في 24 سبتمبر/أيلول الماضي2017 ، قال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، إن حقل الغاز “ظُهر” الواقع في امتياز شروق سيبدأ إنتاج 500 مليون قدم مكعبة يوميًا بنهاية 2017، وذلك وسط فرحة مصرية رسمية، احتفالًا بهذا الإنجاز الذي كثر عنه الحديث منذ اكتشفته شركة “إيني” الإيطالية، خلال أغسطس/آب 2015، فهو أكبر حقل غاز طبيعي تم اكتشافه في البحر المتوسط (شمال مصر)، إلا أن هذه النشوة كثيرًا ما تكون في غير محلها؛ فقد خاب أمل بعض البلدان في تحقيق النمو بعد اكتشافات نفطية كبرى، وحلّت عليها المشكلات الاقتصادية بعد ذلك بوقت قصير.
وقد أقر العالم منذ زمن بعيد بأن البلدان التي لديها إيرادات وفيرة من النفط والموارد الطبيعية الأخرى غالبًا ما تحقق مستويات أقل من النمو الاقتصادي وتعاني من مشكلات اجتماعية أكبر بالمقارنة مع البلدان التي تتمتع بموارد أقل، وهي الظاهرة التي عُرفت باسم “لعنة الموارد”.
مقارانات.. وعودة إلى أرض الواقع
في 2009 كانت غانا تحلق عاليًا في سماء النجاح؛ فقد اختارها باراك أوباما لتكون أول بلد إفريقي يزوره بصفته رئيسًا للولايات المتحدة، وكانت غانا التي نجحت في تحقيق الانتقال السلمي للسلطة عام 7200، تقاوم بشدة تباطؤ الاقتصاد العالمي آنذاك محققة نموًا اقتصاديا قويًا بلغ 7% في المتوسط بين عامي 2003 و 2013 وفوق كل ذلك، فازت غانا بالذهب مرتين أو لمزيد من الدقة، الذهب الأسود، فحققت اكتشافًا نفطيًا كبيرًا قبالة سواحلها عام 2007 واكتشاف آخر عام 2010.
ارتفعت الآمال بأن هذه الاكتشافات ستساعد في دفع غانا نحو الازدهار الذي تشهده البلدان متوسطة الدخل، وأعلن رئيس غانا آنذاك جون كوفور، في عام 2007قائلاً: “أداؤنا جيد حتى من دون النفط، ولكن بحقنة منشطة من النفط، فإننا سنحلق عاليًا”.
وبالانتقال سريعًا إلى يومنا هذا، سنجد أن غانا لا تحلق عاليًا، فقد انخفض النمو إلى ما دون%4 ما بين عامي 2014 و2016، رغم تنبؤات صندوق النقد الدولي بتحقيق معدل نمو يتجاوز ،7% وبدا أن الاكتشافات النفطية والمكاسب المالية غير المتوقعة التي وعدت بها تلك الاكتشافات تعلن بداية عهد من التهور الاقتصادي.
منذ عام 1988 ، تم اكتشاف 236 حقلاً ضخمًا بطاقة إنتاجية تزيد على 500 مليون برميل في 46 بلدًا
أما موزمبيق، فقد اكتشفت أكبر رواسب ساحلية للغاز في إفريقيا جنوب الصحراء عام 2009 وبلغ النمو 6في المتوسط، وفي أعقاب هذه الاكتشافات، وضعت التنبؤات نمو الاقتصاد على مسار يزيد على 7.
غير أنه بحلول عام2016 ، كان النمو قد انخفض إلى 3% في المتوسط مع تكشف النتائج الكارثية للاقتراض الهائل من خارج الميزانية، وفي نفس الوقت، توقف الدعم المقدم من صندوق النقد الدولي إلى حين معرفة نتائج تدقيق الاقتراض من خارج الميزانية.
ويشير بحثنا إلى أن غانا وموزامبيق ليستا حالتين شاذتين، ففي جميع أنحاء العالم، كان أداء النمو دون التنبؤات التالية للاكتشافات في المتوسط، وبالنسبة لبعض البلدان، أدت هذه الاكتشافات إلى خيبات أمل كبيرة بشأن النمو، حتى مقارنة بالاتجاهات السائدة قبل الاكتشافات.
