لم تُبقِ الحرب في سوريا على شيء ذي أهمية إلا وأتت عليه، وكان للحجر النصيب الأكبر من ذلك إلى جانب البشر، إذ تعرّضت الكثير من العمارة والمعالم التاريخية والآثار للقصف والتدمير أو للسرقة، إلى درجة إدراج اليونسكو المواقع التراثية السورية على قائمة التراث المهدَّد بالخطر، وهي جريمة ضلعت بها أطراف كثيرة لمصالح مختلفة، كان على رأسها النظام السوري محمَّلًا بأحقاد تاريخية.
سنحاول في هذا المقال الوقوف على واقع الحضارة السورية والوضع المأساوي الذي صارت إليه، ومن كان السبب في ذلك، وهل ثمة طريقة لإنقاذ ما بقيَ؟
أهمية الآثار على الحاضر والمستقبل
لعلّ من أكثر الأشياء التي تثير القلق أن الناس ترى في الحجر والبشر ثنائية متمايزة، إما هذا وإما ذاك، فأكثر جملة تطرق سمع الإنسان وهو يناقش أحدًا ما عمّا يحدث للتراث المادي من تدمير، هي قوله: “إن كان قد ذهب البشر فهل نأسف على الحجر؟!”.
من أجل هذا أراني أمام مقدمة لا مفرّ منها للحديث عن أهمية التراث المادي، وما يحمله من دلالات، وكيف أنه ليس مجرد حجر لا دلالة له.
ونستطيع رصد أهمية التراث المادي من خلال عدة جوانب، فمن الجانب الثقافي يُفيدنا في إضاءة جوانب عديدة عن تاريخ الدولة، فعلى سبيل المثال وجود آثار رومانية كثيرة في سوريا يؤكد وقوعها تحت قبضة الرومان لمدة طويلة تاريخيًّا، أو وجود آثار عربية من حقبة ما قبل الإسلام، يُستخدَم للتأكيد على دور العرب المهم قبل دخول الإسلام في منطقة بلاد الشام، وهذا له انعكاسات ثقافية واجتماعية وعلمية، وهي أمور ليست بثانوية إذ إنها تصبُّ في صلب إحدى أهم المشاكل المتداولة اليوم، مشكلة الهُويّة.
من الناحية السياسية، قد يُستخدم التراث المادي استخدامًا سيّئًا لتزييف حقائق تاريخية لمصالح سياسية، وذلك كما تفعل إيران اليوم.
ومن الناحية الحضارية، يساعدنا التراث المادي في اكتشاف مدى تحضُّر وتقدُّم دولة ما، كالعمارة، وهو ما يتمُّ استخدامه كقوّة ناعمة تصدِّرُ بها هذه الدولة تاريخها للدول الأخرى، وكما سنرى فإنّ سوريا تُعتبر من أكثر مناطق العالم غنى بهذا المجال، إلّا أن النظام لم يستثمر فيه يومًا، وبالطرف المقابل كانت هناك دعوات متشدِّدة للقطيعة مع الماضي.
ومن الناحية السياسية، قد يُستخدَم التراث المادي استخدامًا سيّئًا لتزييف حقائق تاريخية لمصالح سياسية، وذلك كما تفعل إيران اليوم بالمعالم التاريخية الدينية في سوريا، وعملية ترميمها على أنها معالم شيعية قديمة لترسيخ الهوية الشيعية في البلاد.
الحضارة السورية
تُعتبر الحضارة السورية، بمعنى سوريا الطبيعية، من أقدم الحضارات الموغلة في التاريخ، والغنية بالمناطق والمعالم الأثرية، إذ شكّلت حلقة وصل بين قارات العالم القديم الثلاث، وقسمًا ممّا يُعرف بـ”الهلال الخصيب” إلى جانب العراق، والذي كان المكان الأنسب لنشوء أولى الحضارات في العالم.
