تنطلق صليات ورشقات المقاومة الفلسطينية الصاروخية من غزة إلى مسافات بعيدة، لتدك مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة. وفي كل يوم جديد تنطلق صافرة إنذار في هدف جديد، ردًا على الاعتداءات المتكررة من طائرات الاحتلال الحربية التي تقصف المناطق المدنية في قطاع غزة وتعتدي على المنتفضين داخل الأراضي المحتلة والمسجد الأقصى.
في كل عدوان إسرائيلي على غزة تطالعنا المقاومة الفلسطينية بإصدارات من الصواريخ والمعدات القتالية الجديدة للرد على جيش الاحتلال، فلم يعد صاروخ القسام وحيدًا في جعبة المقاومة، وإن انتشرت قصته في كل بيت يهتم بالقضية الفلسطينية ويؤمن بمقاومة المحتل.
مع مرور الزمن وتغير آليات الاشتباك وقواعد القتال، تحاول المقاومة الفلسطينية التماشي مع التطورات العسكرية العالمية، هذا كله يجري ضمن بقعة محاصرة لما يزيد على 15 عامًا من كل النواحي. وذلك في ظل تهافت الدول العربية للتطبيع مع الاحتلال، معتبرةً أن سلاح المقاومة ما هو إلا “أدوات عبثية لزعزعة الاستقرار”.
تتفاوت الإحصاءات التي تُقدر عدد الصواريخ التي تدك المناطق المحتلة هذه الأيام، ولعل الأيام القادمة تكشف خبايا هذه المعركة، أما في هذا التقرير سنتحدث عن الصواريخ التي استخدمتها المقاومة في قصف العدو الإسرائيلي.
صواريخ البداية
تدرجت المقاومة في تطوير صواريخها محلية الصنع عامًا بعد عام، ففي 2001 أعلنت عن صاروخها الأول “قسام1” الذي كان باكورة الإنتاج، وتلاه “قسام2” و”قسام3″، لتسدل الستار عام 2012 عن صاروخها “M75”.
أُطلق هذا الصاروخ ردًا على اغتيال قائد أركان كتائب القسام الشهيد أحمد الجعبري، ويبلغ مداه من 75 إلى 80 كيلومترًا، ويعد أول صاروخ يُطلق على مطار بن غوريون.
إلى ذلك طورت المقاومة الفلسطينية ما يُعرف بـ”صاروخ سجّيل” أو “S55″، وبه قصفت كتائب القسام مدينة اللد المحتلة للمرة الأولى عام 2014، ويبلغ مداه 55 كيلومترًا، وفي ذات العام أطلقت الكتائب صاروخ “J80″، على تل أبيب ليكون أول صاروخ من نوعه يُطلق باتجاه “عاصمة” الاحتلال، وسُميّ الصاروخ باسم القيادي القسامي الشهيد أحمد الجعبري، وفشلت القبة الحديدية في اعتراض هذا الإصدار من الصواريخ وهو ما وعدت به حركة حماس.
ويعد “R160” الصاروخ الأول من نوعه الذي يضرب مدينة حيفا، وسُمِّي نسبةً للقيادي الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، وتكمن أهميته في وصوله لمناطق أبعد وقدرته على ضرب العمق الإسرائيلي على مسافة أكثر من 100 كيلومتر عن قطاع غزة.
الصواريخ الآنفة الذكر لم تتخلَ عنها حركة حماس في مواجهتها هذه الأيام، فقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري: “المقاومة لديها القدرة على القتال لشهور طويلة بزخم أكبر من أي وقت مضى”، مضيفًا “الصواريخ التي أطلقها القسام تعتبر من المخزون القديم ونريد أن نتخلص منها وما في جعبة القسام لم يتم إخراجه حتى اللحظة”.
إضافة إلى ما تقدم، فقد أعلن الجناح العسكري لحركة حماس والفصائل الأخرى خلال المعركة التي أطلق عليها “سيف القدس” إدخال صواريخ جديدة بمديّات مختلفة ومنها:
صواريخ من طراز A120
سميت هذه الصواريخ تيمنًا بالقائد القسامي رائد العطار، وهي صواريخ تحمل رؤوسًا متفجرة ذات قدرةٍ تدميريةٍ عاليةٍ، ويصل مداها إلى 120 كيلومترًا، ودخلت هذه الصواريخ الخدمة بشكل معلن لأول مرة عندما أعلنت كتائب القسام في 11 من مايو/أيار أن الضربة الصاروخية التي وجهتها للقدس كانت بهذا النوع من الصواريخ.
صواريخ SH85
كشفت كتائب القسام منذ أيام، أنها استخدمت للمرة الأولى صواريخ SH85 لقصف تل أبيب ومطار بن غوريون، وبحسب إعلان الكتائب فإن هذه الصواريخ سُميت تيمنًا بالقائد الشهيد محمد أبو شمالة ويبلغ مدى هذا الصاروخ القسامي الجديد 85 كيلومترًا، وبالإضافة إلى صواريخ أبو شمالة استخدمت رشقات من صواريخ سجيل وهي A120 وM75 وJ80 وJ90، وأسفرت عن وقوع عدد من القتلى والجرحى وتضرر عدد كبير من المنازل.
صاروخ عياش
يعتبر صاروخ عياش 250، السلاح الأحدث الذي كشفته كتائب القسام خلال هذه المواجهة، ويعتبر الأبعد مدى، وينسب للشهيد يحيى عياش أحد أبرز القياديين الحمساويين الذين اغتالتهم دولة الاحتلال.
