تصريحات واجتماعات دبلوماسية واتصالات هاتفية ونقاشات تخص الأراضي السورية بين عدة دول لها حلفاء سوريون داخل الأراضي السورية، قرابة الأسبوع مضى على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص معركة عفرين التي ستستهدف معاقل ومواقع ميليشيا PYD وPKK، الحزبين التابعين لقوات سوريا الديموقراطية التي تشكلت عام 2015 والمدعومة من قوات التحالف الدولية التي شاركتها في معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في الحسكة والرقة ودير الزور وحلب، إضافة لاستهداف الجيش السوري الحر في احتلال عدة مناطق عربية كانت تحت سيطرته سابقًا في أواخر العام 2015، وذلك بدعم من الطيران الروسي الذي كان لا يفارق سماء المعارك، وخلف أكثر من 300 ألف نسمة مهجرين وما زالوا ينتشرون على الحدود السورية التركية.
وكان الهدف الأبرز لتلك الميليشيا السيطرة على الشمال السوري ابتداءً من منطقة عفرين في الشمال الغربي لسوريا حتى منطقة القامشلي في الشمال الشرقي السوري، فيما عمل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على جعل آبار النفط التي تتركز في شبه الجزيرة السورية مصدر دعم لقواته، ومن جانبها حافظت ميليشيا سوريا الديموقراطية على السيطرة على مناطق غنية تكون مصدر تمويل لعملياتها، ضد التنظيم ثم الجيش السوري الحر.
ميليشيات “PYD” في الشمال السوري
تركيا من جانبها كانت تسعى دائمًا إلى وأد الأكراد في أراضيها وتحطيم أحلامهم، في حين كانت لا تهدأ العمليات الإرهابية لـPKK داخل الأراضي التركية في استنزاف أمنها القومي.
مع بدء عمليات درع الفرات أواخر عام 2016 والتدخل التركي، حاولت ميليشيا سوريا الديموقراطية بسط سيطرتها على مدينة الباب وقرى حولها لوصل مناطق سيطرتها في مدينة عفرين بالمناطق الأخرى في الشمال الشرقي السوري، ثم شن عمليات على مناطق درع الفرات، واحتلال الأراضي العربية، كان الدور الأبرز في تلك العمليات لميليشيا PKK وPYD، وبعض الميليشيات العربية التي تعمل لحساب قوات سوريا الديموقراطية.
“غصن الزيتون” وهل سيتبعها عمليات أخرى؟
أطلقت تركيا على معركة عفرين ضد الأحزاب الإرهابية الكردية “غصن الزيتون” في تنسيق مباشر بين القوات التركية وفصائل المعارضة المنضوية تحت غرفة عمليات “درع الفرات” لشن العمليات على المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات في منطقة عفرين.
فيما انطلقت معركة “غصن الزيتون” الساعة الخامسة مساء السبت 20 من يناير الحاليّ، بعد تصريحات للرئيس التركي قبل أيام عن بدء معركة عفرين وتلتها تصريحات في اليوم ذاته للرئيس التركي خلال مؤتمر لفرع حزب العدالة والتنمية الحاكم بولاية كوتاهية وسط تركيا في قوله: “وجودنا في هذه الجغرافيا منذ 1000 عام، هو بفضل شجاعتنا وصبرنا، ولن نتوانى عن القيام بمسؤولياتنا، عملية عفرين بدأت فعليًا على الأرض وسيتبعها مدينة منبج، ونحن نعلم بأن تركيا لن تكون في أمان ما دامت سوريا غير آمنة”.
يقصد أن المعركة ضد الأحزاب الكردية لن تقف في عفرين فقط، بل ستشمل مدينة منبج قرب نهر الفرات وإلى ما شرق الفرات كالرقة والحسكة ودير الزور وصولاً بالقامشلي، لاستهداف معاقل التنظيمات الإرهابية PKK وPYD المصنفة على قائمة الإرهاب عند تركيا والولايات المتحدة.
يدل حديث الرئيس التركي على أن المعركة بدأت في عفرين وفي الأيام القادمة ستتوجه إلى ما شرق الفرات لتحرير الحدود التركية على طول الامتداد السوري حتى العراق
وأضاف موجهًا حديثه للولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم قوات سوريا الديموقراطية: “من يخططون للعبة في سوريا من خلال تغيير اسم التنظيم الإرهابي ويعتقدون بأنهم يتمتعون بالدهاء، وأقول لهم الاسم الحقيقي لذلك التنظيم هو”بي كا كا” و”ب ي د” و”ي ب ك”.
