نقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن مصادر رسمية قولها يوم الأحد إن تقريرا للحكومة البريطانية عن جماعة الاخوان المسلمين في مصر تأجل لعدم موافقة وزراء ومسؤولين على ما انتهى إليه من نتائج.
وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون – الواقع تحت ضغط من حلفائه في الخليج- كان قد طلب من سفير بريطانيا لدى السعودية إجراء تحقيق لتحديد ما إذا كان يتعين تصنيف الاخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.
وكان كاميرون قد عيّن السفير البريطاني في السعودية سير جون جينكز كرئيس للجنة التي ستجري التحقيق في الجماعة المسلمة، والبحث فيما إن كان ينبغي “حظر” نشاطاتها في بريطانيا بسبب علاقتها بالنشاطات الإرهابية أم لا. وطلب كاميرون التحقيق بعد تعرضه لضغوط من دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية، اللتين حظرتا نشاطات جماعة الإخوان المسلمين.
ونقلت الصحيفة عن شخص في الحكومة قوله إن “السير جون سيقول إن جماعة الإخوان المسلمين ليست منظمة إرهابية، وعندها ستعبر كل من السعودية والإمارات عن غضبهما منا”.
وبحسب مسؤول بارز في وزارة الخارجية، فعائلة آل نهيان في أبو ظبي “كانت الأكثر صخبا في التعبير عن المخاطر التي تشكلها جماعة الإخوان المسلمين “.
وأشار إلى أن الإماراتيين يشتكون أن مواطني بلادهم “لا يشعرون بالأمان وهم في لندن وأعضاء الإخوان يسيرون فيها، وكان الضغط علينا شديدا”.
وبحسب مسؤول في الحكومة البريطانية، اتصل كاميرون مع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد يوم الخميس، و”تحدث الاثنان عن غزو والعراق ولكن لم يتطرقا لتقرير السير جون جينكز”.
ومنذ أن أمرت الحكومة بالتقرير، عبرت الدول الغربية عن قلقها من الدعم المالي الذي يصل للدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الذي يصل معظمه من متعاطفين مع التنظيم في دول الخليج. ووجه القلق هو سيطرة التنظيم على مساحات شاسعة في العراق وسوريا.
وشهدت جماعة الإخوان المسلمين- التي كانت يوما أقدم الجماعات في مصر وأكثرها تنظيما وأكثر الحركات السياسية نجاحا- مقتل المئات من أعضائها واحتجاز عشرات الآلاف الآخرين منذ إعلان عبد الفتاح السيسي الذي كان آنذاك وزيرا للدفاع عزل الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي قبل 13 شهرا بعد احتجاجات استمرت على مدى أسابيع.
وفيما يلي نص تقرير فاينانشال تايمز
علمت فايننشال تايمز أنه تم تأخير إصدار تقرير للحكومة البريطانية حول جماعة الإخوان المسلمين بسبب خلاف نشب بين الوزراء والمسؤولين حول نتائجه.
وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قد كلف السير جون جينكينز، سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية، بإجراء تحقيق فيما إذا كانت هذه الجماعة السياسية المصرية تستوجب تصنيفها كمنظمة إرهابية، وقد جاء قرار رئيس الوزراء إثر ضغوط شديدة مورست عليه من قبل حلفاء بريطانيا في الخليج مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي حظرت المنظمة فيها.
أخبر مسؤولون في الحكومة البريطانية صحيفة فايننشال تايمز بأن التقرير خلص إلى أن الجماعة لا ينبغي أن تصنف على أنها منظمة إرهابية، وبأن التقرير لم يجد في الحقيقة ما يمكن أن يستدل به على أن أعضاء من الجماعة تورطوا في أي نشاطات إرهابية. إلا أن الوزراء فيالحكومة البريطانية قلقون بسبب ما قد يصدر عن حلفاء بريطانيا في الشرق الأوسط من رد فعل إزاء قرار الحكومة تأخير نشر التقرير لعدة أسابيع، بحسب ما أفاد به شخصان على اطلاع جيد بموضوع التقرير. قال أحد هذين الشخصين “سيقول السير جينكينز بأن جماعة الإخوان ليست منظمة إرهابية، وهذا بالتالي سيزعج السعوديين والإماراتيين منا”.
