“استخدام القوة الناعمة كأداة للسياسة الخارجية يعد جزءًا من الإستراتيجية في علاقاتنا مع دول الشرق الأوسط”، بهذه الكلمات دافع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي ردًا على سؤالٍ طُرح من أحد الأكاديميين عن تخوفه من أن تطور العلاقات مع دول الشرق الأوسط سيكون له تأثير سلبي على استقرار البلاد.
كانت مداخلة الأكاديمي المذكور مع رئيس الوزراء في أثناء حديث للأخير في منتدى “أديس ووغ” الذي انعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أواخر الشهر الماضي، وواضح أن السائل كان يقصد بمداخلته علاقات إثيوبيا مع دولتي قطر والإمارات في ظل استمرار الأزمة الخليجية التي اقتربت من دخول عامها الثالث، ولكن إجابة آبي أحمد كانت في منتهى الإقناع حين قال: “لا يوجد في السياسة تصنيف الدول بالصديق والعدو لأن هذا الشيء يضر البلاد”، وتابع قائلاً: “هناك أكثر من 20 ألف مواطن إثيوبي يعيشون في قطر والإمارات، وفكرة قطع العلاقات مع قطر أو الإمارات ليست منطقية، بل ينبغي العمل مع هذه الدول لمحاربة الفقر وتطوير البلاد”.
سنحاول في هذه المقالة، التطرق إلى السياسة الخارجية التي اعتمدها رئيس الوزراء الإثيوبي خلال العام الأول من توليه الحكم، وكيف نجح في الترويج إلى صورةٍ إيجابيةٍ مختلفة عن بلاده باستخدام القوة الناعمة والزيارات الخارجية إلى جانب الخطابات الجماهيرية المؤثرة والاهتمام بالإعلام خاصة وسائل التواصل الاجتماعي.
أتذكر مساء يوم الـ27 من مارس/آذار للعام الماضي “2018”، عندما بثّت هيئة الإذاعة والتليفزيون الإثيوبية نبأً عاجلاً يفيد بأن ائتلاف “الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية” الحاكم هناك اختار آبي أحمد علي ليكون رئيسًا له وبالتالي يصبح رئيس الوزراء بشكل تلقائيّ، خلفًا لهايلي مريام ديسالين الذي استقال عن منصبه طواعيةً في فبراير/شباط من العام نفسه بشكل مفاجئ.
تسلّم آبي أحمد من سلفه هايلي مريام مقاليد الحكم لثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان وواحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في القارة السمراء بل على مستوى العالم
في تلك الأيام كنتُ موجودًا في إثيوبيا وتوقعتُ أن يطغى خبر تعيين رئيس جديد للحكومة على نقاشات المواطنين الإثيوبيين في كل مكان كما هي العادة في دولنا، ولكن لم يكن هناك صدى كبير يوازي الحدث السياسي الضخم، وإن أظهر بعض الشباب تفاؤلاً بقدوم رئيس وزراء جديد، فإن الغالبية من السكان لم يهتموا كثيرًا وانشغلوا بتفاصيل حياتهم والتزاماتهم المعتادة.
لكنّ خطاب رئيس الوزراء المنتخب آبي أحمد بعد أن صادق البرلمان بالأغلبية على قرار تعيينه حمل لهجة تصالحية غير معتادة، إذ اعتذر عن الانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية في حق المعارضين، وتعهّد بإجراء إصلاحات ديمقراطية سعيًا منه لإنهاء الاضطرابات التي بدأت من مسقط رأسه في منطقة أوروميا منذ العام 2015، وتعهد كذلك بالعمل لأجل إحلال السلام مع إريتريا الجارة اللدود لبلاده.
تسلّم آبي أحمد من سلفه هايلي مريام مقاليد الحكم لثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان وواحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في القارة السمراء بل على مستوى العالم، وتمتلك شركات الطيران الأولى في إفريقيا، غير أن ديسالين رأى أن يتنازل طواعيةً ليكون جزءًا من الحل لأزمة سياسية وعرقية كادت أن تعصف باستقرار الدولة المحورية في المنطقة، قائلًا إنه يريد تغيير الصورة النمطية لقادة إفريقيا الذين يتمسكون بكرسي الحكم ويرفضون التنازل عنه.
جولة على دول الجوار والخليج
فور انتخابه شرع آبي أحمد في القيام بزيارات داخلية وخارجية واسعة النطاق، هدفت جولاته الداخلية إلى طمأنة أهالي الأقاليم التسع، والتفاكر مع قادتها في كيفية إحلال السلام والحفاظ على التعايش بين المكونات العرقية التي يزيد عددها على 80 قومية، بينما أراد من جولاته الخارجية التي استهلها من جيبوتي وشملت السودان وكينيا وأوغندا وغيرها إلى توطيد العلاقات مع دول الجوار، والعمل على إطلاق سراح السجناء الإثيوبيين في هذه الدول.
