتين تعتبران اللغة الثانية نسبيًّا، لكن لا تظن أن اللغة هناك ستمنع السكان المحليين من التواصل معك ومساعدتك وقت الحاجة، فالشعب البلغاري معروف بوده واجتماعيته المفرطة تجاه الأجانب على وجه الخصوص.
4- في بلغاريا نعم قد تعني لا!
في البلاد العربية ومعظم بلدان العالم قد نشير برأسنا يمينًا ويسارًا للدلالة على الرفض، بينما نستخدم الإيماء بالرأس كي نشير إلى الموافقة، لكن في بلغاريا الأمر معكوس تمامًا، وهذه صفة أخرى استثنائية في هذا البلد، فالإشارة يمينًا ويسارًا تعني “نعم”، بينما الإيماء بالرأس يعني “لا”، فقط عليك تجنب التحدث بالإشارة هناك حتى لا يختلط الأمر عليك وعلى الشخص المُتحدث إليه.
5- العاصمة “صوفيا”
صوفيا “Sofia” هي عاصمة بلغاريا، وأكبر مدنها مساحة، تأسست قبل آلاف السنين ولا تزال في طور التطور حتى بعد أن أصبحت المركز الثقافي والاقتصادي في بلغاريا، مناخها قاري معتدل يتميز بشتاء بارد كثير الثلوج وصيف معتدل الحرارة.
تحتل المدينة موقعًا استراتيجيًا قريب نسبيًّا من عواصم بلدان البلقان الأخرى، فمن مطار صوفيا يسهل الوصول إلى جميع المدن الأوروبية الكبرى، أما محطة السكة الحديدية المركزية ومحطة الحافلات المركزية في المدينة فمنها يمكن الوصول إلى أي مكان في البلد.
6- السياحة العلاجية
قليلة هي البلدان الأوروبية التي تستطيع منافسة بلغاريا في مجال السياحة العلاجية، فبفضل وفرة وتنوع المياه المعدنية الحارة وموارد الطين العلاجي في الأراضي البلغارية، تحتل بلغاريا إحدى المراتب الأولى في أوروبا في هذا النوع من السياحة.
يوجد في بلغاريا 48 منتجعًا مناخيًّا و15 منتجعًا مناخيًّا بحريًّا و38 منتجعًا للعلاج بالمياه المعدنية والطين، كما تشتهر ببخبرائها المؤهلين تأهيلًا ممتازًا في التدليك وحمامات المياه المعدنية واللؤلؤ والإبر والرياضة والعسل والشمع والنباتات والطين والأعشاب العطرية، وتُعتبر مدينة “فيلينغراد” البلغارية عاصمة السياحة العلاجية في شبه جزيرة البلقان.
7- المطبخ البلغاري
المطبخ البلغاري رُبما لا يكون مشهورًا مثل مطابخ عالمية أخرى كالمطبخ الإيطالي والهندي أو حتى صيني، لكنه لا يختلف عنهم كثيرًا، الكثير من السياح لا يعطون مساحة كافية لتجربة المطبخ البلغاري، لكن هذا المطبخ لا تستطيع تفويته، أو محاولة أكل أي أكلات أخرى تعرفها لتجنب تجربة أشياء جديدة رُبما لا تعجبك، لذلك عليك معرفة أهم كلاسيكيات المطبخ البلغاري، كي تعرف ما عليك أكله عند زيارة بلغاريا.
ومن أكثر ما تشتهر به بلغاريا هو اللبن الزبادي والجبن الأبيض، نستطيع قَول أنهما جزء أساسيّ من طاولة الطعام البلغارية، ويقدمان بأشكال مختلفة جدًا.
– البانيتسا
من أشهر وجبات الإفطار البلغارية، وهي عبارة عن معجنات محشوة بأشياء متنوعة مثل الجبن والسبانخ واللحم، وغيرها.
– ميكيتس بالجبن الفيتا والزبادي البلغاري
عبارة عن عجين مصنوع من الدقيق والبيض والزبادي، ونوع معين من الزبدة البلغارية، مع الملح وقليل من الزيت، يُقلى ويُقدم إلى جانب الجُبن أو المربى أو العسل أو اللبن الرائب البلغاري، بلغاريا ليست فقط مشهورة بمنتجات الألبان فقط، لكن أيضًا باللحوم والتوابل والمأكولات البحرية.
