بعد 25 يومًا من انطلاق عاصفة الحزم التي أعلنها تحالف 11 دولة عربية بقيادة المملكة العربية السعودية وبدعم لوجستي أمريكي، خرج أحمد العسيري المتحدث الرسمي حينها للتحالف، في مؤتمر صحفي، واثقًا من حديثه، أن بلاده وجمع من حلفاء المملكة (تحالف عاصفة الحزم) نجح في تدمير 80% من مستودعات الأسلحة الخاصة بالحوثيين، و”تحييد” 95% من أسلحتهم المستخدمة في الدفاعات الجوية، خلال 2500 غارة نفذها التحالف منذ انطلاق الحملة في 26 من مارس 2015.
وهي نفسها الفترة التي كانت تخطط فيها السعودية للقضاء على الحوثيين وإعادة عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء، رغم انتهاء فترته الرئاسية وفقًا للمبادرة الخليجية، لكنها لم تستطع حسمها وفقًا لتخطيطها الدقيق ومعلوماتها غير الدقيقة، فقد خرجت الحرب من تحت سيطرتها، وتجاوزت الـ25 يومًا، ووصلت إلى ألف يوم، دون أن تحقق الرياض جزءًا واحدًا من أهداف العاصفة التي أعلنتها.
وفي 26 من مارس 2015، أعلنت المملكة العربية السعودية، إطلاق عاصفة الحزم لحماية الشرعية في اليمن وإعادتها إلى السلطة، بعد أن قدم عبد ربه منصور هادي استقالته مجبرًا، ومنح الفرصة للمليشيا الحوثية باعتبار أن هناك فراغًا دستوريًا، لتسيطر على الدولة وتعطل مؤسساتها الشرعية كافة.
ووضعت عاصفة الحزم حينها أهدافًا لتحقيقها، وهي إعادة عبد ربه منصور هادي، وتوقيف الخطر الحوثي على الشعب اليمني، وإزالة التهديد على أمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة لها، والقضاء على الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي استولت عليها المليشيا الحوثية من القواعد العسكرية للجيش اليمني، وإعلان صالح والحوثي الاستسلام الكامل لقوات تحالف عاصفة الحزم، ومن ثم التهئية لاستئناف العملية السياسية وفقًا للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، إلا أن ذلك لم يتحقق منه شيئًا.
في 14 من سبتمبر الماضي، هدد عبد الملك الحوثي في كلمة متلفزة نشرتها قناة المسيرة التابعة لجماعته، باستهداف الإمارات العربية المتحدة والسفن النفطية التي تمر في البحر الأحمر والمنشآت النفطية السعودية والمطارات في الرياض، حال أقدم التحالف على غزو الحديدة
فاليمن بعد ألف ونيف من انطلاق عاصفة الحزم، تحول إلى سجن كبير يدفع ثمنه المواطن البسيط الذي انتشر في وطنه الوباء والفقر والموت، وزاد من معاناته بسببها، فلم تعمل العاصفة إلا المزيد من تثبيت أركان الحوثي ومساعدته على امتصاص قوت الشعب اليمني واستنزاف موارده، وأخطرها غرس مفاهيمه وتشييع أبناء اليمن، إضافة إلى ذلك ما زال الحوثيون محتفظين بقوتهم.
وفي 14 من سبتمبر الماضي، هدد عبد الملك الحوثي في كلمة متلفزة نشرتها قناة المسيرة التابعة لجماعته، باستهداف الإمارات العربية المتحدة والسفن النفطية التي تمر في البحر الأحمر والمنشآت النفطية السعودية والمطارات في الرياض، حال أقدم التحالف على غزو الحديدة، وكشف أيضًا امتلاك قواته الطائرات المسيرة، متعهدًا باستخدامها في وقت قريب، ورغم جديته، اعتبرها البعض تهريجًا حربيًا لا قيمة لها، إلا أن ذلك لا بد أن يُقرن بما تمتلكه الحركة من مخزون أسلحة أو صواريخ بالستية تستطيع استخدامها وضرب العواصم أو المنشآت التي تخطط لها.