رغم المحاولات الحثيثة التي قادتها أبوظبي والرياض للسيطرة على رئيس الوزراء الإثيوبي الشاب ولتشويه صورة قطر بشتى السبل ومحاولة دمغها وتشويه سمعتها بمزاعم دعم الإرهاب والتطرف
أما الجولة الخارجية التي أثارت قدرًا كبيرًا من الاهتمام والجدل العالمي، فكانت زيارته آبي أحمد إلى كل من السعودية والإمارات منتصف مايو/أيار الماضي خاصة توقفه في أبو ظبي والاحتفاء الكبير الذي أبدته قيادة دولة الإمارات بالضيف الكبير، سيما أن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد قام برد زيارة آبي أحمد سريعًا، حيث توجّه لأول مرة في حياته إلى عاصمة إفريقية خلاف القاهرة، فزار أديس أبابا أول أيام عيد الفطر من العام الماضي، وأثمرت زيارته عن ضخ الإمارات في الاقتصاد الإثيوبي 3 مليارات دولار ما يعد دعمًا كبيرًا لرئيس الوزراء الجديد آبي أحمد.
ذاك الدعم الملياري الكبير نسبيًا والزيارات المتبادلة، إضافة إلى ما روّجت له الإمارات لاحقًا عن دور لعبته دولة الإمارات في اتفاق السلام الذي تم توقيعه بالعاصمة الإرتيرية أسمرة في يوليو/تموز الماضي بين آبي أحمد وأسياس أفورقي جعل كثيرين يعتقدون أن بوصلة أديس أبابا مالت تجاه أبو ظبي في الصراع الصفري الذي تشهده منطقة الخليج منذ يونيو/حزيران 2017، خاصة أن إثيوبيا في عهد هايلي مريام كانت أكثر ميلًا تجاه قطر.
ولكن ما كان غائبًا عن معظم الناس أن آبي أحمد استبق تحركاته مع الإمارات برسالةٍ خطيةٍ إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نقلها وزير الخارجية الإثيوبي ورقنيه قبيهو، لم يكشف مضمون الرسالة رسميًا، ولكن متابعات “نون بوست” تؤكد أنها رسالة طمأنة أراد رئيس الوزراء الشاب تثبيت موقف بلاده من الأزمة الخليجية، وأنه لن يتغير بزيارته إلى الرياض وأبو ظبي، وكان اختيار آبي أحمد لوزير خارجيته من أجل إيصال الرسالة اختيارًا موفقًا فهو يتمتع بعلاقةٍ شخصيةٍ قويةٍ مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والشيخ محمد بن عبد الرحمن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري.
رغم المحاولات الحثيثة التي قادتها أبو ظبي والرياض للسيطرة على رئيس الوزراء الإثيوبي الشاب ولتشويه صورة قطر بشتى السبل ومحاولة دمغها وتشويه سمعتها بمزاعم دعم الإرهاب والتطرف، فإن أديس أبابا حافظت على علاقات متميزة مع قطر، فلم تنقطع الوفود ولا الاتصالات بين البلدين وهذه إحدى دلائل تميز السياسة الإثيوبية ورؤيتها الواضحة.
مع وصول آبي أحمد لمنصب رئيس الوزراء حدث انفتاح ملحوظ لإثيوبيا مع دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما تعكسه الزيارات المتبادلة واللقاءات بين مسؤولين إثيوبيين وأوروبيين
أما الحدث الأكبر في مسيرة العلاقات بين الدوحة وأديس أبابا في عهد آبي أحمد “حتى الآن”، فكان وصول الرجل إلى العاصمة القطرية الدوحة أواخر مارس/آذار الماضي، والاستقبال الحافل الذي وجده الرجل بدءًا من تزيين كورنيش الدوحة بأعلام البلدين قطر وإثيوبيا، للترحيب بالزيارة الأولى للزعيم الثالث في مسيرة حُكم ائتلاف “الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية”، هذا إلى جانب مراسم الاستقبال الرسمية التي أُجريت له في الديوان الأميري وجلسة المباحثات الرسمية بين الطرفين إلى جانب البرنامج الحافل الذي أُعد له وشمل لقاءً منفصلًا مع نظيره القطري الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، وزياراته إلى متحف الفن الإسلامي وأكاديمية أسباير الرياضية.
