التهجير القسري ينتقل من منطقة إلى أخرى، بالأمس كانت محررة والآن تغدو تحت احتلال قوات النظام وحلفائه، لم تكن هذه السياسة مجرد تهجير فقط بل تغيير ديموغرافي للمناطق التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة، سياسة انتهجها النظام وحلفائه في الأراضي السورية كافة، تخضع المنطقة لقصف مكثف يجبر مئات المدنيين على الخروج، فمنذ سنة كان حي الوعر وتلاه حلب وبالأمس الغوطة الشرقية، والآن يعود التهجير القسري إلى الساحة بمنطقة القلمون الشرقي.
تسلك فصائل المعارضة في مدن جيرود والناصرية والرحيبة والعطنة والمنصورة من القلمون الشرقي المحاصر، مسار التفاوض منذ شهور طويلة، لكنها دخلت مع بداية شهر نيسان مرحلة المفاوضات الحاسمة.
بنود اتفاق فصائل القلمون الشرقي
بعد تخلخل المفاوضات التي جرت بين الفصائل المقاتلة بمنطقة القلمون الشرقي، مع الجانب الروسي، إضافة إلى ربط مصير القلمون الشرقي بمصير الغوطة الشرقية وهذا ما رفضه الجانب الروسي، في حين توصلت الفصائل المقاتلة إلى اتفاق تضمن وقف إطلاق النار وتسليم السلاح الثقيل بشكل مباشر، وتسجيل الراغبين بالخروج يقع على عاتق الجانب الروسي.
كما نص الاتفاق على نشر الشرطة الروسية على مداخل المدن وعدم دخول قوات النظام إلى المنطقة، إضافة إلى تسوية أوضاع من يرغب بالبقاء من خلال مركز داخل المنطقة، وقال مصدر عسكري في المعارضة إن الفصائل في المنطقة وافقت على الخروج، بما فيهم فصيل “جيش تحرير الشام” الذي كان يرفض المفاوضات مع روسيا ويطالب بضامن آخر.
تقع عملية نقل القوافل على عاتق الشرطة الروسية، وتضمن أمنها وسلامتها حتى وصولها للجهة المطلوبة
فيما تزامنت المفاوضات مع تسليم بعض الفصائل في المنطقة عددًا من النقاط العسكرية في تل الخرنوبة وأرض المسيلحة شمالي الرحيبة لقوات النظام، ومن بنود الاتفاق يتم تشكيل لجنة مدنية مشتركة ثلاثية مهمتها تسيير أمور المنطقة وحل قضايا المعتقلين والموقوفين، كما ستفتش القوافل لمرة واحدة قبل المغادرة داخل الحافلة بوجود شرطي روسي في كل حافلة.
والمتخلفين عن الخدمة العسكرية والاحتياط أعطيت لهم مهلة ستة أشهر قابلة للتمديد لسنة، أما المنشقون من المفترض أن يصدر عفو خاص بهم شرط أن يلتحقوا خلال 15 يومًا أو يغادروا القلمون بشكل كامل، وجاء في البنود الحفاظ على أملاك المدنيين المهجرين وحقهم بعدم مسها أو مصادرتها، ويحق للمهجرين حمل أمتعتهم الشخصية التي يمكن حملها في الحافلة مع السلاح الفردي والجعبة العسكرية.
وتقع عملية نقل القوافل على عاتق الشرطة الروسية، وتضمن أمنها وسلامتها حتى وصولها للجهة المطلوبة، ويخضع القلمون الشرقي لسيطرة فصائل معارضة، أبرزها جيش تحرير الشام، وجيش الإسلام وقوات الشهيد أحمد العبدو وأسود الشرقية.
أهم بنود اتفاقية الضمير
بعد مفاوضات طويلة جرت بين اللجنة المدنية لأهالي مدينة الضمير بالقلمون الشرقي والجانب الروسي، تم التوصل إلى صيغة اتفاق نهائية تضمن عدم تعرضها للقصف والتدمير وتمنع اجتياحها من قوات النظام، وعزل النظام مدينة الضمير سياسيًا وعسكريًا عن باقي مدن القلمون الشرقي.
توصل النظام إلى اتفاق لإخراج مقاتلي “جيش الإسلام” من الضمير، مقابل تسليم أسلحته الثقيلة والمتوسطة قبل أن تتم عملية الإجلاء
كما ينص الاتفاق بين الجانبين على خروج مقاتلي الفصائل والمدنيين الراغبين بمغادرة المدينة إلى ريف حلب، وسط تعهدات من الجانب الروسي بحماية من أراد البقاء من المدنيين، كما تضمن الاتفاق عدم السماح للميليشيات الإيرانية بدخول المدينة، وفتح مركز للشرطة العسكرية الروسية للإشراف على الأمن ومنع السرقات.