وفي يوم 4 من نوفمبر (الشهر الحاليّ) أطلق الحوثوين صاروخًا باليستيًا باتجاه مطار الملك خالد في الرياض وسقوط شظاياه في حرم المطار، وفقًا لتأكيد الهيئة العامة للطيران في السعودية وهو ما يعني أن الصاروخ اقترب من الهدف إلى حد كبير، وهو رسالة حوثية، أنهم ينفذون ما يقولون، ويمكن ضرب الإمارات في أي وقت يريدون ذلك.
وسبق أن أطلق الحوثيون العديد من الصواريخ التي يطلقون عليها “بركان”، بعضها ضد أهداف تابعة لمنطقة الرياض، وأخرى باتجاه الطائف.
وفي يوليو الماضي، أعلنت الجماعة إطلاق صاروخ باتجاه منطقة ينبع النفطية، وهو الصاروخ الذي اعتبرته تقارير أمريكية تطورًا غير مسبوق، وبأنه حلق بمسافة تصل إلى 930 كيلومترًا داخل السعودية، بالإضافة إلى ذلك، كان من أبرز الصواريخ التي أطلقها الحوثيون، صاروخ باليستي في مايو الماضي، باتجاه الرياض، سبق زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى العاصمة السعودية بيوم واحد.
ومع ذلك فإن أغلب الصواريخ في السابق، كانت الدفاعات الجوية السعودية تعلن اعترضها أو تسقط في أماكن بعيدة، خلافًا للصاروخ الأخير الذي سقطت شظاياه في حرم مطار الرياض.
وتمتلك اليمن منظومة صواريخ بعيدة وقصيرة المدى، قد يستخدمها الحوثي في ضرب أهم الشركات النفطية السعودية أو المطارات في أبو ظبي، ولكن البعض قد يتساءل عما تمتلكه الحركة الحوثية والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح من ترسانة صاروخية قادرة على الوصول إلى الرياض أو إلى الدول التي هدد بضربها عبد الملك الحوثي زعيم مليشيا “صعدة” ومن انضم إليها مؤخرًا بسبب عاصفة الحزم، لكن السعودية دائمًا تقول إن الصواريخ التي تطلق من اليمن، هي صنع إيراني، وهذا يدل على الاستخفاف بالخصم وتحميل فشلها على أطراف إقليمية أخرى.
مخزون صالح والحوثيين
للقوات الموالية لصالح ترسانة أسلحة صواريخ استوردتها من كوريا الشمالية في الأعوام 2006 و2008 و2010، لم يفصح بعد عن نوعها، لكن مصدر في الحرس الجمهوري والفرقة الهندسية فيها، رفض الإفصاح عن نفسه لكونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، قال لـ”نون بوست” إنهم يمتلكون صواريخ باليستية متطورة جدًا، وهي من نوع “موسدان” الكورية الشمالية تسلمها الجيش اليمني في ديسمبر 2010، عبر ممرات سرية، وتوجد في محيط العاصمة صنعاء وبعض المدن والمناطق، وفي وضع آمن.
وأوضح أن صالح يرفض تسليمها لـ”القوة الصاروخية”، خشية منه لاستخدامها نحو الإمارات، فنجله محتجزًا لديها، لكنه لم يستبعد سيطرة الحوثيين عليها حال اكتشاف مخابئها السرية.
ومن ضمن الصواريخ التي تم الكشف عنها حتى الآن، صواريخ سكود الروسية، وتوشكا استهدف فيه قوات التحالف في مأرب وقتلوا أكثر من 60، صاروخ فروغ 7 يصل مداه إلى 70 كيلومترًا ويزن رأسه الحربي 550 كيلوغرامًا، وصواريخ هواسونغ 5 وهي صواريخ بالستية مصدرها كوريا الشمالية يصل مداها إلى 700 كيلومتر، ويتم العمل على تطويره حاليًا ليصل مداه إلى 1800 كيلومتر.
