بعد مرور أكثر من 10 أيام على الاختفاء المريب للصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول، تتفاعل القضية وتزداد معها فظاعة الصدمة التي تتجاوز في تفاصيلها وأبعادها شخص الصحفي السعودي إلى رمزه، وتضع باختفائه علاقة بلاده بحلفائها الغربيين الأقوياء على المحك أمام يناريوهات قد تهدم كل جهود السعودية لتحسين صورتها أمام العالم، وتعيد النظر في طبيعة العلاقات الدولية مع قيادة تسعى لتسويق صورة منفتحة وعصرية بينما ممارساتها نقيضٌ لذلك.
لكن يبدو أن القضية تتجاوز حقل ردود الفعل السياسية إلى تأثيراتها الاقتصادية على المملكة، فاختفاء الرجل الذي يكتب في صحيفة واشنطن بوست سرعان ما ألقى ظلاله على المؤتمر الاستثماري “مبادرة مستقبل الاستثمار للعام 2018″، المعروف باسم “دافوس في الصحراء”، والذي من المقرر أن يبدأ في 23 تشرين الأول/ أكتوبر ويستمر ثلاثة أيام، تحت رعاية الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبرئاسة الأمير محمد بن سلمان، بمناصبه المتعددة، كولي للعهد، ونائب لرئيس مجلس الوزراء، ورئيس لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ورئيس لمجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة.
ومع تزايد الغضب بشأن اختفاء الصحفي السعودي تواجه خطط ولي العهد السعودي لجذب المستثمرين وتحويل اقتصاد بلاده تهديدات قاتلة بعد إعلان أسماء بارزة في عالم الأعمال فك ارتباطها بمشروع “نيوم” الذي يعتقد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنه سيبني “طريقة جديدة للحياة”، ويرسي قواعد “مدينة الأحلام”، بل وانسحاب صحف عالمية مرموقة من رعايتها لمبادرات بن سلمان.
مجريات الأحداث تشير إلى أن يكون جو المؤتمر مختلفًا تمامًا عن جو نسخته الأولى التي جرت في 2017.
بداية مقاطعة اقتصادية غربية للسعودية
منذ أن ألقى المسؤولون الأتراك باللائمة على السعودية في اختفاء الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر الجاري، وتواردت أنباء الصحف ووسائل الإعلام العالمية عن التورط السعودي في مقتله، بدأ المستثمرون الأجانب بإعادة فحص علاقتهم مع ولي العهد محمد بن سلمان ومشاركتهم في خططه لإصلاح اقتصاد بلاده.
أعلنت شركات غربية كبيرة ومؤسسات إعلامية ذائعة الصيت وعدد من المستثمرين الكبار والشخصيات المرموقة مقاطعة المؤتمر الاستثماري الكبير في السعودية
ومنذ انطلاق الدورة الأولى للمؤتمر، يعوِّل السعوديون كثيرًا على إنقاذهم من الملف الأكثر إزعاجًا لصانعي السياسة السعوديين، فهذه المبادرة تسعى في هذا العام – بحسب القائمين على المؤتمر – إلى مواصلة استكشاف الاتجاهات والفرص التي ستساهم في تحقيق عائدات وآثار إيجابية مستدامة وبناء شبكة تضم أهم الأطراف المؤثرين في الساحة العالمية.
وبحسب الموقع الإلكتروني للمؤتمر، يجتذب المؤتمر في دورته الثانية بعضًا من نخبة الأعمال في العالم ومنهم كبار مستثمري “وول ستريت” ورؤساء شركات متعددة الجنسيات في مجالات الإعلام والتكنولوجيا والخدمات المالية، لكن مجريات الأحداث تشير إلى أن يكون جو المؤتمر مختلفًا تمامًا عن جو نسخته الأولى التي جرت في 2017.
ويبدو أن الأمور ستسير بطريقة مغايرة لما هو مخطط له، فأي تورط للقيادة السعودية أو أجهزتها الأمنية في قضية اختفاء خاشقجي سيؤثر سلبًا على مستقبل الشراكات الاقتصادية للمملكة مع المؤسسات والأفراد الدوليين الذين يتوجسون من أي خرق محتمل للقانون الدولي والحريات العامة، لذلك فهم “يرفضون وضع أيديهم مع هؤلاء”.
