ترجمة وتحرير: نون بوست
في غرفة المعيشة المريحة في منزل عائلي بالقرب من أنتويرب، تسترجع الصور التي التقطت منذ وقت ليس ببعيد وجوه المفقودين. يجلس رجل أعمال بكل اعتزاز خلف مكتب الشركة التي يملكها. وتعلو الابتسامة وجوه مجموعة من النساء وهن بصدد احتساء الشاي، في حين يبتسم أربعة أشقاء يرتدون بدلات جميلة وتمتد أذرعهم على أكتاف بعضهم البعض، ابتسامة عريضة أمام الكاميرا لالتقاط صورة تذكارية.
كان إبراهيم إسماعيل أحد هؤلاء الأشخاص، حيث فرّ صحبة أسرته من منزلهم الواقع في هوتان في إقليم سنجان في سنة 2011. ويُذكر أن أسرة إسماعيل تنتمي لأقلية الإيغور المسلمة في الصين، ولكنها تُمثل الأغلبية في موطنهم في منطقة سنجان الواقعة أقصى غرب الصين، والتي تتشارك حدودها الجغرافية مع ثمانية دول. لا يمكن لأفراد أسرته العودة إلى موطنهم، في الوقت الذي يُحتجز فيه ما لا يقل عن مليون من الإيغور في معسكرات تدعي بكين أنها تهدف “لإعادة التعليم” (في حين تصفها منظمات حقوق الإنسان بأنها “معسكرات اعتقال”).
تكتسي بعض المدن الرئيسية في المقاطعة، على غرار أورومتشي وهوتان وكاشغر، أهمية استراتيجية بالنسبة للصين، فهي تعتبر ذات أهمية كبرى لطريق الحرير -الطريق التجاري الذي ربط الصين والشرق الأوسط وأوروبا طوال قرون عديدة
تمنع الصين إجراء حملات للدفاع عن حقوق هذه الأقلية في أوروبا. وقد كشفت المحادثات مع الإيغور في بلجيكا وفنلندا وهولندا عن جهود منهجية حثيثة تسعى من خلالها الصين لإسكات أصوات الإيغور في الخارج، وذلك من خلال استخدام أساليب سافرة للمراقبة والابتزاز والتخويف. والجدير بالذكر أن العديد من الإيغور الذين أجروا مقابلات اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم خشية ما يُمكن أن تتعرّض إليه أسرهم في الصين.
تدعي بكين أنّ منطقة سنجان جزء لا يتجزّأ من الصين. وتكتسي بعض المدن الرئيسية في المقاطعة، على غرار أورومتشي وهوتان وكاشغر، أهمية استراتيجية بالنسبة للصين، فهي تعتبر ذات أهمية كبرى لطريق الحرير -الطريق التجاري الذي ربط الصين والشرق الأوسط وأوروبا طوال قرون عديدة. ولكن، تاريخ المنطقة أكثر تعقيدًا من ذلك.
في سنة 1949، أعلن الانفصاليون لفترة قصيرة الاستقلال في منطقة تركستان الشرقية، وهي التسمية الأويغورية لإقليم سنجان. وعلى الرغم من أن الاستقلال لم يدم طويلًا، حيث استعادت الصين السيطرة على المنطقة بعد استيلاء الشيوعيين على السلطة خلال نفس السنة، إلا أن ذكرى الحكم الذاتي والغزو مازالت راسخة.
عندما اندلعت أعمال العنف في أورومتشي بعد فترة وجيزة من انطلاق الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 2008 في بكين، اتخذت الحكومة إجراءات صارمة أكثر من أي وقت مضى، حيث أضحت تراقب مدى مصداقية كل فرد واعتمدت على نظام النقاط في ذلك
يعتنق معظم الإيغور، إن لم يكن كلهم، الدين الإسلامي ويتحدثون اللغة التركية بدلاً من اللغة الصينية. وخلال تسعينيات القرن الماضي، شجع التمرد الانفصالي في المقاطعة وانهيار الاتحاد السوفيتي الصين على بسط سيطرتها في المنطقة. وبعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، لم تعد بكين تشير إلى المنتمين لهذه الأقلية على أنهم انفصاليون وإنما بدأت تصف معارضيها في المنطقة بأنهم إرهابيون. وقد ساعد هذا الخطاب، المرتبط بالعقيدة الإسلامية لمعظم الإيغور، الصين على كسب الدعم الدولي لأفعالها.
