في الوقت الذي تتعرض فيه شركة هواوي لقيود غير مسبوقة من الولايات المتحدة على تصدير منتجاتها الإلكترونية للشركات الأمريكية، إذ بها تحقق نمو إيرادات وصل إلى 30% في النصف الأول من هذا العام، وذلك رغم تسريحها للعاملين في بعض المراكز التابعة لها في أمريكا.
نمو كشف نجاح إستراتيجية العملاق الصيني في مواجهة الأزمة التي توقع الكثير أنها ستسدل الستار قريبًا على أحد رواد التكنولوجيا في العالم، إلا أن المؤشرات الصادرة عن المؤسسات المالية الكبرى جاءت عكس ذلك تمامًا، لتثبت قدرة الشركة على تخطي هذه المرحلة والانطلاق نحو آفاق جديدة.
ورغم تراجع معدل النمو في الإيرادات عن الأشهر الثلاث الأولى من هذا العام، فإنه ارتفع بشكل حاد مقارنة بعام 2008، إذ تمكنت الشركة من زيادة العائدات من خلال تأمين عقود معدات الشبكات من الجيل الخامس بقوة، وفق ما أشارت إليه مؤسسة “بلومبرغ”.
تخبط أمريكي وتردد بريطاني
حالة من التخبط في الموقف الأمريكي حيال التعامل مع الشركة الصينية، فما بين إجراءات مشددة بغلق الباب نهائيًا أمامها في الأسواق الأمريكية إلى إبداء مرونة نسبية في التعامل معها على استحياء، الأمر الذي استفاد منه العملاق الصيني خاصة بعد التردد البريطاني في الموضوع ذاته.
إذ كان من المقرر أن تعلن حكومة المملكة المتحدة موقفها الرسمي بشأن منع أجهزة الشركة في شبكات الجيل الخامس في البلاد يوم الإثنين، لكنها بدلاً من ذلك قررت تأجيل الحكم، موقف برره وزير الثقافة جيريمي رايت بأن الحكومة “ليست في وضع يسمح لها بعد باتخاذ قرار بشأن شركة هواوي”.
رايت أشار خلال كلمته أمام مجلس العموم أن التأجيل كان بسبب الافتقار إلى الوضوح من جانب الحكومة الأمريكية التي أدرجت شركة هواوي في القائمة السوداء في مايو/أيار بعد أن اعتبرتها خطرًا على الأمن القومي، مضيفًا أنه “منذ إعلان الحكومة الأمريكية سعينا لتوضيح المدى والتبعات، لكن الموقف لم يتضح بعد تمامًا. وإلى أن يحدث ذلك، خلصنا إلى أنه من الخطأ اتخاذ قرارات محددة فيما يتعلق بشركة هواوي”.
يذكر أن قرار منع الشركة الصينية نهائيًا قد يكلف الاقتصاد البريطاني خسائر بالمليارات، هذا بخلاف التكلفة الكبيرة للشبكات الأخرى، الأمر الذي من المقرر معه أن ترتفع أسعار خدمات الأجهزة المحمولة بشكل ربما يثير غضاضة المواطن البريطاني، وفق ما ذهبت إليه العديد من التقارير الصادرة عن مؤسسات بريطانية خلال الآونة الأخيرة.
“ليست لدينا أي شبكات في الولايات المتحدة، ولا نعتزم بيع منتجات الجيل الخامس لأمريكا”.. رئيس شركة هواوي
استعراض قوة
وفي إطار إستراتيجية الرد واصلت الشركة الصينية استعراضها للقوة أمام الضغوط الأمريكية، حيث كشفت الثلاثاء الماضي وفي مؤتمر ضخم عقد بالعاصمة بكين، طرحها لجهازين جديدين من هواتف هونر، هما هونر إكس 9 “Honor X9” وهونر إكس 9 برو “Honor X9 Pro” وبمميزات متشابهة بنسبة كبيرة.
الهاتفان تضمنا العديد من المميزات التي من المتوقع أن تزيد معدل الإقبال على الشراء، إذ يتميزان بشاشة 6.59 إنش من نوع بجودة Full HD ودقة عرض 1080x2340 بيكسل، تغطي الواجهة الأمامية بنسبة 90% لعدم وجود عدسة كاميرا أمامية.
