بعد انقلاب الثالث من يوليو/تموز بمصر ووصول السيسي عبر الجيش لسدة الحكم، لم يكن بحسب مراقبين لدول مثل ليبيا بها ثورة ربيعية أن تهنأ، خاصة وأن المال الخليجي الإماراتي نافذ في كل المؤسسات ومخترق لكل الشخصيات والأحزاب.
واحتضنت دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس حزب تحالف القوى الوطنية محمود جبريل طوال تأسيسه للحزب وحتى بعد أن فشل في الوصول أو الحصول على مناصب حساسة بالدولة كتوليه هو حقيبة رئاسة الوزراء، أو المقربين منه ملفات المخابرات ومصرف ليبيا المركزي والنائب وديوان المحاسبة، وقيادة الأجهزة الأمنية ذات الطابع المخابراتي.
وأفادت معلومات أن الشيخ محمد بن زايد شكل غرفة عمليات خاصة بليبيا يترأسها القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان ويساعده فيها أحد أبرز المستشارين الأمنيين لسيف الإسلام القذافي المحتجز بالزنتان محمد اسماعيل، وذلك بهدف زعزعة الاستقرار في ليبيا، حيث سُربت معلومات عن مساهمة غرفة عمليات الإمارات في تمويل مظاهرات “جمعة إنقاذ بنغازي” في سبتمبر/أيلول 2012 ضد كتائب الثوار عن طريق رجل الأعمال الليبي وصاحب قناة “ليبيا أولا” حسونة طاطانكي، والتي انتهت بتفكيك كتائب الثوار التي كانت تحفظ أمن بنغازي، وظهور موجة من الاغتيالات طالت عسكريين ومدنيين وإعلاميين عُرف عنهم انتماءهم لثورة فبراير/شباط 2011.
بل واستطاعت الإمارات عن طريق حزب تحالف القوى الوطنية وغيره من الموالين لها استجلاب الذين عُرفت عنهم مواقف إقصائية ضد تيار الإسلام السياسي كسفير ليبيا بالإمارات عارف النايض والملحق العسكري بالسفارة الليبية سالم جحا.
جاء الدور المصري في زعزعة استقرار ليبيا متأخرا عن الدور الإماراتي خاصة بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وتشكيل حلف ساهم بشكل كبير في تمويل حركتي الانقلاب الأولى والثانية للواء المتقاعد خليفة حفتر وتكون هذا الحلف من الإمارات ومصر والعربية السعودية كرأس حربة قاد حملات واسعة لضرب ثورات الربيع العربي بليبيا وتونس واليمن.
ولم يكن تقرير النيويورك تايمز الأمريكية ليضيف شيئا كثيرا لدى قطاعات واسعة من الليبيين تلمست الدور الإماراتي المصري بليبيا، قدر ما كان لإزالة الغشاوة عن من لم تكن له دراية بهذا الدور الذي وصل حد استعمال طائرات حربية لضرب عدة مواقع بالشرق والغرب الليبي تابعة لثوار ليبيين.
ما كان للصمت الغربي أن يستمر طويلا إزاء الهجمات الجوية على عدة مواقع بالعاصمة الليبية طرابلس، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة وإيطاليا وفرنسا وحلف شمال الأطلسي عدم مسؤوليتهم عن قصف هذه المواقع.
إلا ان محللين سياسيين ليبيين نفوا أن يكون توجيه ضربات جوية مشتركة بين مصر والإمارات في ليبيا بدون علم الإدارة الأمريكية، مشيرين إلى طريقة مشهورة في الولايات المتحدة وهو إنكار الرئيس لما تقود به وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من عمليات ووكالة الأمن القومي.
مؤكدين أن أي عمل عسكري في مناطق نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن يكون بدون تنسيق استخباراتي أمريكي، وأن ما قاله المسؤولون الأمريكيون للنيويورك تايمز من أن الإدارة الأمريكية لم يكن لها دور في العملية أو علم على الأقل جاء خشية توجيه ضربات للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
ففي أقل من أسبوع في أواخر شهر أغسطس/آب الجاري قصفت طائرة حربية عدة مواقع عسكرية تابعة لما يعرف بفجر ليبيا بالعاصمة الليبية طرابلس حيث قال مصدر عسكري بفجر ليبيا إن القذائف التي تم جمعها من مكان القصف تفيد أن القذائف نوع mk82 وهي قذيفة موجهة بالليزر أمريكية الصنع يتم استخدامها من طائرات F15, F16, F18 وبالنسبة F15, F 18 فليست موجودة إلا في الجيش الأمريكي أما F16 فتمتلكها مصر والسعودية والإمارات.
وأضاف المصدر أن التقديرات تشير إلى أنه قد تم توريد هذه الطائرة من الإمارات مفككة في حاويات في شحن جوي ربما تم إنزالها في مطار الزنتان أو غدامس، وتجميعها داخل ليبيا.
إلى ذلك قال محللون عسكريون الضربات دقيقة ، حيث ضربت مخازن الذخيرة الخاصة بالأسلحة الثقيلة واستهدفت مقرات لغرفة التحكم والسيطرة لقوات فجر ليبيا ، وهذا يتطلب عملا استخباراتيا متطوراً، مشيرين في آن الوقت إلى أن القوة التدميرية محدودة ، وهو ما يرجح لديهم أن الضربات كانت من طائرات ليبية قديمة تم صيانتها وتطويرها في دولة بيلاروسيا لكن بدون علم السفارة الليبية هناك حيث أن المحلق العسكري بالسفارة الليبية لديها من مدينة مصراتة التي تقود حربا ضد كتائب القعقاع والصواعق بالعاصمة طرابلس
في حين أشارت مصادر عسكرية إلى أن طائرات إماراتية موجودة في مصر هي التي نفذت هذه الغارات، مع استبعاد أن تكون الطائرات جزائرية كون الجزائر مهتمة فقط بالحرب على تنظيم القاعدة وغير معنية بالصراع الداخلي في ليبيا.
وبحسب مصادر محلية بليبيا فقد كانت هذه الضربات الجوية بعلم وتنسيق حكومة تسيير الأعمال الليبية برئاسة عبد الله الثني والذي طلب وزير خارجيته محمد عبد العزيز في أكثر من مناسبة تدخلا دوليا في ليبيا لحماية مليشيات القعقاع والصواعق والمدني بطرابلس وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ببنغازي تحت شعار حماية المدنيين ومؤسسات الدولة.
وبدوره طالب مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق بالمخالفة للتعديل السابع من الإعلان الدستوري من الأمم المتحدة سرعة التدخل بحجة حماية المدنيين، مما يشير بحسب رأي مراقبين إلى تورط المؤسسة التشريعية والتنفيذية الليبية في طلب توجيه ضربات جوية لثوار طرابلس.