تحظى المساجد في القارة الإفريقية برمزية كبرى، فهي جزء من تاريخ الدين الإسلامي الحنيف في هذه القارة السمراء، التي دخلها الإسلام في مرحلة مبكرة جدا. في هذا التقرير لنون بوست سنتعرف على أبرز 10 مساجد في القارة.
الجامع الكبير فى تنزانيا
يعد الجامع الكبير أحد أقدم الجوامع في الساحل الشرقي لإفريقيا ويقع تحديدا في جزيرة كيلوا التنزانية. لا يعرف تاريخ بناءه لكن يرجّح أن يكون بين القرن الحادي عشر والثالث عشر، وتحكي جدرانه تاريخه ومدى عراقته.
يقع المسجد على قمة تل صغير، مما يجعل عرض المسجد أكبر من طوله، ويحتوي على 16 فناء بدعم من تسعة أعمدة منحوتة من المرجان ولكن في وقت لاحق استبدلت بالخشب، تدعم الأقواس المائلة في الداخل هيكل السقف.
جزء من السور الذي تبقى من جامع تنزانيا الكبير
في سنة 1331 وقع زلزال أدى إلى انهيار المسجد وتدميره، وعلى الرغم من الدمار الكبير ظل السقف المقوس محميًا في الشرق، كما بقيت القبة الكبيرة التي ربما كانت بمثابة ضريح السلطان الحسن بن سليمان ، وهي القبة الوحيدة التي بقيت قائمة بعد الزلزال.
في أواخر القرن الثامن عشر ، تم استخدام الجدار الجنوبي للتوسعة وإنشاء محراب جديد لكن أدّى ذلك إلى سقوط السقف وتركه خرابًا، ومع تدهور وضع الجزيرة الاقتصادي ترك المسجد على حاله حيث يُنظر إليه الآن كموقع تاريخي.
مسجد أغاديس في النيجر
بُني المسجد الذي يقع في مدينة أغاديس في النيجر من الطين، ويعتبر المسجد من العلامات الدينيّة الإسلامية البارزة في منطقة أغاديس، وأقدم مساجد البلاد إذ تأسس سنة 1515 ويبلغ طول منارته قرابة 27 مترا، وحافظ المسجد على هيئته قرونا عدة رغم كونه بُني من الطين.
اعتمد الأهالي في بناء المسجد على الطين والقش
مثّل المسجد انعكاسا للتقاليد الثقافية والمعمارية للمنطقة، فهو يقدم مثالا متطورة للعمارة الترابية، ففي ظلّ نُدرة مواد البناء مثل الخشب والاسمنت والحجر في الصحراء، اعتمد الأهالي على الطين والقش والحصى، وهذا المزيج يجف مع أشعة الشمس، وعليه تم خلق مادة قوية إلى حد ما تسمى بانكو وهو نوع من طين لبناء المسجد.
المسجد الوطني في نيجيريا
بُني مسجد أبوجا الوطني في سنة 1984 من قبل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وتم افتتاحه في 1991، ويعد هذا الصرح الإسلامي أكبر مسجد في البلاد، حيث يمكنه استقبال حتى 15 ألف من المصلين.
صمم المسجد على شكل مربع تتوسطه قبة ذهبية مركزية، محاطة بأربع قباب صغيرة، ويضمّ مجمع المسجد مكتبة ضخمة، وسوقا لبيع الأقمشة والسجاد، وقاعة للمحاضرات، ومكاتب تابعة لمنظمات المجتمع المدني.
جامع عبد الحميد الثاني في جيبوتي
إلى جانب هذه المساجد، نجد جامع عبد الحميد الثاني في جيبوتي، وهو صرح إسلامي جديد تم افتتاحه نهاية السنة الماضية، ويعتبر أكبر مسجد على الطراز العثماني في شرق إفريقيا، حيث يتسع لـ5 آلاف مصلٍ بوقت واحد.
شُيّد الجامع على رقعة مساحتها 10 آلاف متر مربع، ويطل على شواطئ المحيط الهندي بالقرب من القصر الرئاسي في جيبوتي، ويشمل قبة، ورواقا، ومأذنتين مزدوجتين، ومركزًا تعليميًا يستوعب 400 شخص، وصالة مؤتمرات، ومكتبة، ومنشأة للفعاليات الاجتماعية.
