“السلام من أجل الازدهار“.. هذا عنوان الخطة التي أزاح البيت الأبيض الستار عنها لتكون الترجمة العملية الأولى لـ”صفقة القرن” بعد سنوات من السجال السياسي والإعلامي وصل في بعض الأحيان إلى حد الإنكار من بعض الأطراف الرئيسية الضالعة في هذا الحراك الذي يستهدف وفق البعض تصفية القضية الفلسطينية برمتها.
جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يحاول بشتى السبل إحياء الصفقة التي دخلت مرحلة الموت السريري في أعقاب حل الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، عازفًا على وتر الحاجة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية من خلال تقديم الإغراءات المالية للفلسطينيين عبر حزمة من الاستثمارات تبلغ قرابة 28 مليار دولار.
معروف أن للصفقة شقين: أحدهما اقتصادي والآخر سياسي، وفي ظل الأوضاع الراهنة التي يصعب معها تحقيق أي تقدم إيجابي فيما يتعلق بالشق الثاني، نظرًا لعدد من الأسباب، فإن المضي قدمًا في تفعيل البُعد الاقتصادي ربما يكون هدف كوشنر لتأخذ معادلة السلام في المنطقة منحىً آخر، فبدلاً من الأرض مقابل السلام يصبح المال مقابل السلام.
ومن المقرر أن يحمل صهر ترامب تلك الخطة في حقيبته لعرضها خلال المؤتمر المقرر عقده يومي 25 و26 من يونيو/حزيران في العاصمة البحرينية المنامة، لاستطلاع ردود الفعل من مختلف وزراء المالية وممثلي مؤسسات الاستثمار الذين سيشاركون في الورشة ومعرفة التعديلات التي قد تكون لازمة لكسب تأييد أوسع، يتزامن ذلك مع تعزيز الضغوط الممارسة على حلفاء واشنطن لا سيما الخليجيين لإقناع الأطراف المعارضة بالجلوس على مائدة الحوار لتمرير الصفقة.. فما تفاصيل الخطة التي يحملها مستشار البيت الأبيض؟
Generations of Palestinians have lived under adversity and loss, but the next chapter can be defined by freedom and dignity.
Today, we're unveiling Peace to Prosperity: the most ambitious international effort for the Palestinian people to date. https://t.co/q1pX9yJJzE
— The White House (@WhiteHouse) June 22, 2019
3 مبادرات
الافتقار إلى تحقيق أي تقدم ملموس على الصعيد السياسي، كان على رأس الأسباب التي حالت دون تمرير الصفقة خلال السنوات الماضية، وهو ما فطن إليه مهندسها الأول، كوشنر، الذي لجأ إلى نهج آخر ربما يكون أكثر واقعية في نظر البعض، يتعلق بتفعيل البُعد الاقتصادي لها – المحور الأقل جدلاً – كمرحلة أولى متاحة الآن تمهيدًا – حال نجاحها – للمضي قدمًا في تمرير البُعد السياسي.
تعزف الخطة المقدمة على وتر تمكين الشعب الفلسطيني من بناء مجتمع مزدهر، منفح اقتصاديًا، مؤهل لحياة كريمة بعيدًا عن القيود المفروضة عليه، اقتصاديًا وسياسيًا، مدعوم من كل الأطراف المحيطة به، وذلك عبر ثلاث مبادرات رئيسية هي (النمو الاقتصادي والارتقاء بالشعب وتمكينه وتعزيز الحكم داخل السلطة الفلسطينية).
– (إطلاق العنان للنمو الاقتصادي).. يشير هذا الضلع إلى تقليل القيود المفروضة على النمو الاقتصادي الفلسطيني عن طريق فتح الضفة الغربية وقطاع غزة أمام الأسواق الإقليمية والعالمية، حيث من المقرر أن تساعد الاستثمارات الرئيسية المقرر ضخها في مجالات النقل والبنية التحتية، الضفة الغربية وقطاع غزة على الاندماج مع الاقتصادات المجاورة، مما يزيد من القدرة التنافسية للصادرات الفلسطينية ويقلل من مضاعفات النقل والسفر.
