ترجمة حفصة جودة
أعلن التحالف الصهيوني الديني لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – الذي أدى اليمين الدستورية في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022 – في بيانه أن لليهود حقًا حصريًا وغير قابل للمصادرة في جميع أنحاء أرض “إسرائيل”.
لتحقيق هذا الهدف، وفيما يزيد على شهر بقليل، قتل النظام الإسرائيلي الفلسطينيين وهدم منازلهم وشن حملات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما حاول تغيير القوانين والسياسيات لتسريع عملية التطهير العرقي للفلسطينيين من فلسطين.
يسجل هذا العام الذكرى الـ75 للنكبة، ففي عام 1948 استولت “إسرائيل” على أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين، وطُرد أكثر من 700 ألف فلسطيني من منازلهم أو اضطروا للفرار، بينما صادرت “إسرائيل” معظم الأراضي.
والآن، يهدف النظام الإسرائيلي الجديد المتطرف – الأكثر عدائية تجاه الفلسطينيين في تاريخ “إسرائيل” – إلى إنهاء مهمته بضم جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى “إسرائيل”.
قال الكاتب والناشر الفلسطيني الأمريكي مايكل موشابيك: “يرغب العديد من الناس في الحكومة الجديدة بحل خارج الدولة، حيث يُنقل الفلسطينيون قسرًا إلى الدول العربية القريبة، وتجريدهم من أراضيهم”.
كان بتسئليل سموتريتش – رئيس الحزب الصهيوني الديني ووزير المالية الجديد – قد قال لأعضاء الكنيست الإسرائيلي من العرب إنهم هنا بالخطأ لأن بن غوريون لم ينه مهمته ويطردهم جميعًا عام 1948، وفي جهودها لتهويد الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، ربما تحاول “إسرائيل” تطهير الفلسطينيين منهما.
إن لعبة “إسرائيل” الصهيونية طويلة المدى غير المعلنة، تهدف إلى توسيع السيادة الإسرائيلية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع احتمالية استثناء غزة
يقول ريتشارك فالك المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967: “الحكومة الإسرائيلية الجديدة هي حصاد عقود من الفصل العنصري للشعب الفلسطيني في بلاده”.
وقد أُعلن عن اللعبة طويلة المدى للمشروع الصهيوني في قانون “إسرائيل” الأساسي عام 2018، الذي يؤكد نيتهم الحفاظ على السيادة اليهودية والحق الحصري لتقرير المصير في كامل الأراضي المحتلة من النهر إلى البحر.
“إٍسرائيل” تريد السيطرة على فلسطين المحتلة
رُسم الخط الأخضر عام 1948 ليفصل “إسرائيل” عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد وُضعت حدوده بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، يعيش نحو 15 مليون شخص بين النهر والبحر، ويشكل اليهود ما يقارب 7.454 مليون منهم أي نحو 49.84%.
أما الفلسطينيون على جانبي الخط الأخضر بما في ذلك غزة، فيشكلون نحو 7.503 مليون شخص (51.16%) أي الأغلبية، وما بين 59% و65% ممن يعيشون بين النهر والبحر يعارضون الاحتلال الإسرائيلي.
يقول فالك إن لعبة “إسرائيل” الصهيونية طويلة المدى غير المعلنة، تهدف إلى توسيع السيادة الإسرائيلية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع احتمالية استثناء غزة.
يضيف فالك “لم تكن غزة بسكانها الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة، جزءًا من الأرض الموعودة لليهود، وبالتالي فهي ليست جزءًا من المفهوم الصهيوني لحل الدولة الواحدة الإسرائيلية”.
“لكن القيادة الإسرائيلية تعتبرها قنبلة ديموغرافية خطيرة، وبالتالي تهديد أمني إذا ضُمت للرؤية الصهيونية لحل الصراع، لذا تفضل “إسرائيل” أن تعود غزة تحت إدارة مصر أو الأردن مثلما كان الوضع قبل 1967 أو حتى كدولة صغير مستقلة مجاورة”.
وثق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عمليات قتل وهدم منازل واقتحامات شنتها القوات الإسرائيلية المحتلة ضد الفلسطينيين منذ بداية عام 2023، فقد قُتل 43 فلسطينيًا من بينهم 19 مدنيًا (7 منهم أطفال) على يد القوات الإسرائيلية المحتلة
في عام 1967، هاجمت “إسرائيل” (بدعوى الدفاع عن النفس زورًا) مصر والأردن وسوريا واستولت على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وغزة والقدس، بالإضافة إلى هضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء، وقد أطلق عليها الفلسطينيون “النكسة”.
قاد ذلك إلى الاحتلال الإسرائيلي طويل المدى للأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن قرار الأمم المتحدة رقم 242 الذي صدر عام 1967 وأُكد عليه في 2016 ينص على “عدم جواز الاستيلاء على الأراضي من خلال الحرب”.
العقاب الجمعي الإسرائيلي للفلسطينيين يمثل جريمة حرب
وثق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عمليات قتل وهدم منازل واقتحامات شنتها القوات الإسرائيلية المحتلة ضد الفلسطينيين منذ بداية عام 2023، فقد قُتل 43 فلسطينيًا من بينهم 19 مدنيًا (7 منهم أطفال) على يد القوات الإسرائيلية المحتلة.
كما قُتل 3 فلسطينيين على يد المستوطنين، الذين زعموا أنه ردًا على عمليات الطعن وإطلاق النار، وجُرح العشرات في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
تمنع اتفاقية جنيف الرابعة عقاب الشعوب في الأراضي المحتلة باعتداءات لم يرتكبوها شخصيًا، لكن الانتقام الإسرائيلي من العائلات والمجتمعات على أعمال لم يرتكبوها شخصيًا، يشكل عقابًا جمعيًا ممنهجًا، بما يمثل جريمة حرب.