وقال: “طالما لم يتم حتى الآن الوفاء بالوعود التي قطعت لنا بشأن منبج، فلا أحد يستطيع إبلاغنا بما ينبغي علينا فعله بهذا الخصوص، سنطهّر دنس الإرهاب الذي يحاول تطويق بلادنا حتى حدود العراق”.
يدل حديث الرئيس التركي على أن المعركة بدأت في عفرين وفي الأيام القادمة ستتوجه إلى ما شرق الفرات لتحرير الحدود التركية على طول الامتداد السوري حتى العراق، وستستمر في تطهير المنطقة من رجس الإرهاب الذي يهدد أمن تركيا القومي.
رئيس هيئة الأركان العامة التركي خلوصي أكار
فيما أعلنت رئاسة الأركان التركية، في وقت سابق من مساء يوم السبت انطلاق عملية “غصن الزيتون” ضد الأهداف العسكرية لمسلحي “ب ي د” في مدينة عفرين التابعة لمحافظة حلب.
ومن جانبه أكد رئيس هيئة الأركان العامة التركي خلوصي أكار، السبت، أن بلاده تتخذ التدابير اللازمة كافة، وتولي أعلى درجات الدقة للحيلولة دون إلحاق أي ضرر بالمدنيين والأبرياء خلال عملية “غصن الزيتون” في مدينة “عفرين” شمالي سوريا، وذلك في بيان له نشرته الأركان العامة التركية بشأن العملية المذكورة، وشدد أكار على أن عملية غصن الزيتون تستهدف الإرهابيين فقط وملاجئهم ومخابئهم ومبانيهم وأسلحتهم وعرباتهم وأدواتهم.
وأشار إلى أن العملية انطلقت لإرساء الأمن والاستقرار على حدود تركيا وفي المنطقة وإنهاء إرهاب “بي كا كا” و”ب ي د” وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في عفرين، وإنقاذ سكان المنطقة من ظلم وقمع الإرهابيين، والعملية تجري في إطار حقوق تركيا النابعة من القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن بشأن مكافحة الإرهاب وحق الدفاع عن النفس المشار إليه في المادة 51 من اتفاقية الأمم المتحدة مع احترام وحدة الأراضي السورية.
الدفاع الروسية تعلن رسميًا سحب العسكريين الروس من عفرين
وأوضح المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، أن عملية “غصن الزيتون” في مدينة “عفرين” ليست موجهة ضد سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها وإنما ضد المنظمات الإرهابية: تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” و”بي كا كا” و”ب ي د”، جاء ذلك في تغريدات نشرها على حسابه في موقع “تويتر”، تطرق خلالها إلى عملية “غصن الزيتون”.
ومن جانبها أعلنت وزارة الدفاع الروسية إرسال عسكرييها في مدينة عفرين، إلى مدينة تل رفعت بمحافظة حلب السورية، من أجل ضمان سلامتهم، وأوضح البيان الصادر عن الوزارة أن الإدارة العسكرية الروسية في سوريا اتخذت الخطوات اللازمة لضمان أمن القوات الروسية في المنطقة.
وجاء ذلك على خلفية مباحثات هاتفية أجراها رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، مع نظيريه الأمريكي جوزيف دانفورد والروسي فاليري غيراسيموف فيما، وأوضحت المصادر أن مباحثات أكار، جرت في اتصالين منفصلين، قبيل إطلاق الجيش التركي عملية “غصن الزيتون”.
وتلى ذلك استدعاء تركيا مساء يوم السبت ممثلي البعثات الدبلوماسية الأمريكية والإيرانية والروسية لديها، وأطلعتهم على التطورات في عفرين، وبحسب مصادر دبلوماسية، فضلت عدم الكشف عن هويتها، فإن الخارجية التركية استدعت ممثلي البعثات الدبلوماسية للدول الثلاثة في العاصمة أنقرة، وأطلعتهم على آخر التطورات في مدينة عفرين شمالي سوريا التي يحتلها تنظيم “ب ي د” الامتداد السوري لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية.
قال البروفيسور إدوارد إريكسون المؤرخ العسكري البارز في جامعة سلاح مشاة البحرية (مارينا جوربس)، إن الولايات المتحدة الأمريكية ارتكبت خطأ فادحًا من خلال دعمها تنظيم “ب ي د” الإرهابي في سوريا، جاء ذلك خلال حديث مع الأناضول عن استعدادات تركيا لشن عملية عسكرية على منطقة “عفرين”.
