أثارت الأخبار التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، حول استبدال كلمة فلسطين بـ”إسرائيل” بالمنهاج الدراسي الأردني في كتاب “الاجتماعيات” للصف الرابع ضجة كبيرة، استدعت من وزارة التربية والتعليم أن تسارع بالنفي، مؤكدة أنه لم يتغير شيء على المنهاج الدراسي للطلبة.
لكن من ناحيتها قالت أمين سر نقابة المعلمين هدى العتوم لـ”أردن” أنه لم يصل للنقابة أي كتاب رسمي ينفي ذلك، فقط وصل كتاب من النائب طارق خوري للنقابة يطالبها بمتابعة المسالة ورفض هذه المناهج، وأكدت العتوم أن طبعة ٢٠١٤ التي لم تصدر بعد في مادة “اللغة العربية” و”الاجتماعيات” التي يتوقع ان يكون التغيير بها، هي التي ستكون الفيصل بتأكيد المسالة او نفيها.
وذكرت العتوم خيار احتمال أن تكون التربية لجأت لسحب اي نسخ جديدة احتوت هذا التغيير قبل وصوله لايدي الطلبة بفعل الضجة التي أثيرت.
لكن ردة فعل الشارع مؤخراً استدعت السؤال، هل التطبيع في السياسة التعليمية الأردنية حدث قديم، أم حدث عارض؟
تاريخ التطبيع التعليمي
المتابع للشأن التعليمي في الدول العربية ومنها الأردن يرى أثر التطبيع على السياسة العربية واضحا بحكم معاهدات السلام التي جمعت بين “إسرائيل” والدول العربية المطبّعة، كمصر والأردن.
فقد تم الغاء منهاج دراسي كان مقررا للمرحلة الثانوية وهو كتاب (القضية الفلسطينية) عام 1983، حيث يقول معلّمون وتربيّون أن هذه الخطوة قد تكون جائت بناء على مفاوضات سابقة لاتفاقية “وادي عربة” لم يتم الاعلان عنها، لأن الحديث عن تعديل هذا الكتاب بدأ بعد اتفاقية كامب ديفيد بين الكيان الصهيوني ومصر، وبدلا من تحديثه تم إلغاؤه. وبحسب هذا الرأي فإن هذه الخطوة جائت دلالة على حسن النية من الجانب الأردني لمعاهدة السلام التي ستأتي بعد سنوات بسيطة.
وبحسب تربويين، فأنه أيضاً ثم حذف حديث نبوي شريف “نظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود” من مناهج المرحلة الأساسية للتربية الاسلامية ، وتلاه حذف عبارة “احتل العدو الصهيوني فلسطين ” من منهاج الصف الرابع الابتدائي خلال سنوات مفاوضات السلام، وما إلى ذلك من الأمثلة المشابهة في منتصف وأواخر التسعينيات.
وقبل نحو أربعة أعوام، تم توزيع كراسات بدعم من المنظمة الأمريكية (usaid) ، يظهر عليها في الخارطة اسم “اسرائيل” ولايوجد اسم الأردن أو فلسطين، وكان عدد تلك الكراسات يقارب العشرين بعناوين مختلفة ابرزها تحدث عن الجانب الصحي، وحينا قال تربيّون أن “الخطورة تكمن أن من يعترف بـ “إسرائيل” لابد أن يحذف اسم الأردن، لأن الأردن وفلسطين تاريخيا هما دولة واحدة ومن وجهة نظر إسرائيلية”. ونفت وزارة التربية والتعليم حينها أن تكون هذه الكراسات ضمن مناهجها التعليمية، وكان ردها أن هذه الكراسات مادة عامة بإمكان اي شخص الحصول عليها أو عدم ذلك، وهي ليست كتب منهاج دراسي تابعة للجان وزارة التربية والتعليم.
أما قبل نحو أربعة أشهر، فقد وصل كتاب رسمي وزاري للمدارس، وكان بتاريخ 21-4-2014 يمنع اقتناء كتاب (اليهود لاعهود ولا ذمة) في المكتبات المدرسية، بحجة أنه يتعارض مع السياسة التربوية في الأردن.
مناهج .. ومناهج
وتنتقد نقابة المعلمين الأردنيين عدم اشراكها في لجان وضع وتطوير المناهج الدراسية كالدول المختلفة، حيث تقوم الوزارة منذ تشكيل النقابة بإبعاد الأخيرة عن أي مشاركة في سياسات التعليم ووضع العراقيل في وجهها، وأول عثرة تمثلت بمنع النقابة من المشاركة في تطوير المناهج، بحسب رأي النقابة.
وتقول النقابة أن على الأردن واجب وطني وتاريخي كبير في وضع مناهج وطنية حقيقية تجاه القضية الفلسطينية، لأنها ليست كأي دولة عربية أو اسلامية أخرى، ودورها التاريخي ومكانتها لفلسطين الشقيقة عبر التاريخ تحتّم عليها ذلك.
مطالبة أن يكون المناهج التعليمية تحت اشراف كامل ومباشر من لجان وزارية ونقابية مشتركة، دون أي تدخل من أي “جهة خارجية” بحسب النقابة.
يشار أن من بين كل المناهج العربية تميزت المناهج في غزة، بتركيزها على الثوابت العربية والقومية والتاريخية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي، اذ استنكرت دولة الاحتلال من سنوات وأبدت شديد قلقها من المناهج التي يدرسها الطلبة في غزة مثل كتاب (منهاج التعليم الوطني) الذي يركز على فلسطين التاريخية من نهر الأردن حتى البحر المتوسط، ويعتبر المنهاج أن يافا وحيفا وبئر السبع كلها فلسطين التاريخية، ويدرس الطالب في المناهج أن “اسرائيل” كيان عنصري محتل هدفه تهجير السكان من بلادهم.
وهنا يظهر الفرق جليا بين مناهج غزة التي لاتتدخل بها أطراف خارجية، ومناهج تعتمد على مؤسسات مثل يونيسف وينيسكو وغيرها، مراعية ما تتبع له هذه المؤسسات من سياسات من جهة، واتفاقات دولية تلتزم بها من جهة أخرى، في حين يستمر الجانب الإسرائيلي بطرح اكبر نماذج العنصرية والإقصاء وإثبات الحق الصهيوني في فلسطين، ضاربا بعرض الحائط كل اتفاقيات السلام التي من المفترض أن تعترف بالآخر، بحسب رأي معلمين وتربوين في النقابة.