موازين القوى العسكرية في دول الشرق الأوسط ثابتة بشكل كبير منذ فترة، لم تتغير بشكل جذري لاسيما مع الخيارات التي اتخذتها بعض الدول في المنطقة بالارتباط عسكريًا بقوى عالمية وبالطبع في المقدمة منها الدول العربية التي لا تمتلك تنكنولوجيا الصناعات العسكرية ولا التصنيع الحربي بشكل كبير؛ ما يجعل جيوش المنطقة العربية بالكامل معتمدة بشكل كلي على التسليح الخارجي بالاستيراد.
ومع ازدياد التعقيد والتشابك في الظروف الإقليمية والدولية وتدخل الجيوش العربية وقادتها في السياسة الداخلية لبلدانها بات أمرًا ضروريًا وحتميًا معرفة “من أين تحصل هذه الجيوش على تلك القوة التي تكمن في “السلاح”؟ الذي ارتفع صوته في الآونة الأخيرة.
وفيما يلي نتعرف على أهم مصادر التسليح لأبرز الجيوش العربية من خلال آخر الصفقات العسكرية والتطويرات التي أحدثتها هذه الجيوش مؤخرًا :
أولًا الجيش المصري:
الجيش المصري هو الجيش الأقوى عربيًا طبقًا لتنصيف موقع جلوبال فاير لعام 2014 وثاني أقوى الجيوش في الشرق الأوسط و13 عالميًا طبقًا لتصنيف نفس الموقع العسكري، يعتمد الجيش المصري على مساعدات عسكرية أمريكية سنوية تقدر بمبلغ 1.3 مليار دولارًا سنويًا، كما يتيح التعاون الاقتصادي السياسي العسكري بين مصر والولايات المتحدة شراء الأسلحة الأمريكية باهظة الثمن بأسعار أقل من السوق العالمية.
برامج التسلح المصري تعتمد بشكل شبه كامل على التسليح الأمريكي عقب الإحلال والتجديد الذي تم في العقود الأخيرة فالأسطول الجوي المصري يتكون أغلبه من طائرات F-16 أمريكية الصنع، كما أن مصر أبرمت عدة صفقات أخيرة مع الولايات المتحدة لشراء الطائرات الهجومية “أباتشي” التي تسلمتها مصر بالفعل وشاركت في عمليات بسيناء.
أما على الأرض تقوم مصر باستيراد الدبابة الأمريكية M1-A1 مفككة الأجزاء وتقوم بتجميعها في مصانع تابعة للقوات المسلحة المصرية.
كذلك سلاح البحرية المصري الذي اشترى من الولايات المتحدة في صفقة أخيرة أُبرمت عام 2012 بموجبها تتسلم مصر 4 قطع من السفن الصاروخية السريعة.
هذا وقد حاولت مصر في الثلاثة أعوام الماضية الدخول إلى أسواق جديدة لشراء بعض الأسلحة كانت أبرز الدول التي دخل الجيش المصري معها في مفاوضات هي ألمانيا لشراء غواصات ألمانية من طراز 214، كذلك يستمر الجيش المصري في عمليات التحديث للأسلحة الروسية التي يمتلكها عن طريق اللجوء إلى موسكو وخاصة أنظمة الدفاع الجوي التي يمتلكها الجيش المصري والتي زادت عليها مؤخرًا المنظمومة الدفاعية الروسية “سترلتس”.
مما سبق فإن الجيش المصري يعتمد في استيراده للسلاح على قوتين رئيسيتين هما: الولايات المتحدة وروسيا، كما يحاول أن يدخل مجال التجميع للمعدات العسكرية عن طريق الهيئة العربية للتصنيع و وزارة الانتاج الحربي
ثانيًا جيش المملكة العربية السعودية:
الجيش السعودي هو ثاني أقوى الجيوش العربية ويحتل المرتبة 25 عالميًا طبقًا لتصنيفات موقع جلوبال فاير لعام 2014، يوجد على الأراضي السعودية قواعد عسكرية أمريكية لأغراض دفاعية وهناك علاقات وثيقة بين قيادة الجيشين الأمريكي والسعودي، ولكن من المعروف عن الجيش السعودي هو شرائه للأسلحة المتطورة المختلفة بصفقات خيالية، ومن أبرز هذه الصفقات التي يحتل الحليف الأمريكي طرفها الثاني غالبًا صفقة الدبابات الأمريكية طراز M1-A1 بقيمة 3 مليارات دولار، ولكن الصفقة الأضخم على الإطلاق كانت اتفاق أمريكي سعودي على توريد 84 طائرة من طراز F-15SA وشراء معدات عسكرية بقيمة 60 مليار دولارًا وسيدخل الاتفاق حيز التنفيذ قريبًا.