وبحسب مسؤول كبير في وزارة الخارجية، فإن عائلة آل نهيان، التي تحكم أبو ظبي، كانت هي بالذات التي تلح بشدة على ضرورة الانتباه إلى ما تشكله جماعة الإخوان المسلمين من مخاطر. وقال هذا الشخص: “كانوا يشكون من أن مواطنيهم لا يشعرون بالأمان في لندن حيث يتمتع أشخاص من الإخوان المسلمين بحرية الحركة. لقد مارسوا ضغوطاً في غاية الحدة”.
تحدث السيد كاميرون يوم الخميس مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، وبحسب سجل رسمي للاجتماع بين الرجلين أرسله إلى الصحفيين مكتب رئيس الوزراء، فقد تطرق الرجلان في الحديث بينهما إلى الأوضاع في العراق وفي غزة، ولكنهما لم يناقشا تقرير السير جون.
منذ أن طلبت الحكومة إعداد تقرير عن جماعة الإخوان المسلمين، انشغلت المملكة المتحدة وحلفاؤها الغربيون بشكل متزايد بالدعم المالي الذي تحصل عليه الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعرفة باسم “داعش”، والتي تمكنت من السيطرة على مساحات شاسعة في شمال ووسط العراق انطلاقاً من قاعدتها في شرق سوريا، وذلك، كما يعتقد، بفضل تدفق الأموال عليها من متبرعين داخل منطقة الخليج.
يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928 وصلت إلى السلطة في مصر من خلال الانتخابات التي جرت عام 2012، ثم ما لبثت أن أطيح بها من خلال انقلاب عسكري في العام الماضي. ومنذ أن فقدت الجماعة السلطة تم تصنيفها من قبل الحكومة الانتقالية المدعومة من قبل العسكر في القاهرة كمنظمة إرهابية، وسجن قادتها ووجهت إليها تهم بالمسؤولية عن عدد من الهجمات بما في ذلك جريمة قتل ثلاثة سائحين في شهر فبراير بينما كانوا على متن حافلة تسير في شبه جزيرة سيناء التابعة لمصر. إلا أن الإخوان أنكروا هذه التهمة مراراً وتكراراً.
وكانت محكمة مصرية قد أصدرت في وقت مبكر من هذا العام حكماً بإعدام 529 عضواً من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وذلك في تصعيد بارز لحملة القمع التي تشن على الجماعة.
أما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة – وهما من أقرب الحلفاء دبلوماسياً وتجارياً إلى بريطانيا في الشرق الأوسط – فقد مضتا قدماً في تنفيذ عمليات خاصة بهما ضد جماعة الإخوان المسلمين، وتبع السعوديون نموذج النظام المصري في حظر الجماعة حظراً تاماً.
يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين تنشط في بريطانيا منذ عام 1995، وقد بلغت المخاوف بأن تتورط الجماعة في نشاطات إرهابية داخل البلاد حداً دفع السيد كاميرون إلى المطالبة في إبريل الماضي بإجراء تحقيق بشأنها. إلا أن بعض أعضاء الحكومة الائتلافية يعتقدون بأن تصرف كاميرون كان
مبالغاً فيه وقد يؤدي إلى نتائج عكسية.
وقد حذر أحد كبار الشخصيات في الحكومة البريطانية في حينه من أن “من مخاطر ذلك أنه قد يدفع إلى التطرف بعض أنصار الجماعة المعتدلة وغير العنيفة والتي تدعو إلى النهج الديمقراطي”.
بحسب مصادر داخل الحكومة البريطانية، وجد السير جون أن جماعة الإخوان المسلمين لا تشكل تهديداً إرهابياً يذكر داخل المملكة المتحدة. وكان من المفروض أن تنشر نتائج تحقيقه نهاية الشهر الماضي إلا أن مسؤولين في الحكومة أشاروا إلى أن الوزراء كانوا ما يزالون يتباحثون فيما بينهم حول الطريقة الأفضل لتقديم نتائج التحقيق. وقد رفض مكتب رئيس الوزراء التعليق على الموضوع.
المصدر: فاينانشال تايمز
ترجمة عربي 21