ترجمة وتحرير: نون بوست
من أجل تجنب أي اتهامات بمساعدة الإرهابيين على نشر أفكارهم، منع فيسبوك مستخدميه منذ عدة سنوات من التحدث بحرية عن الأشخاص والمجموعات التي تروج للعنف من وجهة نظر الشركة.
تعود تلك القيود إلى سنة 2012، عندما أضاف فيسبوك إلى معاييره خاصية الحظر على “المنظمات التي لديها سجل من الأنشطة الإرهابية أو الإجرام والعنف”، وذلك في مواجهة المخاوف المتزايدة في الكونغرس والأمم المتحدة بشأن تجنيد الإرهابيين على الإنترنت.
ومنذ ذلك الحين، تضخمت قاعدة الحظر وأصبحت تُعرف بـ”سياسة الأفراد والمنظمات الخطرة”، وهي مجموعة شاملة من القيود المفروضة على ما يمكن أن يقوله حوالي 3 مليارات من مستخدمي فيسبوك عن الكيانات التي تعمل خارج نطاق القانون.
في السنوات الأخيرة، استُخدمت هذه السياسة بشكل أكثر وضوحا، وشملت شخصيات معروفة مثل رئيس الولايات المتحدة، وتم اعتماد سياسات أكثر صرامة على الشبكة الاجتماعية من أجل طمأنة الجماهير كلما اندلعت أعمال عنف، بدءا من الإبادة الجماعية في ميانمار وصولا إلى أعمال الشغب في الكابيتول هيل.
وفي الآونة الأخيرة، عندما كشفت سلسلة من التسريبات التي نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الشركة كانت تعلم بتسببها في أضرار لا حصر لها، أشار نائب رئيس فيسبوك إلى سياسة الحظر باعتبارها دليلا على جهود الشركة لمنع الأضرار، وفقا لمذكرة داخلية حصلت عليها صحيفة “نيويورك تايمز”.
رغم مزاعم فيسبوك بأن الكشف عن القائمة السوداء من شأنه أن يعرض حياة موظفيه للخطر، إلا أن مجلس الرقابة الذي اختارته الشركة بعناية، أوصى في شهر آب/ أغسطس الماضي بنشر القائمة رسميا لأن المعلومات الموجودة فيها تخدم المصلحة العامة.
ولكن كما هو الحال مع السياسات الأخرى التي تقيّد الحريات الفردية بحجة مكافحة الإرهاب، أصبحت سياسة “الأفراد والمنظمات الخطرة” على فيسبوك نظاما غير خاضع للمساءلة يضيق الخناق على مجموعات دون أخرى، وفق عدد من الخبراء.
أسفرت هذه السياسة عن إنشاء قائمة سوداء تضم أكثر من 4 آلاف شخص ومجموعة، بما في ذلك السياسيين والكتاب والجمعيات الخيرية والمستشفيات والشخصيات التاريخية التي ماتت منذ زمن طويل.
وقد دعا مجموعة من الباحثين القانونيين والمدافعين عن الحريات المدنية شركة فيسبوك إلى نشر القائمة السوداء حتى يعرف المستخدمون متى يمكن أن يواجهوا خطر حذف منشور أو تعليق حسابهم بسبب الإشادة بشخص ما مدرج في القائمة. وقد رفضت الشركة مرارا وتكرارا الإفصاح عن القائمة، مدعية أنها قد تُعرّض الموظفين للخطر وتسمح للكيانات المحظورة بالتحايل على سياسات الحظر. ولم يفصح فيسبوك لموقع “ذي إنترسيبت” بأي معلومات حول أي تهديد محتمل لموظفيه.
ورغم مزاعم فيسبوك بأن الكشف عن القائمة السوداء من شأنه أن يعرض حياة موظفيه للخطر، إلا أن مجلس الرقابة الذي اختارته الشركة بعناية، أوصى في شهر آب/ أغسطس الماضي بنشر القائمة رسميا لأن المعلومات الموجودة فيها تخدم المصلحة العامة.
وقد اطلع موقع “ذي إنترسيبت” على قائمة “الأفراد والمنظمات الخطرة” ومن المقرر أن ينشر اليوم نسخة من القائمة بأكملها، مع بعض التنقيحات والتعديلات الطفيفة للتوضيح. كما سيقوم الموقع بنشر وثيقة ذات صلة، وُضعت لمساعدة المشرفين على تحديد المنشورات التي يجب حذفها والمستخدمين الذين ينبغي حظرهم.
وقالت فايزة باتيل، المديرة المشاركة لبرنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان للعدالة، بعد الاطلاع على القائمة، إن “فيسبوك يضع المستخدمين في وضع صعب من خلال إخبارهم بأنهم لا يستطيعون مشاركة منشورات عن الجماعات والأفراد الخطرين، ولكنه يرفض الكشف علنا عن الأشخاص الذين يعتبرهم خطرين”.
في الواقع، يبدو أن القائمة واللوائح المرتبطة بها تشكل تجسيدا واضحا للمخاوف الأمريكية والسياسات الخارجية المتبعة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، رغم أن سياسة “الأفراد والمنظمات الخطرة” تهدف أساسا إلى حماية جميع مستخدمي فيسبوك، وينطبق ذلك على المستخدمين من خارج الولايات المتحدة (يشكلون غالبية مستخدمي المنصة). ويعتبر جل المدرجين في القائمة أعداء للولايات المتحدة أو حلفائها: أكثر من نصفهم مصنفون كإرهابيين أجانب، وتخضع المنشورات والنقاشات حولهم لرقابة صارمة من فيسبوك.