الهاتفان يعملان بمعالج من نوع “Kirin 810” ويدعم الجهاز بذاكرة عشوائية سعتها 4 أو 6 جيجابايت، وذاكرة تخزين بسعة 64 جيجابايت، و128 جيجابايت وصولاً إلى 512 جيجابايت، كما يدعمان نظام تشغيل “Andriod 9.0 Pie” بالإضافة إلى بطارية قوتها 4000 ميللي أمبير.
لقاء الرئيسين الأمريكي والصيني خفف من حدة توتر أزمة هواوي
تبدل الأدوار
وردًا على الموقف الأمريكي، قال رئيس شركة هواوي، رين زهينغفي، إن الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على شركته هو بداية تخلف الأمريكان عن الركب، وإنها لن تستطيع اللحاق بتكنولوجيا الشركة المتطورة، وهم لن يبيعوها لهم، على حد قوله.
زهينغفي في مقابلة له مع موقع ياهو المالي، استمرت قرابة الساعة، أضاف أن شركته عانت في أول أسبوعين بعد الحظر، وذلك بسبب المخاوف من استبعاد نظام التشغيل، مضيفًا أن الشركة “قادرة تمامًا على التخلص من اعتمادها على الولايات المتحدة في المنتجات الأساسية”.
الضغوط التي مورست على الإدارة الأمريكية بشأن موقفها من الشركة الصنيية لا سيما أن بكين تعاملت مع الموقف بالمثل في إطار أنها حرب تجارية واسعة النطاق، دفعت ترامب إلى الاستقواء بعمالقة التكنولوجيا في بلاده
وأشار أنه لا يعتقد أن الشركة تشكل تهديدًا أمنيًا للولايات المتحدة، وقال: “ليست لدينا أي شبكات في الولايات المتحدة، ولا نعتزم بيع منتجات الجيل الخامس لأمريكا”، موضحًا أن الخاسر من حظر منتجات شركته هو الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق باتصالات الجيل الخامس، وتابع “حتى لو كانت لديهم أجهزة حاسوب فائقة واتصالات فائقة السعة فقد تظل الولايات المتحدة متأخرة لأنها لا تمتلك اتصالات فائقة السرعة، إيقاف تشغيل هواوي هو بداية التخلف التكنولوجي للولايات المتحدة”.
واختتم مؤسس هواوي حديثه أن الشركة اضطرت للاستغناء عن موظفين في مركز أبحاث وتطوير تابعة لها ومقرها الولايات المتحدة، وأنها خططت لاستثمار 600 مليون دولار في شركة “فيوتشر واوي”، مؤكدًا أن العملاق الصيني لن يتراجع أو يتخلى عن القتال.
الاستقواء بعمالقة التكنولوجيا
يذكر أن الضغوط التي مورست على الإدارة الأمريكية بشأن موقفها من الشركة الصينية لا سيما أن بكين تعاملت مع الموقف بالمثل في إطار أنها حرب تجارية واسعة النطاق، دفعت ترامب إلى الاستقواء بعمالقة التكنولوجيا في بلاده في محاولة لتبرير موقفه ودعم سياساته في هذا الشأن.
تلك الضغوط دفعت ترامب إلى عقد لقاء موسع الأسبوع الماضي مع كبار شركات التكنولوجيا الأمريكية – بما في ذلك جوجل وأنتل وكوالكوم – لمناقشة القيود المفروضة على مبيعات هواوي، بعد وضعها على القائمة السوداء بزعم أنها قد تشكل خطرًا على الأمن القومي.
البيت الأبيض في بيان له قال: “أعرب المديرون التنفيذيون للشركات عن دعمهم القوي لسياسات الرئيس ترامب بما في ذلك قيود الأمن القومي على شراء وبيع معدات الاتصالات لشركة هواوي في الولايات المتحدة، كما طلبوا قرارات الترخيص في الوقت المناسب من وزارة التجارة، ووافق الرئيس”.
لكن وفي الإطار ذاته فإن التوترات بين هواوي وإدارة الرئيس الأمريكي بدأت تتراجع في الأسابيع الأخيرة بعد اجتماع ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ الشهر الماضي، الذي وافق فيه ترامب على تأجيل فرض رسوم إضافية على البضائع الصينية وتعهد بإرجاء هواوي.