دار حوار بيني وبين زميلتي الألمانية الروسية قابلتها لأول مرة منذ بضعة أيام حول المرأة المسلمة والحجاب. كانت هي من بدأت الحوار عندما قالت: “اليوم رأيت امرأة مسلمة محجبة ترتدي ثوباً فضفاضاً في محطة القطار. وددت لو ذهبت وسألتها: “لماذا تتركينهم يجبرونك على ارتدائه؟
ولكني تراجعت فأنا أعلم أنها لا تفهم لغتي على كل حال”. عندما سألتها كم من المسلمات المحجبات تعرفين عن قرب؟ أجابت ليس لدي صديقات محجبات. سألتها إذن من أين لك تلك المعرفة المؤكدة عن المرأة في محطة القطار ومثيلاتها؟ أجابت: “كل الروايات والكتب والأفلام التي شاهدتها تروي القصة نفسها عن المرأة المسلمة، فهي امرأة حبيسة المنزل، واذا خرجت من المنزل أجبروها على ارتداء الحجاب. ولكن في كل الأفلام والروايات والكتب تتعرض المرأة المسلمة للثقافة الأوروبية وهنا تحاول أن تقلدنا وتخلص نفسها من الثقافة الظالمة أو تنتهي حياتها بطريقة تراجيدية حين يقتلها أحد الرجال من أقاربها”
في حديث زميلتي المتعلمة التي تتحدث ثلاث لغات ويفترض أنها على قدر من الثقافة ودون أن تتحدث إلى المرأة المحجبة ودون أن تعلم عنها شيئاً افترضت أولاً: أنها مجبرة على ارتداء الحجاب. وثانياً: أنها جاهلة غير متعلمة لا تتحدث لغة أوروبية. وثالثاً: أنها ترى أنها ولابد وأن تقلد الأوروبية في زيها لتخلص نفسها من القمع والتبعية والجهل.
تلك النظرة الغربية العنصرية المتغطرسة للمرأة المحجبة اليوم أسستها الصورة الاستشراقية عن المسلمين وخاصة المرأة المسلمة المحجبة منذ القرن الثامن عشر لخدمة مصالح استعمارية سياسية اقتصادية في المنطقة ودعمتها ثقافة ذكورية في الشرق.
المرأة المسلمة في المخيال الأوروبي: من همجية متحررة جنسياً إلى متخلفة مقموعة خلف حجاب
يستغرب القارئ الغربي والشرقي إذا علم أن صورة المرأة المسلمة المقموعة جنسياً وحبيسة المنزل التي نراها في كل صحفية نقرؤها وكل خبر في كل قناة إخبارية أو فيلم للتسلية عن المرأة المحجبة اليوم تكاد تكون صورة معدومة الوجود في كتابات القرون الوسطي وحتى القرن السادس عشر. ففي تلك الفترة كانت العلاقة بين الغرب والشرق قائمة على علاقة التمايز الأيديولوجي بين الثقافتين كما هي اليوم، ولكن من خلال الاختلاف الديني (دين إسلام بقيمه الهمجية يقابله دين مسيحي بقيمه المتحضرة).
في مسرحية فيليب ماسينجر “رينيغادو” (حوالي 1624) التي تعد تلك احدى أهم الأعمال الأدبية التي تصور استكشاف العالم “الآخر” الغامض وتهديد “الأديان والثقافات الأخرى للثقافة الغربية ولا زالت تدرس جنبًا إلى جنب مع مسرحيات أكثر شهرة مثل عطيل وتاجر البندقية
فجاءت المرأة المسلمة لتمثل الاختلاف بين تلك الثقافتين وتفوق الثقافة الغربية على الثقافة الشرقية بل وانتصارها عليها معنويًا. ففي أشهر كتب الرحالة الأوروبيين والأدب الرومانسي الذي هاجم الإسلام والثقافة الإسلامية كانت الصورة المهيمنة للمرأة المسلمة هي صورة البطلة التي يسمح لها دينها الإسلامي “السيئ” بكل ما يمنع الدين المسيحي “الجيد” المرأة الأوروبية منه. فكانت المسلمة امرأة قوية متحررة واسعة المعرفة على عكس الأوروبية المسيحية التي كانت تصورها الرواية على أنها امرأة محافظة جنسياً وتابعة لزوجها أو أخيها.