يؤكد الخبراء الذين اطلعوا على التسريبات أن السياسة التي ينتهجها فيسبوك غامضة وغير مبررة وتتسم بأسلوب عقابي تجاه المستخدمين
وتفرض سياسة “الأفراد والمنظمات الخطرة” والقائمة السوداء قيودا أقل صرامة على التعليقات والمنشورات حول الميليشيات التي تؤمن بتفوق البيض والمناهضة للحكومة الأمريكية، مقارنةً بالجماعات والأفراد المدرجين في قائمة الإرهابيين، والذين ينحدرون في الغالب من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، والمسلمين، أو أولئك المصنفين كأعضاء في المنظمات الإجرامية العنيفة، وهم في الغالب من السود واللاتينيين، على حد تعبير الخبراء.
ويقول أنخل دياز، المحاضر في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، والذي أجرى عددا من الأبحاث وكتب عن تأثير سياسات الاعتدال في فيسبوك على المجتمعات المهمشة، إن التسريبات تُظهر أن فيسبوك يتعامل “بقبضة من حديد مع بعض الأطراف، وأكثر مرونة مع آخرين”.
وقال مدير سياسة مكافحة الإرهاب والمنظمات الخطيرة في فيسبوك، برايان فيشمان، في بيان مكتوب إن الشركة تحتفظ بالقائمة السرية لأن “المجال من حولها يتسم بالعدائية، لذلك نحاول أن نكون شفافين قدر الإمكان، مع إعطاء الأولوية للأمن، والحد من المخاطر القانونية ومنع المجموعات من اغتنام الفرص للتحايل على قواعدنا”.
وأضاف: “نحن لا نرغب بوجود إرهابيين أو مجموعات كراهية أو منظمات إجرامية على منصتنا، ولهذا السبب نقوم بحظرهم، وبحذف المحتوى الذي يشيد بهم أو يمثلهم أو يدعمهم. ويتولى فريق مكون من أكثر من 350 موظفا في فيسبوك مهمة التصدي لهذه المنظمات وتقييم التهديدات المحتملة. نحن نحظر حاليا الآلاف من المنظمات، بما في ذلك أكثر من 250 مجموعة من جماعات تفوق العرق الأبيض المتطرفة، ونقوم بانتظام بتحديث سياساتنا وتحديد المنظمات التي قد تشكل خطرا”.
ويؤكد الخبراء الذين اطلعوا على التسريبات أن السياسة التي ينتهجها فيسبوك غامضة وغير مبررة وتتسم بأسلوب عقابي تجاه المستخدمين، كما أنها تعكس معضلة حقيقية تواجه الشركة. ففي أعقاب عمليات الإبادة الجماعية في ميانمار، أدركت الشركة أنها ربما أصبحت أقوى نظام خوارزميات يشجع على العنف عالميا.
إن عدم اتخاذ أي إجراء لمواجهة هذا الواقع سوف يُنظر إليه من فئات واسعة على أنه إهمال خطير، وقد أصبح كثيرون يرون في محاولات فيسبوك للسيطرة على خطاب المليارات من مستخدمي الإنترنت في جميع أنحاء العالم على أنها أداة للاستبداد. وتمثل قائمة “الأفراد والمنظمات الخطرة” محاولة من شركة ذات سلطة واسعة للحد من حرية التعبير على مستوى عالمي بهدف تطبيق سياساتها.
قيود صارمة على الفئات المهمشة والضعيفة
تمثل القائمة السوداء وسياسة “الأفراد والمنظمات الخطرة” على فيسبوك ما وصفته الشركة في الماضي بأنه مجموعة من المنظمات والقادة الذين مارسوا العنف أو شاركوا في إراقة الدماء. وتنقسم القائمة التي اطلع عليها موقع “ذي إنترسيبت” إلى فئات الكراهية والجريمة والإرهاب والحركات الاجتماعية المسلحة والمنظمات العنيفة غير الحكومية. وقد صُنفت هذه الفئات إلى ثلاثة مستويات بموجب القواعد التي وضعها فيسبوك في أواخر شهر حزيران/ يونيو، ويتوافق كل مستوى مع قيود متفاوتة حسب الخطورة.
ورغم أن تصنيفات مثل “إرهابي” و”إجرامي” تعتبر شاملة من الناحية النظرية، فإنها تبدو وفقا للخبراء -من خلال الاطلاع على كيفية تطبيقها على الأشخاص والجماعات المدرجة في قائمة فيسبوك- أشبه بتصنيفات موجهة ضد مجموعات عرقية ودينية بعينها، مما يؤكد اتهامات التحيز الموجهة لفيسبوك.
بغض النظر عن التصنيفات، لا يُسمح لأي شخص مدرج في قائمة “الأفراد والمنظمات الخطرة” بالإبحار عبر منصات فيسبوك، ولا يُسمح للمستخدمين بأن يقدموا أنفسهم كأعضاء في أي منظمات مدرجة في القائمة السوداء. وتحدد التصنيفات في المقابل ما يُسمح لمستخدمي فيسبوك الآخرين بنشره حول هذه الكيانات المحظورة.
