“نحن كدولة صغيرة حددنا حدودنا مع جميع جيراننا، ولم يتبق لنا إلا تحديدها مع إيران، ولدينا حساسية شديدة تجاه موضوع الحدود، لأن الخلاف مع العراق بدأ بخلاف حدودي، وانتهى باحتلال شامل لدولة الكويت”، بهذه الكلمات التي حملت شكلًا من أشكال جنون الارتياب التالي للغزو العراقي، أعرب وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم، بعد مباحثاته مع نظيره الإيراني كمال خرازي، في 20 أبريل/نيسان 2005، عن أمله بالتوصل إلى حل لإنهاء مسألة الجرف القاري الذي تتشاركه الكويت والسعودية وإيران.
العراق ليس الجار الوحيد للكويت الذي اختلف معه حول النفط، فقد شهدت كل دولة في شبه الجزيرة العربية تقريبًا، وحتى وقت قريب، خلافًا بشأن ترسيم الحدود، لكن في حين أنهت الكويت النزاع الحدودي الأكثر شهرة مع العراق، وأنهت إيران المسائل الحدودية مع كل من قطر والبحرين، فقد ظلت خلافاتها الحدودية قائمة مع الإمارات بخصوص الثلاثة جزر في الخليج العربي (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى)، ومع الكويت بخصوص حقل الدرة.
ومع تدهور الأوضاع لا سيما في المنطقة المقسومة (المعروفة أيضًا باسم المنطقة المحايدة)، في الأشهر الأخيرة، تعددت التساؤلات عن طبيعة هذه المنطقة وأهميتها وجذور الخلاف بين الكويت وإيران بخصوص حقل الدرة، وكيف تطور الصراع النفطي بين البلدين ولماذا تصاعدت وتيرته في الأشهر الأخيرة وما علاقة المملكة العربية السعودية بكل هذا؟
بداية القصة
لم تكن المناطق المقسومة أو المحايدة التي رسمها السياسي البريطاني بيرسي كوكس قبل مئة عام، عبر معاهدة العقير عام 1922، مهمة لأي من البلدان الثلاث التي اعتمدتها (السعودية والكويت والعراق)، فقد كان هدفها حينذاك تعيين منطقة حرة لتنقّل القبائل البدوية بينهما وفقًا لاحتياجات قطعانها من الأغنام والإبل.
لكن كل هذا تغير مع اكتشاف النفط في أواخر الثلاثينيات، حين بدأت المفاوضات التي أفضت في عام 1965 إلى توقيع اتفاقية بتقسيم المنطقة المحايدة بالتساوي بين البلدين، التي تبلغ مساحتها 5770 كيلومترًا مربعًا، وتحظى بحقلين غنيين بالنفط (الخفجي والوفرة)، لكن بشرط أن الثروات الكامنة في باطن الأرض مشتركة بين الطرفين، يتقاسم كلا البلدين إنتاجهما الذي يصل إلى 500 ألف برميل يوميًا، إضافة إلى حقل الدرة الذي ينتظر أن ينتج منه الغاز خلال الفترة المقبلة.
هذا الحقل الذي اُكتشف في نوفمبر/كانون الثاني 1967 يعود تاريخ الخلاف بشأنه إلى أكثر من نصف قرن، عندما منحت الكويت وإيران امتيازات للتنقيب في حقول بحرية لشركتين مختلفتين، ففي حين حصلت الشركة الإيرانية الإنجليزية على حق التنقيب من الجانب الإيراني، منحت الكويت هذا الحق لشركة رويال داتش شل، وتداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة الذي تقدر احتياطاته القابلة للاسترداد بنحو 220 مليار متر مكعب (سبعة تريليونات قدم مكعب).
يقع جزء من الحقل في المنطقة الحدودية بين إيران والكويت يقدر بـ%5 فقط، والجزء الأكبر منه يقع على الحدود المشتركة بين البلدين، وفي حين حصلت إيران على الجزء الشرقي، حصلت الكويت على الجزء الغربي، وتقع مخزونات الغاز في الجزء الغربي الموازي للحدود السعودية الكويتية، ورغم أنه يقع بشكل شبه كامل داخل المياه الكويتية والسعودية، فإن موقعه داخل المنطقة المغمورة والخلاف بين إيران والكويت بشأن الحدود المائية بين البلدين حال دون استخراج كميات كبيرة من النفط من كلا الجانبين.