لم تكتف السعودية بهذا الكم الهائل من الطائرات الأمريكية بل ذهبت لشراء 72 طائرة قتالية بريطانية الصنع “يورو بيتر تايفون” بقيمة 7.9 مليار دولار، كذلك يمتلك سلاح الجو السعودي طائرات F-15S المطورة أمريكيًا، كذلك اشتركت كل من فرنسا بجانب الولايات المتحدة بعمل برامج تدريبية للحرس الوطني السعودي تشمل تزويده بأحدث المصفحات والأنظمة التدريبية الحديثة في صفقة بلغت قيمتها أكثر من 2 مليار دولار.
كذلك يعتمد الجيش السعودي على استيراد بعض التقنيات العسكرية الروسية في صفقات شبه دورية بين الطرفين تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لتكون السعودية من أكبر الدول المستوردة للسلاح في الشرق الأوسط بتنوع كبير في المصادر بين الولايات المتحدة كشريك رئيسي وبريطانيا وفرنسا وروسيا ولكن بدرجات متفاوتة.
ثالثًا الجيش السوري:
الجيش السوري يمر بمرحلة عصيبة عقب تدخله لقمع الثورة الشعبية التي قامت ضد نظام بشار الأسد؛ ما أدخل البلاد في صراع مسلح حتى هذه اللحظة، الجيش السوري كان من أبرز الجيوش العربية في المنطقة ويمتلك قوة عسكرية لا يستهان بها.
الجيش السوري يعتمد في المرتبة الأولى على التسليح الروسي فعقب انهيار الاتحاد السوفيتي عانت سوريا معاناة شديدة بعد أن امتنعت روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي عن تزويدها بالسلاح مجانًا كما كانت من قبل؛ فتوقفت سوريا عن تطوير سلاحها بشكل كبير وما إن جاء العام 2005 حتى عادت روسيا إلى حالها مع سوريا بالدخول في صفقات كبرى لإمداد الجيش العربي السوري بالسلاح فالصواريخ الروسية الأرض الأرض ضُخت بشكل كبير لسوريا والصواريخ المضادة للطائرات أيضًا S-300.
كذلك تتعاون سوريا مع كل من كوريا الشمالية ودولة إيران في تجميع الصواريخ “سكود”، سلاح الجو السوري يعتمد كليًا كذلك على الحليف الروسي بطائراته الميج بمختلف أنواعها وهنا يظهر اعتماد القوات السورية على الكتلة الشرقية في تسليحها على النمط الروسي معتمدة في ذلك على إيران والصين وكوريا الشمالية.
رابعًا الجيش الجزائري:
الجيش الجزائري الذي يحتل المرتبة الرابعة عربيًا من بين أقوى الجيوش العربية والمرتبة 31 عالميًا دخل في طور قوة بسبب عقده للعديد من صفقات السلاح الأخيرة، أبرزها صفقة أُبرمت مع الدب الروسي بمبلغ 8 مليارات دولار لاستيراد دبابات روسية من طراز T-90 وطائرات قتالية من طراز SO-30 إلى جانب الحصول على عدة أنظمة للدفاع الجوي وطائرات إمداد
كما عقدت الجزائر صفقة مع إيطاليا حصلت بموجبها على عشر طائرات إيطالية الصنع، كذلك وقّعت الجزائر مع بريطانيا صفقة تقضي ببيع 30 طائرة قتالية متعددة المهمام للجزائر.
كما تعتمد الجزائر في مجال أنظمة الاتصالات العسكرية على فرنسا وألمانيا وإيطاليا؛ ما أدى إلى نجاح الجيش الجزائري في إطلاق قمر صناعي ذي قدرات عسكرية.