انفتاح مع أوروبا
مع وصول آبي أحمد لمنصب رئيس الوزراء حدث انفتاح ملحوظ لإثيوبيا مع دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما تعكسه الزيارات المتبادلة واللقاءات بين مسؤولين إثيوبيين وأوروبيين وتتويجها في كثير من الأحيان بتوقيع اتفاقات تعاون جديدة أو تفعيل اتفاقات موجودة، وهو ما تمثل واضحًا في مشاركة الرجل بمنتدى دافوس الاقتصادي أواخر يناير/كانون الثاني، التي شهدت توقيع كل من إثيوبيا والاتحاد الأوروبي لاتفاقية تنموية بقيمة 130 مليون يورو في العاصمة البلجيكية بروكسل، وذلك وسط تأكيدات لرئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي جان كلود جنكر عن قوة الشراكة بين إثيوبيا والاتحاد الأوروبي، والرغبة الأوروبية في تعميقها.
وتعد هذه الاتفاقية حيوية لإثيوبيا حيث سيتم تخصيص نحو 50 مليون يورو منها لإيجاد فرص العمل تساهم في تخفيف البطالة، و35 مليون يورو للطاقة المستدامة ونحو 45 مليون يورو لإنشاء مناطق صناعية للتصنيع الزراعي في إثيوبيا وذلك وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن المفوضية الأوروبية.
إن كانت إثيوبيا تحتفظ بشراكة طويلة الأمد مع الاتحاد الأوروبي توّجت عام 2016 بتوقيع اتفاق شراكة إستراتيجية، يشمل التعاون الوثيق في مجالات السلام والأمن الإقليمي والتجارة والاستثمار والهجرة والتهجير القسري، ن العام الذي مضى من وصول آبي أحمد للسلطة قد شهد لقاءات عديدة ونشاطًا مكثفًا بين إثيوبيا والاتحاد الأوروبي
كما وقّع وزير المالية الإثيوبي أدماسو نبيبي اتفاقية أخرى مع رئيس وفد التعاون الأوروبي في إثيوبيا إيريك هابرس، لتقديم مفوضية الاتحاد الأوروبي منحة بقيمة 20 مليون دولار، لتحسين الصحة والتغذية في البلاد، وفسّر رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي للتعاون في إثيوبيا، أن المنح الأوروبية لإثيوبيا تركز على قضايا متعلقة بالصحة والممارسات الضارة وتنظيم الأسرة.
وإن كانت إثيوبيا تحتفظ بشراكة طويلة الأمد مع الاتحاد الأوروبي توّجت عام 2016 بتوقيع اتفاق شراكة إستراتيجية، يشمل التعاون الوثيق في مجالات السلام والأمن الإقليمي والتجارة والاستثمار والهجرة والتهجير القسري، فإن العام الذي مضى من وصول آبي أحمد للسلطة قد شهد لقاءات عديدة ونشاطًا مكثفًا بين إثيوبيا والاتحاد الأوروبي وصارت هناك جولات مكوكية متكررة ومتبادلة بين الطرفين بشأن دعم وتفعيل التعاون المشترك.
شملت هذه الجولات زيارة فيديريكا موجيريني نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي والممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، مؤخرًا لإثيوبيا ولقاءها مع رئيسة إثيوبيا سهلي ورق زودي في القصر الوطني، وإجراءها محادثات مع رئيس الوزراء آبي أحمد ووزير الخارجية ورقينيه قبيهو، وذلك امتدادًا للمناقشات التي أجراها الطرفان بشأن التعاون التنموي الذي عقد في بروكسل في أواخر شهر يناير الماضي، وقد علّقت موجيريني بقولها: “الاتحاد الأوروبي يدعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية في إفريقيا، وإثيوبيا لا تنفذ إصلاحًا سياسيًا بداخلها فقط وإنما في المنطقة بأكملها”.
هذا بالطبع إلى جانب العدد الكبير من القادة الأوربيين الذين زاروا إثيوبيا خلال العام الماضي، منهم الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي وصولًا إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيرهم.
المحافظة على العلاقات مع الصين والولايات المتحدة
نشير إلى أن اتفاقيات الشراكة الإثيوبية مع الاتحاد الأوروبي، لا تقتصر على النواحي السياسية والاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضًا قضايا الهجرة والشؤون الإنسانية، حيث زار المفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية، مخيمات إيواء في إثيوبيا لتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون يورو لتلبية احتياجات النازحين ومساعدة مليون لاجئ هناك، وكذلك لمعالجة الكوارث الطبيعية.
النجاحات التي حققها آبي أحمد في ملف السياسة الخارجية لإثيوبيا تعتبر مذهلة بالنظر إلى قصر الفترة التي مضت على توليه الحكم
وحافظت إثيوبيا في العام الذي مضى من حكم آبي أحمد على علاقتها مع القوى الكبرى التي تتصارع على القارة الإفريقية كالولايات المتحدة والصين، إلى جانب الهند وتركيا وهما من أكبر الشركاء للقارة السمراء.