46دولة ..
منذ عام 1988 تم اكتشاف 236 حقلاً ضخمًا بطاقة إنتاجية تزيد على 500 مليون برميل في 46 بلدًا (راجع الخريطة) وهذه الاكتشافات كبيرة، حيث يصل متوسط القيمة المحتملة لكل منها %1.4 من إجمالي الناتج المحلي للبلد المعني.
وتشير المراجع إلى أن أي اكتشاف يُفترض أن يؤدي إلى زيادة الإنتاج، ومن ثم النمو، مع تكيف الاقتصاد مع ثروته الجديدة وارتفاع مستوى الاستهلاك القابل للاستمرار، وتتفق تنبؤات صندوق النقد الدولي مع ذلك، حيث تشير إلى أن الاكتشافات تؤدي إلى ارتفاع معدل النمو بمقدار 0.52 نقطة مئوية سنويًا خلال السنوات الخمسة الأولى، ولتحديد ما إذا كان البلد المعني يستفيد من الإمكانات الإيجابية التي تتيحها اكتشافات النفط أو الغاز الكبيرة، يجب أخذ الآتي بعين الاعتبار:
إفراط في الاقتراض
كما حدث في غانا، فقد خالفت روح قواعدها الادخارية، ففي حين ادخرت 484 مليون دولار من إيراداتها النفطية المقررة، أقدمت على اقتراض 4.5 مليار دولار من الأسواق الدولية، ومنذ عام2015 ، ينفذ البلد برنامجًا للدعم والرقابة مع صندوق النقد الدولي، وتولت حكومة جديدة السلطة عام2017، ولكن لا تزال الأزمة مستمرة.
إسراف في الإنفاق
تؤدي هذة الاكتشافات إلى السعي لتحسين الأحوال الاقتصادية للدولة مما يؤدي إلى الإسراف في الإنفاق أملاً في أن الاكتشافات الجديدة سوف تغطي هذا الإنفاق.
تغير أسعار السوق .. والعامل السياسي
من أهم أسباب عدم التفائل بحقل “ظهر” المصري، تعرض الاقتصاد العالمي الدائم لصدمات نتيجة تغير الأسعار كما حدث لغانا نتيجة انهيار أسعار النفط في عام 2014.
وعلى الجانب الآخر، تحقق البلدان التي لديها مؤسسات سياسية قوية وقت الاكتشاف أداءً جيدًا، ويستمر النمو بنفس المعدل ويواكب توقعات الصندوق، وتتعرض البلدان التي لا تحقق معدلات نموها المحتملة لما نطلق عليه لعنة ما قبل الموارد.
وكحال شقيقتها، لعنة الموارد، نجد أن وفرة الموارد الطبيعية يمكن أن تكون نقمة لبعض البلدان في ظل ظروف معينة، ويمكن أن تظهر المشكلات في وقت أبكر من المعتاد، وفي حالة لعنة ما قبل الموارد، يكون السبب في الآثار السلبية هو الوعد بتوفر الموارد، وليس توفرها بالواقع.
وتركز فرضية لعنة الموارد على الآثار السلبية طويلة الأجل على الاقتصاد الناجمة عن إنتاج الموارد وفرض الضرائب عليها، وعلى سبيل المثال، يشير ما يطلق عليه المرض الهولندي إلى حدوث طفرة في قطاع الموارد تؤدي إلى مزاحمة قطاع الصناعات التحويلية وخفض نمو الإنتاجية.
الجميع يعرف القيادة المصرية السياسية التي تأخذ في كل وقت إجراءات اقتصادية غاية في الفوضوية وتؤدي بالاقتصاد المصري إلى الضعف العام
وقد يؤدي تقلب إيرادات التصدير والإيرادات الضريبية المتأتية من الموارد الطبيعية إلى الإضرار بالماليات العامة، ويمكن أن تكون المشكلات سياسية أيضًا. ويمكن أن تتسبب إيرادات الموارد في حالات فساد أو في نشوب صراعات عنيفة واستمرارها، ويدفع البعض بأن الثروة النفطية يمكن أن تؤدي إلى تآكل المؤسسات الديمقراطية، وفي المقابل تركز لعنة ما قبل الموارد على ما يحدث في الفترة الوجيزة الفاصلة بين الاكتشاف وبدء الإنتاج.
