أدرجت الأمم المتحدة التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن منذ العام 2015، على القائمة السوداء بسبب دوره في مقتل وإصابة المئات من الأطفال وهجمات على مستشفيات ومدارس خلال العام الماضي 2016. حيث سلّم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، مساء الخميس، تقريره السنوي حول الدول “المنتهكة لحقوق الأطفال”، والذي تضمن اسم التحالف العربي، وطرفي الصراع باليمن، كما فعلت العام الماضي في نفس التقرير ولكن لظرف ما تم إزالة اسم التحالف العربي من التقرير للمراجعة.
علمًا أن الأمم المتحدة أوضحت أن السلطات السعودية اتخذت إجراءات من شأنها تعزيز حماية الأطفال في اليمن، ولكن تم إدارجها بسبب ثبوت مقتل وإصابة أطفال جراء الغارات التي يشنها التحالف العربي على اليمن، وشملت القائمة أيضًا جماعة الحوثيين و”تنظيم القاعدة” في اليمن والقوات الحكومية ومجموعات مسلحة تابعة لها.
لم تفلت السعودية هذه المرة
أوضح تقرير الأمم المتحدة أن التحالف بقيادة السعودية مسؤول عن مقتل وإصابة 683 طفلًا و38 هجومًا على مدارس ومستشفيات خلال العام الماضي 2016. وذكر التقرير أن الحوثيين والقوات المتحالفة معهم مسؤولون عن مقتل وإصابة 414 طفلا خلال 2016، وفقا لما أوردته وكالة “رويترز”.
وكانت البعثة السعودية قد صرحت في أغسطس/آب الماضي، عند صدور النسخة الأولى من مسودة التقرير، لوكالة “رويترز”، بأنه “لا تبرير على الإطلاق” لوضع التحالف على القائمة السوداء.
من شأن هذا التقرير أن يحرج صانع القرار السعودي على مستوى الدول المشاركة في التحالف في الدرجة الأولى إذ قد يدعوهم هذا لتخفيف مشاركتهم في التحالف أو الانسحاب منه وترك السعودية وحيدة.
وتفيد تقديرات أممية بأن الصراع المسلح في اليمن منذ عام 2015 أدى إلى مقتل 8530 شخصًا، 60% منهم مدنيين، بالإضافة إلى جرح 48 ألفًا و800 شخص. كما تسببت الحرب في معاناة 20.7 مليون شخص من نقص حاد في المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تفشي مرض الكوليرا والذي أدى إلى وفاة نحو 2130 شخص.
من جانبها وصفت السعودية، تقرير الأمم المتحدة بإدراج التحالف السعودي على القائمة السوداء بالغير دقيقة ومضللة، وقال عبد الله المعلمي، مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، مساء أمس الجمعة 6 أكتوبر/تشرين الأول، في بيان صدر في الأمم المتحدة، إن بلاده تتوخى أقصى درجات الحيطة والحذر لتجنب إيذاء المدنيين. وأضاف المعلمي “تعيد المملكة العربية السعودية والتحالف التأكيد على اتخاذ إجراءات مهمة لحماية المدنيين خلال كل العمليات العسكرية لإنهاء معاناة الشعب اليمني وتقليل التكلفة الإنسانية”. وتابع “نرفض المعلومات والأرقام غير الدقيقة والمضللة التي تضمنها التقرير ونعبر عن تحفظنا الشديد فيما يخص تلك المعلومات”.
يُشار أن تقرير الأمم المتحدة سبق وأن أدرج التحالف الذي تقوده السعودية إلى القائمة السوداء لفترة وجيزة العام الماضي، ثم استبعده في ما بعد الأمين العام السابق، بان كي مون، إلى حين إجراء “مراجعة”. واتهم بان آنذاك السعودية بممارسة ضغوط “غير مقبولة” وغير مشروعة بعد أن أبلغت مصادر بأن الرياض هددت بوقف بعض تمويل الأمم المتحدة، في حين نفت السعودية تهديد بان.
منظمات دولية تدعو الحكومات إلى تعليق جميع مبيعات الأسلحة للسعودية بعد إدراج التحالف في القائمة السوداء بالأمم المتحدة.