وفي خطوة غير مسبوقة منذ ظهور قضية إختفاء المنتقد البارز للسياسات السعودية، أعلنت شركات غربية كبيرة ومؤسسات إعلامية ذائعة الصيت وعدد من المستثمرين الكبار والشخصيات المرموقة مقاطعة المؤتمر الاستثماري الكبير في السعودية، فيما ألغت أطراف أخرى تعاقداتها مع السعودية أو أوقفت محادثاتها مع الرياض بشأن استثمارات أو مشروعات محتملة يرعاها ولي العهد محمد بن سلمان، ريثما تتضح الصورة بشأن خاشقجي.
حصار اقتصادي لمؤتمر ومشروعات #MBS على وقع استمرار تكشف فضائح اختفاء #جمال_خاشقجي
#stopfii
صحيفة #نيويورك_تايمز @nytimes انسحبت من رعاية المؤتمر.
شبكة @CNN أعلنت انسحابها من المؤتمر.
المدير التنفيذي لشركة @Uber أعلن عدم مشاركته كمتحدث في المؤتمر.— سي سلامة عبد الحميد (@salamah) October 12, 2018
مقاطعات بالجملة.. مستقبل الاستثمار يواجه خطر الوقوف وحيدًا
شهد مؤتمر “مبادرة الاستثمار المستقبلي” قبل انطلاقه بأسبوعين تقريبًا، مجموعة إلغاءات بدأتها مؤسسات إعلامية – لعب بعض كتابها دورًا في الترحيب باصلاحات ولي العهد السعودي – بإعلانها التخلي عن المؤتمر الذي سيُعقد في الرياض؛ ما يعني رفض كبرى وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية أن تكون شريكة للسعودية التي تحتل المراتب الأخيرة في مجال حرية الصحافة.
The @nytimes has pulled its sponsorship of the FII investment conference in Riyadh, which is hosted by the Saudi crown price.
— Michael M. Grynbaum (@grynbaum) October 10, 2018
كانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أول من أعلن انسحابه من رعاية المؤتمر الذي يُنظم برئاسة محمد بن سلمان، بعد أن انتقدت صحيفة “واشنطن بوست” – التي يعد خاشقجي أحد كتاب الرأي فيها – مؤسسات إعلامية أمريكية لموافقتها على رعاية مؤتمر الرياض. ومن بين الرعاة شبكات “سي أن أن وبلومبيرغ وفوكس”، بالإضافة إلى قناة “العربية” السعودية.
The Financial Times will not be partnering with the FII conference in Riyadh while the disappearance of journalist Jamal Khashoggi remains unexplained.
— Finola McDonnell (@FinolaMcD) October 12, 2018
وفي الوقت الذي أصبح فيه ولي العهد السعودي هدفًا للانتقادات من كل اتجاه، سحبت “فايننشال تايمز” البريطانية مشاركتها كراعٍ للمؤتمر، واعتبر متابعون أن بعض الصحف الأمريكية تتضامن بشكل عملي مع الصحفي خاشجقي من خلال هذه الخطوة.
أبرز المؤسسات المنسحبة حتى الساعة من مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض على خلفية قضية #جمال_خاشقجي: نيويورك تايمز، سي أن أن، فايننشل تايمز, سي ان بي سي, ذي إيكونوميست, ثرايف غلوبال#stopfii
— layal h (ليال حداد) (@layalhaddad) October 12, 2018
أما آخر المنضمين إلى الحملة فكانت شبكة “سي إن بي سي” التي أضافت اسمها إلى القائمة المنسحبة من المؤتمر، كما أعلنت شبكة “سي إن إن” الأميركية، أمس الجمعة، عن إلغاء شراكتها في المؤتمر، كما أشارت إلى أن مراسليها لن يحضروا المؤتمر.
I’m terribly distressed by the disappearance of journalist Jamal Khashoggi and reports of his murder. I will no longer be participating in the Future Investment Initiative in Riyadh.
