سلّطت الوقفة الاحتجاجية التي نظَّمها ناشطون إريتريون أمام سفارة دولة الإمارات في كندا يوم الاثنين 27 أغسطس/ آب الحالي، الضوء على الجرائم التي ترتكبها القوات الإماراتية المتمركزة في قاعدة عصب بحق الصيادين من قومية العفر بإقليم دنكاليا على السواحل الإرترية في البحر الأحمر.
وقد أنشأ عدد من الناشطين الإرتريين خلال الأيام الماضية هاشتاق “دنكاليا_ليست_للبيع على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض تعريف الرأي العام بقضيتهم، حيث أوضحت الكاتبة والروائية الإرترية حنان صالح أن موقع بلادها الاستراتيجي هو سبب معاناة الشعب. بينما سأل بكري حميد عن “الخطأ الذي ارتكبه سكان القرن الإفريقي في حق الإمارات حتى تكشر عن أنيابها تجاهه”.
https://twitter.com/alkuwari_ameena/status/1033010954299162624
إقليم دنكاليا يضم بداخله ميناء عصب
ودنكاليا هو إقليم يقع في جنوب إريتريا عاصمته مدينة عصب (بها القاعدة الإماراتية)، تعيش فيه قومية العفر لوحدها تقريبًا. وتبدأ حدود إقليم دنكاليا من منطقة “رأس مديرا” الحدودية مع جيبوتي إلى “أرافولي” القريبة من ميناء مصوع. أما العفر أو العفار فهُم مجموعة عرقية من أصول يمنية تعيش في دول القرن الإفريقي منذ حوالي 500 عام، ويعد الشعب العفري من أقدم الشعوب الحامية التي انتشرت في القرن الإفريقي “إثيوبيا، إريتريا، جيبوتي” على امتداد سواحل البحر وهضبتي الحبشة “الإثيوبية والإريترية” منذ آلاف السنين. والعفر تربطهم صلات قرابة بشعوب أورومو، وسيداما والصومال والأكاو والبجا.
خريطة توضح حدود إقليم دنكاليا الإريتري
أبرز الاعتداءات الإماراتية
التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر وهو تنظيم إريتري معارض، اعتبر في وقتٍ سابق، أن القوات الاماراتية تتعمد استهداف المدنيين في هجماتها بالتركيز على الصيادين العزل واعتبر ذلك انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر إستهداف الصيادين والسفن والقوارب التابعة للمدنيين.
نجحت الوقفة الاحتجاجية أمام سفارة دولة الإمارات في أوتاوا بكندا في تعريف المهتمين بفظائع “عاصفة الحزم” بأن انتهاكات الحرب لم تقتصر على اليمن وحده بل امتدت إلى دول الجوار وتحديدًا سكان إقليم دنكاليا المحاذي للسواحل اليمنية
وفصّل البيان موضحًا إن مروحية إمارتية قصفت قارب صيد إريتري في المياه الإقليمية يوم السبت 18 أغسطس/ آب الحالي مما تسبب بإصابة صاحب القارب أحمد عمر إلى جانب إثنين من رفاقه. بينما ذكر تقرير لصحيفة السلام المتخصصة في شؤون القرن الإفريقي أن طائرات التحالف في البحر الأحمر قصفت الشهر الماضي 3 قوارب صيد أخرى بالقرب من أرخبيل دهلك الإريتري أدى ذلك إلى سقوط 4 جرحى أحدهم بحالة حرجة جدًا والثلاث الآخرون إصاباتهم بالغة.
وأوضح مصدر للصحيفة قوله إن المروحية الإماراتية استهدفت القوارب الثلاثة بشكلٍ مباشر وتم إطلاق النار من داخل المروحية على قارب كان مقطورًا بقارب آخر مما أدى إلى غرق القارب المقطور في البحر كليًا. وأوردت السلام أن المصابين هم رمضان محمد صالح، ومسلم سليمان عبد الله، وسراج عوض عيد، ومحمد عبدو جعيدي.