آبي أحمد يواجه تحدي اختيار وزير خارجية جديد
بعد إنجازات آبي أحمد في ملف السياسة الخارجية التي سردنا بعضها، فإن أكبر تحدٍ يواجه السياسة الخارجية المعتدلة لإثيوبيا هو مغادرة وزير الخارجية المخضرم ورقينيه قبيهو للمنصب إذ عيّنه الأمين العام للأمم المتحدة رئيسًا لمكتبها في نيروبي خلفًا للغانيّة هانا تيتيه التي انتقلت إلى منصب الممثل الخاص للأمين العام بالاتحاد الإفريقي.
ومنصب وزير الخارجية في إثيوبيا من الأهمية بمكان لدرجة أننا يمكن أن نعده الثاني بعد رئيس الوزراء، ويلعب دورًا كبيرًا في التأثير على رئيس الحكومة وتوجيه السياسة الخارجية للدولة، ويلاحظ أن آخر وزيري خارجية في إثيوبيا انتقلا من المنصب إلى وظائف عالمية مرموقة فالوزير السابق تيدروس أدهانوم أصبح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية وها هو قبيهو يصبح رئيس مكتب الأمم المتحدة في نيروبي، مما يشير إلى المكانة الكبيرة التي يتميز بها وزراء الخارجية الإثيوبيون.
أما أبرز الشخصيات المرشحة لخلافة الوزير ورقينيه قبيهو فهم:
نائب رئيس الوزراء الحاليّ ديمقي مكنن، لإثيوبيا سابقة في هذا الخصوص إذ كان رئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في عهد رئيس الوزراء الأسبق مليس زيناوي، وتعتقد مصادر إعلامية إثيوبية أن ديمقي مكنن هو الأوفر حظًا بحقيبة الخارجية، بحكم أنه الأقرب من رئيس الوزراء آبي أحمد إلى جانب أنه من قومية الأمهرا التي يرجح أن يكون المنصب من ضمن حصتها.
وزيرة الدولة بوزارة الخارجية هيروت زمني، دبلوماسية قديرة يقول المقربون منها إنها تتمتع بالهدوء والحكمة.
برهانو نيقا رئيس حركة “قنبوت سبات” المعارِضة، قدِم من الولايات المتحدة، بعد إصلاحات آبي أحمد ودعوته قيادات المعارضة للعودة إلى البلاد.
السياسة الداخلية لم تكن بذات القدر من النجاح والقوة فقد شابتها العديد من الإخفاقات
النجاحات التي حققها آبي أحمد في ملف السياسة الخارجية لإثيوبيا تعتبر مذهلة بالنظر إلى قصر الفترة التي مضت على توليه الحكم، فقد نجح في صناعة صورة إيجابية عن بلاده رغم أن مسيرة النهضة والتطور لم تكن جديدة على إثيوبيا حيث بدأت منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق مليس زيناوي مرورًا بهايلي مريام ديسالين، ولكن آبي أحمد تمكن من توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لترويج الصورة الذهنية الإيجابية، فحساب مكتبه على تويتر كان ينقل كل نشاطاته اليومية أول بأول، فضلًا عن تزويد وكالات الأنباء والصحف العالمية بالأخبار والفعاليات وأبرز التصريحات، إلى جانب تنظيم معارض خاصة بالصور التي توثق أبرز لقاءات ونشاطات رئيس الوزراء.
ولا يغيب عن ذلك بالطبع، الإصلاحات السياسية التي تمثلت في دعوة قادة المعارضة إلى العودة للداخل والعفو عن المعتقلين السياسيين، وبجانب ذلك اتخذت حكومة آبي أحمد خطوة جريئة بفتح الباب لكل المواطنين الأفارقة لدخول إثيوبيا من دون تأشيرة مسبقة، وتسهيل إجراءات التأشيرة للجنسيات الأخرى بأخذها إلكترونيًا في دقائق قليلة.
وقوة إثيوبيا الناعمة ظهرت لكل العالم عندما وقعت الكارثة الأليمة لطائرة الخطوط الجوية الإثيوبية التي كانت متجهة من أديس أبابا إلى نيروبي، فقد برهنت الحادثة رغم فظاعتها على مكانة وتأثير إثيوبيا في خريطة السياسة الدولية بالاهتمام العالمي غير المسبوق بتداعيات الكارثة، واتخاذ الدول وشركات الطيران خطوات حاسمة تجاه طراز بوينغ ماكس 8.
هذا عن السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال عام، أما السياسة الداخلية فلم تكن بذات القدر من النجاح والقوة فقد شابتها العديد من الإخفاقات وتحتاج إلى مقالة أخرى لتوصيف ما يحدث من صراع داخلي، وسنحاول تقديم مقترحات ورؤية مبسطة للمساهمة في وضع حلول جذرية للصراع.