ترجمة وتحرير: نون بوست
سجلت تايوان ما لا يقل عن 45 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، وهو رقم منخفض نسبيًا مقارنة بقرب البلاد من الصين، بؤرة تفشي الفيروس. تتحدث هيذر يوريكس ويست عن كيف تمكنت تايوان من تحدي الصعاب باستخدام البيانات.
نظرًا لقربها من الصين، كان من الممكن أن يؤثر انتشار فيروس كورونا بشدة على تايوان. يعمل أكثر من 400 ألف من مواطنيها في بر الصين الرئيسي. ومع ذلك، سجّلت تايوان أقل من 50 حالة إصابة، على الرغم من مرور أسابيع على تفشي الوباء. حيال هذا الشأن، يشير تقرير، نُشر مؤخرًا في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (جاما)، إلى أن إجرائيْ استخدام البلاد لتحليل البيانات الضخمة وتتبع مواقع الهواتف المحمولة ساعدا المسؤولين على احتواء انتشار الفيروس.
في السياق ذاته، قال مؤلف الورقة البحثية، الدكتور جيسون وانغ، أستاذ طب الأطفال في مدرسة طب جامعة ستانفورد، إنه: “في وقت مبكر، تنبأت بعض النماذج بأن تايوان ستكون الدولة الثانية أو الثالثة في ترتيب الدول التي تضم أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا، إلا أنها تحتل مرتبة متأخرة في هذه القائمة”. في الأيام الأولى لظهور المرض، أوضح التقرير الذي نشرته مجلة جاما أن “تايوان استفادت من قاعدة بيانات التأمين الصحي الوطنية الخاصة بها وأدمجتها في قاعدة بيانات الهجرة والجمارك للبدء في إنشاء بيانات كبيرة للتحليلات”.
في حال توجه شخص ما إلى مصحة أو عيادة طبيب، فإن هذه البيانات ستنشأ تحذيرات بناءً على أعراض المريض وتاريخ سفره. عند الحدود، يقع إرسال تصريح يسمح بعبور الأشخاص الذين يشكلون خطرا أقل، في حين يقع وضع أي شخص يشكل خطورة كبيرة في الحجر الصحي في المنزل، فضلا عن تعقبه من خلال هاتفه المحمول لضمان بقائه في المنزل خلال فترة الحضانة. نتيجة لذلك، يأمل الدكتور وانغ في أن تأخذ الدول الأخرى في الاعتبار النجاح الذي أحرزته تايوان في التصدي لفيروس كورونا.
ليس من السهل الوصول إلى هذه البيانات بالنسبة لحكومة كندا ولايمكنها القيام بذلك دون إذن قضائي
في الإطار ذاته، أفاد الدكتور وانغ أنه “يعتقد أن هذه فرصة للبدء في التفكير بجدية في كيفية مساهمة تحليل البيانات في تحسين الممارسات المتعلقة بمجال الصحة العامة”. وأضاف المصدر ذاته أن” الشركات الكبرى على غرار غوغل وفيسبوك تقوم بالفعل بتعقبنا، حيث تعرف غوغل وجهتنا المقبلة. لذلك هل يمكننا استخدام هذا الأمر لفترة من الوقت لاحتواء الفيروس؟ فنحن نحتاج حقًا للتفكير في إرشادات لاستخدام هذه التكنولوجيا في أزمة الصحة العامة “.
ينتظر الكنديون الخطوات التالية التي ستتخذها الحكومة على خلفية الكشف على 21 حالة إصابة بفيروس كورونا من بين المسافرين على سفينة الأميرة الكبرى.
من جهتها، استخدمت الصين وكوريا الجنوبية البيانات الضخمة وتتبع مواقع الهواتف المحمولة للتحكم في انتشار فيروس كورونا المستجد، لكن تثير هذه الممارسة مخاوف خطيرة تتعلق بالخصوصية الشخصية. في هذا الصدد، أشارت روزيتا دارا، أستاذة علوم الكمبيوتر بجامعة غويلف التي تتخصص أبحاثها في استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبع انتشار الأمراض المعدية قائلة: “تعتبر بيانات الموقع الجغرافي حساسة للغاية لأنها يمكن أن تحدد هويتك”.
تابع المصدر ذاته قائلا: “ليس من السهل الوصول إلى هذه البيانات، بالنسبة لحكومة كندا، لا يمكنها القيام بذلك دون إذن قضائي، كما لا يمكن لشركات الاتصالات بيعها. لكن في الصين، لا يفرضون قيودا مماثلة على البيانات، لذلك من السهل عليهم استخدامها لاتخاذ القرارات”. حسب المدير التنفيذي لشركة بلودوت، الواقع مقرها في تورونتو، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات المتقدمة لتتبع الأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم، “من الممكن الاستفادة من البيانات التي يقع جمعها من الهواتف المحمولة مع حماية خصوصية الأفراد”.
من جانبه، أفاد الدكتور كامران خان قائلا: “إننا نعمل على بيانات مجهولة المصدر لما يقارب 400 مليون جهاز محمول ونعرف موقع هذه الأجهزة في جميع أنحاء العالم”. وأضاف قائلا: “نحن لا ننظر إلى هوية الأفراد، ولكننا ننظر بشكل عام، إلى السكان لنلاحظ مدى فعالية تدخلات الصحة العامة. على سبيل المثال، يمكن استخدام البيانات لمعرفة ما إذا كان الناس يلتزمون بالتوجيهات المتعلقة بالعزل الذاتي”.
علاوة على ذلك، أشار كامران خان إلى أنه: “في حال غادر أحد السكان منطقة في إيران ترتفع فيها معدلات انتقال عدوى وسافر إلى جزء آخر من العالم، يمكننا أن نرى ما إذا كان سيلتزم بالنصيحة المتعلقة بالبقاء في المنزل طيلة الأيام الأربعة عشر القادمة. فهل تعتبر الرسائل التي تبعث بها مصالح الصحة العامة ناجحة أم أنه يتعين على المسؤولين في القطاع الصحي مزيد التدخل لضمان تطبيق إجراءات الحجر الصحي؟”
المصدر: غلوبال نيوز الكندية