ويعتبر التصنيف الأول الأكثر صرامة، حيث لا يجوز للمستخدمين التعبير عن أي موقف يعتبر مدحا أو دعما للمنظمات والأشخاص المدرجين في هذا المستوى، حتى عندما يتعلق الأمر بأنشطة غير عنيفة (على النحو الذي يحدده فيسبوك). ويشمل المستوى الأول الإرهاب والكراهية والمنظمات الإجرامية، مع تعريف الإرهاب بأنه “السعي أو الدعوة إلى ممارسة العنف ضد المدنيين”، والكراهية على أنها “الإساءة المتكررة أو الدعوة إلى إلحاق الضرر” بالأشخاص الذي يتمتعون بالخصائص التي توفر لهم الحماية.
وتشمل الفئة الإجرامية من المستوى الأول عصابات الشوارع الأمريكية وعصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية، ومعظمهم من السود واللاتينيين. أما فئة الإرهابيين على فيسبوك، والتي تشكل 70 بالمئة من المستوى الأول، فهي تتألف بشكل كبير من منظمات وأفراد من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وهم يمثلون أغلبية في قائمة “الأفراد والمنظمات الخطرة”، عبر جميع المستويات، و80 بالمئة من الأفراد من تلك المناطق مصنفون باعتبارهم إرهابيين
تأخذ شركة فيسبوك معظم الأسماء في فئة الإرهابين من حكومة الولايات المتحدة: ما يقرب من 1000 من الكيانات والأفراد في فئة الإرهاب هي عبارة عن قائمة موجودة لدى وزارة الخزانة، أنشأها الرئيس السابق جورج بوش الابن في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. في كثير من الحالات، تتضمن أسماء قائمة فيسبوك جواز السفر وأرقام الهواتف الموجودة في قائمة الحكومة الأمريكية، مما يشير إلى أنه تم نسخها بشكل مطابق.
تشمل المصادر الأخرى للقائمة “اتحاد أبحاث وتحليل الإرهاب”، وهي قاعدة بيانات خاصة للمتطرفين المزعومين، و”سايت”، وهي شبكة خاصة لتتبع الإرهاب لها تاريخ ومثير للجدل.
ويقول مايكل شوير، الرئيس السابق لوحدة أسامة بن لادن في وكالة المخابرات المركزية، لصحيفة “نيويوركر” في عام 2006: “يمكن أن تحتوي الكلمة العربية على أربعة أو خمسة معاني مختلفة في الترجمة”، مشيرا إلى أنه يعتقد أن “سايت” تختار عادة “الترجمة الأكثر عدوانية”.
يبدو أن فيسبوك قد عملت مع منافسيها على تجميع قائمة الأفراد والمنظمات الخطرة؛ وقد حملت إحدى المداخلات ملاحظة مفادها أنه تم رفع القائمة من موظف رفيع المستوى في شركة غوغل كان يعمل سابقا في الفرع التنفيذي للقضايا المتعلقة بالإرهاب. (قالت فيسبوك إنها لا تتعاون مع شركات التكنولوجيا الأخرى لتحديد قوائمها).
هناك ما يقرب من 500 مجموعة كراهية في المستوى الأول، بما في ذلك أكثر من 250 منظمة تروج لتفوق البيض، وقد أشار إليها فيشمان في بيانه. لكن فايزة باتيل، من مركز برينان، تؤكد أن المئات من الميليشيات اليمينية ذات الغالبية البيضاء، والتي تروج للكراهية، “تم التعامل معها بشكل أقل صرامة” وتصنيفها ضمن المستوى الثالث.
المستوى الثاني، أي “المنظمات العنيفة غير الحكومية”، تتكون في الغالب من مجموعات مثل المتمردين المسلحين الذين ينخرطون في أعمال عنف تستهدف الحكومات وليس المدنيين، وتشمل العديد من الفصائل التي تقاتل في سوريا. يمكن للمستخدمين مدح المنظمات في هذا المستوى والإشادة بأنشطتها غير العنيفة، ولكن لا يجوز لهم التعبير عن أي “دعم جوهري” لهذه المجموعات.
المستوى الثالث مخصص للمجموعات غير العنيفة، والتي تروج بشكل متكرر للكراهية وتبدو قريبة جدا من ممارسة العنف، أو التي تنتهك سياسة فيسبوك للأفراد والمنظمات الخطرة بشكل متكرر. لدى مستخدمي فيسبوك الحرية في مناقشة قوائم المستوى الثالث بشكل تام. يشمل المستوى الثالث الحركات الاجتماعية المسلحة، وهي في الغالب ميليشيات أمريكية يمينية مناهضة للحكومة، تتشكل أساسا من البيض.
فيما يتعلق بتحيز قائمة فيسبوك ضد مجموعات عرقية ودينية بعينها، أكد المتحدث باسم فيسبوك وجود المتعصبين للعرق الأبيض وجماعات الكراهية في المستوى الأول، وقال إن التركيز على الجماعات الإرهابية في المستوى الأول “أمر مضلل”.