عندما اندلعت أعمال العنف في أورومتشي بعد فترة وجيزة من انطلاق الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 2008 في بكين، اتخذت الحكومة إجراءات صارمة أكثر من أي وقت مضى، حيث أضحت تراقب مدى مصداقية كل فرد واعتمدت على نظام النقاط في ذلك. وعلى هذا النحو، يفقد الفرد نقاطا لامتلاكه مصحفا لتلاوة القرآن لأن ذلك يُعتبر سلوكا متطرّفا، أو لصوم شهر رمضان، أو لمجرد كونه من أقلية الإيغور، أو بسبب إقامة أحد أفراد أسرته في بلد أجنبي. أما بالنسبة لأولئك الذين يخسرون الكثير من النقاط، فيقع إرسالهم إلى معسكر وغالبًا ما يكون ذلك لمدة زمنية غير محددة.
تجدر الإشارة إلى أن شتات الإيغور الذين يعيشون في الدول الأوروبية يُعتبر ضئيلا نسبيًا، مجرّد بضعة آلاف من اللاجئين بالإضافة إلى عدة آلاف آخرين في تركيا سافر البعض منهم باستخدام تأشيرات الطلاب إلى كل من فرنسا والمجر ودول الشمال، وآثروا العيش هناك. أما بالنسبة للبعض الآخر، الذين كانوا يعلمون أنه لا سبيل للعودة إلى موطنهم، فقد خاطروا بحياتهم وسلامتهم ولجأوا للمهربين. في هذا الصدد، دفع إبراهيم وأفراد أسرته 40 ألف دولار لخوض رحلة عبر قوانتشو وماليزيا وتايلاند وتركيا، قبل أن يتمكنوا من بدء حياة جديدة في بلجيكا. وحيال هذا الشأن، قال إبراهيم: “لقد وصلت ولم يكن في جيبي سوى 100 دولار فحسب”.
أورد الإيغور الذين قبلوا إجراء مقابلة معهم أنه في ظل زيادة أساليب المراقبة وعمليات الاعتقال في إقليم سنجان منذ سنة 2017 توقفوا عن الاتصال بأقاربهم تماما
في البداية، كان العديد من الإيغور الذين يعيشون في أوروبا يحجمون عن الحديث علنا. وعلى الرغم من أن إبراهيم وأصدقاءه يعيشون في ديمقراطيات أوروبية تضمن لهم حرية التعبير، بيد أنهم كانوا يشعرون بالخوف من أن تستغل الدولة تصريحاتهم للانتقام من أسرهم. وقد أفاد أحد الناشطين، كان يستخدم في السابق تطبيق المحادثات “وي تشات” المنتشر على نطاق واسع في الصين، بأن الدولة كانت تتنصت على كل ما يقوله، حيث قال: “يمكنك أن تشعر بأن هناك شخصا آخر يستمع إلى حديثك. وإذا ألقينا التحية على أفراد عائلاتنا باستعمال عبارة “السلام عليكم”، فإنهم يشعرون بالخوف الشديد ويطلبون منا التزام الصمت”.
فضلا عن ذلك، أورد الإيغور الذين قبلوا إجراء مقابلة معهم أنه في ظل زيادة أساليب المراقبة وعمليات الاعتقال في إقليم سنجان منذ سنة 2017 توقفوا عن الاتصال بأقاربهم تماما. وحيال هذا الشأن، قال هالمورات هاري، وهو ناشط إيغوري يعيش في فنلندا احتُجز والداه في إقليم سنجان في نيسان/ أبريل 2017: “لم أكن أريد أن أكون ناشطًا. أنا فقط ابن يرغب في التواصل مع والدته”. ولكن عندما خيّم الصمت، بدأ الكثير منهم في دول أوروبا يشعرون أنه لم يعد لديهم خيار آخر سوى الظهور العلني.
