وقعت كل من تونس وفرنسا اتفاقيات شراكة بقيمة 92.3 مليون يويورأو ما قيمته 108 ملايين دولار، بحضور رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد ونظيره الفرنسي إدوارد فيليب، في الاجتماع الأوّل للمجلس الأعلى للتعاون التونسي الفرنسي، المنعقد يوم الخميس الماضي.
حيث استقبل الرئيس التونسي، السبسي، الوزير الأول الفرنسي، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى تونس لترأس وفد بلاده في الاجتماع الأول للمجلس التونسي الفرنسي للحوار السياسي رفيع المستوى وللمشاركة في المرحلة الثانية من “لقاءات أفريقيا 2017” التي انعقدت في تونس يوم الخميس الماضي.
ومن المقرر أن يزور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تونس خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث تعول الحكومة التونسية على هذه الزيارة لإعادة إحياء سبل التعاون بين البلدين، فضلا عن صياغة خارطة طريق جديدة للتعاون الاقتصادي بين فرنسا وتونس، بما يسمح بجذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز العلاقات التجارية.
اتفاقيات بملايين الدولارات
شملت الاتفاقيات الموقعة في الزيارة التي قام بها الوزير الأول إدوارد فيليب إلى تونس، مجالات تحويل الديون التونسية لدى فرنسا إلى استثمارات، والتعاون بين الإدارة العامة للمحاسبة العمومية ونظيرتها الفرنسية وبين شبكة معاهد الدراسات التكنولوجية العليا التونسية ومعاهد التكنولوجيا الفرنسية. وقال الوزير الفرنسي، إن بلاده تعتزم رفع قيمة استثماراتها في تونس، خلال السنوات القادمة وكذلك المساهمة بفعالية في تركيز المشاريع المستقبلي الواعدة، مشيرًا إلى أن الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تخصيص 100 مليون يورو، نحو 117 مليون دولار، للاستثمارات بتونس إلى حدود سنة 2020
بلغ قيمة الدين التونسي لفرنسا 1.3 مليار يورو بالقيمة الاسمية، تمثل فرنسا 50% من الديون الثنائية التونسية.
وشملت الاتفاقيات أيضًا إرساء التعاون بين الوكالة الفرنسية للطاقة النووية والطاقات البديلة وكل من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والبريد التونسي. وبحسب وكالة الأناضول، فإن من أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية تمويل برنامج إحياء الاستثمار وتحديث الأراضي الفلاحية بقيمة 62 مليون يورو أو ما يقارب من 72.5 مليون دولار.
من جهته، ثمن رئيس الحكومة التونسي، يوسف الشاهد، دعم فرنسا للإصلاحات الكبرى التي أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية ووقوفها إلى جانب تونس من أجل دعم المبادرات الهادفة إلى المزيد من ترسيخ الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر المساهمة في تحويل الديون التونسية إلى مشاريع تنموية، وكذلك عبر تمويل مشاريع في المنطقة الجنوبية من الصحراء التونسية.
يُشار أن حجم الدين الخارجي لتونس بلغ 28.7 مليار دولار في 2016، مرتفعًا من 13.4 مليار دولار في 2010، وفقًا للبيانات الرسمية. بينما تبلغ قيمة الدين التونسي لفرنسا 1.3 مليار يورو بالقيمة الاسمية. وتمثل فرنسا 50% من الديون الثنائية التونسية. وكانت تونس وفرنسا وقعتا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ست اتفاقيات تعاون بقيمة ثلاثة مليارات دينار أي 1.3 مليار دولار في مجالات الطاقة والفوسفات والبيئة والبنية التحتية.
العلاقات التونسية الفرنسية
تعول تونس وحكومة الشاهد على فرنسا بشكل كبير في الفترة المقبلة، بالأخص بعد تعطل الوعود الاستثمارية الضخمة التي وعدت بها أكثر من دولة عقب المؤتمر الاستثماري الذي عقد في تونس العام الماضي. وأمام حجم المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها تونس بسبب عدم تحرك عجلة الاقتصاد وارتفاع معدلات النمو، فإن تونس تعول على زيارة ماكون الشهر القادم.
من جهتها تسعى فرنسا إلى المحافظة على مكانتها كأول شريك اقتصادي لتونس، مقابل رغبة تونسية في جلب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الفرنسية، لا سيما المتعلقة بصناعة السيارات وتوسعة مشروع تجميع طائرات “إيرباص”، فضلا عن مبادلة الديون باستثمارات، في وقت تحتاج فيه تونس لتنشيط اقتصادها والحد من معدلات البطالة.
احتلت فرنسا المرتبة الأولى في عام 2015 من حيث عدد المنشآت المستقرة في تونس البالغة عدها 1300 منشأة، وعدد الوظائف المباشرة الناجمة عن وجود هذه المنشآت يقدر بحوالي 127 ألف وظيفة.
على العموم ففرنسا تعد من أوائل المستثمرين الأجانب في تونس على مر العقود الماضية. حيث مثّل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الفرنسي إلى تونس للفترة بين 2013-2015 قرابة 320 مليون يورو وهو أكبر استثمار أجنبي مباشر في تونس، متقدما على قطر التي تبلغ استثماراتها هناك 185 مليون يورو. في حين قدر حجم الاستثمار الأجنبي المباشر التونسي في فرنسا بواقع 83 مليون يورو.
كما احتلت فرنسا المرتبة الأولى في عام 2015 من حيث عدد المنشآت المستقرة في تونس البالغة عدها 1300 منشأة، وعدد الوظائف المباشرة الناجمة عن وجود هذه المنشآت يقدر بحوالي 127 ألف وظيفة. وتتركز الاستثمارات الفرنسية بتونس في الصناعات التحويلية، والميكانيكية والإلكترونية. وسجّل حجم المبادلات التجارية الفرنسية التونسية 7.6 مليار يورو في عام 2015. وتُعتبر فرنسا المورّد الرئيسي لتونس إذ تبلغ حصتها 18% من سوق الواردات. وتتكون الصادرات الفرنسية إلى تونس أساسًا من المعدّات الميكانيكية والأجهزة الكهربائية حيث تبلغ نسبتها ثلث الصادرات، والنسيج 15% ومعدّات النقل 13%.
كما تمثّل فرنسا السوق الرئيسة لتونس إذ تستقبل 29% من الصادرات التونسية. وتتكون هذه الصادرات من منتجات النسيج والجلد والأحذية بنسبة 28% من إجمالي الصادرات التونسية إلى فرنسا، والأجهزة الكهربائية والمنزلية بنسبة 18%، ومعدّات النقل 16%. وتمثّل إيطاليا المرتبة الثانية من بين الأسواق التونسية إذ تستقبل 19% من الصادرات التونسية، متقدمة على ألمانيا.
الظروف التي مرت بها الحكومة التونسية خلال الفترة الماضية حتمت عليها تعزيز أواصر تعاونها مع شركائها التقليديين الذين يأتي في مقدمتهم فرنسا، وذلك رغبة منها بدفع عملية التنمية الاقتصادية في البلاد.