عندما أصدرت شركة النفط الإيرانية الوطنية بيانًا عن اكتشافات النفط البحرية في الخليج العربي (الخليج الفارسي بالنسبة إلى إيران)، ذكرت حكومة الكويت، في أثناء اعتراضها على البيان، أن تصرفات إيران ترقى إلى انتهاك سيادتها الإقليمية والخارجية، بمعنى آخر، اعتقد مسؤولون كويتيون أن المنطقة التي اتفقت عليها حكومة الكويت وشركة شل (Shell) في 15 يناير/كانون الثاني 1961 متداخلة مع المنطقة التي اتفقت عليها شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة البترول الإيرانية الإنجليزية.
ارتبطت تطورات الخلافات الحدودية بين الكويت وإيران بالتطورات السياسية في المنطقة، وليس فقط بطبيعة العلاقات بين الكويت وإيران
وفرت هذه القضية أرضية للمفاوضات بين الجانبين بشأن القضايا المتعلقة بحدودهما البحرية والبحرية، واُتخذت خطوات عملية في اجتماع بين ممثلي الجانبين، لكن هذه المفاوضات فشلت حتى الآن في أن تؤتي ثمارها بسبب مجموعة من العوامل السياسية والقانونية.
احتجت الكويت على الخط الفاصل الذي حددته إيران وبشكل عام على قانون المناطق البحرية للجمهورية الإيرانية لعام 1993 في الخليج العربي وبحر عمان، وفي 29 أغسطس/آب 1996، وزَّع ممثل الكويت لدى الأمم المتحدة رسالة احتج فيها على مجمل أعمال إيران البحرية دون الإشارة إلى مواد محددة، وكتب في رسالته أن عمل إيران في المناطق البحرية ينتهك مبادئ القانون الدولي للبحار، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.
سنوات الخلاف
ارتبطت تطورات الخلافات الحدودية بين الكويت وإيران بالتطورات السياسية في المنطقة، وليس فقط بطبيعة العلاقات بينهما، فخلال الأربعة عقود الأولى التي أعقبت استقلال الكويت، لم تكن القضية محلًا للنزاع في منطقة الخليج، واقتصر الخلاف في البداية على التعليقات في الاجتماعات المشتركة، حتى شرعت إيران في نشر معدات الحفر عام 2001 بحثًا عن الغاز في الحقل المتنازع عليه في وقت لم تتوصل فيه الدولتان إلى اتفاق بشأن ترسيم حدودهما البحرية في شمال الخليج، ما دفع الكويت إلى تقديم سلسلة من الشكاوى إلى المنظمات الدولية.
على ما يبدو، في محاولة للحفاظ على علاقات حسن الجوار للمساعدة في حل المشكلة وتحديد حدود أنشطة الاستكشاف، أوقفت إيران طواعية تطوير الحقل بعد ثلاثة أشهر فقط، وحذت الكويت حذوها، إذ علقت مشروعًا مشتركًا كانت قد بدأته مع السعودية عام 2000.
وعلى مدار عقدين منذ عام 2001، أعدت إيران خطة لبدء استخراج موارد الطاقة من الحقل المتنازع عليه، وكان بدء التنقيب في حقل الدرة قد دفع الكويت والسعودية إلى عقد اتفاق لترسيم حدودهما البحرية والتخطيط لتطوير الموارد الطبيعية للمنطقة البحرية بشكل مشترك، وبموجب شروط الاتفاقية، تتمتع الكويت بالسيادة على جزيرتي أم المراديم وكوروح بنصف قطر ميل واحد حول كل منهما، لكن إيران طالبت بجزء من الحقل واعترضت على أي استكشاف حتى ترسيم الحدود البحرية.
على مدار السنوات اللاحقة، أجرت إيران مباحثات لتسوية النزاع الحدودي مع السعودية أو الكويت بشأن منطقة الجرف القاري المتنازع عليها والغنية بالغاز الطبيعي، الا أنها لم تؤد إلى نتيجة، ما دفع الكويت للتلميح، في نوفمبر/كانون الثاني 2003، بنقل القضية الخلافية بشأن حقل الدرة إلى محكمة العدل الدولية حال فشل المفاوضات الثنائية لحل الخلاف.
