في منتصف العام الخامس من تدخل التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، تتكشف جوانب لم يكن كثير من المتابعين يعرفونها بالضرورة، بمن فيهم اليمنيون أنفسهم، فبعض قوات بلادهم تدافع عن السعودية وتتصدى لهجمات الحوثيين في جبهات ليست في تعز ولا في الحديدة ولا في صنعاء أو عدن، وإنما في جبهة الحد الجنوبي للسعودية، هناك حيث كل من يكون قادرًا على حمل السلاح يُدفع به نظير مبالغ مالية أصبح كسبها عصيًا ومستحيلاً على اليمنيين.
محرقة الحدود.. أطفال اليمن يدافعون عن المملكة
بأجساد الأطفال اليمنيين تبني الرياض سورًا على حدها الجنوبي يقيها هجمات الحوثيين، مستفيدة خلال ذلك من الوضع الاقتصادي المؤلم في اليمن المجاور، فتشتري بالمال وبأثمان بخسة أيضًا أرواح الأطفال عبر شبكات الاتجار بالبشر المحلية لتلقي بها في “محرقة الحدود”، وفق وصف تقرير لمنظمة “سام” الحقوقية.
تقول المنظمة الحقوقية في تقريرها الذي حمل عنوان “محرقة الحدود”، إنها حصلت على معلومات منذ منتصف العام الماضي تفيد بأن السعودية تجند يمنيين مدنيين، بينهم أطفال، لزجهم في القتال نيابةً عنها على حدودها الجنوبية مع اليمن.
تقول منظمة “سام” إن القنصلية اليمنية في جدة مشاركة في عملية التجنيد من خلال تسهيلها دخول المقاتلين إلى السعودية بمنحهم وثيقة تحمل اسم “وثيقة سفر اضطرارية”
وخلصت “سام” – التي يوجد مقرها في جنيف السويسرية – في تقريرها إلى قناعة بأن ما يحدث في الحدود يعد انتهاكًا للقوانين المحلية والاتفاقات الدولية التي تحظر استغلال المدنيين للقتال، وتوضح أن هذا لا يمكن أن يكون هو الحال لأنهم ينتمون إلى دولة طرف في النزاع المستمر.
المنظمة الحقوقية أضافت في تقريرها، الذي جاء في 31 صفحة، أن الآلاف من المدنيين الذين اُضطروا للذهاب للقتال دفاعًا عن الحدود السعودية عاملتهم المملكة كما لو أنهم غير موجودين، فقد اُضطر – بحسب “سام” – ما يقارب 300 يمني على الأقل إلى بتر أحد الأطراف نتيجة لإصاباتهم في الحرب.
وتقول منظمة “سام” إن القنصلية اليمنية في جدة مشاركة في عملية التجنيد من خلال تسهيلها دخول المقاتلين إلى السعودية بمنحهم وثيقة تحمل اسم “وثيقة سفر اضطرارية”، حيث يدخل العديد من اليمنيين المملكة بحجة تلقي العلاج الطارئ فقط، ليتم إرسالهم إلى الحدود اليمنية السعودية للقتال من أجل الرياض.
ووفقًا للمنظمة، فإن منفذ الوديعة هو معسكر استقبال لهؤلاء المجندين، وتعمل فيه 6 ألوية قتالية (الفتح، التحالف، العاصفة، حرب 1، 102 مشاة، واللواء 63) يقابلها ألوية أخرى موازية لها على الأراضي السعودية، ورجحت “سام” أن يتراوح عدد المقاتلين على مدى السنوات الأربعة الماضية، ما بين 30 و35 ألف مقاتل على الحدود الجنوبية السعودية.
وذكرت أن المقاتلين الذين يتم إخراج جثثهم من منطقة الاشتباك يُدفنون في مدينة نجران على الحدود في المملكة دون إبلاغ عائلاتهم، في حين يحصل ورثتهم (عائلة القتيل) – إذا علموا بالواقعة – على مبالغ مالية تتراوح بين 3 آلاف و15 ألف ريال سعودي.
بالنظر إلى هذه الأموال الممنوحة، يبدو واضحًا أن سبب استغلال المقاتلين اليمنيين دون غيرهم هو انخفاض التكلفة على الرياض مقابل الجندي السعودي باهظ الثمن، الذي يكلف الخزينة السعودية مئات الأضعاف مقابل المقاتل اليمني أو الأطفال الذين يتم شراؤهم لرميهم في الصفوف الأولى من الجبهات، دون تدريبهم وتأهيلهم.