وفي السياق قالت قاعدة “حميميم” عبر صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي السبت: “مدينة الضمير في منطقة القلمون الشرقي، باتت تحت سيطرة قوات النظام بشكل كامل”، وذكرت أن الممر الإنساني المؤقت الذي نظمه الطرف الروسي، تم من خلاله إجلاء 389 مسلحًا من جيش الإسلام و1305 من أفراد أسرهم، حيث نُقلوا في 30 قافلة مرافقة بسيارات الأمن السوري إلى منطقة الباب في محافظة حلب.
وتوصل النظام إلى اتفاق لإخراج مقاتلي “جيش الإسلام” من الضمير، مقابل تسليم أسلحته الثقيلة والمتوسطة قبل أن تتم عملية الإجلاء.
السلاح الذي سلمته فصائل المعارضة
كان من بنود الاتفاق تسليم السلاح الثقيل للشرطة الروسية مقابل ضمان خروج الفصائل إلى الشمال السوري، وقد تم تسليم 16 دبابة صالح للعمل، و20 أخرى غير صالحة للعمل، إضافة إلى 20 صاروخ مضاد للدروع، و130 سيارة، كما سلمت 60 قطعة دوشكا وثلاثين هاون، و15 صاروخ للراجمات المحلية الصنع، وعشرات السيارات، وذلك بحسب مصادر مطلعة.
وصلت قافلة تضم مهجرين من مدينة الضمير في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق الجمعة، إلى ناحية جنديرس بعفرين في حلب شمالي سوريا
وتناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا وإحصاءات قالوا فيها إنه “تم تسليم النظام نحو 230 عربة ودبابة ومصفحة، ومئات المضادات، إضافةً لكميات كبيرة من السلاح والذخيرة”، فيما تظهر الصور عددًا من قذائف الهاون وصواريخ غراد وراجمات “صواريخ 107” التي يصل مداها بين سبعة إلى عشرة كيلومترات، إضافةً إلى آليات عسكرية ودبابات من نوع “T52″ و”T62″، ومنصة إطلاق “ستريلا” للصواريخ الباليستية متوسط المدى، كذلك صواريخ “إسلام 5″ و”إسلام 3” محلية الصنع.
مهجرو مدينة القلمون الشرقي يصلون ريف حلب الشمالي
وصلت قافلة تضم مهجرين من مدينة الضمير في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق الجمعة، إلى ناحية جنديرس بعفرين في حلب شمالي سوريا، وعبرت القافلة صباحًا من معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب التي تسيطر عليها فصائل “درع الفرات”، واتجهت بعدها نحو مدينة إعزاز من ثم إلى ناحية جنديرس، حيث من المفترض أن يسكن المهجرون في مخيم ومنازل.
منسقو استجابة شمال سوريا قالوا إن هذه الحافلات تقل 1694 شخصًا بينهم حالة إسعافية واحدة، دون تحديد أعداد المقاتلين أو النساء والأطفال فيها، كما ضمت القافلة 9 سيارات مدنية وسيارتي إسعاف، إضافة لسبع حافلات فارغة للطوارئ، وحافلة واحدة محملة بحقائب المهجرين.
كما وصلت القافلة الثانية ريف حلب الشمالي اليوم الأحد، إلى معبر أبو الزندين المقابل لمدينة الباب الواقعة تحت سيطرة المعارضة حيث تضم القافلة 1150 شخصًا و36 حافلة إضافة إلى سيارة إسعاف محملة بالمرضى وسيارة فارغة، إضافةً إلى سيارتين مدنيتين.
وبدأت حافلات المهجرين بالخروج من مدينة الضمير مساء الخميس، بعد أن أعطت روسيا مهلة حتى يوم الأحد للراغبين بالخروج معتبرة من يبقى بعد ذلك موافق على الاتفاق، وشهدت منطقة القلمون الشرقي معارك عنيفة وحملات عسكرية شنها النظام على المنطقة في الأيام الماضية لإجبار السكان والفصائل على التهجير، حيث جرت مفاوضات بين الفصائل العسكرية والجانب الروسي انتهت بالاتفاق بين الطرفين على خروج جميع مقاتلي الفصائل من منطقة القلمون الشرقي إلى الشمال السوري.