فخلال تلك الفترة الوجيزة، يمكن أن تقع مشكلات اقتصادية إذا استند السلوك الاقتصادي إلى تقدير مفرط في التفاؤل بالازدهار من ثروات الموارد الطبيعية في المستقبل، وبالإضافة إلى ذلك، تتعثر البلدان أحيانًا في الخطوات اللازمة لتحويل الاكتشافات إلى دولارات، وتعجز عن تحقيق ذلك. والجميع يعرف القيادة المصرية السياسية التي تأخذ في كل وقت إجراءات اقتصادية غاية في الفوضوية وتؤدي بالاقتصاد المصري إلى الضعف العام.
مصر حصتها 25% فقط
المدير المالي لشركة “إيني” الإيطالية، قال في تصريحات نقلتها وكالة “رويترز” إن الشركة أكملت بيع حصص في حقل ظهر المصري، وتابع: “بيع حصة إضافية نسبتها 10% في الحقل، سيكون فرصة لاستبدالها بأصول أخرى”.
وبعد أن أصبحت “روسنفت” الروسية تشارك حاليًا في مشروع تطوير “ظهر” بواقع 30%، تحتفظ إيني بـ60%، وبي. بي البريطانية 10% كانت قد اشترتها من إيني نهاية العام الماضي، وهذا ما يخص حصص الامتياز، بينما تختلف حصص هذه الشركات من الإنتاج، إذ إن الشركاء الأجانب سيحصلون على 75% (%40 + 35% من حصص الإنتاج خلال السنوات الأولى: ثلاث أو أربع سنوات)، في حين لن تحصل مصر سوى على 25% من حصة الإنتاج.
الصراع المصري التركي والقبرصي
الصراع المصري والتركي والصراع التركي القبرصي لا يخفى على أحد من حيث اختلاف المصالح واختلاف الأيديولجيات بين القيادات؛ حيث منعت القوات البحرية التركية، سفينة “سايبيم” التابعة لشركة “إيني” الإيطالية من الوصول إلى مياه قبرص في البحر الأبيض المتوسط للتنقيب بحقل غاز في منطقة متنازع عليها بين نيقوسيا وأنقرة.
وتحدث الرئيس التنفيذي لشركة “إيني” الإيطالية عن القلق التركي بشأن عمليات الحفر والتنقيب في البحر المتوسط الذي تسبب في إرسال أنقرة بوارج حربية لمنع دخول سفن تابعة لـ”إيني” يوجد عليها نزاع بين تركيا وقبرص. ثم بعد ذلك نشرت الصفحة لوزارة الدفاع، فيديو تحت عنوان “القوات البحرية.. عمالقة البحار”، يوضح الإجراءات التي تتخذها لحماية حقل “ظهر” بالبحر المتوسط.
عموماً، التنبؤ بالنمو محفوف بالتحديات، حيث يصدر صندوق النقد الدولي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي يتضمن تنبؤات بشأن نمو البلدان كل ستة أشهر، وتصدر جهات تنبؤ أخرى تقديرات مماثلة، وإن كانت تشمل عددًا أقل من البلدان.
وقد خلصت البحوث إلى دقة تنبؤات الصندوق، على الرغم من أنها لم تكن دائمًا خالية من التحيزات، فعلى سبيل المثال، أظهر كبير الاقتصاديين السابق بالصندوق أوليفييه بلانشار وزميله دانييل لي في تقرير صدر في عام 2013 أن تنبؤات الصندوق لبلدان الاتحاد الأوروبي كانت متشائمة بلا داعٍ بشأن مضاعفات النمو بعد الأزمة المالية العالمية.
وفي المقابل، نجد أن تنبؤات الخبراء يمكن أن تكون مفرطة في التفاؤل في توقعاتها بشأن النمو في بلدان معينة بعد اكتشاف الموارد، وما إذا كانت التنبؤات مفرطة في التفاؤل أو التشاؤم أمر مهم، أولا، تعتمد الحكومات والقطاع الخاص على التنبؤات للتخطيط واتخاذ القرارات.
