وعد فأوفى بوعده، إنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وعد منذ حملته الانتخابية بمزيد من الضغط على الجمهورية الإيرانية، وبعد سلسلة من الإجراءات والعقوبات، توج ترامب وعيده بتصنيف الولايات المتحدة الإثنين 8 من أبريل/نيسان الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
الرد الإيراني لم يتأخر سوى ساعات، إذ أعلن مجلس الأمن القومي الإيراني تصنيف القوات الأمريكية في منطقة غرب آسيا برمتها على لوائح إيران للمنظمات الإرهابية، ليفتح ذلك التصنيف الأمريكي ورده الأبواب على جميع احتمالات المواجهة بين البلدين بما فيها العسكرية.
الأسطر التالية تقرأ في تأثير تصنيف الحرس الثوري إرهابيًا على الوضع في العراق، خاصة أن كلا البلدين يتمتعان بنفوذ عسكري وسياسي كبير في البلاد.
ما الحرس الثوري الإيراني؟
الحرس الثوري أو (باسدران) هو جيش عقائدي أنشئ لحماية الثورة الإسلامية في إيران من التهديدات الداخلية والخارجية.
إذ تأسس الحرس الثوري الإيراني في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران بقرار من المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي عام 1979، وذلك بهدف حماية النظام الناشئ في البلاد، وخلق توازن للقوى مع القوات المسلحة النظامية.
تشير تقارير إعلامية إلى أن الحرس الثوري الإيراني يستحوذ على أكثر من 30% من الاقتصاد الإيراني، نظرًا لما يملكه من شركات وجمعيات خيرية ومصالح تجارية
وبمرور السنوات، أصبح الحرس الثوري قوة عسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة في البلاد، إذ يُقدَّر عدد أفراد الحرس الثوري بنحو 125 ألف عسكري، ويتمتع بقوات برية وبحرية وجوية، كما يشرف الحرس الثوري على أسلحة إيران الإستراتيجية التي منها الصورايخ البالستية والبرنامج النووي.
ويضاف إلى قوات الحرس الثوري نحو 90 ألف مقاتل، وهي قوام قوات المقاومة شبه النظامية التي تعرف بالباسيج التي تتمحور مهامها في قمع أي تحرك داخلي ضد النظام الإيراني.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن الحرس الثوري الإيراني يستحوذ على أكثر من 30% من الاقتصاد الإيراني، نظرًا لما يملكه من شركات وجمعيات خيرية ومصالح تجارية.
ويعد فيلق القدس الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني أحد أبرز الفيالق التابعة للحرس الثوري الذي يضطلع بمهام العمليات الخارجية للنظام الإيراني، كما حصل في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها.
وبعيد ساعات على إعلان الولايات المتحدة تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، جاء الرد الإيراني بإدراج القوات الأمريكية في غرب آسيا في قائمة إيران للمنظمات الإرهابية، وقال المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في بيان إن طهران تعتبر نظام الولايات المتحدة الأمريكية والقيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” وجميع القوات المتعلقة بها إرهابية.
وأكد المجلس أن واشنطن تتحمل التداعيات الخطيرة لإدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، مشيرة إلى أنه إجراء خطير وغير قانوني، وأفاد بيان المجلس بأن الخطوة الأمريكية تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن والسلم الإقليميين، كما يعد هذا التصنيف انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة، بحسب طهران.
تصنيف واشنطن للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية يعد سابقة هي الأولى من نوعها دوليًا
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت خلال السنوات الماضية عشرات الكيانات والأشخاص على قوائم سوداء لانتمائهم للحرس الثوري، لكنها لم تدرج قوة الحرس الثوري بأكملها على تلك القوائم، وبذلك، فإن تصنيف واشنطن للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية يعد سابقة هي الأولى من نوعها دوليًا، إذ تعد هذه المرة الأولى التي تصنف فيها واشنطن رسميًا قوة عسكرية رسمية في بلد ما على أنها جماعة إرهابية.
كيف سيؤثر التصنيف الأمريكي على العراق؟
الرد الإيراني على التصنيف الأمريكي يطرح العديد من الأسئلة عن كيفية ترجمة الرد الإيراني على الأرض، إذ إنه وقبيل ساعات على التصنيف الأمريكي، توعد قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري واشنطن بأنه لو صنّفت الأخيرة قوات الحرس الثوري على قائمة الإرهاب، فلن يرى الجيش الأمريكي الاستقرار في غرب آسيا، بحسب جعفري.