وقفة احتجاجية للارترين المقيمين في كندا امام سفارة دولة الإمارات تنديدا بقصف الصيادين الارترين من قبل الإمارات #دنكاليا_ليست_للبيع pic.twitter.com/TwbRlKMDwb
— Bakri Humed 😃✌🏽 (@BakreiH) August 27, 2018
ومن جهته، قال إسماعيل قبيتا المدير التنفيذي لمنظمة عفر البحر الأحمر لحقوق الإنسان في لندن، إن القوات الإماراتية الموجودة في إريتريا تقتل عشرات الصيادين العفريين، وتنفذ حملة شعواء وتعديًا سافرًا على المواطنين في إقليم عفر البحر الأحمر بالتواطؤ مع النظام الإريتري، لافتًا إلى أن القوات الإماراتية أغرقت أكثر من 50 زورقًا للصيد.
وأكد قبيتا أن الإمارات تسعى للهيمنة على حركة الملاحة في باب المندب. مضيفًا أن قوات أبوظبي التي وصفها ب”المحتلة” تجاوزت جميع الاعراف الدولية، حيث منعت شعب عفر البحر الأحمر من العمل في البحر وصيد الأسماك وهو مصدر رزقهم الأساسي، كما منعتهم من استخراج الملح من الأحواض التي تعود ملكيتها لهم.
#دنكاليا_ليست_للبيع
موقع إرتريا الاستراتيجي هو سبب معاناة شعبها ..
يارب 🤲 اجعل الأمر خير لنا لا نقمة علينا.
و اكبح شر كل من يؤذينا .— Hanan M Saleh (@HananMSaleh) August 24, 2018
وفي حديثٍ خاص ل”نون بوست”، قال الصحفي بجريدة السلام شِفا العفري إن “الشعب الإرتري بصفة عامة والشعب العفري بصفة خاصة يعاني الأمرين من نظام أسياس أفورقي، مبينًا أن اتفاقية السلام بين بلاده وإثيوبيا لم تحمل أي انفراجة للشعب الإرتري وليست هناك أي بوادر للتحسن حتى الآن”.
ويضيف العفري “دولة الإمارات تستأجر ميناء عصب، كما بنت ميناءً عسكريًا ومعسكرًا ومدرجًا للطائرات الحربية شمال عصب في منطقة مكعكا، وأُقيمت القاعدة ــ بحسب شفا ــ في منطقة كانت تعتبر مصدر دخل للسكان حيث يعمل الآلاف في استخراج الملح تم تشريدهم حاليًا، والأخطر من هذا كله قصف الطيران الإماراتي لقوارب الصيادين في البحر عشرات الحوادث صارت منذ أن دخلت القوات الإماراتية قبل 3 سنوات، وتزعم حكومة أبوظبي أن الصيادين يهربون السلاح للحوثي، وتحاول أن ترهبهم من السفر الي اليمن فمصدر تموينهم هي اليمن منذ القدم يبيعون الصيد هناك ويشترون المؤن الغذائية ليعيلوا عائلاتهم” .
القاعدة الإماراتية في عصب الإرترية
ويقدر حقوقيون إريتريون عدد من شرّدتهم الإمارات من قرية مكعكع وحدها بأنهم ألف، وفروا إلى إثيوبيا وجيبوتي، وحتى إلى اليمن الغارق في الحرب، فضلا عن آلاف آخرين ممن كانوا يعتمدون عليها بواحاتها وسباخها (ملاحاتها) الوفيرة كما يطلق عليها السكان.
ويصف الشاب إبراهيم محمد عمر الذي لجأ إلى إثيوبيا الجنود الإماراتيين بأنهم “وحوش، يمارسون الغطرسة والإذلال على الشعب المسكين، ويعاملوننا كأننا حيوانات”. ويتفنن الجنود الإماراتيون في إذلال السكان، ويرفض هؤلاء حتى رد السلام ويقابلونه بالاستهزاء والسخرية، وفق شهادة للناشط الشبابي إبراهيم أحمد وطابقتها شهادات أخرى من عدد كبير من الإريتريين ممن التقاهم الصحفي بقناة الجزيرة محمد غلام في إثيوبيا أواخر العام الماضي.
ويقول إبراهيم محمد عمر “حينما نطلب منهم الماء المحلَّى ونحن عطشى في أرض مسبخة يرفضون، وقد يرمون لك قنينة في الأرض فإن سعيت إليها بادروا بتفحيط سياراتهم ليملؤوا وجهك بالأرض ويذلوك”. ويبدو أن الجراح التي خلفتها الإمارات في ذاكرة الإريتريين عصيّة على الاندمال.