منذ ذلك الحين وحتى عام 2010، حاولت الكويت بانتظام التوصل إلى تسوية لمسألة الحدود البحرية، واستمرت التصريحات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، حتى جاءت تصريحات المتحدث باسم لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني عماد حسيني، 23 ديسمبر/كانون الأول 2011، لتسكب مزيدًا من الزيت فوق النيران المشتعلة، متهمًا عددًا من الدول العربية – على رأسها السعودية – باستغلال حقل الدرة المشترك في شمال الخليج وسرقة حصة إيران من حقول النفط والغاز المشتركة، مشيرًا إلى أنها (السعودية) عقدت اتفاقًا غير مكتوب لأخذ أكثر من حصتها من هذه الحقول بطرق غير قانونية.
وفي يناير/كانون الثاني 2012، استخدمت إيران لهجة قوية عما اعتادت من قبل بشأن الخلاف، محذرة من أنها ستبدأ تطويرًا أحاديًا واسع النطاق لحقل الغاز البحري المتنازع عليه في الخليج إذا لم تستجب الكويت لعرضها الخاص بالتطوير المشترك، وهو ما جاء على لسان رئيس شركة نفط الجرف القاري الإيرانية محمود زيركجيان زاده.
وردًا على هذه التصريحات، استدعى وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجارالله القائم بأعمال السفارة الإيرانية في الكويت سيد تهابي، وسلمه مذكرة احتجاج على تصريحات المسؤول الإيراني بشأن عزم إيران إنتاج النفط في منطقة الجرف القاري بشكل أحادي ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الكويت، مؤكدًا أن المنطقة المذكورة المتنازع عليها محل مفاوضات بين الطرفين لترسيمها بشكل نهائي، وجدد عرض الكويت عقد مفاوضات ترسيم الجرف القاري بشكل نهائي.
في عام 2015، اتخذت طهران قرارًا أحاديًا بتطوير الحقل واستخراج الغاز لصالحها، وبحسب صحيفة الجريدة اليومية، دعت إيران لمناقصات لتطوير حقول النفط والغاز بعد رفع الحظر الدولي، وقالت الصحيفة إن حقل الدرة، الذي يقع في قلب المفاوضات الإقليمية بين الكويت والسعودية وإيران، من بين الحقول التي تخطط إيران لتطويرها.
يبدو أن مثل هذه التصريحات القوية كانت تهدف إلى إجبار الكويت على الموافقة على الشروط الإيرانية بعد سنوات من المفاوضات غير المثمرة بشأن هذا الحقل، ومع ذلك، رفضت الكويت التهديدات بانقلاب القوة، وأصرت على أن “منطقة الحدود البحرية المتنازع عليها والغنية بالغاز الطبيعي تخضع لمفاوضات ثنائية للترسيم النهائي، ولا ينبغي لأي من الطرفين التصرف من جانب واحد في المنطقة حتى يتم ترسيمها بالكامل”.
دفعت التحركات الإيرانية الكويت والسعودية إلى ظهور الجانب السعودي مبكرًا كطرف في الصراع النفطي الثنائي بين الكويت وإيران
أفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية أن السعودية والكويت رفعتا دعوى قضائية لدى الأمم المتحدة ضد إيران تتهمان فيها الجمهورية الإسلامية بـ”التجاوزات البحرية” على المناطق البحرية في البلدين من خلال استخدام زوارقها العسكرية في حالات متكررة للتعدي على المنطقة المغمورة بين السعودية والكويت.
وأشار البلدان في شكواهما إلى أن “آخر حادثة من هذه الانتهاكات ارتكبتها سفينة واحدة وزورقان سريعان مسلحان يرفعان العلم الإيراني. كان على كل قارب ثلاثة أفراد مسلحين، حيث وقع هذا الانتهاك يوم الأربعاء 20 أبريل/نيسان 2016 ، في حين وقع انتهاك آخر لسفينة من فئة هندجان في21 أبريل/نيسان 2016، كما جاء في النص أن “هاتين السفينتين والقاربين اقتربا من بئر الدرة رقم 3 في حقل الدرة”.