— Andrew Ross Sorkin (@andrewrsorkin) October 11, 2018
كما أن عددًا من كبار الشخصيات الإعلامية والصحفيين المشهورين أعلنوا انسحابهم من المؤتمر، فقد أعلن المذيع الأمريكي في شبكة “سي إن بي سي”، وكاتب المقالات في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أندرو روس سوركين أنه لن يشارك في المؤتمر لشعوره “بالانزعاج الشديد من اختفاء الصحافي جمال خاشقجي والتقارير عن مقتله”.
ومن ضمن المقاطعين للمؤتمر أيضًا رئيسة تحرير مجلة “ذا إكونومست” البريطانية، زاني مينتون بيدوكس، التي أعلنت عدم المشاركة بالمؤتمر، وكذلك فعل الرئيس التنفيذي لشركة “فياكوم” الإعلامية بوب باكيش، والذي أعلن أنه لن يحضر المؤتمر السعودي، بعدما كان على قائمة المتحدثين فيه، كما انسحبت أريانا هافينغتون من المؤتمر، وفقًا لما ذكره متحدث باسم شركتها “ثرايف غلوبال”.
اختفاء خاشقجي دفع عدد من المستثمرين المعروفين إلى الانسحاب من مشروع “نيوم”
عالم التجارة والمال يدير ظهره أيضًا لمؤتمر للاستثمار
الحملة المنسقة على السعودية لا تنحصر في وسائل الإعلام والأوساط السياسية والنشطاء والشخصيات الإعلامية البارزة فقط، بل امتدت إلى مجتمع الاستثمارات العالمي، فقد أعلن الرئيس التنفيذي لشركة “أوبر” الأمريكية، دارا خسروشاهي، انسحابه من المؤتمر، لشعوره بالاضطراب حيال التقارير الواردة حول خاشقجي، ويعد موقف خسروشاهي ذي أهمية بالغة، كون صندوق الثروة السيادية في السعودية المملوك للدولة “صندوق الاستثمارات العامة” مساهم كبير في “أوبر”، إذا يستثمر بقيمة 3.5 مليار دولار في الشركة منذ عام 2016.
شهد مؤتمر “مبادرة الاستثمار المستقبلي” مجموعة الغاءات قام بها عدد من كبار الشخصيات قرروا أن من الأفضل عدم ربط اسمائهم بالسعودية في الوقت الحالي
وفي سياق متصل بالقضية ذاتها، علَّقت مجموعة “فيرجن غروب” التي يترأسها الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون محادثاتها مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي بشأن عدة مشاريع واستثمارات مزمعة بقيمة مليار دولار بمشروعات استثمارية محتملة في شركتي فيرجن غالاكتيك وفيرجن أوربيت الفضائيتين.
اختفاء خاشقجي دفع أيضًا عدد من المستثمرين المعروفين في وادي السليكون الأمريكي والشخصيات البارزة إلى الانسحاب من مشروع كبير آخر في السعودية، وهو مدينة “نيوم” الاقتصادية، الذي يرعاه محمد بن سلمان، فقد أعلن وزير الطاقة الأمريكي السابق إرنست مونيز أنه قرر تعليق دوره في مجلس يقدم خدمات استشارية للسعودية بشأن مشروع مدينة نيوم الاقتصادية. وكان مونيز واحدا من 18 شخصا يشرفون على مشروع نيوم الذي تبلغ كلفته 500 مليار دولار.
المدير التنفيذي لشركة أوبر دارا خوسرو وشاحي أعلن عدم مشاركته كمتحدث في المؤتمر السعودي للاستثمار تضامنا مع #جمال_خاشقجي
ولذلك نقول #stopfii pic.twitter.com/lF8vABxGRL— أسامة جاويش (@osgaweesh) October 12, 2018
وتزامن قرار الوزير الأمريكي مع حديث عن انسحاب محتمل لشركة “آبل” من مشروع نيوم، والتي قالت إن ظهور اسم رئيس التصميم بالشركة “جوني آيف” في تلك القائمة كان خطأ، وقد يكون لانسحاب ممثل “آبل” علاقة بالانتقادات التي قوبل بها إعلان انضمام أسماء بارزة في عالم الأعمال في مشروع نيوم على خلفية اختفاء خاشقجي.