من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن أي هجوم على أمريكا أو جنودها في العالم يجب التفكير به مليًا قبل الإقدام عليه، ما يشير إلى أن أي رد عسكري إيراني قد ينجم عنه حربًا بين البلدين.
يرى العديد من الخبراء أن العراق يعد أفضل منطقة لإيران من أجل تنفيذ تهديداتها
وبما أن العراق يعد من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط التي تحظى بعلاقات قوية مع كل من الولايات المتحدة وإيران، ولكلا الدولتين قوات في العراق، فإن ذلك يطرح العديد من التساؤلات عن احتمالية أن يكون الرد الإيراني على الأراضي العراقية من خلال استخدام طهران لوكلائها وعملائها في العراق في ضرب القوات الأمريكية المنتشرة في العديد من المحافظات العراقية.
وفي هذا السياق، يرى العديد من الخبراء أن العراق يعد أفضل منطقة لإيران من أجل تنفيذ تهديداتها، إذ إنها تشترك معه في حدود طويلة، كما أن تأثيرها السياسي والأمني والاقتصادي كبير جدًا، يضاف إلى ذلك أن أمريكا تحتفظ بآلاف الجنود الأمريكيين في العراق في قواعد عسكرية منتشرة في شمال ووسط البلاد.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي والأستاذ في جامعة بغداد الدكتور إحسان الشمري في تغريدة له على تويتر: “بعد إعلان واشنطن الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، فإن المقاربة العراقية ستكون ذاتها من العقوبات الأمريكية على طهران، والسؤال الأهم هو: هل ستعُد الولايات المتحدة الامريكية العراق #دولة_ضد في حال استمر بموقفه هذا من إيران”.
ما مجالات الرد الإيراني في العراق؟
جملة من ردود الفعل السياسية والعسكرية يمكن أن تتخذها إيران في العراق كرد على التصنيف الأمريكي، ومنها الضغط على البرلمان العراقي والكتل القريبة من إيران من أجل الإسراع بتقديم مشروع قرار إلى البرلمان العراقي لأجل الحصول على قرار يقضي بإخراج القوات الأمريكية من العراق وإخلاء قواعدها العسكرية المنتشرة في الأنبار ونينوى وصلاح الدين وأربيل ومدن أخرى.
مجالات الصراع الإيراني الأمريكي في العراق ستتصاعد إلى حد لم يشهده العراق من قبل
وكان زعيم عصائب أهل الحق وهي إحدى الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي قد أشار في وقت سابق إلى أنه لم تعد هناك أرضية وحجة لبقاء آلاف العسكريين الأمريكيين في العراق بعد دحر تنظيم داعش، مؤكدًا أن تلك القوات قد تطرد بالقوة إذا لم تستجب لإرادة الشعب العراقي.
من جانب آخر تعد قوات الحشد الشعبي في العراق قوات نظامية بعد أن أصدرت الحكومة العراقية قانونًا خاصًا بهيئة الحشد في عام 2016، ما يشي بأنه في حال مهاجمة قوات الحشد أو إحدى الفصائل المنضوية فيها القوات الأمريكية، فإن ذلك يعد اعتداءً رسميًا من القوات العراقية على حليف إستراتيجي للعراق.
ونتيجة لكل ذلك، قد تلجأ إيران إلى استخدام بعض العملاء المحليين الموالين لها في استهداف القوات الأمريكية من خلال قصف القواعد الأمريكية بالصواريخ دون الاشتباك المباشر، إذ إنه وفي غير ذي مرة، أعلنت القوات العراقية ضبط بعض منصات الصواريخ التي كانت مهيأة لقصف القواعد الأمريكية.
من جانب آخر، قد تمتد المناوشات الأمريكية – الإيرانية في العراق إلى الاقتصاد، إذ لم يتبق الكثير على المهلة التي منحتها واشنطن لبغداد استثناء من نظام العقوبات الأمريكي على طهران فيما يخص التبادل التجاري واستيراد موارد الطاقة.
وفي حال حدوث ذلك، فإن مجالات الصراع الإيراني الأمريكي في العراق ستتصاعد إلى حد لم يشهده العراق من قبل، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تخلخل الوضع الأمني الذي يخشى العراقيون من تبعاته، خاصة أن الكتل السياسية في البرلمان العراقي لم تتفق حتى اللحظة على مرشحي توافق لشغل منصبي وزارة الدفاع والداخلية.