ومع ذلك، لم تحدد الشكوى ما إذا كان حقل الدرة يشير إلى حقل غاز أراش، الذي تطالب به إيران أيضًا، أو حقل الدرة النفطي الواقع في مياه الكويت، لأنه في خرائطهم الرسمية، أدخل مسؤولون كويتيون حقل أراش للغاز باسم الدرة، ولم تبد جمهورية إيران الإسلامية أي رد فعل على هذه الشكوى.
وبشكلٍ عام، ربما لا يتعلق الأمر برمته بقضية حقل الدرة، إذ لم تسر العلاقات الكويتية الإيرانية على مدار العقود الماضية على وتيرة واحدة، ففي حين حرصت الكويت دائمًا على الاحتفاظ بعلاقات هادئة مع إيران، تستمر الأخيرة في نهجها المعتاد لبسط نفوذها، ليس فقط في الكويت بل في المنطقة، ويعود ذلك إلى اتهام الكويت لإيران بدعم خلايا حزب الله النائمة في الكويت.
ما علاقة السعودية؟
دفعت التحركات الإيرانية الكويت والسعودية إلى ظهور الجانب السعودي مبكرًا كطرف في الصراع النفطي الثنائي بين الكويت وإيران، خاصة أن السعودية لا تتمتع بإمكانية الوصول إلى موارد غاز كبيرة رغم امتلاكها موارد نفطية ضخمة.
وفي عام 2000، وقعت الكويت – وسط اعتراض إيراني على أي استكشاف حتى ترسيم الحدود البحرية – اتفاقًا مع جارتها السعودية لتقسيم أي أرباح نفطية وغازية من حقل الدرة البحري، وبعد 13 عامًا من الاتفاق على تطوير مشترك للحقل الذي هما في أمس الحاجة إليه لتلبية احتياجاتهما المتزايدة من الغاز، أحرز البلدان الخليجيان تقدمًا ضئيلًا، لكن أُجِّل إلى أجل غير مسمى بعد الخلاف بشأن كيفية تقاسم الغاز على الأرض.
تطوير حقل غاز الدرة من شأنه أن يفتح الطريق أمام إنتاج ما لا يقل عن مليار قدم مكعب قياسي في اليوم من الغاز و84 ألف برميل في اليوم من المكثفات
في أغسطس/آب عام 2014، طالب بعض المسؤولين السعوديين بحصة بلادهم في حقل غاز الدرة، وهو ما لاقى رفضًا إيرانيًا صريحًا من جانب نائب وزير النفط الإيراني للشؤون التجارية والدولية علي مجدي، الذي شدد على أن “حقل أراش هو حقل غاز مشترك بين إيران والكويت وليس للسعودية أي حصة في هذا الحقل”.
بعد شهرين، وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2014 توقف إنتاج النفط من المنطقة المقسومة لأسباب بيئية، وأدى هذا التوقف إلى حجب إنتاج 500 ألف برميل نفط يوميًا، الذي شكل 0.5% من الإنتاج العالمي قبل الإيقاف ووصل إنتاج حقل الخفجي المشترك إلى 300 ألف برميل نفط يوميًا.
لم يكن هذا الخلاف الوحيد بخصوص حقول النفط المشتركة بين الكويت والسعودية، ففي مايو/أيار عام 2015، بدأت شركة شيفرون العربية السعودية – التي تشغل نيابة عن المملكة حقل الوفرة بالاشتراك مع الشركة الكويتية لنفط الخليج – إغلاق الإنتاج في حقل نفط الوفرة البري المشترك في المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت، ما أدى إلى فقدان نحو 250 ألف برميل يوميًا من الإمدادات المحتملة من الأسواق العالمية.
بعد توقف دام أكثر من 5 سنوات، وفي ديسمبر/كانون الثاني 2019، جمع اتفاق وُصف بـ”التاريخي” بين الكويت والسعودية، يقضي باستئناف إنتاج النفط من حقول نفط مشتركة في المنطقة المحايدة بينهما، من بينهما حقل الخفجي، الذي كان ينتج أكثر من 300 ألف برميل يوميًا قبل أن يتوقف عن العمل في أكتوبر/تشرين الأول 2014.
