المؤسسات الإعلامية لتنظيم الدولة
يملك تنظيم الدولة نوعين من المؤسسات هما:
أ – المؤسسات الرئيسية
أولاً: مؤسسة الفرقان: وتعد الذراع الأساسي لتنظيم الدولة، وكانت تابعة لتنظيم القاعدة في السابق، وتجاوزت إصداراتها من تاريخ دخولها لنينوي أكثر من 160 إصدار معظمها مهم، كذلك أصدرت مواد صوتية وأنتجت جميع الكلمات الصوتية لأبي بكر البغدادي “الخليفة”، وكذلك أنتجت جميع الكلمات الصوتية لأبي محمد العدناني الشامي المتحدث الرسمي لتنظيم الدولة.
ثانيًا: مؤسسة الاعتصام: وهي التي أنتجت إصدارات كثيرة منها:
رسالة مجاهد أبو سعيد البريطاني “باللغة الإنجليزية ومترجم عربي سبتايتل”، الحق بالقافلة “موجهة لبلاد ما وراء النهر ومسجل باللغة الأوزبكية ومترجم عربي سبتايتل”، وسلسلة نوافذ على أرض الملاحم “وأنتج منها 50 حلقة، بعضها بلغات مختلفة ومترجمة سبتايتل للعربية”، صمود الأسود، رسالة إلى أهل تونس، رسالة مجاهد 5 أبو أنور الكندي، رسائل حية من مدينة بيجي العصية، عزم الأباة، من داخل عين الإسلام – كوباني، فشرّد بهم من خلفهم 1 و2 ، دكّ الحصون … وغيرها، تجاوزت إصدارات المؤسسة 90 إصدار مختلف.
ثالثًا: مركز الحياة للإعلام: معظم إصداراته باللغة الإنجليزية ومترجمة للعربية سبتايتل، وفيه إصدارات مهمة مثل “نهاية حدود سايكس بيكو” وغيره.
رابعًا: مؤسسة أجناد: وأنتجت إصدارات صوتية عالية الجودة مثل “نشيد يا ربي أسألك” و”أمتي قد لاح فجر” .. وغيرها، وتعد هذه المؤسسة هي المزودة لباقي المؤسسات الرئيسية والمناصرة بالإنتاج الصوتي.
ب – المؤسسات المناصرة
أولاً: مؤسسة البتار: لديها عدد من الإصدارات منها “وجنـودا لـم تـروهـا”.
ثانيًا: مؤسسة الخلافة: وهي التي أنتجت إصدار “عين الإسلام 2” ، والإصدار يرد على ما سماه “كذب القنوات الفضائية”، فقد عرض تقرير لقناة الجزيرة تتحدث فيه القناة عن انسحاب قوات تنظيم الدولة من مدينة “كوباني – عين العرب” وعرض صور لمقاتلي التنظيم في أحياء مختلفة من المدينة.
ثالثًا: مؤسسة ترجمان الأساورتي: ولديها عدد من الإصدارات.
رابعًا: إذاعة البيان وهي أول إذاعة للتنظيم في مدينة الموصل العراقية، وتبث من مبنى إذاعة الزهور في بلدية الموصل، تبث الإذاعة نشرة إخبارية تُرفع على الإنترنت بصورة غير منتظمة (1)، إضافة لبيانات وتوجيهات تنظيم الدولة، وتركز الإذاعة على انتصارات التنظيم وعملياته ضد القوات العراقية وقوات البشمركة ومليشيات الحشد الشعبي وغيرها، كما تأخذ عمليات التنظيم خارج العراق في سوريا وسيناء مساحة بث ضمن تغطيتها الإخبارية.
خامسًا: قناة الخلافة، أطلق تنظيم الدولة بروموشن دعائي عن قناة مرتقبة باسم “الخلافة”، وعرض البروموشن مجموعة من البرامج التي من المفترض أن تبث على شاشة القناة التي ستبث على شبكة الإنترنت، دومين القناة “اسم الموقع” الذي يفترض أن يكون ناطقًا باسمها هو “KhilafaLive.info” ولكن لا يعمل ومعطل.
البروموشن الذي عرض 9 برامج كان أبرزها برنامج الصحفي البريطاني جون كانتلي الأسير لدى تنظيم الدولة، وكذلك تم الترويج لبرناج للدكتور خالد الغريب وهو الشخص الوحيد – غير الصحفي البريطاني – مكشوف الوجه في دعايات البرامج التي بثها التنظيم.