فمثلاً حكايات القرن الثاني عشر “هيستوريكا إكليزياستيكا” (1130-35) تروي قصة أميرة تركية تقع في حب أسير صليبي فرنسي معتقل في سجون أبيها فتخون أباها وتؤمن الإفراج عنه وتهرب معه بعد أن تترك الإسلام إلى المسيحية وتصير زوجة مسيحية مطيعة متحضرة.
في بيفيس هامبتون Ca.1324)) البطلة جوسيان الجميلة ابنة ملك أرمينيا التي تبهرها أعمال “بيفيس” البطولية وتذهب لتبوح له بمشاعرها راغبة في إقامة علاقة جنسية معه، فيرفض البطل الأوروبي أن يطاوعها قبل أن تتحول إلى المسيحية. ولكن في أثناء التحضير زواج جوسيان من البطل الانجليزي المسيحي يُوشى ب بيفيس ويزج به في السجن لمدة سبعة أعوام، قبل أن يتمكن من الهرب ثم يذهب ليأخذ جوسيان وفي طريقها يتوقفها في مدينة كولونيا حيث يتم تعميد جوسيان. كانت جوسيان قد أكدت لبيفيس قبلها أنها لا تزال “عذراء” رغم أنها كانت قد زُوجت لملك مومبراونت “إيفور” أثناء غيابه . فقد حفظت عفتها باستخدام خاتم سحري.
ولن تجد تغييراً ملحوظاً في تلك الصورة لنساء مسلمات حتى بعد مرور 3 قرون، ففي مسرحية فيليب ماسينجر “رينيغادو” (حوالي 1624) التي تعد تلك احدى أهم الأعمال الأدبية التي تصور استكشاف العالم “الآخر” الغامض وتهديد “الأديان والثقافات الأخرى للثقافة الغربية ولا زالت تدرس جنبًا إلى جنب مع مسرحيات أكثر شهرة مثل عطيل وتاجر البندقية، يلتقي فيتيلي بالأميرة التركية دونوسا، ابنة أخ الإمبراطور أموراث (مراد الرابع) في بازارا . هناك تتولد بينهما مشاعر حب، وتصورها المسرحية على أنها أكثر تحرراً جنسياً منه إذ تعلق على حريتها الجنسية قائلة: “ديننا يسمح لنا بكل المتعة“. وتنتهي
رغم أن النساء المسلمات قد سُمح لهن بأخذ حقوقهن في الميراث واستثمار أموالهن في الأسواق والتجارة بين نساء الطبقات الثرية والمتوسطة، إلا أن حضور النساء في الفضاء العام كان ضئيلاً مقارنة بحضور الرجال
المسرحية ، مثل العادة وكما هو متوقع ، بهروب الأميرة التركية مع البطل الأوربي تاركة خلفها ثقافتها ودينها الاسلامي” البربري”.
تلك الصورة لا تعني أن المرأة في المجتمعات المسلمة كانت بالضرورة تلك المرأة التي لها السيطرة على حياتها، وكان لها حضور في الحياة العامة يضاهي حضور الرجال ودون غطاء للشعر أو الوجه، أو أن كل النساء المسلمات كنا يرغبن التخلص من الدين الاسلامي والهروب لدين مسيحي يحضر المرأة ويجعلها تحت وصاية رجل أوروبي مسيحي متحضر كما قد يخطر لبال القارئ العربي / المسلم أو كما تخيل الأوروبي في تلك الفترة، كما تؤكد ليلى أحمد في كتابها “المرأة والنوع الاجتماعي في الإسلام” 1992.
توضح أحمد أن المرأة في المجتمعات المسلمة عموماً، ممثلة في المجتمع التركي والسوري والمصري، من القرن العاشر الميلادي حتى بداية القرن التاسع عشر، كانت تحكمها أربعة عوامل رئيسية متداخلة وهي: القوانين والأعراف التي تحكم الزواج، النظام الاجتماعي للحريم (أو عزل النساء في أجنحة خاصة تفصلهم عن الرجال)، حق النساء في التصرف في ممتلكاتهن، وأخيراً الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها المرأة. وهذا العامل الأخير كان يحكم تلك العوامل الثلاثة السابقة الذكر.