ويضم المسجد الذي بدأ بناءه ” وقف الديانة التركي” الحكومي سنة 2017، مئذنتين (45 مترًا) تعلو كل منهما قبة كبيرة، وأربعة أخرى صغيرة لتضفي على المسجد ذات اللون الأبيض الكريمي جوًا من العظمة المعمارية، وفي الداخل تضيء الثريا المنخفضة المعلقة، ذات الطراز التركي، المنقوشة باليد، فيما يتوسط فناء المسجد نافورة كبيرة للوضوء، كما تم تزيين الجدران بمخطوطات عثمانية كلاسيكية.
مسجد لارابانكا في غانا
تحفة فنية أخرى نجدها في غانا، تحديدا في لارابانكا فى منطقة دامونجو غرب جونجا من المنطقة الشمالية للبلاد، وقد شُيِّد المسجد وفق النمط المعماري السوداني – السواحيلي- التي تتميز باستخدام الأخشاب الأفقية والأبراج الهرمية والدعامات والثقوب المثلثة على بوابات الدخول- وهو أحد أقدم مساجد غرب إفريقيا، وقد لُقّبت المنطقة التي يقع فيها بلقب “مكَّة أفريقيا الغربيَّة”.
بنيٌّ المسجد الصغير بواسطة الطوب والقصب، ولهُ بُرجان طويلان هرميَّان، أحدهما يضم المحراب ويُشكِّلُ واجهة المبنى من الشرق، والآخر يلعب دور المئذنة ويقع في الجانب الشمالي الشرقي، يتكاتف الطرفان مع اثني عشر بناء بصليَّة الشكل مُركبة بواسطة عدَّة جُذوع خشبيَّة، وله أربعة أبواب، أحدها لزعيم القرية، والآخر للرجال، والثالث للنساء والأخير للمؤذن.
لا يُعرف بالتحديد تاريخ بنائه، لكن من المرجح أن يكون بين القرن الثالث عشر والقرن السابع عشر، تم ترميمه العديد من المرات، وورد ذكره في عام 2002 في قائمة المعالم الأثرية المعرضة للخطر في صندوق الآثار العالمي.
مسجد مسالك الجنان في السنغال
نبقى في غرب إفريقيا، تحديدا في السنغال، حيث نجد هناك مسجد “مسالك الجنان” الذي دشّن السنة الماضية في العاصمة داكار، وقد استغرق بناؤه 7 سنوات وبني على مساحة 6 هكتارات بكلفة بلغت 30 مليون يورو.
تم اختيار اسم المسجد نسبة لعنوان كتاب أهم مؤلفات الشيخ أحمدو بمبا، زعيم الطريقة “المريدية” (جماعة صوفية كبيرة بالسنغال)، ويتسع المسجد لـ 10 آلاف مصلٍ في القسم الداخلي، و20 ألف في الفناء، وتضمنت زينة المسجد قبة مذهبة ومآذن ضخمة.
مسجد “توبا”
يقع المسجد في مدينة “توبا” على بعد 194 ميلا شرقي العاصمة داكار، و بدأ بناؤه سنة 1932 وفيه دفن الشيخ “أحمدو بامبا” المعروف باسم “سيرين توبا”، ويطل الجامع على زوّاره بمآذنه السبع الشامخة، وبملامح عربية خالصة، تشوبها مسحة بيزنطية في رحاب أروقته الواسعة.
يتميّز المسجد بهندسته المعمارية المستوحاة من المعمار العربي والبيزنطي، فمن الخارج، تبدو ملامح المسجد وفية للطابع المعماري العربي، لكن بمجرّد تجاوز عتبته نحو الأروقة الداخلية الفسيحة، يتراءى للمرء الطابع البيزنطي المرتسم في كلّ ركن من أركانه.
يوجد في المسجد ضريح الشيخ “أحمدو بامبا”
يمتدّ المسجد على مساحة 8 آلاف و790 مترا مربعا، وتزيد طاقة استيعابه على 6 آلاف شخص، وتنتصب أضرحة الشيخ “بامبا” وأبنائه، بالإضافة إلى أضرحة أخرى لمختلف الخلفاء الذين حذوا حذوه. والملاحظ أن أشغال البناء والتجديد لا تتوقف في هذا المسجد فكل “خليفة” للمريدية يطلق أشغال جديدة.