يعتمد الانتقال من اكتشاف الموارد إلى الازدهار القابل للاستمرار على سلسلة من الخطوات
وثانيًا، يمكن كذلك أن تؤثر التنبؤات على وسائل الإعلام والجمهور الذي له حق التصويت، ومن الممكن أن تؤدي توقعاتهم العالية إلى الضغط على الحكومات للتصرف بشكل غير رشيد (الإفراط في الإنفاق أو الاقتراض).
وثالثًا، يمكن أن تؤثر التنبؤات على التقييمات التي تجريها جهات الإقراض أو وكالات التصنيف وبالتالي على تكلفة الاقتراض، وإذا كانت تكاليف الاقتراض منخفضة انخفاضًا اصطناعيًا، فإنها يمكن أن تغذي الإفراط في الاقتراض، وتشير تقديراتنا إلى أن الدرجات التي تمنحها المؤسسات الاستثمارية لاقتراض البلدان، تتأثر بتنبؤات النمو، فتتحسن الدرجات مع ارتفاع التنبؤات، حتى بعد مراعاة النمو التاريخي للبلد المعني.
يعتمد الانتقال من اكتشاف الموارد إلى الازدهار القابل للاستمرار على سلسلة من الخطوات، فيتعين على البلدان تأمين الاستثمار لنقل أي مشروع إلى مرحلة الإنتاج، وينبغي أن تستجيب سياسة الحكومة مع ذلك عن طريق تجهيز الاقتصاد الأوسع نطاقًا لاستيعاب تدفق الاستثمارات والعملة الأجنبية، ويمكن أيضًا أن تزداد التحديات الأخرى في مرحلة ما قبل الإنتاج، مثل إيرادات الحكومة المتأتية من المدفوعات المقدمة مثل علاوات التوقيع.
ولم تصل بعض البلدان مثل تنزانيا وموزمبيق إلى مرحلة الإنتاج أبدًا، وفي بلدان أخرى، مثل كازاخستان، حيث بدأ الإنتاج في حقل كاشاغان النفطي بعد 13 عامًا، استغرقت العملية وقتًا أطول بكثير من المتوقع.
وحالات التأخر أو الإخفاق هذه شائعة، فقد أفادت شركة الاستشارات إرنست آند يونغ في 2016 بأن 73% من مشروعات النفط والغاز في جميع أنحاء العالم تبلغ عن حالات تأخر عن المواعيد المقررة، ويستغرق الانتقال من الاكتشاف إلى الإنتاج، في قطاع التعدين على الأقل، وقتًا أطول في البلدان التي لديها مؤسسات أضعف ومستويات فساد أعلى، وفقًا لما أوردته تهمينا خان والمؤلفون المشاركون لها في ورقة عمل صادرة عن البنك الدولي في عام 2016 وإذا كانت لعنة ما قبل الموارد قائمة بالفعل، فمن شأنها أن تحدث طائفة من الآثار على مستوى السياسات.
قد تحتاج البلدان التي أصبحت غنية بالموارد حديثًا إلى التعامل مع الاكتشافات بحذر أكبر، وعليها أن تولي مزيدًا من الاهتمام للخطوات السابقة للإنتاج بدلاً من عد غنائمها، وهذا يعني أن تعتمد الحكومات منهجًا جديدًا إزاء التزامات الاقتراض والإنفاق قبل وصول الإيرادات، وكان مركز الاهتمام في السياسة الاقتصادية بعد اكتشافات الموارد هو تصميم أدوات ادخار مثل صناديق الثروة السيادية.