في عام 2020، ورغم الحديث عن إنهاء نزاع دام لخمس سنوات بشأن المنطقة الحدودية، واستئناف الإنتاج بحقلين يجري تشغيلهما بالشراكة، ويمكنهما ضخ ما يصل إلى 0.5% من إمدادات النفط العالمية، ما زالت أسباب عرقلة الإنتاج غير واضحة، إلا أن تجديد السعودية عقدها بمفردها مع شيفرون لمدة 30 سنة إضافية عام 2009 دون استشارة الجانب الكويتي قد يكون أحد الأسباب الرئيسية.
وفي آخر تطور للأحداث، وقعت الكويت وثيقة مع السعودية لتطوير حقل الدرة الواقع في المنطقة المغمورة المقسومة، وأكدت الدولتان في محضر الاجتماع الموقَّع بينهما، في مارس/آذار 2022، حقهما في استغلال الثروات الطبيعية في هذه المنطقة بموجب مذكرة التفاهم الموقَّعة في مدينة الكويت بتاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول 2019 التي تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة.
التوقيع الأخير على وثيقة من وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان ومؤسسة البترول الكويتية لتطوير حقل غاز الدرة من شأنه أن يفتح الطريق أمام إنتاج ما لا يقل عن مليار قدم مكعب قياسي في اليوم من الغاز و84 ألف برميل في اليوم من المكثفات، بحسب توقعات مؤسسة البترول الكويتية.
بموجب الشروط التي تحكم اكتشافات النفط والغاز بالمنطقة لمحايدة المقسمة، سيجري تقسيم الإنتاج بالتساوي بين البلدين (الكويت والسعودية)، بناءً على خيار “الفصل البحري”، إذ ستُفصل حصة كل من الشريكين في البحر، ويعني ذلك إرسال نصيب أرامكو من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافق الشركة السعودية في الخفجي، في حين تُرسل حصة الشركة الكويتية لنفط الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافقها في الزور، لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز الطبيعي وسوائله.
ومن شأن هذا الحقل الغازيّ الذي يحتوي على ما يقدر بنحو تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز ونحو 310 مليون برميل من النفط أن يؤدي – حال تطويره – دورًا مهمًا في تلبية نمو الطلب المحلي على الغاز الطبيعي داخل كلا البلدين، ومع ذلك، قد يكون هذا التفاؤل قصير الأجل، بالنظر إلى الخطط المتعلقة بالمنطقة، التي أعلنتها إيران، العدو اللدود للسعودية.
في اليوم التالي، جاء الرد الإيراني سريعًا على التحرك الخليجي الأخير، وأثار أزمة جديدة من دول الخليج العربي بعد مطالبتها بـ”حقها” الاستثماري في الحقل الواقع في المياه الإقليمية بين السعودية والكويت بصفتها طرفًا ثالثًا، واعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الوثيقة الموقعة بين السعودية والكويت لتطوير حقل غاز الدرة “غير قانونية ومناقضة للأعراف الجارية والمحادثات المنجزة سابقًا ولا تأثير لها على الوضع القانوني للحقل ولا تحظى بالموافقة الإيرانية”، لأن لطهران أيضًا حصة في الحقل ويجب إدراجها في أي إجراء لتشغيله وتطويره.
أساس رأي الوزارة الإيرانية في حقل الدرة هو أنه تاريخيًا كان حقلًا مشتركًا ليس فقط بين السعودية والكويت، لكن أيضًا مع إيران، وأن هناك أجزاءً من حقل الدرة تقع في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت، وهو الادّعاء الذي رفضته الكويت على لسان وزير خارجيتها أحمد ناصر المحمد الصباح، مؤكدًا أن حقل الدرة كويتي-سعودي خالص، وللدولتين وحدهما حقوق الاستغلال والاستثمار فيه، وفقًا للاتفاقيات المبرمة بين الدولتين.
ردًا على الاعتراض الإيراني، أكدت السعودية والكويت حقهما في استغلال الثروات الطبيعية في حقل الدرة، ودعتا إيران للتفاوض بشأن تعيين الحد الشرقي من المنطقة المغمورة المقسومة، لكن على الرغم من أن إيران صرَّحت أيضًا على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده بأنها “على استعداد للدخول في مفاوضات مع الدول المجاورة، الكويت والسعودية، بشأن كيفية الاستثمار من هذا الحقل المشترك، يبقى أن نرى ما إذا كانت السعودية ستدخل في مثل هذه المحادثات.