يُعتبر هالمورات هاري من أوائل الإيغور الذين تحدوا الصين ولم يلزموا الصمت. وفي آب/ أغسطس 2018، انطلق في “جولة الحرية” في أوروبا لنشر الوعي حول قضية احتجاز الإيغور، بما في ذلك والديه. احتجّ هالمورات على نطاق واسع وعلني، حيث أكّد أن قضية والديه لا تتلاءم مع الأعذار الرسمية التي تقدمها الحكومة الصينية لاحتجاز الإيغور، فهما متقاعدان ولا يحتاجان إلى تدريب مهني، كما أنهما علمانيان لذا لا يمكن اتهامهما بالتطرف الديني، ناهيك عن أن والده يتحدث الصينية بطلاقة.
يُذكر أن الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لا توفر سوى حماية إضافية بسيطة، فقد أفاد الإيغور الذين يعيشون في ألمانيا وفنلندا وبلجيكا بأن السلطات الصينية قد أجرت اتصالات معهم، حيث طُلب منهم التجسس أو الكشف عن تفاصيل شخصية حساسة
استخدم هالمورات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعّال. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2018، نُقل والداه من المخيم ووُضعا قيد الإقامة الجبرية. ومن “المحتمل جدّا” أن تمارس الأنشطة التي يقوم بها ضغوطا على الحكومة للسماح لهم بالرحيل، على الرغم من أنه أُطلق سراحهم قبل أسابيع فقط من زيارة الرئيس الفنلندي للصين.
لقد كانت قصته مصدر إلهام للآخرين ودفعتهم بأن يحذوا حذوه. في الوقت الحاضر، تزايد عدد الناشطين بشكل أكبر وأصبحوا أكثر تنظيما ومفعمين بالطاقة أكثر من أي وقت مضى، حيث يشرفون على إدارة وِرش عمل وعقد اجتماعات عامة وإطلاق حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لتطوير استراتيجياتهم وجذب اهتمام السياسيين. ويتوق هؤلاء الناشطون لمشاركة قصصهم وأحزانهم. ولكن جهودهم لم تمر مرور الكرام بالنسبة لبكين، حيث تسعى الصين جاهدة لإسكات أصوات منتقديها، وهي تتصدى لتحركات الناشطين الإيغور الذين يعيشون خارج حدودها.
يُذكر أن الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لا توفر سوى حماية إضافية بسيطة، فقد أفاد الإيغور الذين يعيشون في ألمانيا وفنلندا وبلجيكا بأن السلطات الصينية قد أجرت اتصالات معهم، حيث طُلب منهم التجسس أو الكشف عن تفاصيل شخصية حساسة، بما في ذلك عنوان الإقامة ومكان العمل وأرقام الهوية. وفي حال رفضوا هذه العروض، فإن ذلك سينجرّ عنه انعدام الثقة. وقد قيل لهم إن أصدقاءهم قد قبلوا هذا العرض.
يُذكر أيضا أن الحكومة الصينية لجأت إلى أشكال أخرى من الترهيب والترويع أكثر علنية. وفي هذا الصدد، قال رجل من الإيغور إنه شارك في مسيرة احتجاجية في بلجيكا لحقتها سيارة تابعة للقنصلية الصينية ذات نوافذ معتمة. وأورد هالمورات أنه وقع التقاط صور للمتظاهرين في هلسنكي. ووفقا لما ورد في مؤتمر الإيغور العالمي، وهي منظمة عالمية مناصرة تمثل مصالح الإيغور من ميونيخ، تستخدم بكين مثل هذه الصور للانتقام من عائلات المحتجين الذين ما زالوا يقيمون في الصين.