كتبت باتيل في رسالة بريد إلكتروني إلى ذي إنترسبت: “يبدو أن القوائم تخلق نظامين متباينين، مع صرامة أكبر في التعامل مع المناطق والمجتمعات ذات الأغلبية المسلمة”. الاختلافات في التركيبة السكانية بين المستويين 1 و 3 “تشير إلى أن فيسبوك – مثل حكومة الولايات المتحدة – تعتبر المسلمين الأكثر خطورة”. على النقيض من ذلك، تشير باتيل إلى أن “مجموعات الكراهية التي تم تصنيفها على أنها مجموعات كراهية معادية للمسلمين من قبل مركز قانون الحاجة الجنوبي غائبة بشكل كبير عن قوائم فيسبوك”.
خلص مسؤولو المخابرات في وقت سابق من هذا العام إلى أن الميليشيات المناهضة للحكومة “تمثل التهديد الأكثر فتكا [المتطرف العنيف المحلي]” على الولايات المتحدة، وهو رأي يشاركه العديد من الباحثين غير الحكوميين. هناك اختلاف حاسم بين الجماعات الإرهابية الأجنبية المزعومة والميليشيات المحلية على سبيل المثال، هو أن الميليشيات المحلية لديها رأس مال سياسي كبير ودعم من اليمين الأمريكي.
ويقول أنخل دياز في هذا السياق: “يبدو أنه تم إنشاء قائمة الحركات الاجتماعية المسلحة استجابة لمنظمات أكثر قوة ومجموعات عرقية تنتهك القواعد بشكل منتظم. وقد شعرت فيسبوك بالحاجة إلى التدخل، لكنها لم ترغب في أن يكون رد الفعل واسع النطاق كما حدث في القسم الخاص بالإرهاب، لذلك أنشأت فئة فرعية للحد من تأثير المجموعات القوية سياسيا”. على سبيل المثال، تعتبر حركة اليمين المتطرف المعروفة باسم “بوغالو”، والتي تدعو إلى حرب أهلية ثانية، حركة اجتماعية مسلحة، وتخضع لقواعد المستوى الثالث المتساهلة نسبيا. لم تصنف فيسبوك سوى مجموعة فرعية من بوغالو في المستوى الأول، معتبرا أنها “مختلفة عن حركة بوغالو”.
من جهته، نفى متحدث باسم فيسبوك بشكل قاطع أن فيسبوك تمنح الجماعات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة معاملة خاصة بسبب ارتباطها باليمين المحافظ. وأضاف أن الشركة تصنف المجموعات بناء على سلوكها، قائلا: “عندما تستوفي الجماعات الأمريكية تعريفنا للجماعات الإرهابية، يتم تصنيفها على أنها منظمات إرهابية (على سبيل المثال منظمة “قسم الاتوموافيين”). عندما يتطابق سلوك تلك المجموعات مع تعريفنا لمجموعات الكراهية، يتم تصنيفها كمنظمات تحرض على الكراهية (على سبيل المثال، براود بويز، رايز أبوف موفمنت، الجبهة الوطنية)”.
بالإضافة إلى ذلك، أكد المتحدث باسم فيسبوك أن طريقة تعامل الشركة مع الميليشيات صارمة وليس فيها تساهل، قائلا إن قائمة فيسبوك التي تضم 900 مجموعة هي “من بين أخطر المنظمات” في العالم، مضيفا: “تم تطوير فئة الحركة الاجتماعية المسلحة سنة 2020 بشكل صريح لتوسيع نطاق مجموعة من المنظمات التي تخضع لسياسات الأفراد والمنظمات الخطرة على وجه التحديد بسبب بيئة التهديد المتغيرة. سياستنا تجاه الميليشيات هي الأقوى في عالم الشبكات الاجتماعية”.
تقدّم قائمة فيسبوك تعريفًا موسعًا لمصطلح “خطير”، بشكل يجعل هذا التصنيف يشمل الطفل الكشميري المجنّد المتوفى رشيد باراي البالغ من العمر 14 سنة، وأكثر من 200 عرض موسيقي، ومحطات تلفزيونية، واستوديو لألعاب الفيديو، وشركات طيران
وفيما يتعلق بتحيز قائمة فيسبوك ضد مجموعات عرقية ودينية بعينها، أكد المتحدث باسم فيسبوك وجود المتعصبين للعرق الأبيض وجماعات الكراهية في المستوى الأول، وقال إن التركيز على الجماعات الإرهابية في المستوى الأول “أمر مضلل”.
وأضاف: “من الجدير بالذكر أن سياستنا تجاه جماعات الكراهية التي تروج لتفوق البيض أكثر صرامة بكثير من أي حكومة. في المجمل، حددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وفرنسا ثلاثة عشر منظمة تؤمن بتفوق العرق الأبيض. تعريفنا للإرهاب علني ومفصل وتم تطويره بمساهمة كبيرة من خبراء وأكاديميين من خارج الشركة. على عكس بعض التعريفات الأخرى للإرهاب، فإن تعريفنا لا يتحيز ضد الدين أو المنطقة أو النظرة السياسية أو الأيديولوجية. لقد قمنا بتصنيف العديد من المنظمات الموجودة خارج الشرق الأوسط وجنوب آسيا على أنها إرهابية، بما في ذلك منظمات موجودة في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية (منها النظام الاشتراكي الوطني والجيش الجمهوري الأيرلندي ومجموعة العمل الوطنية)”.
