ترجمة وتحرير نون بوست
من أهم مؤشرات العلاقة الثنائية المسمومة أنها علاقة ينتج عنها الكثير من المعاناة والتبعية والانزعاج النفسي والجسدي. ورغم هذه المشاعر السلبية، لا يمكن للشريكين الانفصال أو إحداث تغيير. وعادة ما يعاني الأشخاص الذين يرضخون لهذا النوع من العلاقات من ضعف الثقة في النفس، ويقعون فريسة للإدمان والتبعية.
حسب أخصائية علم النفس والجنس ساندرا لوستغارتن، فإن “العلاقات العاطفية المسمومة غالبا ما تنتج عن الروابط غير الصحية والاختلالات النفسية والشخصية التي يعاني منها أحد الطرفين. في البداية، يكون الضحية المختارة في هذه العلاقة شخصا يتمتع بصحة جيدة ولديه صفات معينة تجذب إليه الطرف الآخر المتحكم والسلبي؛ حيث أنه يكون ناجحا وموهوبا ويتمتع بالجمال الجسدي والذكاء، في حين يكون الطرف الآخر يعاني من النرجسية والأنانية ولا يشعر بأي تعاطف تجاه الآخرين، كما أنه يتقن التلاعب بالآخرين وفرض سلطته والتحكم وإحداث الضرر”.
هنالك العديد من السمات الظاهرة التي يجب أخذها في الحسبان خلال التفاعلات بين الطرفين، مثل الإهانات وتشويه السمعة عبر حركات بسيطة مثل السخرية والنكت، والتي تعكس الأحكام السلبية التي يصدرها الطرف المسيطر، الذي عادة ما يستخدم تقنيات مثل التهديد والتحكم بفضل ما يمتلكه من قدرات على الإقناع.
حيال هذا الشأن، تقول مستشارة العلاج النفسي أناليا ألمادا إن “الطرف السلبي ينتابه الغضب عند أي خلاف ويبدأ بممارسة الابتزاز العاطفي ليجعل الطرف الآخر يشعر بالذنب، وذلك من خلال السيطرة على الذنب. ويعاني الطرف الضحية من التبعية المفرطة، لذلك يتعرض للاستغلال ويخضع للتسلط. ويطغى على هذه العلاقة حب الامتلاك والسيطرة، ما يقضي على الثقة بين الشريكين”.
الضحية تعاني بشكل عام من غياب التقدير لها، ولا تشعر بأي استحقاق ولا تحظى بالاعتراف
هنالك العديد من السمات الشائعة في هذا النوع من العلاقات السامة، نذكر منها:
– الغيرة المفرطة
– التحكم في الجوانب المالية للشريك
– الاتصالات الهاتفية في كل وقت
– المتابعة المتواصلة عبر الرسائل القصيرة في الهاتف
– التلاعب
– عزل الشريك عن أصدقائه وعائلته
من جهتها، أكدت خبيرة المشاكل العاطفية والنفسية ناديا غامبوا، أن “الضحية تعاني بشكل عام من غياب التقدير لها، ولا تشعر بأي استحقاق ولا تحظى بالاعتراف”.
كيف تتخلص من هذه العلاقة المسمومة
يُقال إن أحد أهم الأسباب التي تجعل الشريكين يستمران في العلاقة غير الصحية والمسيئة لهما هو الخوف من الوحدة. ولكن في الجانب الآخر، هناك أمل في أن يحدث تغيير، وهو شعور إيجابي ومتفائل، بيد أنه غير منطقي في هذا السياق، لأنه يجعل ذلك الطرف يعيش في الأوهام والآمال في انتظار حدوث المعجزة التي ستغير الوضع، فيبقى عاجزا عن حل المشاكل أو مواجهتها بكل إصرار.