بحسب ما ورد على موقع وزارة الدفاع السعودية، تُمنح مساعدة عاجلة لما تسميها “أسرة الشهيد” بقيمة مئة ألف ريال، ويُصرف لها تعويض بقيمة مليون ريال سعودي، إضافة إلى الالتزامات الأخرى التي تتكفل بها الحكومة السعودية، لذلك كان لزامًا عليهم إيجاد بديل أرخص قد لا يكلف 15 ألف ريال.
في السياق، تؤكد “سام” أن ملف المقاتلين اليمنيين الذين يدافعون عن الحد الجنوبي للمملكة زاد من أوجاع ومآسي الحرب الطويلة في اليمن، ودعت المنظمة في تقريرها المجتمع الدولي إلى الوقوف ضد جرائم الاتجار بالبشر، وحمَّلت كل من السعودية والحكومة اليمنية المسؤولية عمَّا يجري، وضرورة التوقف الفوري عن زج الشباب اليمني في معارك الحدود.
وتُضاف هذه الإدانة إلى إدانات سابقة لجميع أطراف النزاع اليمني لاستخدامهم الجنود الأطفال، ومع ذلك، بدا الموقف الأمريكي مغايرًا لذلك، ففي يونيو/حزيران 2018، أثار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو انتقادات نشطاء حقوق الإنسان وبعض أعضاء الكونغرس لعرقلته إدراج المملكة العربية السعودية في قائمة الدول التي تجند الأطفال، رافضًا ما توصل إليه خبراء بأنها تستخدم المقاتلين دون السن القانونية في الحرب الأهلية في اليمن، وهو ما أثار اتهامات جديدة بأن إدارة ترامب تضع المصالح الأمنية والاقتصادية على رأس أولوياتها فيما يتصل بالعلاقات مع السعودية.
مأزق الحد الجنوبي.. حين تعجز ترسانة المملكة عن حماية أراضيها
بدأت المعارك عند الحدود اليمنية السعودية عام 2015 بين ميليشيا الحوثي وقوات الرئيس اليمني المخلوع على عبد الله صالح إلى جانب القوات السعودية، وتركزت المواجهات في مناطق عسير وجازان ونجران التي تُعرف بالحد الجنوبي.
هذه المناطق سرعان ما تحولت إلى جبهة حرب وأصبح تأمينها من هجمات الحوثيين المتتالية يمثل تحديًا أمنيًا للقوات السعودية، فلجأت الرياض نهاية عام 2016 إلى الاستعانة بألوية عسكرية يمنية يتجاوز عدد جنودها 10 آلاف لتأمين حدودها الجنوبية مع اليمن، ويؤكد المسؤولون السعوديون علنًا أن ذهابهم إلى حرب اليمن بُغية إعادة الشرعية، فالرياض تنظر إلى حربها في اليمن على أنها حرب ضد إيران ونفوذها في المنطقة.
رغم ذلك، لم تتغير موازين الحرب، إنما حدث العكس، فبدلاً من أن تكون هي حامية الشرعية اليمنية تبدو أفعال السعودية وكأنها تحتمي بالشرعية وتتخذ من اليمن حائط صد لأمنها القومي
ولا تختلف السعودية في هذا الشأن عن جماعة الحوثي المتهمة دوليًا بتجنيد أطفال للقتال، وتتحدث تقارير عدة عن تجنيدها أكثر من 30 ألف جندي من الأطفال الذين مُنعوا من الذهاب إلى المدرسة، وأُرسلوا بدلاً من ذلك إلى مناطق النزاع والمواجهات العسكرية دون أي تدريب، وهذا من شأنه أن يضع الكل – بما في ذلك التحالف الذي يمثل دولاً وحكومات – في مرتبة واحدة، فحين تفعل السعودية ما تفعله جماعة الحوثي، فإن ذلك يمثل صفعة كبرى للدولة وليس المليشيا، التي تمثلت دوافعها في التعبئة الإيدلوجية أكثر من الإغراء بالمال.
وفي وقت سابق من بداية الحرب، تحدثت بعض التقارير عن أن السعودية تدفع لمرتزقة صوماليين وسودانيين 200 دولار شهريًا للقتال من أجلها، كما وقَّع الجيش الكولومبي على عقد لمدة 3 أشهر، يحصل بموجبه المقاتل على ألف دولار في الأسبوع، بالإضافة إلى الجنسية الإماراتية إذا نجوا، وكان من بين المرتزقة المشاركين في هذه الحرب البنميون والسلفادوريون والشيليون.
