ماذا لو تم ابتكار طريقة للكشف المبكر عن الالتهاب البكتيري بعيدًا عن الطرق المتبعة حاليًّا؟ هل يمكن فعليًا الكشف عن النشاط المبكر للبكتيريا التي تنوي شن هجوم على الجسم وإلحاق الضرر به؟
فاطمة الزهراء الأطرقجي
الطبيبة فاطمة الزهراء الأطرقجي عالمة فيزياء النانو الشابة، الأستاذة المساعدة في جامعة روسكيلد قسم العلوم والبيئة وإحدى شخصيات قائمة فوربس للأكثر تأثيرًا حول العالم تحت سن الثلاثين، أجابت عن هذا السؤال بتطويرها مستشعرًا نانويًا لفهم لغة البكتيريا التي يمكنها من خلاله التجسس على السلوك الاجتماعي وتواصل البكتيريا فيما بينها.
ولدت فاطمة الزهراء الأطرقجي في الكويت عام 1989 لعائلة ذات أصول عراقية لبنانية وانتقلت عائلتها إلى الدنمارك بعد حرب الخليج لتستقر فاطمة مع عائلتها في الدنمارك.
منذ الطفولة المبكرة أظهرت فاطمة الزهراء ميلًا نحو العلوم وحب الاطلاع، هذا ما جعلها تخطو نحو إكمال دراستها الجامعية تخصص الفيزياء في الجامعة التقنية بالدنمارك “Technical University of Denmark”.
بعد التخرج أكملت فاطمة الزهراء الماجستير والدكتوراه في نفس الجامعة لتحصل عام 2018 على درجة الدكتوراه في تخصص النانوتكنولوجي. أطروحتها “أجهزة الاستشعار الدقيقة والنانوية للتشخيص المبكر للعدوى البكتيرية” التي ناقشت إمكانية الاكتشاف المبكر للعدوى البكتيرية بطريقة عبقرية مكنتها من الفوز بجائزة “DTU Bioengineering” وجائزة مؤسسة “Lundbeck“.
تقول الدكتورة فاطمة: “كان الاعتقاد السائد سابقًا أن لغة التخاطب بين البكتيريا بدائية نوعًا ما، لكن خلال الأبحاث التي أجريتها بالتجسس على البكتيريا وترجمة لغتها (تتخاطب البكتيريا فيما بينها بإيعازات خاصة على شكل مركبات كيميائية) تمكنت من معرفة سلوك البكتيريا وكيف تتحدث فيما بينها، وكيف تضع الخطط وتكون عائلتها وكيف تخدع جهاز المناعة عندما تكون خاملة لفترة حتى النقطة التي تقرر فيها الظهور معًا في آن واحد (حيث تقوم البكتيريا بإبلاغ بعضها البعض عن أعدادها الإجمالية طالما أن البكتيريا غير كافية في العدد تختفي الإشارات في البيئة المحيطة).
ما أبعاد ابتكارها؟
الدكتورة فاطمة، التي عانت من مضاعفات التهاب بكتيري بعد ولادتها كاد أن يودي بحياتها لعدم قدرة الأطباء على إعطائها العلاج اللازم لحين ظهور نتائج الفحص التقليدي المتبع الذي استغرق أيام، استطاعت أن تطور مستشعر نانوي مذهل أسهل وأسرع وأكثر حساسية من الطرق التقليدية التي تستغرق عادة من يومين إلى ثلاثة أيام، ويمكن للطريقة الجديدة أن تظهر النتيجة في 30 ثانية فقط وبالتالي هذا الابتكار يساعد الأطباء على التشخيص المبكر وكفاءة العلاج وينقذ العديد من الأرواح.
تؤمن فاطمة الزهراء الأطرقجي أن العلم لا بد له من حل المشاكل، والعلماء عليهم أن يسخروا ما يملكونه من خبرات في خدمة الإنسانية، لذلك أسست شركتها “PreDiagnose” في الدنمارك التي تهدف إلى تسويق ابتكارها ليتم الاستفادة منه في المؤسسات الصحية.
موقفها من جائحة كورونا
حاولت الدكتورة فاطمة الأطرقجي منذ الأيام الأولى للجائحة التصدي لها بتكريس إمكاناتها العلمية للتوصل إلى فحص سريع للكشف عن الإصابة، وحصلت على دعم بتلقيها جائزة المليون ونصف كرونة دنماركية من صندوق الابتكار (ما يقارب 250 ألف دولار) لقيادة فريق من الباحثين بالتعاون مع جامعة روسكيلد ومستشفى ليلبيلت لتطوير اختبار سريع للكشف عن COVID19 باستخدام كاشف كهروكيميائي مزدوج وتشخيص الاستجابة المناعية للمضيف.
هذا الفحص ذو قيمة كبيرة ليس فقط لدقته وسرعته وإنما لإمكانية استخدامه في المنزل، ما يسهم في التعرف على المصابين والمتعافين، وبذلك يساعد المتعافين في العودة إلى عملهم وعزل المصابين ومنع تفشي المرض، والأهم من ذلك يمكن أن يساعد في تحديد مكان المريض في مسار المرض.
تعمل الدكتورة فاطمة الزهراء على مدار الساعة متخطية التحديات لاختبار تقنية النانو مع مرضى COVID-19 كما فعلت سابقًا مع الالتهابات البكتيرية، وإذا استطاعت التوصل إلى نتيجة فعلية سوف تحدث ثورة كبيرة في معركة البشر ضد فيروس كورونا.
ورغم التزاماتها العلمية وأبحاثها المستمرة، لم يمنعها ذلك من متابعة هوايتها في القراءة والكتابة، فالدكتورة فاطمة التي ألفت كتابًا في طفولتها عندما كانت في الثالثة عشر من عمرها بعنوان “عندما تحولت فابيان إلى اللون الأصفر”، أصدرت كتابًا آخر بعنوان “da 3. verdenskrig brød ud” عندما اندلعت الحرب العالمية الثالثة الذي يناقش مواضيع مثل المؤامرات والحروب والدمار والصداقات، ويصور مشاكل الشباب وتأثير الصراعات السياسية عليها.