فرغم أن النساء المسلمات قد سُمح لهن بأخذ حقوقهن في الميراث واستثمار أموالهن في الأسواق والتجارة بين نساء الطبقات الثرية والمتوسطة، كما عملت نساء الطبقات الفقيرة في الحرف البسيطة كالطهي وتنظيف البيوت وبيع الخضار والفاكهة والمساعدة في التوليد وتغسيل الميت، إلا أن حضور النساء في الفضاء العام كان ضئيلاً مقارنة بحضور الرجال، بل إن حضور النساء في الأسواق للبيع والشراء والتنزه حتى مع ارتداء النقاب خاصة بين المتقدمات في السن منهن، كان معرضاً للحظر جزئياً، كمنع النساء من زيارة القبور مثلاً، وأحياناً أخرى بشكل كامل حيث كانت تمنع النساء من الخروج من منازلهن من قبل رجال الدين أو الحاكم من وقت إلى آخر.
بدأت تلك الصورة للمرأة المسلمة الهمجية المتحررة مقابل المرأة الأوروبية المحافظة التابعة للرجل تختفي لتحل محلها صورة معاكسة هي صورة المرأة المقموعة خلف الأسوار العالية للحريم
فمثلا في عام 1473 طلب من كل النساء التزام منازلهن إلا إن كان عذرهن الوحيد هو الوفاة بأمر من السلطان، إذ ادعى رجل من رجال الدين أن الطاعون الذي أصاب البلاد في ذلك الوقت كان سببه عقاب من الله بسبب حضور النساء في الأسواق وخروجهن من بيوتهن ليلاً ونهاراً والاختلاط بالرجال. كان مثل هذا الحظر يتكرر من وقت لآخر ويتم التخلي عنه بعد فتره زمنية ولكن لم يذكر المؤرخون بالتحديد كم كان يستمر الحظر في كل مرة.
وهنا وودت التأكيد على أن صورة المرأة المسلمة في الكتابات الأوروبية في ذلك الوقت جاءت لتخدم الفكر الأيديولوجي والصراع الثقافي السائد بين الشرق والغرب في تلك الفترة. جاءت لتؤكد التمايز بين مجتمع أوروبي بثقافته وأخر اسلامي ولم يكن وضع المرأة المسلمة الحقيقي في المجتمعات المسلمة ذا أهمية بالنسبة للسياسي الأوروبي أو الكاتب الأروبي ولم يتم الإشارة إلى وضعها الاجتماعي أو حقوقها القانونية مع الرجل فحال المرأة المسلمة في مجتمعها كان أفضل من وضع المرأة الأوروبية المحرومة من التصرف في أموالها والتابعة للرجل تمامًا في ذلك الوقت.
المرأة المسلمة في المخيال الأوروبي الحداثي وأثره على وضع المرأة المسلمة “المحجبة” اليوم في أوروبا
بدأت تلك الصورة للمرأة المسلمة الهمجية المتحررة مقابل المرأة الأوروبية المحافظة التابعة للرجل تختفي لتحل محلها صورة معاكسة هي صورة المرأة المقموعة خلف الأسوار العالية للحريم، مرتدية الحجاب المفروض عليها من رجال عرب مسلمين تنفيذاً لأوامر دينهم، ابتداءً من عصر التنوير، وتحديداً بعد الالتقاء الاستعماري بين المجتمعات الشرقية المحافظة والثقافة الغربية الحديثة اللبرالية التي جاءت لتدعو للمساواة بين جميع أفراد المجتمع وخاصة في المجال العام.
في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجد الأوروبي المتحضر الذي جاء ليحضر المشرق المظلم نفسه أمام مجتمع لا يرى نصفه (فنساء الشرق كن لا يختلطن مع الرجال وإذا خرجن إلى الشارع ارتدين النقاب/ غطاء الرأس).