كما يتطرق إلى تعزيز البنية التحتية الأساسية للشعب الفلسطيني وشركاته من أجل الازدهار، وهنا ستسهل هذه الخطة مليارات الدولارات من الاستثمار في قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات السلكية واللاسلكية، مما يزيد من قدرة التوليد مع إنشاء شبكات نقل وتوزيع فعالة، هذا بجانب تعزيز نمو القطاع الخاص عبر إزالة القيود المفروضة على النمو واستهداف المشروعات الرئيسية التي تبني الزخم وتولد الوظائف وتزيد من الناتج المحلي الإجمالي.
علاوة على ذلك تعزيز التنمية الإقليمية والتكامل، حيث تشجع الخطة التنمية والتكامل الإقليمي، وتخلق فرصًا جديدة للشركات الفلسطينية، وتزيد التجارة مع البلدان المجاورة، هذه الرؤية ستعزز اقتصادات مصر و”إسرائيل” والأردن ولبنان وتقلل الحواجز التجارية في جميع أنحاء المنطقة.
– (تمكين الشعب الفلسطيني).. يعزف هذا الضلع على الارتقاء بمستوى الشعب الفلسطيني من خلال التعليم وتطوير القوى العاملة وتحسين نوعية الحياة، ما يؤدي في نهاية الأمر إلى تفجير الإمكانات الهائلة للفلسطينيين من خلال تمكينه من متابعة أهدافه وطموحاته.
ويرى القائمون عليها أن تحسين جودة نظام التعليم في الضفة الغربية وقطاع غزة سيضمن عدم حرمان أي فلسطيني من فرص التعليم غير المناسبة، هذا بخلاف دعم تطوير وتدريب المعلمين الفلسطينيين مع توسيع نطاق الوصول إلى الفرص التعليمية للمجتمعات المحرومة والديموغرافيا.
كذلك تعزيز برامج تنمية القوى العاملة، وتخفيض معدلات البطالة وزيادة الحراك المهني للقوة العاملة الفلسطينية، من خلال دعم التدريب الصناعي والإرشاد المهني وخدمات التوظيف، كما تساعد هذه الرؤية في ضمان استعداد الشباب الفلسطيني بالكامل لدخول سوق العمل وتحقيق أهدافهم المهنية.
أما على الجانب الصحي فتشير الخطة إلى إلى توفير موارد وحوافز جديدة لتحويل قطاع الرعاية الصحية الفلسطيني وضمان حصول الشعب الفلسطيني على الرعاية التي يحتاجون إليها في الضفة الغربية وغزة، كما أنها ستعمل على زيادة قدرة المستشفيات الفلسطينية بشكل سريع من خلال ضمان حصولها على الإمدادات والأدوية واللقاحات والمعدات لتوفير رعاية عالية الجودة والحماية من حالات الطوارئ الصحية.
وفق الخطة فإن الدول المانحة والمستثمرين سيساهمون بنحو 50 مليار من بينها 28 مليار تذهب للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة و9 مليارات لمصر و7.5 مليار للأردن و6 مليارات للبنان
وفي المجمل تهدف المبادرة إلى تحسين نوعية حياة الشعب الفلسطيني، من الاستثمارات في المؤسسات الثقافية الجديدة إلى الدعم المالي للفنانين والموسيقيين الفلسطينيين، كما ستساعد الخطة الجيل القادم من الفلسطينيين على استكشاف قدراتهم الإبداعية وصقل مواهبهم.
– (تعزيز الحكم).. المبادرة الأخيرة التي تطرحها الخدمة لإغراء الفلسطينيين تتعلق بتعزيز ودعم نظام الحكم، إذ تشير إلى أن رؤية الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تتحقق دون دعم دولي كامل للحكومة الفلسطينية، هذا الدعم سيساعدها على توفير الخدمات والإدارة اللازمة للشعب الفلسطيني حتى يكون له مستقبل أفضل.
وتتعدد صور الدعم وفق ما ذهبت إليه الورقة المعلنة، منها مساعدة إستراتيجية إصلاح القطاع العام الفلسطيني على تحويل بيئة الأعمال من خلال تحسين حقوق الملكية الخاصة وضمانات ضد الفساد والحصول على الائتمان وأسواق رأس المال العاملة إلى جانب السياسات واللوائح المؤيدة للنمو.
