ترجمة وتحرير: نون بوست
من المقرر أن يُشرف البابا فرنسيس يوم السبت على صلاة موحدة بين الأديان في معبد زقورة في مدينة أور الأثرية، وهو معبد سومري ضخم يقع في أحد المدن العراقية التاريخية التي يُعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم. وتعتبر الصلاة في هذا المعبد واحدة من أهم اللحظات في زيارة البابا التاريخية إلى العراق، التي استحوذت على اهتمام العالم وسلطت الضوء على العجائب الأثرية لمدينة “أور”.
وفيما يلي، كل ما تحتاج لمعرفته حول هذه المدينة الأثرية.
العاصمة السومرية
تقع مدينة أور في محافظة ذي قار جنوب العراق على بعد 17 كيلومترًا من مدينة الناصرية عاصمة المحافظة. وهي واحدة من المدن السومرية التاريخية الأربعة الموجودة في المحافظة، إلى جانب مدينة إريدو وجيرسو ولجش. كانت مدينة أور عاصمة السومريين، حيث طوروا فيها نظام الري، ومارسوا أساليب زراعية متطورة، فضلا عن المبادلات التجارية على نطاق واسع مع المدن المجاورة في مختلف أنحاء بلاد الرافدين وخارجها.
يُعتقد أن تاريخ المدينة، التي كان شكلها بيضاويا، يعود إلى 3800 قبل الميلاد، وذُكرت لأول مرة في النصوص التاريخية على امتداد الألفية اللاحقة. وفي الأصل، كنت مدينة أور تقع على مصب نهر الفرات على الساحل الجنوبي للعراق. ولكن التضاريس تغيرت بشكل كبير على امتداد قرون، وأصبحت المدينة تتموضع حاليًا في منطقة نائية عن الضفة الجنوبية للنهر.
اكتشاف أثري
خلال القرن التاسع عشر، بدأ علماء الآثار الأوروبيون في ربط بقايا تل المقير بمدينة أور، وذلك كما ورد في الكتاب المقدس والنصوص القديمة الأخرى. بدأ جون جورج تايلور، نائب القنصل البريطاني، أعمال التنقيب في معبد زقورة في سنة 1853 لصالح المتحف البريطاني. وفي سنة 1922، أجرى عالم الآثار البريطاني السير ليونارد وولي أكبر عمليات التنقيب، حيث عثر على 16 مقبرة ملكية مبنية من الطوب على امتداد عقد من الزمان.
يتكون معبد زقورة من كتلة صلبة من ثلاث طبقات من الطوب اللبن بواجهة من الطوب المحروق. توجد طبقة سفلية وهي جزء من البناء الأصلي، في حين أن الطبقتين العلويتين جزء من الترميمات البابلية الحديثة التي أُحدثت في القرن السادس قبل الميلاد. وتم تخصيص المعبد لإله القمر نانار، الإله الراعي لمدينة أور. ووقع ترميم واجهة المعبد والدرج الضخم في الثمانينات في عهد صدام حسين.
هل هي مسقط رأس النبي إبراهيم؟
في الكتاب المقدس، يُقال إن مدينة يُطلق عليها اسم “أور” هي مسقط رأس النبي إبراهيم، أب الديانات الثلاث الكبرى – اليهودية والمسيحية والإسلام – والذي يُعتقد أنه عاش في الألفية الثانية قبل الميلاد.
خلال أعمال التنقيب التي قام بها ليونارد وولي في أوائل القرن العشرين، وجد ختما أسطوانيا في المجمع المجاور لمعبد زقورة يحمل اسم إبراهيم. وقاده هذا إلى الاعتقاد بأن المجمع، الذي يعود تاريخه إلى حوالي سنة 1900 قبل الميلاد، كان منزل النبي إبراهيم.
حسب عامر عبد الرزاق، مدير متحف الناصرية الحضاري، فإنه “طالما أن مدينة أور هي مسقط رأس النبي إبراهيم، فهي تعتبر موقعًا مهما لجميع الناس في جميع أنحاء العالم، وجميع الأديان”. وأضاف أن “زيارة هذا المكان مهم جدا للحج المسيحي”، حيث جرت لسنوات مناقشة مقترح تحديد يوم واحد لإقامة الحج بين مدينة أور وكنيسة القيامة في القدس.
أدت سنوات الاضطرابات إلى انخفاض عدد السكان المسيحيين في العراق بشكل كبير. وفي سنة 2003، كان حوالي 1.5 مليون من سكان العراق – البالغ عددهم 40 مليون نسمة – من المسيحيين. ولكن عدد المسيحيين اليوم يتراوح بين 150 ألف و400 ألف.
قال حبيب هرمز، رئيس أساقفة الكنيسة الكلدانية في البصرة، إنه يأمل أن تشجع زيارة البابا فرنسيس المسيحيين على العودة إلى العراق، ولكن لا بد من بذل جهد كبير لإقناعهم. وأخبر موقع “ميدل إيست آي”: “لست متأكدا من عودة المسيحيين إلى ديارهم، حتى بعد زيارة البابا، ما لم نشهد تطورا في الأمن، وتحسينا في البنية التحتية، وإنفاذ القانون والعدالة واحترام حقوق الإنسان”.
المصدر: ميدل إيست آي