وفي عام 2016، أفادت وكالة Xinhua News الصينية أن أكثر من 5 آلاف مقاتل يمني تم تجنيدهم من السلطات السعودية من عدن ومناطق أخرى في جنوب اليمن، وذكرت أنه سيتم تدريب هذه القوة القتالية الجديدة على القتال إلى جانب حرس الحدود السعودي الذين يجدون صعوبة في منع قوات الحوثي من التسلل من شمال اليمن إلى محافظة نجران الجنوبية بالمملكة العربية السعودية.
تقارير حقوقية تتهم أطراف الصراع في اليمن بتجنيد الأطفال
ومع ذلك، فقد تم مؤخرًا تقديم المزيد من التقارير التي تفيد بأن السعودية تستخدم الاتجار بالبشر، وخاصة الأطفال، للتجنيد في قواتها، ففي مارس/آذار الماضي، نشرت صحيفة The Daily Mail البريطانية صورًا لأطفال تجندهم السعودية والإمارات للقتال في اليمن، وتحدثت الصحيفة عن مشاركة قوات بريطانية في الحرب، وإمكان تورطها في ضربات جوية لأهداف مدنية منها مستشفى أطفال في اليمن.
بعد أيام قليلة، تحدثت صحيفة The guardian البريطانية أيضًا عن شكوك بأن تكون قوات بريطانية تشارك في تدريب أطفال يمنيين على القتال، ونقلت عن وزير الدولة البريطاني للشؤون الآسيوية مارك فيلد قوله: “هناك تقارير تشير إلى أن 40% من جنود قوات التحالف السعودي في اليمن من الأطفال”.
هؤلاء الأطفال المساقون إلى حتفهم بحفنة ريالات يأتون من أرض اليمن ومن بعيد أيضًا، فقبل 3 أشهر كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية – في تقرير ترجمه “نون بوست” – استقدام التحالف السعودي الإماراتي قُصَّرًا من دارفور في السودان وإرسالهم إلى جبهات القتال الأمامية.
ولأن تجنيد مَنْ هم دون 18 سنة يرقى في القانون الدولي إلى جرائم حرب، يبدو أن هذا النوع من المرتزقة من وجهة نظر السعودية أكثر ربحية وأرخص بالنسبة لاقتصاد البلاد، ولكن من وجهة نظر إنسانية عالمية، هل يستحق الأطفال أن يُحرموا من طفولتهم، وأن يُعاملوا كسلعة عادية يمكن شراؤها وبيعها، وكسلاح للقتال على أي من الجانبين؟
هناك آلاف من الجنود اليمنيين لا ينتشرون في شبوة أو أبين أو عدن، بل على الحدود الشمالية مع السعودية، ويشكلون ما يشبه المنطقة العازلة بين الأراضي السعودية ومسلحي الحوثيين
رغم ذلك، لم تتغير موازين الحرب، إنما حدث العكس، فبدلاً من أن تكون هي حامية الشرعية اليمنية تبدو أفعال السعودية وكأنها تحتمي بالشرعية وتتخذ من اليمن حائط صد لأمنها القومي، فبصفتها مَنْ يقود التحالف في الحرب اليمن، نقلت الرياض ألوية من الجيش اليمني والمقاومة الشعبية من جبهات القتال في تعز وصنعاء وغيرهما إلى جبهات الحد الجنوبي.
أُخليت جبهات القتال في اليمن، وفي الوقت ذاته، أُطلقت يد الإمارات في تشكيل ميليشيات تنازع الشرعية النفوذ والسلطة في محافظات جنوب البلاد حتى أضحى اليمن أمام انقلابين: الأول حوثي والثاني إماراتي بتواطؤ سعودي كما يقول اليمنيون.
مقابل كل ذلك، كان الحوثيون يعززون مكاسبهم على الأرض، ويراكمون عتادًا عسكريًا نوعيًا، وتجاوزت هجمات طائراتهم المسيرة وصواريخهم البالستية حدود اليمن إلى عمق الأراضي السعودية، ومع كل قصف حوثي يُثار السؤال عن جدوى صفقات السلاح التي تبرمها الرياض حين تُوكل أمن حدها الجنوبي لأطفال تفوق بنادقهم أجسادهم النحيلة طولاً.