وعلّقت منظمة “أنقذوا الأطفال” على التقرير قائلة إنّ “كافة الأطراف في اليمن فشلت في الالتزام بالقانون الدولي، ودفعَ الأطفال ثمنًا رهيبًا. ومع استمرار انتشار الكوليرا وإصابة الآلاف من الأطفال كل يوم، يتم قصفهم كل يوم في منازلهم ومدارسهم، وتمنع عنهم المساعدات الإنسانية ويجبرون على القتال في الجبهات”. وقالت المنظمة “يجب على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الأوسع ضمان وضع حد للانتهاكات، من قبل جميع الأطراف المتورطة في الصراع. إن وضع أسمائهم على هذه القائمة المشينة، يجب أن يوقظ جميع الأطراف في الاقتتال اليمني والدول التي تدعمهم وتسلحهم”.
تبعات وضع التحالف العربي على القائمة السوداء
يُشار في البداية أن التقرير لا يحمل أية تبعات قانونية ضد المذكورين في لائحته السوداء، بل يكتفي بإحراجهم على الصعيد الدولي، بهدف الضغط عليهم لتغيير سياساتهم وحماية الأطفال. ومن بين تلك التبعات هي الضغوطات التي ستفرضها مظمات حقوق الإنسان على العالم للضغط على التحالف العربي في حملته على اليمن، حيث قالت مديرة قسم حقوق الأطفال بمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، جو بيكر، إن إدراج التحالف العربي على القائمة السوداء يجب أن تتبعه خطة عملية واضحة للتأكد من تنفيذ التحالف لالتزاماته بحماية الأطفال. وأضافت “حان الأوان لأن يوقف التحالف غاراته في اليمن بشكل كامل”.
ودعت المنظمة الدولية الحكومات إلى تعليق جميع مبيعات الأسلحة للسعودية، وطالبت التحالف العربي بالكف عن بذل “الوعود الجوفاء” والسماح بوصول الوقود والمساعدات إلى من يحتاج إليها في اليمن، مشددة على ضرورة اتخاذ التحالف الإجراءات لوقف الهجمات غير القانونية.
تسببت الحرب باليمن في معاناة 20.7 مليون شخص من نقص حاد في المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تفشي مرض الكوليرا والذي أدى إلى وفاة نحو 2130 شخص.
كذلك دعت ممثلة منظمة العفو الدولية في الأمم المتحدة، شيرين تادروس، أنه يجب عدم المساومة والتعامل مع العدالة بحل وسطي من أجل أهداف سياسية. ودعت تادروس إلى حظر بيع السلاح لدول التحالف العربي. ورحبت منظمة “سام” للحقوق والحريات هي الأخرى بإدراج التحالف العربي على القائمة السوداء، وقال رئيسها نبيل البيضاني إن وضع السعودية والتحالف العربي والحوثيين والقاعدة في نفس القائمة يساعد على إيجاد حل حقيقي في اليمن.
لا يمكن الاستهانة بتبعات وضع التحالف العربي الذي تقوده السعودية على القائمة السوداء في التقرير الأممي، إذ من شأن هذا التقرير في البداية أن يحرج صانع القرار السعودي على مستوى الدول المشاركة في التحالف في الدرجة الأولى إذ قد يدعوهم هذا لتخفيف مشاركتهم في التحالف أو الانسحاب منه وترك السعودية وحيدة، وإحراج دولي يدفع العسودية لإنهاء الصراع بأي طريقة ممكنة.
وثانيًا، يترتب على التحالف العربية والسعودية أن تعيد إعمار اليمن والمساهمة في مستقبل اليمن بعد توقف الصراع، وهذا بحد ذاته سيترتب ضغط على اقتصاد السعودية الذي يعاني بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية وتكاليف الصراعات التي زج نفسه بها.
كما من الممكن أن يُستخدم التقرير من قبل الدول الكبرى التي تعتمد عليها السعودية وأبرزهم الولايات المتحدة، كذريعة، وورقة ضغط للامتثال لأوامرها أو تقوم باستخدام التقرير لفرض عقوبات على المملكة أو تقييد صفقات أسلحة أو عرقلة اتفاقيات تجارية وتجميد حسابات ومحاسبة مسؤولين.