ومع ذلك ، فإن عدد الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة فيسبوك، من أمريكا الشمالية أو أوروبا الغربية، يبلغ بضع عشرات فقط من بين أكثر من ألف منظمة تتضمنها القائمة.
ورغم أن القائمة تتضمن مجموعة من قادة تنظيم الدولة ومقاتلي القاعدة الذين لا جدال في خطرهم على الآخرين، من الصعب القول كل من ذُكرت أسماؤهم في القائمة يشكلون تهديدا حقيقيا. ونظرا لأن فيسبوك تعتمد على نظام العقوبات الفدرالية ضد الإرهابيين، وهي عقوبات تهدف إلى محاصرة خصوم الولايات المتحدة في أنحاء العالم بغض النظر عن خطورتهم، فإن سياسة فيسبوك تعتبر شركات مثل شركة تصنيع الجرارات الإيرانية، ومنظمات مثل صندوق الإغاثة والتنمية الفلسطيني، تهديدا حقيقيا، وتحظر أي منشورات أو تعليقات عنها على فيسبوك، ويتم إدراجها بين المنظمات الإرهابية من المستوى الأول، تماما مثل حركة الشباب المجاهدين الصومالية.
وقالت جيليان يورك، مديرة حرية التعبير الدولية في مؤسسة الحدود الإلكترونية والتي راجعت أيضًا وثائق فيسبوك المستنسخة: “عندما تختار منصة عالمية كبرى مواءمة سياساتها مع الولايات المتحدة التي مارست منذ فترة طويلة هيمنتها على معظم أنحاء العالم (وخاصة على العديد من البلدان ذات الغالبية المسلمة طيلة عقدين) فإنها ببساطة تعيد إنشاء تلك السياسات القائمة على نفس الفروق في القوة وتسحب الإرادة الحرة من الجماعات والأفراد المستضعفين بالفعل”.
تقدّم قائمة فيسبوك تعريفًا موسعًا لمصطلح “خطير”، بشكل يجعل هذا التصنيف يشمل الطفل الكشميري المجنّد المتوفى رشيد باراي البالغ من العمر 14 سنة، وأكثر من 200 عرض موسيقي، ومحطات تلفزيونية، واستوديو لألعاب الفيديو، وشركات طيران، والجامعة الطبية الإيرانية التي تعمل على تطوير لقاح لفيروس كورونا، والعديد من الشخصيات التاريخية مثل جوزيف جوبلز وبينيتو موسوليني. وقد أخبرت مجموعة من باحثي منصات التواصل الاجتماعي في جامعة يوتا مؤخرًا مجلس الإشراف على فيسبوك أن “تصنيف مثل هذه الشخصيات محفوف بالمشاكل”.
إرشادات مقلقة
توجّه سياسات فيسبوك الداخلية المشرفين خلال عملية فرض الرقابة على حرية التعبير التي تستهدف الأشخاص والمجموعات المدرجة ضمن القائمة السوداء. وتحاول هذه السياسات، التي نُشرت أجزاء منها سابقًا من قبل صحيفة الغارديان ومجلة فايس، تحديد ما يعنيه للمستخدم “مدح” أو “دعم” أو “تمثيل” شخص مدرج ضمن القائمة السوداء لفيسبوك والتوضيح بالتفصيل كيفية تحديد التعليقات التي يجب حظرها.
مع أن فيسبوك يوفر مجموعة عامة من هذه الإرشادات، إلا أنه ينشر أمثلة محدودة فقط لما تعنيه هذه المصطلحات بدلاً من تقديم تعريفات واضحة. داخليًا، لا يقدم فيسبوك التعريفات فحسب بل أيضًا أمثلة أكثر تفصيلاً بما في ذلك قائمة مذهلة من الافتراضات والحالات المستعصية للمساعدة في تحديد ما يجب فعله بالمحتوى المُبلّغ عنه.
من المتوقع أن يستخدم الفريق المعني بالإشراف على المحتوى العالمي في فيسبوك، وهو عبارة عن جيش من المتعاقدين يتقاضون أجرهم بالساعة يعانون كثيرًا من الصدمات النفسية بسبب طبيعة عملهم.
وُضعت هذه التعريفات والأمثلة لمعرفة ما إذا كان منشور معين يمثل “مدحًا” محظورًا أو “يدعم” جهة مصنفة ضمن القائمة السوداء من بين معايير أخرى، وعلى هذا النحو يتم التحكم في المحتوى الذي ينشره مليارات الأشخاص من مئات البلدان والثقافات التي لا تعد ولا تحصى انطلاقا من إطار منظم صادر عن وادي السيليكون.
على الرغم من أن فريق الإشراف يعمل جنبًا إلى جنب مع أنظمة البرامج الآلية، إلا أن تحديد المحتوى الذي ينطوي على “ثناء” من عدمه يرجع بالأساس إلى الحكم الشخصي. وحسب مارثا دارك مديرة “فوكس غلوف” المتخصصة في الاستشارات القانونية: “مرة أخرى، يُترك العمل الشاق الحقيقي المتمثل في محاولة جعل فيسبوك فضاء آمنًا لمشرفي المحتوى الخارجيين الذين يتقاضون أجورًا متدنية ويبذلونه جهدا جبارا والذين يضطرون أيضًا إلى رصد المحتوى ويبذلون قصارى جهدهم لجعله مناسبا انطلاقا من موقعه الجغرافي ولغته وسياقه”.