الحماية المعكوسة.. هل تدافع قوات الشرعية عن السعودية؟
ذاك هو السؤال الجارح الذي يعيد طرحه اليمنيون، ويفجرون به المسكوت عنه في صراع انقض فيه مَنْ قال إنه جاء لإعادة الشرعية وتكشَّف عن هدف آخر كما حدث في انقلاب عدن وما تلاه، وبحسب كثيرين منهم فإن هناك آلافًا من الجنود اليمنيين لا ينتشرون في شبوة أو أبين أو عدن، بل على الحدود الشمالية مع السعودية، ويشكلون ما يشبه المنطقة العازلة بين الأراضي السعودية ومسلحي الحوثيين، فهم يحمون السعودية ويتلقون ضربات الحوثيين بينما تُغمض الرياض عينيها عما يحدث في بلادهم.
أكدت مصادر في صفوف المقاتلين اليمنيين أن مطلبهم بالعودة إلى بلادهم جاء تلبية لدعوة وجهتها المقاومة اليمنية للجنود اليمنيين الذي يقاتلون في الحد الجنوبي بالسعودية بسرعة العودة إلى جبهات القتال في تعز لحمايتها من المخاطر والتهديدات في مواجهة الحوثيين
وفي هذا يشذ اليمنيون عن بقية دول العالم في كونهم يحمون مَنْ يُفترض أن يحمي ويدافع بل ويُعيد الشرعية كما وعد عندما شكل تحالفه وشن حربه على بلادهم، في حين أن الواقع الميداني يؤكد أن مدن الجنوب اليمني ومحافظاته تحتاج جنود الشرعية الذين يحمون السعودية، فهل يستطيع الرئيس اليمني أن يؤثِر مصلحة بلده على مصلحة مضيفيه؟
في رأي البعض، فإن تضارب الأجندات بين الرياض وأبو ظبي أو على الأقل صمت السعودية – إن لم يكن تواطؤها مع ما تفعله الإمارات – يعيد تشكيل خريطة التحالفات في الصراع اليمني، حينها سيُترك السعوديون وحدهم في مواجهة شمال يمني يُحكِم الحوثيون قبضتهم على أهم مفاصله، وهؤلاء لا يقصفون مطارات السعودية وحسب، بل يتوغلون بين فترة وأخرى داخل أراضيها، بل إنهم سبق أن سيطروا على عدة قرى سعودية دفعة واحدة، بينما فر جنود ولي العهد السعودي إلى داخل بلادهم، فلا أرضًا حافظوا عليها ولا سماء.
محمد بن سلمان خلال استقباله أبناء أحد الضباط القتلى بمعارك الحد الجنوبي
وبحسب محللين، فإن استفراد أبو ظبي بجنوب اليمن لا يعني استفراد الرياض بشماله، بل استفراد الحوثيين بالسعوديين، وتلك معادلة مهينة سياسيًا لحليف يُستغفل، وأكثر إهانة من الناحية العسكرية لجيش هو من بين الأعلى من حيث الإنفاق على التسلح في العالم.
ويعيد البعض سير الأمور في هذا المنحى إلى غياب ما يُعرف بـ”العقل الإستراتيجي” في الرياض وتسيد سياسة الارتجال على التخطيط المتأني بعيد المدى والأثر، وتلك سمات ميَّزت صعود ولي العهد السعودي إلى هرم القيادة السياسية والعسكرية في بلاده، حيث راهن بحسب محللين قرار بلاده برضا ولي عهد أبو ظبي، فأصبح تابعًا برأيهم بلا سياسة وطنية تحفظ مصالح البلاد، بل منفذًا بسياسات رجل آخر له مصالحه في اليمن، وقد حققها أو هو في سبيله إلى ذلك، تاركًا ولي عهد السعودية يتفقد جرحى بلاده في مواجهات الحد الجنوبي، وهؤلاء في ازدياد طالما ثمة حوثيون يستطيعون التوغل والقصف بل وإذلال العسكرية السعودية على أراضيها.