كما أنها تحتوي على أقدم المدن في التاريخ، فرغم اختلاف الأقوال ضمن دراسات اليونسكو حول أيها أقدم، حلب أم دمشق أم أريحا أم جبيل، إلا أنها لم تخرج عن مدن هذه المنطقة، وتتفق على أن دمشق أقدم عاصمة مأهولة في العالم، وقد ظهرت فيها، كما يروي المؤرِّخ فيليب حتّي، الكثير من المخترعات التي غيّرت مجرى البشرية، كالخزف والنحاس وأوّل أبجدية، وخرجت من هذه المنطقة أيضًا الديانتان اليهودية والمسيحية، بالإضافة إلى أهميتها في انتشار الإسلام.
هذا القدم والغنى الطبيعي والحضاري كانا سببَين في تحوّل هذه المنطقة إلى هدف للدول والإمبراطوريات المختلفة، حيث تعاقب على المنطقة كل من السلوقيين واليونان والفرس والرومان والبيزنطيين وأخيرًا المسلمين، وفي الحقبة الإسلامية كانت مركزًا لعدة دول كالأموية والحمدانية والزنكية والأيوبية.
إضافة إلى الحضارات التي ظهرت منها كحضارات الآموريين والكنعانيين والآشوريين والآراميين والعبرانيين والفينقيين، لذلك يقول فيليب حتّي: “إن تاريخ سورية بمفهومها الجغرافي هو من وجهة معينة تاريخ العالم المتمدّن بصورة مصغّرة”.
نتيجة هذا كله، ظهرَ في المنطقة تراث مادي كبير ومتنوِّع جدًّا، يصل إلى آلاف المواقع الأثرية، وقد أدرجت اليونسكو 6 مواقع أثرية من سوريا، مع ما تشمله من معالم أو قطع أثرية على لائحة التراث العالمي، وهي مدينة دمشق القديمة، مدينة حلب القديمة، مدينة تدمر، مدينة بُصرى، قلعتا الحصن وصلاح الدين الأيوبي، القرى القديمة شمال غرب سوريا.
عائلة الأسد والتجارة المربحة
على خلاف ما كان منتظرًا من النظام في بداية حكمه من الاستثمار في هذا المجال وتعزيزه بما يلزم، رأى في الآثار السورية مجالًا رحبًا لتجارة مربحة بشكل خيالي له ولأعوانه.
وقد قام بتسيير تجارة الآثار بشكل خفي، من خلال كبار أتباعه والمقرّبين منه كمصطفى طلاس ورفعت الأسد وغازي كنعان، عدا عن الشخصيات الصغيرة كبسام جاموس ومأمون عبد الكريم، ومن خلفهم جميعهم أسماء الأسد، وبعضهم منذ مرحلة الأسد الأب.
وكشفت تقارير عن تورُّط النظام بالإتجار وتدمير هذه الآثار، كما فعل في محافظة الرقة حيث تمَّ جرف كثير من الآثار العباسية، وكذلك فعلَ في تدمر وغيرها لصالح حزب البعث، وقد أدلى بشهادته على ذلك عاملون في هذا المجال في مرحلة ما قبل الثورة، كرئيس لجنة ضبط المخالفات صطوف حسين، الذي تمَّ نقله إلى حلب لاكتشافه وملاحقته الانتهاكات حينها.
هذا إلى جانب غضّ النظام الطرف عن التجاوزات التي كانت تحصل من حفر غير مشروع وأعمال بناء وزراعة في المناطق الأثرية، للتستُّر على أعمال التنقيب التي كانت يقوم بها في الخفاء.
وكما يروي عدنان المحمد، نائب أمين متحف الآثار السورية القديمة بمتحف حلب الوطني سابقًا، فإن بعثة يابانية أرادت توثيق وحماية موقع شاش حمدان في حلب، ولكن قرر النظام توكيل بعض الأسماء المقرّبة منه لمتابعة المشروع، وأن تُصرَف نصف أموال المشروع كرواتب لهذه الشخصيات، فما كان من البعثة اليابانية إلا أن تخلت عن المشروع قبل أن يبدأ.