يرغب ناشطو الإيغور في حث القادة في الدول الغربية للضغط على الصين بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان في سنجان أملا في أن تخفف بكين من معاملتها الصارمة ضدهم
تسعى بكين أيضًا إلى إسكات أصوات مجموعة العلماء والباحثين الذين يعيشون في الدول الأوروبية، والذين يعملون مع ناشطي الإيغور لمساعدتهم على التحدث علنا عن قصصهم. وفي هذا الإطار، كشفت فانيسا فرانجفيل، وهي باحثة فرنسية في جامعة بروكسل الحرة، أن عملها مستهدف من قبل السلطات الصينية.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، سلّم مسؤولان صينيان خطابا أرسله السفير الصيني في بلجيكا إلى الجامعة بعد أسبوعين من نشر بيان على شبكة الإنترنت يدعم الجامعيين من الإيغور. وقال السفير في رسالته: “تأمل السفارة أن تكون الجامعة قادرة على تجنب التضليل عن طريق نشر المعلومات الخاطئة، وأن تسحب من موقعها الإلكتروني البيان والمقالات الأخرى التي لا أساس لها من الصحة حول إقليم سنجان، من أجل المصلحة العامة وعلاقات التعاون الودية بين بلجيكا والصين”.
في شباط / فبراير 2019، ذكرت فرانجفيل أن شخصين كانا يرتديان ملابس طلبة تمكّنت الشرطة من التعرّف عليهما وكشفت أنهما موظفان يعملان في القنصلية الصينية، قد عرقلا مؤتمرا أكاديميا عُقد في مدينة ستراسبورغ الفرنسية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الباحثة الفرنسية قد نظمت هذا المؤتمر حول الوضع الراهن في إقليم سنجان. وقد وزّع هذان الشخصان الدعاية المغرضة لتشويه سمعة اللجنة. وفي هذا الصدد، قالت فرانجفيل: “ما حصل كان حادثا مؤلما وصادما، لأنهم حاولوا التشكيك في كل ما كنا نقوله”، مشيرة إلى أن هناك أيضا تقارير عن حوادث تخريبية مماثلة حصلت في كل من أيرلندا وكندا.
لم يكن بإمكان الحكومات الأوروبية أن تفعل المزيد لحماية الناشطين الذين يعيشون داخل حدودها، حيث بدت السلطات في بعض الأحيان غير مستعدة بشكل كاف لحماية هؤلاء الناشطين
يرغب ناشطو الإيغور في حث القادة في الدول الغربية للضغط على الصين بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان في سنجان أملا في أن تخفف بكين من معاملتها الصارمة ضدهم. وقد حثّ الاتحاد الأوروبي بكين على احترام حرية المعتقد الديني وحرية التعبير وحقوق الأقليات العرقية والدينية. وفي الثالث من أيار/ مايو، وفي ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، اتهمت إدارة ترامب الصين بإدارة “معسكرات الاعتقال” واعتبرت ما تقوم به في سنجان “وصمة عار القرن”.
مع ذلك، لم يكن بإمكان الحكومات الأوروبية أن تفعل المزيد لحماية الناشطين الذين يعيشون داخل حدودها، حيث بدت السلطات في بعض الأحيان غير مستعدة بشكل كاف لحماية هؤلاء الناشطين. قبل فترة وجيزة من انطلاق جولته الأوروبية لنشر التوعية، تعرضت سيارة هالمورات لأعمال تخريبية. وعند عودته، بدأ ينبعث من محركها دخان أبيض اللون. وحين أبلغ الشرطة المحلية بالحادث، اكتشف بأنهم لم يأخذوا مخاوفه على محمل الجد.
خلال شهر تموز/ يوليو، سافر هالمورات إلى تركيا لمقابلة دبلوماسيين ومناقشة عمليات ترحيل الإيغور إلى طاجيكستان. وعند وصوله إلى مطار أنقرة قادما من إسطنبول، لاحظ أن هناك أربعة رجال يلاحقونه كانوا يستخدمون هواتفهم طوال الوقت، يحومون داخل المطار وخارجه. في نهاية المطاف، تبيّن أنهم من الإيغور، ويتكلّمون اللغة الأويغورية. وعندما اقترب أكثر، أصبحوا يتحدثون باللغة التركية. وخوفا على سلامته، اتصل بوزارة الخارجية الفنلندية والسفارة الأمريكية في تركيا. وفي الوقت الذي قدّم المسؤولون الأمريكيون معلومات وحاولوا بعث الطمأنينة في نفسه، كان هالمورات يشعر بأنه غير محمي.