بالإضافة إلى ذلك، تسببت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تشريد 33 عائلة (بمجموع 229 شخصًا بينهم 43 امرأةً و108 أطفال)، جاء ذلك نتيجة هدم قوات الاحتلال لـ34 منزلًا، وقد أجبرت 6 عائلات على هدم بيوتهم بأيديهم، كما هُدمت 3 منازل كجزء من العقاب الجمعي.
يقول تقرير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: “هدمت قوات الاحتلال 39 موقعًا مدنيًا آخر وجرفت الممتلكات وأرسلت عشرات الإخطارات بالهدم ووقف البناء والإخلاء في الضفة الغربية والقدس الشرقية”.
تطالب المبادئ التوجيهية التي نشرتها الحكومة بمزيد من بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة وتقنين البؤر الاستيطانية غير الشرعية وأخيرًا الضم الكامل للضفة الغربية المحتلة
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بـ1449 عملية توغل في الضفة الغربية وشرق القدس منذ بداية العام، خلال تلك التوغلات اعتقلت 638 فلسطينيًا بينهم 11 امرأةً و61 طفلًا.
كان عام 2022 الأكثر دموية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ 18 عامًا، فقد قتلت قوات الاحتلال 146 فلسطينيًا بينهم 34 طفلًا.
الحكومة الإسرائيلية الجديدة تسعى لإضعاف المحكمة العليا وضم الضفة الغربية
بدأ تحالف الحكومة الصهيونية الدينية الجديد بمنع المحكمة الإسرائيلية العليا من نقض التشريع الذي مرره الكنيست، وهناك اقتراحات من التحالف باختيار القضاة واستبدال المستشارين القانونيين المحترفين بآخرين سياسيين.
حجب النظام الجديد أيضًا ما يقرب من 40 مليون دولار من عائدات ضرائب الفلسطينيين ويخطط لتحويل هذه الأموال إلى ضحايا الهجمات الفلسطينية، في الوقت نفسه؛ تطالب المبادئ التوجيهية التي نشرتها الحكومة بمزيد من بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة وتقنين البؤر الاستيطانية غير الشرعية وأخيرًا الضم الكامل للضفة الغربية المحتلة.
المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية تنتهك اتفاقية جنيف
تحظر اتفاقية جنيف الرابعة القوى المحتلة من نقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي احتلتها، لذا من غير القانوني أن تدعم “إسرائيل” مباشرة بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية.
في 2016، أصدر مجلس الأمن في الأمم المتحدة القرار 2334 الذي يدين إنشاء “إسرائيل” للمستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس الشرقية، وقد قال القرار إن بناء هذه المستوطنات ليس له سند قانوني ويعد انتهاكًا آثمًا للقانون الدولي.
في 1982 أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة على شرعية نضال الشعوب من أجل استقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وتحررها من الهيمنة الأجنبية والاستعمارية والاحتلال الأجنبي لأراضيها بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك النضال المسلح
يعيش نحو 650 ألف مستوطن يهودي في 164 مستوطنة و116 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وقد امتلك المستوطنون الذين بنوا مستوطنات غير شرعية على الأراضي الفلسطينية، تلك الجرأة بسب النظام الجديد الذي يضم بين وزرائه الأساسيين قادة حركة المستوطنين.
مقاومة قمع النظام الإسرائيلي
يقول حازم قاسم المتحدث باسم حماس: “تقوم المقاومة الفلسطينية بواجبها وتدافع عن شعبنا في غزة”، كانت كتائب القسام – الجناح العسكري لحماس – قد أعلنت أنها ستقابل الطائرات الحربية الإسرائيلية بمضادات الطائرات وصواريخ دفاع أرض جو.
عبرت الفصائل الفلسطينية الأخرى عن دعمها للرد الفلسطيني المسلح على اقتحام جنين يوم 26 يناير/كانون الثاني، عندما قتلت القوات الإسرائيلية 9 فلسطينيين في مذبحة، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن الفصائل الفلسطينية في غزة لها حق الرد على ذلك.
أما مجموعة المقاومة الفلسطينية المسلحة “عرين الأسود” في الضفة الغربية المحتلة، التي يعتبر الفلسطينيون أفرادها أبطالًا، فقد شنت عشرات الهجمات المسلحة على القوات والمدنيين الإسرائيلين خلال الـ6 أشهر الماضية.
وفقًا للقانون الدولي، فللفلسطينين الحق في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم بما في ذلك النضال المسلح، في 1982 أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة على شرعية نضال الشعوب من أجل استقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وتحررها من الهيمنة الأجنبية والاستعمارية والاحتلال الأجنبي لأراضيها بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك النضال المسلح.
بعد يوم من مذبحة جنين، قتل الشاب الفلسطيني خيري علقم – 21 عامًا – 7 إسرائيليين خارج كنيس يهودي في القدس الشرقية ردًا على قتل أحد أقاربه قبل يومين على يد القوات الإسرائيلية، بعد الهجوم أطلقت الشرطة النار على علقم وقتلته، وفي عقاب جمعي هدمت منزل عائلته كذلك.
يتظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين من إيدولوجيات مختلفة مساء كل سبت ضد الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة، تقول ستيفاني فوكس – المديرة التنفيذية لمنظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” -: “الحكومة الإسرائيلية تذبح الفلسطينيين كل ليلة، في منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم، ليس هناك أي كواليس خفية لذلك، لكن التعاليم اليهودية تأمرنا أن نقف في وجه الظلم، وقد حان الوقت لكي نعلن تضامننا مع الفلسطينيين”.
المصدر: تروث أوت