هذا إلى جانب ممارسات معتادة من قبل النظام، كأخطاء في الأرشفة، وضعف عملية التوثيق لتلك الآثار لتسهيل سرقتها دون أي ملاحظة لذلك، وإهمال على صعيد الحفظ والتخزين، وتعدُّد المفقودات، وعدم وجود خبراء في هذا المجال على رأس المتاحف، ويُذكر أن المضايقات والاعتقالات تتبّعت كل من كان يحاول الحديث عن هذه الممارسات، كالكاتب وعد المهنا والصحفي عمر البنية.
النظام و”داعش”.. شريكان في التدمير
انعكست مأساة القرن الـ 21 على كل ما في سوريا، وكان للحجر النصيب الأوفر من هذه المأساة، فمع انطلاق شرارة الثورة، وبداية سيطرة فصائل الجيش الحر وانتشاره في المناطق المختلفة، بدأت طائرات النظام ومدفعياته الثقيلة بدكّ وقصف كل ما استطاعت أن تطاله، وكان للمعالم التاريخية نصيب وافر من هذا القصف، في حين كان يصدّر نفسه بمظهر المحافظ على هذا التراث ويحمّل المعارضة تهمة تدميره.
فقد تعرّض ما يقارب 29 متحفًا، من أصل 49، للدمار بسبب القصف والغارات الجوية التي نفّذها النظام؛ وإحصاء الأضرار التي طالت المعالم الإسلامية بالدرجة الأولى، واليونانية والرومانية وغيرها بدرجة أقل، من الصعوبة بمكان، لكثرة الأماكن التي تعرضت للقصف الذي يستمر إلى يومنا هذا.
وقد طال القصف كلًّا من تدمر وإدلب وبصرى الشام وحلب ودمشق القديمتَين وغيرها، وعلى سبيل المثال حوّل النظام متحف معرة النعمان -الذي يحتوي على آثار لها أهمية على مستوى الشرق الأوسط كمجموعات الفسيفساء- إلى ثكنة عسكرية، وعندما أخرجته منه قوات الجيش الحر، شنّت طائراته حملات قصف مستمر على المتحف حتى دُمِّر بشكل شبه كامل.
وفي حلب تعرّض كل من السوق القديم والمسجد الأموي وجوامع الخسرفية والسلطانية والعادلية (تعود إلى حقب إسلامية مختلفة) ومتحف حلب، إلى قصف دمّر بعضها كاملًا وبعضها جزئيًّا.
كان تنظيم “داعش” شريك النظام بعملية التدمير هذه، ففي عام 2016 دخل التنظيم مدينة تدمر الأثرية وقام بتدمير عدد من المعالم الأثرية للمدينة، أبرزها قوس النصر ومعبدَي بل وبعل شمين، ولكن كانت عمليات التدمير هذه تُستخدَم كغطاء لعمليات ليست أقل سوءًا، وهي عمليات التجارة بهذه الآثار.
سرقات وانتهاكات مشترَكة
ولكن ليس “داعش” الوحيد المتورِّط بالإتجار بهذه الآثار، بل نستطيع القول إن أطراف الصراع كافة متورِّطة بهذه الجريمة، على رأس القائمة النظام السوري، إذ شكّلت الحرب إبّان انطلاقها غطاء لهذا النظام لاستمراره بسرقة الآثار وبيعها بكميات أكبر بكثير ممّا كان يفعله سابقًا، وكذلك فتحت الحرب باب التجارة لشبيحته وميليشياته المختلفة للتجارة الأثرية كل حسب قدرته.
وشاركَ النظامَ بعملية النهب هذه الميليشياتُ الأجنبية، فقد شاركت شركات إيرانية بالتنقيب عن الآثار في تدمر، والبحث في 16 موقعًا أثريًّا في درعا، وشاركت روسيا بذلك من خلال اتفاق إدارة متحف “إرميتاج” الروسي مع هيئة المتاحف والآثار التابعة للنظام على نقل آثار سورية إلى روسيا بحجّة إعادة ترميمها، ولكن الذي يظهر من تاريخ النظام بالتعامل مع هذا الملف أنها ليست إلا عملية بيع.