اللورد كرومر الذي جاء يدعو للمساواة بين الرجال والنساء في مصر فقط من خلال دعوتهم للتخلي عن عادة ارتداء الحجاب كان أهم المعارضين لحق النساء الإنجليزيات في التساوي مع الرجال في حق الانتخاب
رغم أنه في تلك الفترة كان نظام الحريم وغطاء الوجه مفروضاً على نساء الطبقات الثرية فقط، إلا أن الصورة التي نقلت إلى القارئ الأوروبي لم تفرق بين مستوي اقتصادي وغيره، أو طبقة اجتماعية وغيرها، ولكن تم رسم صورة واحدة للمرأة المسلمة في كل مكان وزمان تؤكد أن المشكلة تكمن أولاً وأخيراً في دين إسلامي متخلف كاره للنساء ويطبقه رجال مسلمون عرب قساة القلوب على نساء المشرق. ولهذا فهؤلاء النسوة المسلمات في حاجة لتخلصيهن، ليس فقط من رجالهن القساة، ولكن من دينهن وكل قيمه الظالمة المتخلفة المتمثلة أساساً في نظام الحريم وارتداء الحجاب.
دعم هذا الخطاب السياسي للورد كرومر في مصر وتشارل دي جول في شمال أفريقيا عدد هائل من الكتب والروايات واللوحات الزيتية، التي نشرت وعرضت للجمهور الأوروبي لترسم له تلك الصورة للمرأة المسلمة في الشرق البعيد وتبرر استعمار الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تقول حوما هودفار، عالمة الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية الكندية-الإيرانية وأستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة كونكورديان في مونتريال: إنه تم نشر حوالي 60 ألف كتاب عن الشرق في الغرب الذي صور الحجاب باعتباره عادة متخلفة للثقافة الإسلامية بين عامي 1800 و1950.
كما يذكر مالك عالولا وهو شاعر وكاتب ومحرر وناقد أدبي جزائري، والذي نشر العديد من الكتب أغلبها باللغة الفرنسية وأشهرها الحريم الاستعماري (مستعمرة الحريم) حيث قام المؤلف في كتابه هذا بتحليل محتوى البطاقات البريدية التي تحمل صوراً عن النساء الجزائريات في الحقبة الاستعمارية الفرنسية للجزائر بين نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وجادل بأن تلك الصور لا تعبر بشكل صحيح عن المرأة الجزائرية وإنما هي خيالات فنانين فرنسيين وصور ملتقطة باستديوهات عن المرأة الشرقية وطريقة حياتها
يذكر أن اللورد كرومر الذي جاء يدعو للمساواة بين الرجال والنساء في مصر فقط من خلال دعوتهم للتخلي عن عادة ارتداء الحجاب كان أهم المعارضين لحق النساء الإنجليزيات في التساوي مع الرجال في حق الانتخاب، كما أنه وضع قيوداً شديدة أمام تعليم النساء والرجال بعد المرحلة الابتدائية مما أعاق بالضرورة تقدمهن اقتصادياً وفكرياً. ولم يختلف الأمر كثيراً في شمال أفريقيا ففي الجزائر حيث شنت فرنسا حرباً على الحجاب لتحرر المرأة الجزائرية من ظلم الرجال، تقول ليلى أحمد: ما أراده السياسي الغربي هو استبدال سيطرة الرجل العربي المسلم على المرأة المسلمة بأخرى لرجل أوروبي. كان هدف السياسي الأوروبي أولاً السيطرة على الرجال من خلال السيطرة على النساء المسلمات.
المجتمعات الغربية التي تدعي أن لديها أنظمة ديمقراطية تحقق المساواة لكل أفراد المجتمع بغض النظر عن الجنس أو الانتماء العرقي والديني لم تتخلص من تمييزها ضد المسلمين وخاصة المرأة المسلمة المحجبة بعد
هذا الفكر الذي دعمه وقتها الكثير من الرجال العرب من أبناء الطبقة الثرية أمثال قاسم أمين. ورغم أن قاسم أمين كان يفكر في حدود قيم عصره وقتها، إلا أننا وبعد مرور أكثر من قرن من الزمان على الخطاب الاستعماري ضد الحجاب نجد أمثال أمين من العرب الذين يرفعون راية التخلي عن الحجاب، إذ إن نظام الحريم قد انتهى في الوطن العربي والإسلامي مع منتصف القرن العشرين، كرمز لسيطرة الرجال على النساء والتمييز بين الجنسين دون الرجوع إلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية والخلفية التعلمية لمرتدية الحجاب وهو ما قد يجعلنا نصف هؤلاء بالتواطؤ مع الغرب في العنصرية ضد المرأة المسلمة والتواطؤ مع الرجل الشرقي ضدها في الشرق حتى وإن كانت نوايا هؤلاء الكتاب عكس ما يكتبون.
