ترجمة وتحرير نون بوست
كل ما تبقى هو حطام البيوت وذكريات أهلها، هذا ما تراه وتسمعه بينما تسير على الشريط الحدودي المصري حيث تبعد غزة وبقية فلسطين المحتلة.
في الأسبوع الماضي بدأ الجيش المصري في تدمير أكثر من 800 منزلاً في رفح لإقامة منطقة عازلة بعمق 500 مترًا على الأقل وقد تصل إلى 5 كيلومترًا، حسب تصريحات محافظ شمال سيناء.
جاء ذلك ردًا على مقتل 31 جنديًا في العريش – عاصمة شمال سيناء – في الرابع والعشرين من أكتوبر الماضي، حيث اتهم الجيش عناصر متشددة باستخدام الأنفاق بطول الشريط الحدودي بين رفح وقطاع غزة في تهريب الأسلحة أسفل بيوت السكان أو بالقرب منها ومن ثم يتم استخدام هذه الأسلحة ضد الدولة.
وكانت الحكومة المصرية قد اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتي تسيطر على قطاع غزة بمساعدة المسلحين في سيناء وهو ما تزامن مع نفي حركة حماس.
يعتبر الكثير من الناس العاديين أن الأضرار التي لحقت بالناس من تهجير وهدم للمنازل هو ثمن باهظ جدًا كي يُدفع، حيث قالت “شيماء مسلم” محامية من رفح إن “هذا يعد نوعًا من العقاب الجماعي وأن منطقة عازلة بعمق 5 كيلو مترًا يعني لها أن تفقد والدها وأراضي أقاربها”.
وقد صرح سكان رفح لـ “ميدل إيست أي” أنه تم إعطائهم مهلة 48 ساعة لإخلاء المنازل وهذا وقت غير كاف بالمرة لإيجاد سكن بديل والتحرك بمتعلقاتهم. كما ذهب البعض إلى المناطق الغير مهدمة في مدينة رفح، فيما أُجبر آخرون على الذهاب للعريش أو المحافظات المجاورة كالشرقية والإسماعيلية.
قدم الجيش لأكثر من 1000 أسرة متضررة من النزوح دفعة أولية تقدر بـ “300 جنيهًا مصريًا”، أي ما يعادل “41.5 دولارًا أمريكيًا” كقيمة الإيجار لشهر واحد ولمدة ثلاثة أشهر وهو ما قال البعض عنه إنه ليس كافيًا.
كما صرح بعض السكان أن أصحاب العقارات في مدينة العريش ضاعفوا أسعار الإيجارات إلى ألف جنيهًا مصريًا في الشهر وهو ما يعدل 139.84 دولارًا أمريكيًا وذلك نظرًا لارتفاع الإقبال على طلب السكن.
لقد عانى سكان شمال سيناء الذي يتكون معظمهم من البدو من انعدام الثقة من قبل الحكومة في القاهرة بالإضافة إلى سياسات الاضطهاد من الشرطة والتمييز والحرمان الاقتصادي وذلك ابتداءً من عهد حسني مبارك الرئيس السابق الذي أُطيح به في انتفاضة شعبية عام 2011.
لقد وصل متوسط دخل الفرد في شمال سيناء في فترة 2007 – 2008 إلى 8.884 جنيهًا مصريًا، وهو ما يعادل 1.444 دولارًا أمريكيًا وهذا أقل بنسبة 30% من جنوب سيناء وكذلك أقل من المعدل الوطني العام الذي يصل لـ 10.246 جنيهًا مصريًا، أي ما يعادل 1.432 دولارًا أمريكيًا تقريبًا، وهذا طبقًا لتقرير التنمية البشرية في مصر الصادر عام 2010.
تعد مدن شمال سيناء “رفح والعريش والشيخ زويد” موطنًا لـ 40.000 فلسطينيًا وفقًا لتشاتام هاوس “المعهد الملكي للشئون الدولية”، كذلك توجد بضائع بقيمة تصل لأكثر من 700 مليون دولار والتي تقوم إسرائيل بحظرها عن قطاع غزة تمر عبر الأنفاق سنويًا، هذه التقديرات وفقًا لمجموعة الأزمات الدولية.
هذا وقد استخدم الجيش المصري عدة أساليب لإغلاق هذه الأنفاق التي تستخدم في التهريب باستخدم المياه التي تُغمر في الأنفاق وذلك في مطلع 2013.
كما صرح نائب وزير الاقتصاد في غزة “حاتم عويضة” أن 80 إلى 90% من أنشطة التهريب عبر الأنفاق متوقفة وتم تخفيضها عقب الإطاحة بالرئيس السابق “محمد مرسي” من قبل قيادات بالجيش في يوليو من العام الماضي.
وعلى ذلك فإن سكان رفح لديهم نوع من اختلاط المشاعر بين أوامر قوات الجيش بإخلاء المنازل وهدمها بالرغم من رؤية البعض لها كوسيلة للسيطرة على المسلحين، بينما يؤكد آخرون على أن الهجمات مستمرة ولم تتوقف.
وفي هذا الصدد قال “محمد قشطة” أحد سكان منطقة رفح الحدودية إن تشريد الناس يعد سلاحًا ذو حدين، فالجانب الإيجابي للأمر تضييق الخناق على الإرهاب لكن العواقب الاقتصادية وخيمة.
كما يتساءل: إلى أين سنذهب؟ من سيقدم لنا احتياجاتنا المعيشية؟ مضيفًا سنحتاج لمدارس جديدة ومستشفيات ووظائف وأسواق وخدمات، كل هذا بينما الحكومة تعاني اقتصاديًا بالإضافة لخطر ترك سيناء كالجثة الهامدة وهذا ما يريده العدو الصهيوني.
إسرائيل التي يشار إليها دائمًا بين القطاعات المختلفة من المجتمع المصري بـ “العدو الصهيوني” شنت حربًا على غزة أودت بحياة أكثر من 2.100 شخصًا، كما أن الكثيرين على الحدود من الجانب المصري تربطهم صلات عائلية عبر الحدود في الجانب الفلسطيني.
بالنسبة لشيماء مسلم أيضًا فإن استراتيجية المنطقة العازلة التي ينتهجها الجيش فهي فاشلة، فالجيش لأكثر من سنة يحارب المسلحين في سيناء، والهجمات ما زالت مستمرة حتى إنها قالت إن الهجمات مستمرة حتى الأمس، ففي الرابع من نوفمبر وقع انفجار قبل مقر المحافظة بالعريش ناتج عن قذيفتي هاون لكن لم يسفر عن وقوع إصابات، هذا كله بالرغم من حظر التجوال المستمر من الساعة 5.00 مساءً حتى الساعة 7.00 صباحًا، وتساءلت مسلم عن الخطأ بالتحديد في استراتيجية الحكومة؟ ثم أردفت قائلة إنها لا تعرف ولكن ما تعرفه أن عمليات الهدم هي عمليات غير منطقية بالمرة بيد أن الهجمات المسلحة ما زالت مستمرة.
المصدر: ميدل إيست آي