في السياسات الداخلية، يشير فيسبوك بشكل أساسي إلى أنه يُسمح للمستخدمين بالتحدث عن كيانات المستوى 1 طالما أن المحتوى محايد أو نقدي، حيث يمكن تفسير أي تعليق إيجابي على أنه “ثناء”. ويُمنع مستخدمو فيسبوك من فعل أي شيء من شأنه أن يجعل الآخرين يفكرون بطريقة أكثر إيجابية أو إضفاء الشرعية على شخص أو مجموعة خطرة من المستوى 1 أو دعم قضيتهم. وقد ورد في هذه السياسات أن “البيانات المقدمة في شكل حقائق حول دوافع كيان معين تعد مقبولة، ولكن أي محتوى ينطوي على تمجيد باستخدام الصفات والعبارات والصور وما إلى ذلك ليس مسموحًا به”.
يُسمح للمستخدمين بالقول إن الشخص الذي يعتبره فيسبوك خطيرًا “لا يمثل تهديدًا أو لا يستحق الاهتمام”، ولكن من غير المسموح لهم دعم شخص مدرج في القائمة السوداء بتعلة أنهم يعتقدون أنه وقع تضمينه بشكل خاطئ. وبالمثل، يُترك الوسطاء على فيسبوك ليقرروا بأنفسهم ما الذي يشكل “تمجيدًا” خطيرًا وما الذي يمثل “خطابا محايدا” مسموحًا به أو ما يعتبر “نقاشًا أكاديميًا” و”خطابًا تعليميًا إعلاميًا” بالنسبة لمليارات الأشخاص.
وفقًا لمشرف على فيسبوك يعمل خارج الولايات المتحدة لم يمانع الإجابة على أسئلة الموقع شريطة عدم الكشف عن هويته، يعتبر تحديد المحتوى الذي يتوافق مع تعريفات فيسبوك للخطاب المحظور بموجب السياسات الداخلية أشبه بـ “كفاح”. وقد أوضح أن المحللين “يكافحون عادةً من أجل التعرف على الخطاب السياسي والإدانة، اللذين يمثلان سياقًا مسموح به للأفراد والمنظمات الخطرة”. كما أشاروا إلى أن هذه السياسات تميل إلى الخطأ ولا يُسمح بالتمثيلات الخيالية للأفراد الخطرين ما لم تتم مشاركتها في سياق إدانة أو عرض معلومات، مما يعني أن مشاركة صورة للمثل تايكا وايتيتي الذي لعب دور هتلر في فيلم “جوجو رابيت” سيقع حظرها، وينطبق الأمر نفسه على أي ميم للممثل الذي لعب دور بابلو إسكوبار”.
تتفاقم هذه التحديات نظرًا لأنه يجب على المشرف محاولة تحديد كيفية قيام زملائه المشرفين بتقييم المنشورات نظرا لأن قراراتهم تتم مقارنتها. قال هذا المشرف إنه “يجب أن يحاول المحلل التنبؤ بالقرار الذي سيتخذه مراجع الجودة أو غالبية المشرفين، والذي غالبًا ما يكون أمرا صعبًا”.
يجب على فيسبوك الكشف عن المزيد من التفاصيل حول كيفية تطبيق القواعد المتعلقة بالاحتجاجات
حسب فايزة باتيل فإن هذه القواعد تشكل “تهديدًا حقيقيًا على النقاش السياسي وحرية التعبير، لا سيما في العالم الإسلامي”، إذن أن الجماعات المدرجة ضمن القائمة السوداء ليست مجرد أعداء عسكريين فحسب، بل هي جزء من النسيج الاجتماعي والسياسي. وتشاطرها نفس الرأي جيليان يورك من مؤسسة الحدود الإلكترونية التي تقول: “ما يبدو أنه تمجيد بالنسبة لشخص في الولايات المتحدة، يمكن أن يعتبر من وجهة نظر ثانية بيانا بسيطًا للحقائق”، مضيفة أن “الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تلعب فيها الجماعات الإرهابية المزعومة دورًا في الحكم يحتاجون إلى أن يكونوا قادرين على الحديث عن هذه الجماعات، ولكن سياسة فيسبوك لا تسمح بذلك”. على حد تعبير باتيل، يمكن لمعلق على التلفزيون أن يمتدح وعد طالبان بحكومة شاملة في أفغانستان، ولكن لن يكون مسموحا له فعل ذلك على فيسبوك”.
ويرى المشرف الذي يعمل خارج الولايات المتحدة أن هذه القائمة تعكس تصورًا أمريكيًا عن الخطر: “يبدو أن التسميات تستند إلى المصالح الأمريكية التي لا تمت لصلة بالواقع السياسي في تلك البلدان أو في أي مكان آخر من العالم”.