إلى حد ما، يتسم نشطاء الإيغور بالهشاشة والضعف لأن المجتمعات الغربية ليست على دراية بوضعهم. ولم يكن الكثير من الأوروبيين يدركون معنى كلمة الإيغور
كانت وزارات الخارجية الأوروبية على دراية بالطرق التي يستخدمها المسؤولون الصينيون لترهيب ناشطي الإيغور، إلا أنهم غير قادرين على منعهم. في المجتمعات الديمقراطية في أوروبا، يمكن للصين أن تمارس ضغوطا قانونية على منتقديها من خلال الأوساط الأكاديمية واستخدام الضغط السياسي ووسائل الإعلام. تملك “خدمة العمل الخارجي الأوروبي”، التي تعتبر ذراع السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، عملية مُحكمة لتتبع النفوذ الروسي في أوروبا، ولكنها بدأت في الآونة الأخيرة في إيلاء المزيد من الاهتمام للطرق التي تستخدم بها الصين هذه المساحات لإسكات أصوات منتقديها.
إلى حد ما، يتسم نشطاء الإيغور بالهشاشة والضعف لأن المجتمعات الغربية ليست على دراية بوضعهم. ولم يكن الكثير من الأوروبيين يدركون معنى كلمة الإيغور، ومعاناة اللاجئين مثل إسماعيل والناشطين أمثال هالمورات، الذين يجدون صعوبة في الحصول على دعم شعبي لقضيتهم. وحيال هذا الشأن، قال هالمورات: “نحتاج أن يعي الناس بقضيتنا مثلما يدركون قضية التبت”.
في الواقع، تضمن ألمانيا والسويد فحسب عدم ترحيل الإيغور الذين طلبوا اللجوء. ولم تغير ألمانيا قواعدها إلا بعد ترحيل ديلشات عادل البالغ من العمر 22 سنة فيما وصفته السلطات بأنه “خطأ إداري”، ولم يرد عنه أي خبر منذ ذلك الحين. وحول هذا الموضوع، قال الباحث في جامعة كوبنهاغن، رون ستينبرغ، محذرا ناشطي الإيغور من أن ترحيل عادل دليل على حالة اللامبالاة المنهجية: “لا تصدق أن الحكومات الغربية جيدة أو نزيهة أو تفكر في مصلحتك. لم يمكن القول إنهم سيئون مثل الآخرين، لكنهم ليسوا جيدين كما تأمل”.
سواء أكانوا يقودون حملات حقوقية نشطة أم لا، فإن الإيغور الذين يعيشون بعيدًا عن سنجان وبكين لا يمكنهم الهروب من نفوذ شي جين بينغ الهائل
بالنسبة لإبراهيم وأسرته، فإن الحياة في أوروبا أفضل بكثير مما كانت عليه في موطنه سنجان. حاليا، يعمل كسائق شاحنة لمسافات طويلة، ويدرس أطفاله الثلاثة في المدرسة، كما يمكن لأفراد أسرته ممارسة عقيدتهم في المنزل دون الشعور بالخوف. ومع ذلك، فإنه ممزق بين الفرص المستقبلية التي توفرها الدول الأوروبية والشعور بالحزن من أن حياته الجديدة ربما ساهمت في معاناة أسرهم في سنجان.
سواء أكانوا يقودون حملات حقوقية نشطة أم لا، فإن الإيغور الذين يعيشون بعيدًا عن سنجان وبكين لا يمكنهم الهروب من نفوذ شي جين بينغ الهائل. تكشف هذه المبادرات الصغيرة عن روح الاستقلال التي لن تستسلم. قال إبراهيم وهو يرتدي حذاءه متجها للعمل: “القوي يتنمّر على الضعيف”، مضيفا “ما تفعله الصين هو بمثابة اختبار”. على أرضية غرفة المعيشة، عند مدخل منزله، وضع إبراهيم على صورة بالكاد تظهر وجه الرئيس الصيني ليدوس عليها عند مروره. في بلجيكا، تمكّن من اتخاذ خطوة إلى الأمام، أما في الصين كان من الممكن أن يتهم بارتكاب جريمة. لقد تلاشت ملامح صورة بينغ الباهتة من دوس أقدام الذين يحاول إسكات أصواتهم.
المصدر: الأتلنتيك