مثال على ذلك مقال منى الطحاوي الصحفية والكاتبة المصرية الأمريكية الأخير “لماذا يكرهونا: الحرب الحقيقية على النساء في الشرق الأوسط” الذي نُشر في مجلة فورين بوليسي في 2012، والذي كما أشارت هي قد كتبته كرد فعل لما تعرضت له من اعتداء بالضرب أثناء تواجدها للتظاهر في ميدان التحرير، والذي تحول إلى كتاب نُشر بالغة الانجليزية تحت عنوان “غشاء البكارة والحجاب: لماذا يحتاج الشرق الأوسط ثورة جنسية”. في هذا الكتاب رغم أن الطحاوي تعدد الأسباب المختلفة لارتداء الحجاب اليوم، وأن أختها ترتدي الحجاب كرمز لهويتها، إلا أنها تعود لتشجع المسلمات في الشرق على تحدي سلطة الرجال عليهن بالتخلي عن الحجاب. مؤكدة بذلك أن الحجاب رمز للتبعية للرجال لأنه كما تقول مقتنعة أنه ليس فرضاً دينياً.
كتابات العرب المسلمين وخاصة النساء منهم في الغرب من أصحاب النوايا الصادقة في تحسين وضع المرأة المسلمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أمثال منى الطحاوي تُستخدم للمشاركة في قمع المرأة المسلمة مرتين: مرة في الشرق حين نطلب من المقهورات من النسوة المسلمات تحدي سلطة الرجال دون توفير وضع اجتماعي اقتصادي لأولئك المتمردات على وضعهن، أما في الغرب فيستخدم ذاك الخطاب في دعم الخطاب العنصري ضد المرأة المسلمة التي تعيش في الغرب والتي اختارت بإرادتها أن ترتدي حجابها دون التخلي عن حقوقها الدستورية من مساواة في العمل والدراسة.
فالمجتمعات الغربية التي تدعي أن لديها أنظمة ديمقراطية تحقق المساواة لكل أفراد المجتمع بغض النظر عن الجنس أو الانتماء العرقي والديني لم تتخلص من تمييزها ضد المسلمين وخاصة المرأة المسلمة المحجبة بعد، وإن اختلفت درجات التمييز من بلد لآخر.
لم يستطع الغربي، بسبب جهله أحياناً أوعنصريته أحياناً كثيرة أن يفرق بين المسلمة التي تعيش في مجتمع عربي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية معينة وأخرى تعيش في الغرب حيث تتاح لها الفرصة أن تقرر ما يتوافق مع قناعاتها الذاتية
فحيث أن ذلك التمييز الفج يدعمه قانون يمنع المرأة المسلمة من حقها في ارتداء زي تختاره في المدارس وأماكن العمل إلى ثقافة شعبية متأثرة بتاريخ استعماري عنصري و صراع ثقافي سياسي اقتصادي بين الشرق والغرب. كل هذا يجبره المرأة المسلمة المحجبة في الغرب على الاختيار بين تحمل العنصرية في العمل والشارع أو البقاء في المنزل ( تحت سيطرة اقتصادية لرجل ربما أرادت هي الخروج للعمل والدراسة كي تستطيع بعدها رفع صوتها للمطالبة بحقوقها معه)، أو التخلي عن ما تعتقد أنه جزء من هويتها وثفافتها. وهنا يمكن القول أن المجتمع الأوروبي تماما كما المجتمع العربي يشارك في التمييز ضد المرأة المسلمة بل ودفعها للتبيعية خلف رجل وإن اختلفت الطريقة.
لم يستطع الغربي، بسبب جهله أحياناً أوعنصريته أحياناً كثيرة أن يفرق بين المسلمة التي تعيش في مجتمع عربي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية معينة وأخرى تعيش في الغرب حيث تتاح لها الفرصة أن تقرر ما يتوافق مع قناعاتها الذاتية. ولكن هل تخالف تلك النظرة المتحيزة العنصرية الأوروبية لوضع المرأة المسلمة وضع المسلمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم؟ هل تغيرت نظرة المجتمع للمساواة بين الرجل والمرأة في مجتمعات عربية اليوم مع انتشار التعليم؟