يعتبر تعريف فيسبوك لـ “مجموعة تدعم الأعمال العنيفة وسط الاحتجاجات” مربكًا ومثيرا للشكوك، وهي فئة فرعية من الحركات الاجتماعية العسكرية الممنوعة من استخدام منصات الشركة. يصف فيسبوك هذه المجموعة بأنها “جهة فاعلة غير حكومية” تشارك في تمثيل أو تصوير أعمال عنف الشوارع ضد المدنيين أو تطبيق القانون، بالإضافة إلى الحرق المتعمد أو النهب أو تدمير الممتلكات الخاصة أو العامة. كما هو مكتوب، يبدو أن هذه السياسات تمنح فيسبوك ترخيصًا لتطبيق هذه التسمية على أي مؤسسة إخبارية تغطي أو تصوراحتجاجًا في الشارع يمكن أن يؤدي إلى تلف الممتلكات؛ ومعاقبة أي مستخدم يقوم بتحميل صور لهذه الأعمال.
بالنظر إلى الثناء الذي تراكم على فيسبوك قبل عقد من الزمان للاعتقاد بأنه ساعد في دفع انتفاضات الربيع العربي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تجدر الإشارة إلى أن منظمة مصرية توثق العنف وسط الاحتجاجات في ميدان التحرير في سنة 2011 – مثلا – يمكن اعتبارها حركة اجتماعية عسكرية خطيرة بموجب قواعد فيسبوك لسنة 2021.
قال أنجيل دياز، المحاضر في كلية الحقوق في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إنه يجب على فيسبوك الكشف عن المزيد من التفاصيل حول كيفية تطبيق القواعد المتعلقة بالاحتجاجات. هل ستقوم الشركة فورًا بإغلاق صفحات تنظيم الاحتجاجات في حالة حدوث حرائق أو أضرار أخرى بالممتلكات؟ تشير المعايير التي يعبرون عنها هنا إلى أن [قائمة الأفراد والمنظمات الخطرة] يمكن أن تشمل الكثير من المتظاهرين النشطين”.
من المحتمل أن تغطية الاحتجاجات كان سببا في إدراج مؤسستين إعلاميتين مناهضتين للرأسمالية هما “كريمثينك” و”إيتز غووينغ داون” في القائمة السوداء. فقد حظر فيسبوك كلا الصفحتين التابعتين لهما في سنة 2020 مستشهدا بسياسة قائمة الأفراد والمنظمات الخطرة، وكلاهما مدرج بالفعل في القائمة، وقد صُنفتا على أنهما حركاتان اجتماعيتان عسكريتان وعلى أنهما أيضًا من “الميليشيات المسلحة”.
جهود فيسبوك لمنع التحريض العنيف نسبية، وهو ما يسمح صراحةً بالدعوة إلى العنف ضد “مواقع جغرافية ليست أصغر من قرية”
أفاد ممثل عن “إيتز غووينغ داون”، طلب عدم الكشف عن هويته حفاظًا على سلامته، بأن “وسائل الإعلام عبر الطيف السياسي تتحدث عن اشتباكات الشوارع والإضرابات وأعمال الشغب وتدمير الممتلكات، ولكن على المنصة يبدو أن فيسبوك – إذا لم يعجبه أي تحليل أو رأي يكتبه أحدهم عن سبب نزول ملايين الأشخاص إلى الشوارع الصيف الماضي أثناء الوباء في أكبر احتجاجات في تاريخ الولايات المتحدة – يعمل ضمنيًا وببساطة على استبعادك من النقاش”. لقد أنكروا على وجه التحديد أنّ تكون هذه المؤسسة الإعلامية ميليشيا مسلحة أو حتى ناشطة أو حركة اجتماعية، موضحين أنها بدلاً من ذلك منصة إعلامية “تعرض الأخبار والآراء والتحليلات والبودكاست من منظور فوضوي”.
على نحو مماثل، نفى ممثل عن “كريمثينك” أن تكون مؤسسته جماعة مسلحة أو أو “عسكرية” بأي شكل من الأشكال. وقال إنها منبر إخباري ومنصة لنشر الكتب مثل “فرسو” أو “جاكوبان”. وقد طلب هذا الشخص عدم ذكر اسمه مشيرا إلى التهديدات اليمينية التي تواجهها مؤسسته.
لم يتطرق موقع فيسبوك إلى الأسئلة المتعلقة يسبب تصنيف هذه المنظمات الإعلامية داخليًا على أنها “ميليشيات مسلحة”، ولكن عندما سُئل عنها كرر الحظر المسلط على مثل هذه الجماعات وعلى المجموعات التي تدعم الأعمال العنيفة وسط الاحتجاجات.
تترك إرشادات الإشراف الداخلي في فيسبوك بعض الثغرات المحيّرة. بعد أن لعبت هذه المنصة دورًا مهمًا في تسهيل الإبادة الجماعية في ميانمار، كتب المدير التنفيذي للشركة أليكس واروفكا: “نحن نتفق على أنه يمكننا وينبغي علينا بذل المزيد من الجهد” من أجل “منع استخدام منصتنا لإثارة الانقسام والتحريض على العنف خارج الإنترنت”.