وتضمنت قائمة المشاركين بالمجلس الاستشاري لمشروع نيوم – التي نشرتها وسائل إعلام سعودية – عددًا من الشخصيات التي يبدو أنها قررت النأي بنفسها عن المشروع، إذ قال متحدث باسم شركو “سايد ووك لابس” – وهي من الشركات الزميلة لـ”غوغل”- إن ظهور اسم رئيس الشركة دان دوكتوروف بقائمة مستشاري نيوم كان خطأ، وإنه “ليس عضوًا بالمجلس الاستشاري لنيوم”.
I was looking forward to returning to Riyadh this month to speak at the Future Investment Initiative conference, and participate in a Red Sea Project meeting. In light of recent events, I have decided to put my plans on hold, pending further information regarding Jamal Khashoggi.
— Steve Case (@SteveCase) October 11, 2018
كما شهد مؤتمر “مبادرة الاستثمار المستقبلي” مجموعة الغاءات قام بها عدد من كبار الشخصيات قرروا أن من الأفضل عدم ربط اسمائهم بالسعودية في الوقت الحالي، حيث قرر الملياردير ستيف كيس، أحد مؤسسي “إيه أو إل” أن ينأى بنفسه عن السعودية ريثما تتضح الصورة بشأن خاشقجي، وكذلك أوقف المستثمر سام ألتمان رئيس شركة “واي كومبينيتور”، والمستثمر تيم براون الرئيس التنفيذي شركة “آيديو” الأميركية براون، محادثاتهما مع الرياض بشأن استثمارات أو مشروعات محتملة.
من زواية أخرى، بددت سياسات ابن سلمان في ملاحقة المعارضين أسطورة العلاقات العامة التي صُرِف عليها جيدًا، والتي ورَّطت بعض الشخصيات التى روَّجت لولي العهد، حيث أنهت مجموعة “هاربور غروب”، وهي شركة تعمل في مجال العلاقات العامة في واشنطن، وتقدم خدمات استشارية للسعودية منذ أبريل/نيسان 2017، بموجب عقد قيمته 80 ألف دولار في الشهر.
الاقتصاد السعودي يدفع ثمن سياسات ابن سلمان
أخذت قضية خاشقجي بعدًا عالميًا وتعاطفًا شعبيا؛ مما جعل القرار السعودي في وضع لا يُحسد عليه، وبحسب محللين“إذا ثبت تورط القيادة السعودية أو أجهزة الأمن بالمملكة في أي خرق للقانون الدولي والحريات العامة وحقوق الإنسان؛ فإن ذلك سيؤثر بشكل كبير سلبًا على المؤسسات الدولية والأفراد المستقلين بالتعامل مع المملكة، وسيلحق أضرارًا كبيرة بالمملكة وبمصالحها الاقتصادية وشراكاتها الاستثمارية الحالية والمستقبلية”.
ويثير اختفاء خاشقجي في إسطنبول أسئلة جديدة حول سمعة ولي العهد محمد بن سلمان كمصلح، وتشكل التطورات السياسية شكوكًا متزايدة في التوقعات الاقتصادية”، كما أنّ القضية تمثّل مستوى جديداً من المخاطر بالنسبة إلى المستثمرين الذين يشعرون بالفعل بالقلق من السعودية.
مع توالى الاانسحابات من المؤتمر توقع تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية أن تسفر المقاطعة عن فشل ذريع للمؤتمر
وتعكس مواقف بعض الشركات والشخصيات السياسية والمنابر الإعلامية من قضية خاشقجي مستوى القلق والتوتر الكبير لدى هؤلاء وعند المستثمرين وصناع القرار بشكل عام من مدى الرعونة التي يتسم بها القرار السعودي في المرحلة الحالية، كما تعكس مخاوف الارتباط بأنظمة على هذا المستوى من التفكير والتخبط والتهور غير محسوب العواقب، فالكثيرون يعتقدون أن تكلفة هذا المشروع تفوق الإمكانات الاقتصادية للسعودية.