الجامع الكبير في مالي
نتحول إلى مالي، تحديدا إلى مدينة جينيه، حيث نجد الجامع الكبير على ضفة نهر الباني، ويعدّ هذا الجامع أكبر صرح معماري مصنوع من الطوب اللبني في العالم (يسمى الطوب اللبني محليا فيري)، وقد تم بناؤه في القرن الثالث عشر باستخدام أسلوب معماري فريد من نوعه كان معتمدا في أراضي الساحل في غرب إفريقيا، في ذلك الوقت.
في سنة 1988، أدرج الجامع في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، كجزء من البلدة القديمة في جينيه، ذلك أنه مثال للمعمار في الرقعة الإفريقية المعروفة باسم بلاد السودان والساحل كما أنه من أهم وأبرز معالم القارة السمراء ككل.
بناه الملك كوي كونبورو موقع قصر عامر قبل أن تصبح جينيه عاصمة لامبراطورية مالي، وعندما تولى الغازي المسلم أمادو لوبو مقاليد الأمور في المنطقة عام 1834 أمر بهدمه باعتباره “بهرجا وترفا غير لائق”.
سنة 1896، تمت إعادة بنائه على غرار التصميم الأصلي لكنه هدم بعد ذلك بـ 10 سنوات لإعادة تشييده مجددا على هيئته التي ترى اليوم والتي أكملت في الفترة بين 1907 و1909، والجزء الوحيد المتبقي من البناء الأصلي، هو المقبرة التي تضم أضرحة القادة المحليين.
يضم “الجامع الكبير” ثلاث مآذن مميزة، وتبرز خارج جدران المبنى مئات القوائم الخشبية من النخيل والتي تعرف باسم “تورون” أي الحبال. ويحتفظ المسجد ببرودته خلال الأيام شديدة الحرارة، ويدعم السقف والجدران سقيفة مكونة من 90 قائما خشبيا، وهو ما يوفر عازلا عن حرارة الشمس، بينما توجد ثقوب في السقف تسمح بمرور الهواء النظيف، ويمكن سدها بأغطية طينية أثناء موسم المطر.
جامع دجينغاربير
نبقى في مالي، لكن ننتقل إلى تمبكتو حيث جامع دجينغاربير الذي تم تشييده على يد المهندس الأندلسي الشهير أبو إسحاق الساحلي في القرن الرابع عشر، وذلك في عهد الملك مانسا موسى، ومثّل هذا المسجد إحدى التحف الخالدة في قلب الصحراء الكبرى، لذلك سجل ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي سنة 1988.
شيّد المسجد في عهد الملك مانسا موسى
يحتوي المسجد على فناء واسعا غير مسقوف، ومساحة مسقوفة تقوم على خمسة وعشرين صفا من السواري الطينية الضخمة، أما سقف المسجد فقد تخللته عشرات من الفتحات الصغيرة لإنارة المسجد نهارا وتهويته، ويمكن إغلاق هذه الفتحات عند هطول المطر، ويسع داخل المسجد لألفي مصل، ويمكن أن يصلي 12 ألفا في باحته.
يظهر جمال المسجد في أبوابه ونوافذه الخشبية أيضا، حيث تحفها زخارف الأرابيسك الملونة، وأشكال معدنية جميلة، كما تبرز مئذنة المسجد الهرمية التي ترى من بعيد شامخة تحرس المدينة، وخاشعة كأنها تراقب مرور الزمن وتقلب القرون وتسبح باسم الخالق.
مسجد النظامية
يبرز “مسجد النظامية” في جوهانسبرغ كأحد أبرز المساجد في جنوب إفريقيا. بدأ تشييد المسجد سنة 2009 وتم افتتاحه رسميا عام 2012، وقد شيده ملياردير تركي يُدعى “علي قاطيرجي أوغلو” بالنمط المعماري التي بنيت على أساسه مساجد عديدة في العهد العثماني ليشكل معلما عمرانيا هاما في نصف الأرض الجنوبي.
يتميّز المسجد بمآذِنه الأربعة التي يَبلُغ ارتفاع كلٍّ منها 55 مترًا، وتُبهر نماذج الخط العربي والزخارف الفنية التي يحتويها المسجد الزائرين، كما تبرز فيه الأواني الصينية والسجاجيد، وأعمال الرخام. وللمسجد ثلاثة أبواب كبيرة، وأكثر مِن 200 نافذة، ويُمكن للزائرين أن يُشاهِدوا بعضًا مِن مُتعلقات الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – وكذلك لوحات لأكبر الآثار الإسلامية حول العالم.