وقد انطلق الصاروخ للمرة الأولى في 13 من مايو/أيار 2021، تجاه مطار رامون جنوب فلسطين وعلى بعد نحو 220 كيلومترًا من غزة، وصرح أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب القسام بعدها بقوله: “كل نقطة من شمال فلسطين إلى جنوبها في مرمى صواريخنا”.
يذكر أن “أم البراء” زوجة الشهيد يحيى عياش أبدت فرحتها وفخرها بتسمية المقاومة الفلسطينية اسم عياش 250 على أحد صواريخها الذي كشفته كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مؤكدة أنه استهدف مطار رامون جنوب “إسرائيل” وفقًا لما جاء في “الجزيرة“.
وبحسب ذات المصدر قالت أم البراء: “مجازر الاحتلال في قطاع غزة أنست الفلسطينيين الاحتفال بالعيد، لكن مع خروج هذا الصاروخ للعمل من المقاومة وقصفه لمطار قرب إيلات جنوب الأرض المحتلة عام 48، تم الاحتفال الفعلي بالعيد”، شاكرة المقاومة على ما وصفتها بـ”الهدية الرائعة لعائلة العياش”.
صاروخ بدر 3
أعلنت سرايا القدس أنها استخدمت في هذه المعركة رشقة من الصواريخ من طراز “بدر 3” الذي يحمل رأسًا متفجرةً بوزن 250 كيلوغرامًا، ويبلغ مداه أكثر من 160 كيلومترًا، ومن ميزاته أنه لا ينفجر عندما يضرب الهدف، بل عندما يكون فوقه بنحو 20 مترًا، وطورت السرايا هذا الصاروخ ليحمل رأسًا بوزن 350 كيلوغرامًا، ويطلق 1400 شظية، ما يزيد من قدرته على تدمير المنشآت والمنازل بالقرب من نقطة الانفجار التي يسقط فيها.
قذائف الهاون
خلال ردها على عدوان الاحتلال المستمر استخدمت فصائل المقاومة الفلسطينية قذائف الهاون في قصفها لتجمعات جيش الاحتلال في غلاف القطاع، وأقر الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بوجود مخاوف لدى قيادة جيشه من قذائف الهاون المنطلقة من غزة تجاه تجمعات الجنود على الحدود، وبحسب المتحدث، فإن قذائف الهاون مرعبة لأنه لا يوجد فترة زمنية للابتعاد أو الاختباء منها.
طائرات شهاب
نشر الإعلام العسكري لكتائب القسام مشاهد عن طائرة شهاب الانتحارية التي أدخلتها الكتائب الخدمة خلال معركة سيف القدس، وأعلنت الكتائب تنفيذ عدة هجمات ضد أهداف صهيونية عبر طائرات مسيرة انتحارية، وفي بيان لها قالت: “استهدفت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة “حماس” مصنع الكيماويات في “نير عوز” شرق قطاع غزة بطائرة شهاب الانتحارية.
وقد كشفت كتائب القسام أنها أدخلت سلاحًا جديدًا إلى الخدمة في معركة سيف القدس، فقد استهدفت بعددٍ من الطائرات المسيرة الانتحارية من طراز “شهاب” محلية الصنع، منصة الغاز في عرض البحر قبالة ساحل شمال غزة.
مضيفة “كما استهدفت تحشدات عسكرية على تخوم قطاع غزة، وذلك ردًا على العدوان الصهيوني المتواصل على أبناء شعبنا في قطاع غزة، واغتيال ثلةٍ من قادة ومهندسي القسام، ونعد العدو بالمزيد طالما استمر في عدوانه”.
غواصات انتحارية
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن “غواصة موجهة تابعة لحركة حماس، حاولت استهداف قطعة بحرية إسرائيلية”، وكانت كتائب القسام، قد أعلنت استهدافها بارجة إسرائيلية في عرض البحر قبالة شواطئ غزة، برشقة صاروخية، وكشف جيش الاحتلال أن الحركة الفلسطينية تمتلك غواصات ذاتية القيادة قادرة على حمل متفجرات بوزن 50 كيلوغرامًا، مشيرًا إلى أن الحركة حاولت استهداف منصة الغاز قبالة أسدود.
ونقل الإعلام الإسرائيلي عن مسؤولين في جيش الاحتلال: “بعض من هذه الغواصات تم تدميرها خلال القصف الأخير في قطاع غزة، ويعتقد الجهاز الأمني الإسرائيلي أنه من الممكن أن حماس ما زالت تمتلك ثلاث غواصات من هذا الطراز، الذي يمكن تشغيله عن بعد، عن طريق الـGPS”، هذا ولم يصدر عن المقاومة الفلسطينية أي تصريحات بخصوص هذا السلاح.
مضاد الدروع
إضافةً إلى ذلك، أعلنت كتائب القسام خلال الأيام الماضية أنها استهدفت مركبة عسكرية إسرائيلية شمالي قطاع غزة، وأقرت تل أبيب بالحادثة وأعلنت مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين بإصابات خطيرة، وقالت القسام إنها استهدفت جيبًا إسرائيليًا من نوع ديفندر بصاروخ موجه قرب مغتصبة نتيف هعسراه شمالي قطاع غزة، وبثت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية مقاطع فيديو وثّقت لحظات إجلاء الجنود المصابين والقتلى في عملية استهداف جيب عسكري إسرائيلي على حدود غزة، وما تبعها من إطلاق قذائف هاون.
أحدثت صواريخ المقاومة والمعدات الجديدة مفاجأة على الصعيد العسكري، كما أحدثت مناطق الاستهداف أيضًا نقلة جديدة من الممكن أن تغير قواعد الاشتباك ومعادلة الصراع في مقبل الأيام أو ربما السنوات القادمة.