#جنيف_31 #دنكاليا_ليست_للبيع pic.twitter.com/CBv87lt5YQ
— Qalam Caxxa محمدموسى (@QlamCaxxa) August 31, 2018
مظاهرة إرترية أخرى في جنيف 31 أغسطس
تعد قيادات المعارضة الإرترية لتنظيم مظاهرة جديدة في مدينة جنيف السويسرية يوم الجمعة المقبل 31 أغسطس/آب وذلك بهدف وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته وللتذكير بأن إرتريا لا تزال مصنفة ضمن أسوأ الدول في سجل حقوق الإنسان، ويطلق عليها “كوريا الشمالية إفريقيا”، إذ تشير التقارير إلى أن آلاف المواطنين الإرتريين يهجرون بلدهم كل شهر، أغلبهم يهرب من الخدمة العامة في الجيش، وللحكومة هناك نظام تجنيد فريد من نوعه إذ يمكن للشاب أو الشابة أن يمضي في الخدمة العسكرية 10 سنوات أو يزيد، قسرًا وبلا مقابل، حتى إن السلطات قد تُجند أفرادًا تجاوز عمرهم الـ50 بل والـ70 أيضًا، لذلك يضطر الإرتريون إلى الهجرة من جحيم النظام الحاكم والأوضاع الاقتصادية الصعبة إلى دول الجوار حيث يشكل السودان وإثيوبيا الحاضن الرئيس لهم.
وتؤكد قيادات المعارضة الإرترية وعامة المواطنين أن اتفاقية السلام التي تم توقيعها بين إثيوبيا وإرتريا مؤخرًا لم تنعكس بأي شكل على وضع المواطنين فما يزال القمع مستمرًا والمواطن الإرتري لا يستطيع السفر إلى إثيوبيا ولا غيرها من بلدان العالم!
ووجه عبد الرازق سعيد قليواي عضو اللجنة التحضيرية لمظاهرة جنيف 31 أغسطس الدعوة لكل الإرتريين بمختلف مشاربهم وطوائفهم وانتماءاتهم السياسية أن يدعموا المظاهرة ويشكلوا الحضور القوي لأنها فرصة متاحة للتعبير الحر أمام كل العالم تهدف إلى التصدي القوي لمخططات النظام الذي يسعى لإخفاء صوت الحق والعدل ويريد خنق صوت المواطنين. لافتًا إلى أن العديد من النشطاء في أوروبا وأمريكا وعدوا بالحضور والمشاركة في الفعالية.
في الأساس لم تكن الإمارات بحاجة إلى المزيد من تشويه سمعتها في منطقة القرن الإفريقي باستهداف الصيادين الإرتريين الأبرياء
إلى ذلك، تعد الوقفة الاحتجاجية التي نظمها شباب إرتريون يوم الاثنين الماضي أمام سفارة الإمارات في كندا، إلى جانب مظاهرة جنيف المتوقعة الجمعة القادمة من شأنهما لفت انتباه المنظمات العالمية والمهتمين بقضايا حقوق الإنسان وحتى الرأي العام إلى أن المصالحة التي تم توقيعها الشهر الماضي بين إثيوبيا وإرتريا، لم يكن الشعب الإرتري طرفًا فيها وأن أسياس أفورقي لم يتخذ أي خطوة إصلاحية كتلك التي اتخذها آبي أحمد في إثيوبيا بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ضمن إجراءات إصلاحية بدأها رئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين الذي أمر بإغلاق معتقل “ميكالاوي” أكبر سجن سياسي في البلاد قبل استقالته بحوالي شهر.
كما نجحت الوقفة الاحتجاجية أمام سفارة دولة الإمارات في أوتاوا بكندا في تعريف المهتمين بفظائع “عاصفة الحزم” بأن انتهاكات الحرب لم تقتصر على اليمن وحده بل امتدت إلى دول الجوار وتحديدًا سكان إقليم دنكاليا المحاذي للسواحل اليمنية حيث تنطلق الهجمات الجوية الإماراتية والسعودية من قاعدة أبوظبي العسكرية في ميناء عصب الإرتري.
وفي الأساس لم تكن الإمارات بحاجة إلى المزيد من تشويه سمعتها في منطقة القرن الإفريقي باستهداف الصيادين الإرتريين الأبرياء فقد كان طردها من الصومال وجيبوتي مؤشرًا واضحًا على أدوارها المشبوهة في المنطقة.