كل هذا سيمكن القيادة الفلسطينية من رسم مسار جديد لشعبها، بجانب بناء مؤسسات القطاع العام وتعزيز استجابة الحكومة للشعب، حيث سيتم توجيه اهتمام الحكومة لزيادة استقلال القضاء وتنمية منظمات المجتمع المدني، ما يترتب عليه المزيد من الشفافية ومن ثم تعزيز الثقة من الفلسطينيين والمستثمرين الخارجيين في أن قرارات المحاكم تُنصف بنزاهة، ويتم منح العقود وتنفيذها بأمانة، والاستثمارات التجارية آمنة.
وفي الأخير ستحسن الخطة العمليات الحكومية وتوفير الخدمات للشعب الفلسطيني، حيث يكون على القطاع العام أن يسعى جاهدًا لتحقيق الاستقرار والاستقلال المالي ورعاية العاملين فيه والكفاءة في تقديم الخدمات لمواطنيه، إضافة إلى التخلص من متأخرات القطاع العام وتنفيذ خطة موازنة وضريبية تعزز الاستدامة المالية على المدى الطويل، دون الحاجة لدعم الميزانية أو أموال المانحين.
يعاني الاقتصاد الفلسطيني من أزمات حادة خلال الآونة الأخيرة
50 مليار دولار استثمارات
وفق الخطة فإن الدول المانحة والمستثمرين سيساهمون بنحو 50 مليار (15 مليار دولار من المنح و25 مليار دولار من قروض مدعومة ونحو 11 مليار من رأس المال الخاص) من بينها 28 مليار تذهب للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة و9 مليارات لمصر و7.5 مليار للأردن و6 مليارات للبنان، وفق ما نقلت “رويترز” عن مسؤولين أمريكيين ووثائق اطلعت عليها.
الخطة التي من المفترض أن يمتد تنفيذها عبر عشر سنوات، تهدف إلى توفير أكثر من مليون وظيفة في الضفة الغربية وغزة وخفض معدل البطالة من 30% حاليًّا إلى رقم في خانة الآحاد وخفض معدل الفقر بنسبة 50% ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفلسطينيين.
المبالغ المفترض تجميعها من المقرر أن توضع في صندوق يؤسس حديثًا لدعم اقتصادات الأراضي الفلسطينية والدول الثلاثة (مصر والأردن ولبنان) ويديره بنك تنمية متعدد الجنسيات، فيما يدير الأموال مجلس محافظين يحدد المخصصات بناء على مقترحات المشروعات.
بتلك المبالغ سيتم تمويل قرابة 179 مشروعًا للتنمية الاقتصادية من بينها 147 مشروعًا في الضفة الغربية وغزة و15 في الأردن و12 في مصر و5 مشاريع في لبنان، تلك المشروعات تشمل البنية التحتية والمياه والكهرباء والاتصالات ومنشآت سياحية وطبية وغيرها.
علاوة على ذلك ستخصص عشرات الملايين من الدولارات لعدة مشروعات تهدف لتحقيق اتصالات أوثق بين قطاع غزة وسيناء في مصر من خلال الخدمات والبنية التحتية والتجارة، علاوة على بناء ممر يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة بتكلفة تُقدر بنحو 5 مليارات دولار، كما سيجري تحديث خطوط الكهرباء بين مصر وغزة وإصلاحها لزيادة إمدادات الكهرباء.
المؤتمر المقرر عقده في المنامة بعد يومين يعد أول بالونة اختبار حقيقية لإمكانية تمرير تلك الصفقة، ومن ثم تبذل كل من الرياض وأبو ظبي جهودًا حثيثة لتفعيل المشاركة في ظل موجة الرفض العربي الواضحة ومقاطعة العديد من الدول – رسميًا – على رأسها لبنان والعراق
الخطة تقترح أيضًا بحث سبل استغلال أفضل للمناطق الصناعية القائمة في مصر لتعزيز التجارة بين مصر وغزة والضفة الغربية و”إسرائيل” ولكنها لم تحدد هذه المناطق، ومنها دعم توسعة موانئ وحوافز تجارية لمركز التجارة المصري قرب قناة السويس، فضلاً عن تطوير المنشآت السياحية في سيناء القريبة من البحر الأحمر.