أما تنظيم “داعش”، ففي الحين الذي كانت عناصره تدمِّر الآثار بحجّة “القضاء على الأوثان والأصنام ومعالم الشرك”، كان يتاجر بهذه الآثار ويقبض مبالغ طائلة أثمانًا لها، حيث أكّد تقرير لصحيفة “ذي إندبندنت” أن “تدمير التنظيم للمتاحف يخفي الدخل الذي كان يحصل عليه من بيع القطع الأثرية التي احتفظ بها، وكانت لديه قطع أثرية لا تقدَّر بثمن، وتمّ تداول هذه القطع في أوروبا بعد نقلها”.
وصلت أعداد القطع المسروقة، حسب بعض الإحصاءات، إلى 40 ألف قطعة، تعود لحقب تاريخية مختلفة.
وُجِّهت اتهامات لبعض فصائل الجيش الحر بالتورُّط بعمليات التنقيب غير الشرعي عن الآثار وتهريبها عبر تركيا من ثم بيعها، رغم التشديد الأمني في تركيا ضد هذه التجارة، وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هناك مواقع أثرية تعرّضت للنهب من قبل بعض الفصائل، ففي عام 2018 نفّذت كتيبة “صقور الشمال” حفريات عشوائية بواسطة آليات ثقيلة بحثًا عن الآثار.
على نهج النظام، يدّعي الطرف الرابع في الصراع، أي قوات سورية الديمقراطية في شمال شرق سوريا، بالحفاظ على المناطق الأثرية وإعادة ترميمها، ولكنّ حقيقة الأمر أنه يحتكر أعمال التنقيب لقواته والمقرّبين منه بشكل خاص، ثم يقوم بتهريب القطع المُكتشفة لبيعها بالوكالة لصالح تمويل التنظيم.
وأخيرًا باتت عمليات التنقيب مصدر دخل لكثير من الشباب الذين لا يجدون عملًا في شمال سوريا، لذلك يعمل بعض الشبّان السوريين بالتنقيب عن الآثار لبيعها للهواة والتجّار إلى اليوم، ونتيجة هذا كله وصلت أعداد القطع المسروقة، حسب بعض الإحصاءات، إلى 40 ألف قطعة، تعود لحقب تاريخية مختلفة.
قامت بعض المنظمات الدولية بالسعي لوقف عمليات التدمير والنهب، فأعلنت اليونسكو عن لائحة حمراء تحدِّد 33 قطعة أثرية سورية لمنع الإتجار بها، كما أعلنت إدراج مواقع التراث العالمي في سوريا على قائمة التراث المهدَّد بالخطر.
وقد أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارات مختلفة لمنع هذه التجارة ومعاقبة المشتركين فيها، ولكن واقع الأمر أن سرقة الآثار، كحال باقي الانتهاكات في سوريا، تمَّ التواطؤ الدولي بخصوصها لغضّ الطرف عنها، فقرارات مجلس الأمن ليست إلا حبرًا على ورق لم يُبنَ عليها شيء، إذ يتمُّ نقل معظم الآثار المسروقة إلى أوروبا وأمريكا لعرضها في المتاحف الكبرى.
وكما يشير أستاذ الآثار في جامعة لندن، مارك الطويل، أنه “ليس صعبًا أو مستغرَبًا أن تجد بعضًا من حضارة سورية معروضة في متاجر لندن، فالسوق السوداء ورفوف متاجر “الأنتيك” باتت تغصّ بعشرات القطع الأثرية التي جاء بها المهرّبون من تدمر ونمرود. وتكشف عملية بحث بسيطة عن أعداد غير قليلة من القطع الأثرية المهرَّبة من شرق سورية وشمال العراق، والمعروضة في متاجر لندن بين تحف أخرى”.
وهذه ممارسةٌ لها سوابق تاريخية عند الغرب، ولكن ما يلفت النظر سير بعض الدول الخليجية على سنن أوروبا في شراء التحف المهرَّبة من سوريا والعراق وعرضها في المتاحف المحلية، حسب مقال “ذي إندبندنت” البريطانية.