بلغاريا تزرع كمًا كبيرًا من الخضروات لذلك ستجد للسلطة والحساء مكانًا مميزًا على طاولة الطعام البلغارية مثل:
– سلطة “الشوبساكا”
وهي عبارة عن مكعبات طماطم وخيار وبصل وفلفل وجُبن سيريني مبشور، وهو نوع مشهور جدًا من أنواع الجُبن في جنوب شرق أوروبا، ويُصنع من لبن الغنم أو البقر وأحيانًا منهما، ويُزين الطبق بالبقدونس.
أما أشهر أنواع الحساء فهو:
-“التاراتور”
حساء خفيف ومنعش وبارد، يصنع من اللبن الرائب والخيار والثوم والشبث والجوز المطحون مع القليل من التوابل، وتُعتبر أكثر أنواع الحساء مناسبة للصيف .
الأطباق الرئيسية في بلغاريا تعتمد على “المشويات” مثل الكفتة والكباب لذلك لن تجد صعوبة في تقبل الأطباق الرئيسية، هناك أيضًا المأكولات البحرية الطازجة التي عليك تجربتها.
8- أماكن متنوعة للزيارة
بلغاريا بلد مليء بالآثار التي لا تُعوض، هي ليست مكانًا للسياحة العلاجية أو الأنشطة الشتوية أو حتى للتمتع بالساحل فقط، بل هناك الكثير من الأماكن والمتاحف والكنائس التي ينبغي لك زيارتها مثل:
– مسجد بينا باشي
من أهم المعالم التي تُخلد فترة الحكم العثماني لبلغاريا، بُني المسجد عام 1576، ولا يزال موجودًا حتى الآن مثلما كان، وتُميزه مئذنة عالية وقبة ضخمة، تستخدمه الجالية المسلمة التي تعيش هناك، وهو مفتوح للصلاة.
-كنيسة القديسة صوفيا
واحدة من أقدم الكنائس التي بُنيت في العاصمة البلغارية “صوفيا”، يرجع تاريخها إلى القرن السادس الميلادي، كما أنها كانت السبب الرئيسي في تسمية العاصمة البلغارية باسم “صوفيا”.
وقد بُنيت الكنيسة الحالية على بقايا الكنيسة القديمة من العصر الروماني، والتي دمرها غزو “الهون وقطو”، في عد الإمبراطور البيزنطي جستينيان الأول، وفي فترة السيطرة العثمانية تحولت إلى مسجد بعدما دُمرت اللوحات الجدارية الأصلية، وأُضيف إليها المآذن، وخلال القرن التاسع عشر وقع زلزالان في المدينة، مما تسبب في تدمير إحدى المآذن، وجزء من المسجد، على إثره هُجر المكان تمامًا، ثم بدأت أعمال الترميم بعد سنة 1900، وعاد المبنى إلى كونه كنيسة من جديد.
-الجسر المسقوف في مدينة “لوفتش” (Lovech)
وهو أحد رموز المدينة، ومن أكثر المعالم المحلية التي يقبل على زيارتها السياح.
تاريخه: في النصف الثاني من القرن التاسع عشر توجه أهل المدينة إلى “كوليو فيتشيتو” وهو بناء، وطلبوا منه بناء جسر مسقوف فيه دكاكين، فبدأ في أعمال البناء سنة 1874، واستكمله في شتاء 1876.
بلغ عرض الجسر 10 أمتار، أما طوله فبلغ 84 مترًا، وبُنيت أساساته من الحجر، وباقيته من الخشب، وعلى امتداده شُيَّدَ صفًا من الدكاكين والورش الحرفية، زُيِّنَ الجسر بأربعة تماثيل وهم: تمثال لنصف امرأة وآخر لأسد وعقاب وصولجان، ولم يتبق إلى يومنا هذا إلا تمثال الأسد.د
في عام 1925 دُمِّرَ الجسر في حريق هائل، ثُم أُعيد تشييده من جديد بالخرسانة على نحو يقرب من شكله الأصلي، يربط الجسر الجزء الجديد للمدينة مع المدينة القديمة “محمية فاروشا” الأثرية التاريخية، حيث ستجد هناك العديد من المتاحف.
أما الآن فيوجد في الجسر دكاكين ومقاهي وأماكن تبيع الحلوى تتيح لك رؤية النهر والمدينة، لذلك يزوره العديد من السياح للاستمتاع بالمناظر الطبيعية وتناول القهوى والأطعمة الحلوة، ثم يزورون المحمية القديمة.
والآن.. هل تشعر أن بلغاريا بلدًا يستحق الزيارة؟