وفي الوقت ذاته تروج لمناطق فلسطينية يحتمل تحويلها لوجهة سياحية عالمية ناجحة، وتقترح منحًا وقروضًا تبلغ 950 مليون دولار لتطوير صناعة السياحة الفلسطينية من خلال إجراء إصلاحات وترميم مواقع سياحية ودينية ومناطق شاطئية.
من يمول؟
تعتمد إدارة ترامب منذ الوهلة الأولى لتسويق صفقة القرن فيما يتعلق بالتمويل اللازم لتنفيذها على حلفائها الخليجيين، على رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، هذا إلى جانب الدعم السياسي واللوجستي المنتظر من الحليفين الآخرين، مصر والأردن.
المؤتمر المقرر عقده في المنامة بعد يومين يعد أول بالونة اختبار حقيقية لإمكانية تمرير تلك الصفقة، ومن ثم تبذل كل من الرياض وأبو ظبي جهودًا حثيثة لتفعيل المشاركة في ظل موجة الرفض العربي الواضحة ومقاطعة العديد من الدول – رسميًا – على رأسها لبنان والعراق.
كوشنر وفي تصريحات له لـ”رويترز” أشار إلى أن بلاده ستدرس المساهمة في تمويل الصفقة وإن جدد العزف مجددًا على وتر أمل إدارة ترامب أن تكون دول الخليج أكبر المانحين، لتكتمل أضلاع المثلث المدعوم أمريكيًا بأموال الخليج (سوريا والعراق وفلسطين)، وتبقى إيران في النهاية كلمة السر بجانب ضمانات أنظمة تلك الدول في الحصول على الدعم الأمريكي مقابل حمايتها وهي النغمة التي طالما رددها الرئيس الأمريكي أكثر من مرة.
ورغم تأكيد السلطات السعودية والإماراتية أكثر من مرة أنها لن تمضي قدمًا فيما يضر القضية الفلسطينية، فإن ضغوطها الممارسة على السلطة الفلسطينية للرضوخ للإملاءات الأمريكية والصهيونية في صفقة القرن علامة استفهام في حاجة لإجابة واضحة.
العديد من الأصوات الإعلامية والأكاديمية في كلتا الدولتين استنكرت خلال الأيام الماضية رفض الفلسطينيين حضور مؤتمر المنامة، مطالبة إياهم بالمشاركة والاستماع كخطوة أولى لتحقيق ما وصفوه “أحلام الشعب الفلسطيني” ثم بعد ذلك يكون الحديث عن الحقوق السياسية الأخرى، بحسب بعضهم.
علي الشهابي رئيس المؤسسة العربية التي تدعم السياسات السعودية، قال إن السلطة الفلسطينية مخطئة في رفض الخطة، مضيفًا في تغريدة على تويتر “يجب أن تقبلها وتعمل على وصول المنافع لشعبها ثم تمضي قدمًا بقوة في العمل السلمي… للبحث عن الحقوق السياسية”.
الأمر ذاته ذهب إليه رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف أحمد الحبتور، قائلاً” “هذه المقاربة قصيرة النظر في أفضل الأحوال، وانهزامية في أسوأها”، وكتب “لا ضير من الاستماع إلى الطروحات التي ستُقدَّم على طاولة البحث”.
يعول ترامب على حلفائه الخليجيين في تمويل الصفقة
رفض شعبي واسع
الاعتماد على البُعد الاقتصادي وفقط في ظل الافتقار إلى حلول سياسية واضحة في طرح الخطة أثار حفيظة الفلسطينين الذين رفضوها بالكلية، فيما تصاعدت موجات الرفض في العديد من الدول العربية بدءًا من السودان إلى الكويت مرورًا بمصر والعراق ودول شمال إفريقيا.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس جدد أمس السبت رفضه لورشة المنامة، قائلاً: “بحث الوضع الاقتصادي لا يجوز أن يتم قبل أن يكون هناك بحث للوضع السياسي، وما دام لا يوجد وضع سياسي فمعنى ذلك أننا لا نتعامل مع أي وضع اقتصادي”، فيما قالت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: “إن كانوا يهتمون حقًا بالاقتصاد الفلسطيني فعليهم أن يبدأوا برفع الحصار عن غزة، ومنع “إسرائيل” من سرقة أموالنا ومواردنا وأراضينا وفتح مياهنا الإقليمية ومجالنا الجوي وحدودنا حتى نتمكن من الاستيراد والتصدير بحرية”.