تنصح ألمادا “أولا وقبل كل شيء، بطلب الدعم النفسي، والحصول على المساواة والمساعدة العاطفية من أشخاص مقربين قادرين على تعزيز الثقة بالنفس لدى الضحية. فالحصول على الدعم من شخص مقرب وعزيز ومن متخصص في علم النفس والعلاقات، يمكن أن يساعد على اتخاذ القرار الصحيح لقطع هذه العلاقة أو إصلاحها عبر اعتماد أسلوب أكثر صلابة وندية. وعلى نفس النحو، هناك أيضا فكرة الابتعاد وأخذ مسافة والنظر إلى هذه العلاقة والتفكير فيها من أجل تقييمها بشكل منطقي، والخروج بنصائح مفيدة يقدمها الضحية لنفسه ولكل من يحتاجونها، بفضل الخبرة التي سيكتسبها في طريقه نحو التعافي من هذا الرابط المسموم. يجب أيضا قبول حقيقة أن الحب لا يبرر كل شيء ولا يعطي الحق لأي طرف للإساءة للطرف الآخر أو إلحاق الضرر به وممارسة العنف وفرض التبعية عليه وتوجيه الإهانات إليه”.
بالنسبة لناديا غامبوا، فإن أول خطوة في الاتجاه الصحيح هي اكتساب الوعي بأن ما تعيشه في الحقيقة في هذه العلاقة ليس حبا، وليس أمرا صحيا. بعد أن يتم تحديد المشكل، فإن الشيء المهم هو طلب المساعدة من شخص من دائرة المقربين والثقات، حتى تتمكن من التحدث عن مشكلتك والتعبير عن مشاعرك دون خوف من الأحكام المسبقة وردود الفعل السلبية، وهكذا يمكنك أن تفكر بشكل واضح وتتصرف بناء على ذلك.
“العلاقة الصحية يجب أن تكون مبنية على الثقة والاحترام المتبادل والتعامل الناضج، وتنبني العلاقة بين الطرفين على الحرية والتقدير. وهكذا، فإن كل واحد من الطرفين سوف يتطور ويتعلم وتتعزز ثقته بنفسه، وهو ما يخلق حالة من الانسجام والتوازن لدى الثنائي”
تقول نادية غامبوا: “عندما نتعامل مع أشخاص يعانون من هذه الوضعية، فإنه من الضروري جدا إتاحة مساحة خاصة لهذا الشخص حتى يتكلم بكل أريحية ودون خوف من اللوم والاحتقار، ليتمكن من التفكير بحرية بعد أن كان ينظر إلى خيار الانفصال على أنه غير مطروح أصلا. ومن خلال توفير مساحة الثقة والراحة للضحية، يمكننا مساعدته على اتخاذ قرارات أكثر حزما وعقلانية”.
في سياق متصل، أضافت غامبوا أن “العلاقة الصحية يجب أن تكون مبنية على الثقة والاحترام المتبادل والتعامل الناضج، وتنبني العلاقة بين الطرفين على الحرية والتقدير. وهكذا، فإن كل واحد من الطرفين سوف يتطور ويتعلم وتتعزز ثقته بنفسه، وهو ما يخلق حالة من الانسجام والتوازن لدى الثنائي”.
حيال هذه المسألة تقول الدكتورة لوستغارتن: “في رأيي إن الشريكين اللذان يتمتعان بروابط صحية يجب أن تساهم علاقتهما في تقويتهما وليس إضعافهما، وذلك من خلال الاحترام المتبادل وتمتع كل طرف بمساحة من الحرية الفردية. إن الفرق بين النوعين يتمثل في علاقة تقوم على التكامل، وعلاقة يكون فيها أحد الطرفين تابعا للآخر، وهذه التبعية لا تعزز المشاعر بينهما، بل تتعزز من خلال احترام الحرية الفردية”.
كما أكدت لوستغارتن أنه “يجب أن يكون كل شخص مدركا لصفات الأشخاص السلبيين الذين يقومون بتسميم حياتهم، وهذا ينبني غالبا على تصرفاتهم ومواقفهم المتطرفة. فإذا كان ذلك الشخص مهتما بك بشكل مبالغ فيه خلال فترة قصيرة، فيجب أن تحذر لأنه ليس بالضرورة هو شريك حياتك، فربما يكون بصدد السعي للتلاعب بك وتحقيق رغبته. لذلك، يجب أن تكون حذرا وتنسحب في الوقت المناسب إذا لاحظت أنه يحاول الإضرار بك وسلوكه متصنع. ويجب اتخاذ القرار المناسب في أسرع وقت”.
المصدر: كلارين