إضافة إلى ذلك، فالجيش اليمني كان يمتلك صواريخ سام الروسية الدفاعية، إلا أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عمل على تعطيل بطارياته قبل الحرب بعام واحد، وضربت جزءًا من قواعده عاصفة الحزم في بداية الحرب، وهو ما جعل أداءهم الجوي غير مجد، مما جعل الحوثيين وفرقة الهندسة الميكانيكية في الحرس الجمهوري يعملون على تطويره وتحويله من أرض جو إلى أرض أرض لاستخدامه في قصف المدن والمعسكرات السعودية.
وتمتلك القوات الموالية لصالح صواريخ من نوع قاهر 1 أرض أرض يصل مداه إلى 250 كيلومترًا، إضافة إلى صاروخ زلزال 3 يصل مداه 65 كيلومترًا وأطلق على نجران السعودية.
تبلغ المسافة بالطريق المباشر بين اليمن وأبوظبي 1.182 كيلومتر، بينما أبعد مدى لصاروخ يمتلكه اليمن حتى الآن تم الكشف عنه 1200 كيلومتر (بركان 2)
ومن ضمن الصواريخ بعيدة المدى، تمتلك القوات الموالية لصالح أهم الصواريخ البالستية بعيدة المدى كصاروخ بركان 1 مداه 800 كيلومتر استهدف مطار الملك عبد العزيز في أكتوبر 2016، وكذلك بركان 2 يصل مداه إلى 1200 كيلومتر، قالت جماعة الحوثي إنها استهدفت به مدينة ينبع السعودية، وأطلق منه في 4 من نوفمبر على مطار الملك خالد في الرياض.
وتبلغ المسافة بالطريق المباشر بين اليمن وأبوظبي 1.182 كيلومتر، بينما أبعد مدى لصاروخ يمتلكه اليمن حتى الآن تم الكشف عنه 1200 كيلومتر (بركان 2)، وهو ما يعني أن الحركة الحوثية قادرة على إطلاق هذا النوع من الصواريخ على العاصمة الإماراتية، في حال أقدم التحالف على التقدم نحو ميناء الحديدة.
وهذا يعني أن الحوثيين لن يطلقوا الصواريخ الباليستية نحو الإمارات أو المنشآت النفطية السعودية أو ضرب السفن النفطية السعودية أيضًا في حال لم يقدم التحالف على التقدم نحو ميناء الحديدة الاستراتيجي، وهو ما يعني أن الحرب ستظل تراوح مكانها، واليمن يدفع ثمن الاختلاف السياسي في المنطقة.
وفقًا لما هو معروف، فإن عدد الصواريخ المتطورة بعيدة المدى التي كان يمتلكها الجيش اليمني تفوق الـ2000 وتم تطويرها في كوريا الشمالية، تسلم اليمن آخر دفعة منها عام 2002 شحنة 15 صاروخ سكود من كوريا الشمالية اعترضتها الولايات المتحدة في البحر ثم أفرجت عنها.
وكانت هذه الشحنة ضمن صفقة أبرمت في العام 1988 بين صنعاء وكوريا الشمالية بخصوص شراء اليمن عشرات الصواريخ ومحروقات وقطع غيار، ونجحت صنعاء في إقناع الولايات المتحدة بالإفراج عن السفينة التي تم اعتراضها في المياه الدولية قبالة سواحل اليمن من البحرية الإسبانية بناءً على معلومات من الأمريكيين.
منصات الصواريخ
كما يملك الجيش اليمني 80 منصة إطلاق صواريخ (سكود وغيرها) زوده بها الاتحاد السوفيتي السابق في مطلع الثمانينيات، واستخدمت هذه المنصات خلال الحرب الأهلية في اليمن عام 1994 بين الانفصاليين الجنوبيين والقوات الحكومية.
فيما يملك اليمن نحو 500 صاروخ سكود منذ عهد الاتحاد السوفيتي وكان قد ظهر الكثير منها في عروض عسكرية، عملت اللجنة الفنية في القوات المسلحة اليمنية، على تطويرها.
هذا بخلاف ما تمتلكه المليشيات الحوثية من صواريخ متنوعة ليست بعيدة المدى، وحصلت عليها فقط من طهران طيلة فترة الحروب الست التي خاضتها مع قوات الجيش اليمني خلال عقد من الزمن، أو تلك التي وصلت إليها لاحقًا عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 21 من سبتمبر، أو تم صناعته بإشراف خبراء إيرانيين.