لكن جهود فيسبوك لمنع التحريض العنيف نسبية، وهو ما يسمح صراحةً بالدعوة إلى العنف ضد “مواقع جغرافية ليست أصغر من قرية” حسب ما تبينه تقارير حول سياسات فيسبوك نشرها موقع “ذي إنترسيبت”. فعلى سبيل المثال، تمت الإشارة إلى عبارة “يجب علينا غزو ليبيا” باعتبارها لعبة عادلة القواعد. قال المتحدث باسم فيسبوك: “إن الغرض من هذا البند هو السماح بإجراء نقاش حول الاستراتيجية العسكرية والحرب، وهي حقيقة في العالم الذي نعيش فيه”، وأقر بأن الموقع يسمح بدعوات عنف ضد بلد أو مدينة أو جماعة إرهابية، مقدما مثالا على منشور مسموح به ضمن الفئة الأخيرة وهو بيان يستهدف فردًا مفاده: “يجب أن نقتل أسامة بن لادن”.
قمع حرية التعبير في الشرق الأوسط
إن تطبيق قواعد القائمة السوداء كانت له بعض النتائج غير المتوقعة بالنسبة لشركة تدعي حماية “حرية التعبير” كمبدأ أساسي. في سنة 2019، حظر فيسبوك مستشهدا بسياسة الأفراد والمنظمات الخطرة ندوة جامعية عبر الإنترنت حضرت فيها ليلى خالد التي شاركت في عمليتي اختطاف طائرتين في الستينيات من القرن الماضي دون إصابة أي ركاب.
تبلغ ليلي الآن 77 سنة، واسمها لا يزال مدرجا ضمن قائمة فيسبوك للإرهاب التي حصل عليها موقع ذي إنترسيبت. في شباط/ فبراير، تحرك مجلس الرقابة الداخلية على فيسبوك لإلغاء قرار بحذف منشور ينتقد حكما بالسجن في حق الثوري الكردي اليساري عبد الله أوجلان، أحد المدرجين في القائمة السوداء، الذي اختطفته قوات المخابرات التركية بمساعدة الولايات المتحدة في سنة 1999.
في تموز/ يوليو، نشرت الصّحفية رانيا خالك صورة على إنستغرام من لوحة إعلانية خارج مطار بغداد الدولي للجنرال الإيراني قاسم سليماني والقائد العسكري العراقي أبو مهدي المهندس، اللذين اغتالتهما الولايات المتحدة وكلاهما على القائمة السوداء. تم حذف منشور رانيا على إنستغرام سريعًا لانتهاكه ما يسمى بسياسة نبذ “العنف أو المنظمات الخطيرة”. وفي رسالة بريد إلكتروني، قالت خالك: “كان هدفي عندما نشرت الصورة إظهار محيطي” و”حقيقة أن [لوحة الإعلانات] معروضة بشكل بارز في المطار حيث قُتلوا يظهر كيف يُنظر إليهم حتى من قبل المسؤولين العراقيين”.
في الآونة الأخيرة، اصطدمت سياسة الأفراد والمنظمات الخطرة على فيسبوك بأخبار إطاحة طالبان بالحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في أفغانستان. بعد سيطرة طالبان على البلاد، أعلن موقع فيسبوك أن الجماعة محظورة على تطبيقاتها. يجد فيسبوك نفسه الآن في موقف لا يقتصر على فرض الرقابة على القيادة السياسية لدولة بأكملها فحسب، بل بفرض قيود شديدة على قدرة الجمهور على مناقشتها أو حتى مجرد الحديث عنها.
جيليان يورك: “يجب ألا ننسى أبدًا أن أحدا لم ينتخب مارك زوكربيرغ، وهو رجل لم يشغل أي وظيفة سوى كونه الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك”.
تشير حوادث أخرى إلى أن قائمة الأفراد والمنظمات الخطرة قد تكون أداة فظة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها بفعالية من قبل المشرفين على فيسبوك. وفي أيار/ مايو، حذف فيسبوك مجموعة متنوعة من المنشورات لفلسطينيين حاولوا توثيق عنف الدولة الإسرائيلية في المسجد الأقصى لأن موظفي الشركة ظنوا خطأ أنه منظمة مرتبطة بقائمة الأفراد والمنظمات الخطرة اسمها يحتوي على كلمة “الأقصى” (التي يوجد العديد منها)، وذلك حسب ما أظهرته مذكرة داخلية حصل عليها “باز فيد نيوز”.
في الشهر الماضي، فرض فيسبوك رقابة على مستخدم مصري نشر مقالًا من الجزيرة عن كتائب القسام، وهي جماعة نشطة في فلسطين إلى جانب تعليق كتب عليه ببساطة “أوه” باللغة العربية. لم تظهر كلمة القسام في قائمة الأفراد والمنظمات الخطرة، وكتب مجلس الإشراف على فيسبوك أن “فيسبوك لم يتمكن من شرح سبب اعتقاد اثنين من المشرفين أن المحتوى ينتهك هذه السياسة”.
خلال العقدين الماضيين، أدرِج العديد من الأشخاص من جميع أنحاء العالم ضمن قوائم سوداء سرية على غرار قوائم المراقبة وحظر السفر، ولكن ترى جيليان يورك أن نسخة فيسبوك المخصخصة تشير إلى أننا “وصلنا إلى نقطة لا يلتزم فيها فيسبوك بسياسات الولايات المتحدة فقط وإنما يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير”، مضيفة “يجب ألا ننسى أبدًا أن أحدا لم ينتخب مارك زوكربيرغ، وهو رجل لم يشغل أي وظيفة سوى كونه الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك”.
المصدر: ذي إنترسيبت