كما عمل سلاح البحرية الجزائري في الآونة الأخيرة على عقد صفقات مع الحليف الفرنسي الذي له دور كبير في تسليح الجيش الجزائري باستيراد سفن دورية عسكرية من طراز FPB-98 بجانب استيراد غواصات روسية حديثة.
بهذا تعتمد الجزائر في التسليح على اتجاه روسي أوروبي لبناء وتطوير قدراتها العسكرية التي تقدمت كثيرًا في العقود الأخيرة.
خامسًا الجيش الملكي المغربي:
هو الجيش السابع عربيًا و65 عالميًا في العام 2014 وقد تزايدت قوته في الآونة الأخيرة بعد عدة صفقات سلاح كبيرة، يعتمد في تسليحه على دولة فرنسا بشكل كبير حيث يعتبر المستورد الأول للفرقاطة البحرية فرنسية الصنع FREMM ، كذلك يعتمد على الولايات المتحدة في تسليح القوات الجوية بالطائرات متعددة المهام F-16.
كما أنه عقد عدة صفقات سلاح لتشمل طائرات تدريبية من طرازات مختلفة من روسيا وفرنسا وإسبانيا هذا وقد غير الجيش الملكي من اعتماده التاريخي على الاتحاد السوفيتي في أمور التسليح إلى الوجهة الأوربية الفرنسية.
سادسًا الجيش الإماراتي:
تعاظمت القوة العسكرية الإماراتية من خلال اعتمادها على القوة الشرائية لها كباقي دول الخليج العربي التي تعني بشراء وتطوير أسلحة جيوشها، تعد الولايات المتحدة بجانب دولة فرنسا أبرز مصدري السلاح لدولة الإمارات.
قامت الإمارات بتعزيز قواتها الجوية بـ63 طائرة حربية من طراز “ميراج 9-2000″ و80 طائرة قتالية من طراز F-16E-F”” إلى جانب 30 طائرة من طراز “أباتشي”، كما قامت مؤخرًا بالاتفاق على شراء 12 طائرة نقل تكتيكية من طراز “C-130J” وست طائرات نقل إستراتيجية من طراز “جلوب ماستر”.
كما دخلت الإمارات مؤخرًا في مشروع عسكري تحصل بمقتضاه على سفن قتالية فرنسية مزودة بصورايخ أمريكية دفاعية، كذلك للروس نصيب من أموال الإماراتيين الذاهبة للتسليح حيث تستورد الإمارات من روسيا أنظمة للدفاع الجوي وأنظمة دفاعية مضادة للصواريخ طويلة المدى وقصيرة المدى بمجموع صفقات بلغ 9 مليارات دولار، فيما يُعد الجيش الإماراتي الخامس عربيًا من حيث القوة و42 عالميًا.
سابعًا الجيش العراقي:
أحد أقوى الجيوش العربية المدمرة مؤخرًا عقب الغزو الأمريكي للعراق بعدما كان يصنف بأكبر قوة عسكرية في الوطن العربي أصبح في مرحلة البناء والتأسيس بعد أن تم تفكيكه، يتم تأسيس الجيش العراقي الحالي بتدريب وتسليح أمريكي بنسبة كبيرة، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية هي المورد الأول للدبابات في الجيش العراقي من الطرازات المختلفة إبرامز وغيرها كذلك العربات المصفحة.
لا يختلف الأمر كثيرًا في سلاح الجو الذي تشرف عليه الولايات المتحدة، لكن ثمة صفقات عقدها الجيش العراقي عقب استلام القيادة العراقية له مع فرنسا وأوكرانيا وروسيا وصربيا لإمداد سلاح الجو العراقي بطائرات عامودية لكن ثمة شبهات فساد كبيرة طاردت هذه الصفقات.
الجيش العراقي يمر بمأزق كبير بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق لتتركه بدون تدريب كاف ولا خبرة قتالية عالية تمكّنه من القيام بمهامه ومن المتوقع أن يظل الجيش العراقي معتمدًا على التسليح الأمريكي لفترة طويلة من الزمن نظرًا لتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
المصادر: التصنيفات طبقًا لموقع جلوبال فاير – دراسات وترجمات مؤسسة قاوم