صناعة حوثية وإيرانية
وبالتعاون مع الخبراء الإيرانيين الذين دربوا المليشيات الحوثية، قبل أن تبدأ عاصفة الحزم، على صناعة الصواريخ، فإن الحوثيين استطاعوا صناعة صواريخ:
الصرخة
يبلغ مداه 17 كيلومترًا، ويحمل رأسًا وزنه 15 كيلوغرامًا، وطوله 2.4، ويحمل صاعقًا أماميًا، وآخر خلفيًا يمكن تفجيره عن بُعد.
النجم الثاقب 1-2
يبلغ مدى “النجم الثاقب 1” 45 كيلومترًا، وهو مزود برأس متفجر يبلغ وزنه 50 كيلوغرامًا من المواد شديدة الانفجار، وتطلق من منصات صواريخ إفرادية وثلاثية، متحركة وثابتة.
الزلزال 1
يبلغ مدى هذا النوع من الصاروخ 3 كليومترات، ويحمل رأسًا متفجرًا زنته 80 كيلوغرمًا من المواد شديدة الانفجار، وتطلق المنظومة من منصة إفرادية ثلاثية الفوهات.
الزلزال 2
طول الصاروخ مترين ونصف، ووزنه 350 كيلوغرامًا، فيما يبلغ طول الرأس الحربي 90 سنتيمترًا، ووزن الرأس 140 كيلوغرامًا ، ويبلغ مداها 15 كيلومترًا.
الزلزال 3
من عيار 650 ملیمترًا ويصل مداه إلى 65 كيلومترًا، ويبلغ وزن الرأس المتفجر نصف طن من المواد المتفجرة، طوله 6 أمتار وعدد شظاياه يبلغ 10000 شظية.
قاهر إم
يبلغ مداه 400 كيلومتر ويحمل رأس حربي يزن 350 كيلوغرامًا، وتصل دقة الإصابة من 5 الى 10 أمتار، بحسب ما أعلنته قناة المسيرة التابعة للحوثيين.
صمود
يبلغ مداه 38 كيلومترًا، وطوله 4 أمتار وقطره 555 مليمترًا، ووزن الرأس الحربي 300 كيلوغرام والوزن الكلي للصاروخ طنًا، وعدد الشظايا 10 آلاف شظية.
المندب 1
وهو صاروخ جديد، أعلن الحوثيون عنه مطلع هذا الشهر، وهو مضاد للسفن، مزود بتقنية لن تستطيع السفن العسكرية فك شفراته، وفقًا لما أعلن، لكن لم يتم توجيهه ضد أي سفينة حتى الآن.
الخلاصة
إذًا الصواريخ البالستية بعيدة المدى وإن بدت شبيهة بالصواريخ الإيرانية، فهي إما كورية أو روسية، تم استقدامها لليمن منذ عام 2002 وحتى نهاية العام 2010، وتم العمل على تطويرها في قسم الميكانيكية لدى الحرس الجمهوري اليمني، وهذه الصواريخ سكود وتوشكا وهي روسيا وهناك صواريخ دفاع جوي أرض جو تم تغييرها إلى أرض أرض وأسموه قاهر ٢ وقد تم تطويرها لزيادة المدى وهناك صواريخ موسدان كورية ويبدو أنها لم تستخدم بعد.
وما عدا ذلك فهي كالصواريخ المذكورة في الشق الأخير من هذا الموضوع، إيرانية الفكرة والدعم الفني، وليست تهريب في هذا الوقت، إنما كانت خلال (الحروب الست بين)، لكن مفعولها ليست كتلك الصواريخ بعيدة المدى التي يمتلكها الجيش اليمني الموالي لعلي عبدا لله صالح.
والحقيقة أن أسلحة بحجم صواريخ وفقًا لما تتحدث عنه السعودية حاليًا، يصعب تهريبها في ظل حصار شديد وهي حجة لافتعال مواجهة مع إيران أو التهرب من الإقرار بالفشل في تدمير تلك الأسلحة بعد 3 سنوات من الحرب.