حركة حماس بدورها قالت: “فلسطين ليست للبيع” و”الإدارة الأمريكية تواصل وهمها بأن الشعب الفلسطيني يمكن أن يقايض حقوقه ومقدساته بأي مشاريع وأموال”، فيما أشار حازم قاسم الناطق باسم الحركة في بيان أن “الفلسطينيين سيواصلون نضالهم حتى يُفكك المشروع الصهيوني العنصري على الأرض الفلسطينية مهما بلغت التضحيات”.
“الأوطان لا تُباع، حتى مقابل كل أموال العالم… هذه الخطة هي من بنات أفكار سماسرة العقارات لا الساسة. حتى الدول العربية التي تُوصف بأنها معتدلة غير قادرة على التعبير علنًا عن دعمها” المحلل المصري جمال فهمي
هذا وقد سبق أن دعت دولة قطر، القوى الدولية بما فيها الولايات المتحدة إلى أن تكون “أكثر شمولاً في مقاربتها للمنطقة”، مؤكدة أنها “غير مهتمة بـ”صفقة القرن” ما دامت لا تمثل حدود عام 1967، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، فضلاً عن تسمية مدينة القدس عاصمة لفلسطين.
من جانبه قال المحلل المصري جمال فهمي تعليقًا على الخطة: “الأوطان لا تُباع، حتى مقابل كل أموال العالم… هذه الخطة هي من بنات أفكار سماسرة العقارات لا الساسة. حتى الدول العربية التي تُوصف بأنها معتدلة غير قادرة على التعبير علنًا عن دعمها”، فيما أكد سركيس نعوم المعلق بجريدة النهار اللبنانية “هذه الخطة الاقتصادية، مثلها مثل غيرها، لن تنجح لأنها بلا أساس سياسي”.
السياسي الأردني الكبير جواد العناني وصف حالة الشك واسعة النطاق بعد قراري ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بضم “إسرائيل” لهضبة الجولان، قائلاً “هذا نهج غير متوازن يفترض أن الفلسطينيين هم الجانب الأضعف وهم الذين يمكن أن يستسلموا للضغط بسهولة أكبر… هذه نكسة كبرى للمنطقة بأسرها”، فيما ذهب صفوان المصري الأستاذ بجامعة كولومبيا إلى أنه “من المضلل أن نقول إن هذه الخطة اقتصادية بحتة لأن لها بعدًا سياسيًا له آثار تتعارض مع الطموحات السياسية”، وتابع “جزء كبير من الخمسين مليار دولار سيذهب إلى الدول المجاورة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في تلك البلدان”.
في السياق ذاته وصف “حزب الله” اللبناني الصفقة بأنها “جريمة تاريخية يجب وقفها”، بينما قال عزام الهنيدي نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن: “الخطة الاقتصادية تمثل بيع فلسطين تحت راية الازدهار مقابل السلام دون إعادة الأرض ودول الخليج العربية تتحمل الجزء الأكبر من الأموال”، مشيرًا إلى أنها صفقة بأموال عربية.
يذكر أن الخارجية الأردنية وبعد غموض وتردد دام قرابة الأسبوعين أعلنت، أمس السبت، مشاركة وفد برئاسة نائب وزير المالية لحضور المؤتمر، كما قالت وزارة الخارجية المصرية إن وفدًا برئاسة نائب وزير المالية سيشارك كذلك، هذا في الوقت الذي أعلنت فيه بعض الدول عدم الحضور بشكل قاطع.
وفي المجمل.. ورغم هذا الرفض الشعبي الواضح للصفقة فإن الضغوط الممارسة خليجيًا لتوسيع دائرة المشاركة في مؤتمر المنامة تثير القلق، وهو ما ألمح إليه كوشنر حين أشار إلى أن فكرة المشاركة في حد ذاتها والاستماع للحضور انتصار صغير يمكن أن يكون نواة لانتصارت أخرى أكبر.