ومع توالى انسحاب شركات تجارية كبرى ومؤسسات إعلامية بارزة ومستثمرين كبار من المشاركة في المؤتمر، توقع تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية أن تسفر المقاطعة عن فشل ذريع للمؤتمر، وهو ما عدته الصحيفة الملف الأكثر إزعاجا لصانعي السياسة السعوديين، بالتوازي مع تهديد بعيد المدى عن إمكانية حظر بيع السلاح الأميركي للرياض.
بعد نجاح حملة المقاطعة واستمرارها على مواقع التواصل وبعد انسحاب جميع المؤسسات الإعلامية الأمريكية من رعاية هذا المؤتمر وانسحاب أبرز المتحدثين اعتراضا على ما حصل مع #جمال_خاشقجي
الموقع الرسمي لمؤتمر الاستثمار السعودي يحذف خانة البحث عن المتحدثين ويعدل أسماء الرعاة #stopfii— أسامة جاويش (@osgaweesh) ١٢ أكتوبر ٢٠١٨
وبحسب محللين، فإن مثل هذا التخبط في السياسات والقرارات المتهورة غير محسوبة العواقب تخيف المستثمرين وتحدث تصدعًا في مصداقية السياسات وقابليتها للاستدامة في المملكة، وبالتالي تخلق مناخا طاردا للاستثمار وتؤدي إلى عزوف المستثمرين وخروج رؤوس الأموال، على عكس ما تخطط وتطمح إليه المملكة.
وفي حديث لصحيفة “وول ستريت جورنال“، ترى كارين يونغ الباحثة المقيمة في معهد “أميركان إنتربرايز”، وهو مركز أبحاث في واشنطن، أن قضية خاشقجي تمثل “لحظة اختيار” بالنسبة إلى المستثمرين، وما إذا كانوا يرغبون في الارتباط مع بن سلمان، وتقول “بالنسبة إلى كبار المديرين التنفيذيين رفيعي المستوى، هذه ليست لحظة مناسبة لالتقاط الصور”.
الغرب في شقه الأمريكي فقد لا تقوده قضية خاشقجي إلى قطع العلاقة الاقتصادية
وبشكل أوسع، قد تكون لقضية خاشقجي تأثيرات على طبيعة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين السعودية وتركيا في حال ظهور أي ارتباط للمملكة باختفاء هذا الصحفي، من جهة المبادلات التجارية، أو الاستثمارات البينية والقطاع السياحي، وتبلغ المبادلات التجارية بين أنقرة والرياض في الوقت الحالي 6 مليارات دولار.
أما الغرب في شقه الأمريكي فقد لا تقوده قضية جمال خاشقجي إلى قطع العلاقة الاقتصادية، ففي الوقت الذي قررت أسماء كبيرة مقاطعة المؤتمر – على خلفية الاستياء من اختفاء خاشقجي – صرح وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين بأنه لا يزال ينوي الحضور، وفي الوقت نفسه، فإن موقف هذه المؤسسات يأخذ دائمًا طابعًا براغماتيًا يرتبط بحرصها على استمرار نجاحاتها أولاً.
Dear @CNN & @Bloomberg & @FinancialTimes & @nytimes & @CNBC & @FoxBusiness,
Are you going to actually still go to the Saudi Arabian Future Investment conference headed up by Mohammed bin Salman after it appears he had a @WashingtonPost journalist killed?https://t.co/ViuJU89Atz pic.twitter.com/YMFn5PPs3g
— Shaun King (@shaunking) October 10, 2018
ورغم هذه المواقف إلا أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب أوضح في تصريحات أغضبت مؤيدي خاشقجي، أن تداعيات اختفاء الصحافي ستكون محدودة، وقال ترامب “إنهم ينفقون 110 مليارات دولار على المعدات العسكرية وأمور تؤمن الوظائف”. وأضاف أن السعوديين “سيأخذون هذه الأموال وينفقونها في روسيا أو الصين أو أي مكان آخر”.
وبلغة السياسة والمصالح لا شيء يجبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على محاسبة شريكه السعودي الثري على أي تورط له بقضية خاشقجي، فعلاقة واشنطن بالرياض لم تتأثر رغم تدميرالأخيرة لبلد مثل اليمن، فكيف تتأثر بقضية صحفي؟ فالسعودية عنصر مهم في تحريك الاقتصاد وشراء السلاح من الولايات المتحدة.