كيف تُهرب الآثار التاريخية من سوريا؟
في وثائقي أعدّه تلفزيون العربي عام 2018، يحمل اسم “سرقة زنوبيا”، قام فريق من الصحفيين الاستقصائيين بالبحث عن كيفية تهريب الآثار إلى خارج سوريا، وقد قامَ الفريق بخلق شخصيات وهمية تمَّ من خلالها التوصُّل للقائمين بأعمال التنقيب، حيث يبدأ الخيط من عندهم، ومن بعدها بالتجّار والمهرِّبين.
واستطاع الفريق التواصل مع أبي محمد الحموي، أحد القائمين بأعمال التنقيب في حمص، لطلب قطع أثرية لشخصية بريطانية وهمية، ولكن الحموي كان شديد التوجس، ورفضَ العرض فورًا، ولكن بعد شدٍّ وجذب، وعن طريق وسيط استطاع الفريقُ إشعار الحموي بالأمان، وإقناعه بعرض القطعة لتصويرها وأخذ موافقة الرجل البريطاني لشرائها، وكانت بعض القطع مزوَّرة وبعضها صحيح، وتمَّ اختيار أحد القطع المزوَّرة لتهريبها إلى خارج سوريا للتعرُّف إلى سير العملية.
تبدأ عملية التهريب من خلال الاتفاق مع مهرّب على صلة بالحواجز المختلفة لرشوتهم والمرور دون تفتيش، وتختلف المبالغ التي يقبضها المهرِّب بين 1500 و1700 دولار للقطع الصغيرة، ومبالغ تصل إلى 50 ألف دولار للقطع الكبيرة.
بعد الاتفاق انطلقت رحلة التهريب التي ستمرُّ بـ 3 نقاط حينها، من الرستن إلى حماة، ومن حماة إلى إدلب، ومن إدلب إلى الريحانية، وهذا ما تمَّ، فقد قامَ المهرّب بتوصيل القطعة إلى إدلب بمعاونة الشبيحة في مناطق سيطرة النظام، ومن هناك سيتمُّ التواصل مع أحد المهرّبين لتمرير القطعة إلى تركيا.
عملية النقل إلى تركيا ستكون باتفاق المهرِّب مع فصائل السلطان مراد، التي تدير معبر باب السلامة آنذاك، حيث ستستغلّ الفصائل كونها تابعة لتركيا، وكون سياراتها تدخل الأراضي التركية من غير تفتيش، لنقل القطعة مقابل مبلغ مادي معيَّن، ولكن حاول الفريق نقل القطع عبر طُرُق أخرى، ولم يعدم المهربين وسيلة، فهناك طُرُق التهريب غير المشروعة التي يتمُّ عبرها تهريب البشر، وسيتمُّ استخدامها لتهريب هذا الحجر.
وهكذا من تركيا يتم بيع هذه القطعة للتجّار المتواجدين بكثرة خاصة في إسطنبول، أو نقل القطعة إلى أوروبا عبر طرق مختلفة لبيعها هناك، وإحدى طرق نقلها عبر شاحنات الأحجار الكبيرة، وهكذا تتمُّ معظم عمليات التهريب.
يشكّل لبنان، إلى جانب تركيا، أهم الطرق لتهريب الآثار إلى الخارج، رغم الإجراءات الأمنية المشدَّدة من كلا البلدَين لمنع هذه التجارة التي باتت تهدِّد الحضارة السورية بشكل ليس له نظير عبر تاريخ البلد الطويل.
ختامًا، كثيرًا ما سمعنا حديث النظام عن إعادة إعمار سوريا وترميم ما تمَّ تدميره من التراث المادي، وقد استجابت عدد من المنظمات الدولية كاليونسكو ومؤسسة آغا خان الثقافية، وقامت بأعمال ترميم شملت معالم كثيرة في حلب، كان لها نتائج حسنة، ولكننا بدورنا يحقُّ لنا أن نسأل: ما جدوى هذه العمليات والسبب الحقيقي وراء كل ما يحدث من تدمير ونهب ما زال يجلس على كرسيه، ومستعدًّا لتدمير ما تبقّى من سوريا إن لزمَ الأمر؟