“لا نريد البقاء هناك”.. اليمن أولى بمقاتليه من حماية الحد الجنوبي للسعودية
حماية أرضنا أولى”، يقولها مجندون يمنيون من اللواء الثالث لحرس الحدود، يقاتلون مع آلاف غيرهم منذ سنوات ضد الحوثيين على الحدود السعودية اليمنية، مطالبين بإعادتهم إلى محافظاتهم اليمنية، ولسان حالهم يقول “لماذا نحمي مُلك السعودية من الحوثيين بينما نحن في أمس الحاجة لاستكمال تحرير بلادنا من تعز إلى عدن”، فلم لا يستديرون إلى الداخل لحمايته من زحف المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه الإمارات حليفة السعودية ليتركوا السعوديين كما تركوهم في مواجهة مسلحي الحوثيين الذين شغلت المملكة اليمنيين عن مقاومتهم بحماية التراب السعودي؟
مصادر في صفوفهم أكدت أن مطلبهم بالعودة إلى بلادهم جاء تلبية لدعوة وجهتها المقاومة اليمنية للجنود اليمنيين الذي يقاتلون في الحد الجنوبي بالسعودية بسرعة العودة إلى جبهات القتال في تعز لحمايتها من المخاطر والتهديدات في مواجهة الحوثيين، في إشارة إلى الأنباء المتداولة عن مخطط عسكري إماراتي جديد للسيطرة على المحافظة من خلال منح كتائب أبو العباس وقوات طارق صالح الضوء الأخضر لتفجير الوضع عسكريًا والتمرد على سلطات الدولة في العديد من المدن الرئيسية التابعة لها.
يرى يمنيون أن اليمن أولى بمقاتليه لمواجهة الحوثيين ومقاومة مساعي المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات لانفصال الجنوب
الدعوة جاءت على لسان رئيس المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية حمود المخلافي الذي أكد أن الترتيبات جارية لاستقبال الجنود العائدين وضمهم إلى صفوف الجيش والمقاومة بعد ما فعلته الإمارات وقوات الحزام الأمني التي تدعمها في عدن، معتبرًا ذلك “واجبًا وطنيًا مقدسًا لا يقبل التنازع” في وقت تتعرض فيه بلاده إلى “مخاطر تواطؤ الرياض إن لم تكن مشاركتها في محاولات نسف وحدة أراضيه”.
المخلافي دعا أيضًا القيادات الميدانية ومنتسبي المقاومة الشعبية والجيش الوطني للحفاظ على جاهزيتهم استعدادًا لمتطلبات المرحلة المقبلة، ووفق تصريحاته، فإن فثمة مَنْ غدر والتف وقصف، وثمة مَنْ تواطأ وتراجع وربما شجع من تحت الطاولة وعلى السعوديين دفع الثمن.
في المقابل، أرجع يمنيون سبب الدعوة لعودة الجنود إلى التطورات الأخيرة في اليمن، فبحسب المستشار الإعلامي بالسفارة اليمنية في الرياض أنيس منصور، الذي تبرأت منه السفارة وقالت إنه لا يحمل صفة وظيفية منذ مايو/أيار الماضي، فإن هذه التطورات أكدت انعدام الثقة بالمملكة العربية السعودية، مضيفًا “بينما يدافع الشعب اليمني عن مقدسات السعودية بـ60 ألف جندي، تطعنه الرياض بتشكيلات ودعم المجلس الانتقالي والصمت على دور الإمارات”.
وبالنظر إلى ما يجري في محافظات الجنوب، يرى يمنيون أن اليمن أولى بمقاتليه لمواجهة الحوثيين ومقاومة مساعي المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات لانفصال الجنوب، ويتحدثون عن أنه في الوقت الذي يحمون فيه بأجسادهم أمن المملكة، فإن السعودية لم تأخذ إلى الآن موقفًا حاسمًا من دعم أبو ظبي لانقلاب عدن وقصفها لقوات الشرعية وما يصفونه بـ”الاحتلال الإماراتي” لجزر ومحافظات اليمن.
لكن تحرك بعض هذه القوات ومطالبتها بالعودة إلى اليمن يضع بنظر كثيرين المزيد من الضغط على الحكومة اليمنية لجهة دفعها لاتخاذ موقف واضح من السعودية بعد أن حسمت ترددها في الموقف من الإمارات بالإدانة الصريحة، كما قد يدفع موقف المقاومة الشعبية في تعز السعودية إلى إعادة التفكير في خططها لحماية الحد الجنوبي، الذي لم يعد وحده يمثل تحديًا أمنيًا لها في ظل تصاعد هجمات الحوثيين ضد أهداف في العمق السعودي.