تفرض اكتشافات الموارد مخاطر غير متسقة، ففي حالة انخفاض الأسعار بما فيه الكافية، يمكن أن ترى البلدان إلغاء المشروعات أو لا تحقق الاستثمارات أو الضرائب أو الوظائف المتوقعة
وتشير استنتاجاتنا إلى أنه ينبغي على البلدان أن تولي مزيدًا من الاهتمام لسلوكها قبل وصول الإيرادات كالحصول على توافق آراء عامة الجمهور على تقييد الميزانيات الحكومية، بدلاً من التركيز على نسبة الإيرادات التي سيجري ادخارها في المستقبل، وبالإضافة إلى ذلك، ربما ينبغي أن تولي البلدان المعنية المزيد من الاهتمام بوضعها الضريبي ووضع الإنفاق لديها في ظل سيناريوهات مختلفة، فماذا لو تأخرت المشروعات؟ وماذا لو انهارت الأسعار؟ وماذا لو لم تحصل الحكومة على جميع الامتيازات الضريبية المتوخاة؟
عدم اتساق المخاطر
تفرض اكتشافات الموارد مخاطر غير متسقة، ففي حالة انخفاض الأسعار بما فيه الكافية، يمكن أن ترى البلدان إلغاء المشروعات أو لا تحقق الاستثمارات أو الضرائب أو الوظائف المتوقعة، أما في حالة ارتفاع الأسعار، فلا تحصل البلدان إلا على نسبة من زيادة الأرباح عن طريق الضرائب.
وإذا كانت لدى المؤسسات المالية الكبرى توقعات شديدة التفاؤل، فقد تُقدِم على تقديم قروض زائدة أوتخفيف إجراءات مراقبة المقترضين عما يجب أن يكون، ويجوز أيضًا أن تؤثر لعنة ما قبل الموارد على أطراف أخرى، مثل صندوق النقد الدولي، فقد يلزم أن تأخذ التوقعات في الاعتبار ظروف البلد والحوكمة فيه بشكل منهجي، وقد يعتمد توقيت الثروة الناجمة عن اكتشاف الموارد وحجمها ومنافعها على هذه العوامل.
وتشكل إدارة توقعات المواطنين عامًا مهمًا، فالعوامل النفسية هي التي تحرك اللعنة، كما أورد بول كوليير في مقال كتبه في 2017 في مجلة دراسات التنمية وركّز فيه على غانا، فقد يُساء تفسير تحقيق اكتشاف نفطي بطاقة إنتاجية تبلغ 500 مليون برميل على أنه سيأتي بثروات هائلة لجميع المواطنين، ولكن بعد توزيع العائد على كل فرد ونشره على فترة الإنتاج المعتادة التي تستغرق 20عامًا، قد لا يزيد نصيب كل مواطن غاني على 30 دولارًا من إيرادات الحكومة.
المهم ليس اكتشاف الموارد فحسب، بل أيضًا كيف تستجيب الحكومات لأخبار اكتشاف تلك الموارد
ولعنة ما قبل الموارد، مثلها مثل لعنة الموارد، ليست أمرًا مقضيًا، فقد تمكنت بلدان كثيرة مثل تنزانيا من تجنب اللعنتين، وقد اكتشفت تنزانيا، شأنها شأن جارتها موزمبيق، حقول غاز بحرية كبيرة، وجاءت الاكتشافات في تنزانيا بعد عام واحد في 2010 إلا أن البلد شهد ارتفاعًا فعليًا في معدل نموه بعد الاكتشافات، من 6% إلى ،%7حيث حافظت تنزانيا على مستويات منخفضة من الدين وأظهرت التزامًا باستمرارية المالية العامة من خلال سن قاعدة بشأن المالية العامة، ولكن من الناحية الأخرى، لم تشهد تنزانيا حتى الآن الاستثمارات الكبيرة المتوقعة في هذا القطاع، ومع استمرار انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال، قد لا يتحقق الإنتاج لسنوات كثيرة.
والمهم ليس اكتشاف الموارد فحسب، بل أيضًا كيف تستجيب الحكومات لأخبار اكتشاف تلك الموارد، وتؤدي التكنولوجيا أيضًا إلى تغيير الخط الزمني من الاكتشاف إلى الإنتاج، مما يغير طبيعة التحدي المحتمل، ولن تكون غانا آخر البلدان التي تكتشف حقول نفط ضخمة جديدة، ولكن ربما يمكن أن تكون آخر من يقع ضحية للإفراط في الاستجابة لهذه الأخبار السارة.