وأشار إريكسون إلى أن عملية عفرين ستكون امتدادًا لـ”درع الفرات” التي نفذتها تركيا ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” خلال الفترة من أغسطس/آب عام 2016، وحتى مارس/آذار الماضي، بهدف دعم الجيش السوري الحر.
البروفيسور إدوارد إريكسون المؤرخ العسكري البارز في جامعة سلاح مشاة البحرية (مارينا جوربس)
وعن التسليح الأمريكي لـ”ب ي د”، قال إريكسون إن التنظيم الإرهابي يشكل خطرًا بالنسبة إلى تركيا التي حصلت على وعد من الرئيس دونالد ترامب ووزير دفاعه جيمس ماتيس، بسحب تلك الأسلحة من التنظيم.
وقال: “لا أظن أن تركيا تصدق تلك الوعود، وأنا شخصيًا لا أعتقد أننا قادرون على استعادة هذه الأسلحة من التنظيم، وهذا الأمر هو الأكثر إثارة للقلق، وسيحدث أزمة كبيرة بين أنقرة وواشنطن”.
وعلى موجب التصريحات التركية من مؤسساتها الرئاسية والعسكرية وحتى مباحثاتها الدبلوماسية مع إيران وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، فإن المعركة امتداد لمعركة درع الفرات التي ستتجه نحو مناطق شرق الفرات وصولاً حتى الحدود العراقية والقضاء على المنظمات الإرهابية التي تستغل المدنيين وتنكل بهم عن طريق إرهابهم، وتهجيرهم من منازلهم، وذلك حسب التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأتراك.
العمليات العسكرية على الأرض “غصن الزيتون”
ومن جانبها شنت الطائرات التركية هجومًا على أغلب أوكار الإرهابيين على حد زعمها، واستهدفت مواقع الميليشيات في قرى (اللواء 135، قيبار، مرعناز، شوارغة، مزرعة القاضي، جبل برصايا، المالكية، منغ، عين دقنة، أطراف تل رفعت، ناحية راجو، الشيخ حديد، ترندة، باسوطة، ناحية شيراوا، مطار منغ العسكري، كفر أنطون)، فيما أوضحت وسائل إعلام تركية نقلاً عن هيئة الأركان أن الغارات استهدفت 108 مواقع لميليشيا PYD من أصل 113 تم تحديدها قبل بدء العملية، وكذلك المدفعية التركية استهدفت مواقعهم، فيما بثت مواقع موالية للأحزاب الكردية عشرات الإصابات في صفوف الميليشيات جراء استهداف نقاط تمركزهم في المنطقة.
https://www.youtube.com/watch?v=j1h3Vgsx61Y
الجيش التركي يرسل تعزيزات عسكرية إلى ولاية كليس الحدودية مع سوريا
وشهدت قاعدة إنجرليك الجوية في أضنة، جنوبي تركيا، حركة للطائرات الحربية بعد بدء عملية “غصن الزيتون”، وشوهد هبوط 3 مقاتلات في القاعدة بعد بدء قصف مقاتلات سلاح الجو التركي لمواقع التنظيم الإرهابي، فيما انتقلت المقاتلات إلى حظيرة الطائرات في القاعدة.
وصلت تعزيزات عسكرية جديدة أمس إلى ولاية هطاي جنوبي تركيا، مرسلة إلى الوحدات العسكرية على الحدود مع سوريا، وأفادت المصادر أن قافلة التعزيزات تضم مركبات وآليات عسكرية استقدمت إلى هطاي من وحدات عسكرية مختلفة، فيما دخلت التعزيزات العسكرية باتجاه مدينة أعزاز شمالي سوريا، في إطار عملية “غصن الزيتون”، وبحسب ناشطين، فإن التعزيزات جاءت من مختلف القطع العسكرية في تركيا، وتضمنت أكثر من 10 شاحنات تحمل غالبيتها مدرعات وناقلات جند.
ومن جانبها ردت ميليشيا PYD، بقصف مدفعي استهدف كلاً من مدينة أعزاز أوقع عدة جرحى في صفوف المدنيين، فيما طال القصف الأراضي التركية ليستهدف ولاية كيليس الواقعة جنوب تركيا لتوقع عشرات الجرحى في صفوف المدنيين حسبما ذكرت مصادر في المنطقة.