التوقيتات كانت جديدة، فهي ابتعدت عن كل التوقيتات الدولية المعروفة واستبدلتها بـ “توقيت الدولة الإسلامية” في إشارة واضحة الى الاستقلالية الاعتبارية لتنظيم الدولة.
ويؤكد مقربون من التنظيم أنه يسعى للانتقال للبث المباشر لقناته قريبًا، وبهذا يكون قد دشن أول خدمة مرئية له (2)، وقد صنفنا القناة رغم أهميتها في هذا التصنيف لأن بثها لم يبدأ، بالتالي لا تأثير لها حاليًا.
سادسًا: إعلام الولايات، وفيه:
1- إعلام ولاية العراق والشام، وفيه أكثر من 58 إصدار.
2- إعلام ولاية اليمن.
3- إعلام ولاية سيناء.
4- إعلام ولاية الجزائر.
5- إعلام ولاية ليبيا.
6- إعلام جزيرة العرب.
تجاوزت إصدارات الولايات 150 إصدار مختلف.
سابعًا: المنتديات الجهادية، وفي معظمها امتداد لتنظيم القاعدة، والكثير منها لا يرتبط بتنظيم الدولة تنظيميًا او حتى إشرافًا مباشرة ولكن تبث كل إصدارات التنظيم وتطرح الكثير من القضايا التي تهاجم المخالفين ومواضيع أخرى تدافع عن التنظيم، كما تضم أقسامًا تقنية ودورات تدريبية على الأسلحة وطريقة تصنيعها وغير ذلك.
الإصدارات الإعلامية لتنظيم الدولة
الإنتاج عالي الجودة حاضر في كل إصدارات تنظيم الدولة وفي كل الأماكن يكاد يكون بنفس درجة الإتقان، في سوريا والعراق وليبيا وسيناء وغيرها، والإصدار الأخير “رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب” والتي أصدرها التنظيم من طرابلس ليبيا تبين وحدة الإتقان باختلاف مكان تواجده.
ولم يبق أي مجال إعلامي إلا واستخدم تنظيم الدولة أدواته في الترويج لفكرته ومشروعه، ومن ذلك:
– الإصدار المرئي: الأفلام الطويلة والقصيرة، الميدانية والتوجيهية، المتسلسلة والمتفرقة، الوثائقية وغيرها .. وهي أهم أنواع الإصدارات وأكثرها انتشارًا في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع التابعة للتنظيم، ومنها على سبيل المثال، إصدار “صليل الصوارم” وغيرها ، والكثير منها بأكثر من لغة “ترجمة سبتايتل” .
– الإصدار الصوتي، وهو ما يتميز فيه تنظيم الدولة، فأعاد إنتاج الأناشيد القديمة المؤثرة في الشباب، واستحدث أخرى تتناسب مع الواقع الجديد الذي فرضوه، وجعل من الصوت روحًا في كل إصداراته المرئية لتحقق أهدافه، وتتميز المادة الصوتية المنتجة بالجودة الفنية والتقنية العالية والنقاء المميز مما يدل على استخدامهم لاستديوهات صوتية احترافية.
– مجلة دابق: وهي مجلة احترافية تصدر باللغة الإنجليزية وتستدف من يتكلمون هذه اللغة، ولا يوجد لها نسخة عربية.
إذا وضعت مجلة “دابق” بجوار مجلة التايمز، فإنك لا ترى فرقًا يذكر في الإخراج والتصميم والجودة، بل وحتى المضمون المميز الذي يخاطب الرأي العام الناطق بالإنجليزية ومحاولة التأثير عليه.
استخدام الالوان في المجلة والصور والجرافيك كلها مقصودة ومدروسة بعناية لإيصال الكثير من الرسائل، وعلى سبيل المثال اللون البرتقالي في كلمة “مرتد” بالإنجليزية وهو ذات اللون لبدلة الإعدام التي يرتديها معاذ الكساسبة الطيار الأردني، والذي أُجريت له مقابلة قبل بث التنظيم فيديو إحراقه، واستخدام اللون الأسود في ذكر معارضي التنظيم الجهاديين والإعلاميين إشارة رمزية لظلامية تفكير الطرف المقابل من وجهة نظر تنظيم الدولة.
– الكتب: حرص تنظيم الدولة على إنتاج عدد من الكتب مثل، “وجنودًا لم تروها”، “عز النفير وذل القعود”، و”أنا داعشية قبل أن تولد داعش” وغيرها، كما أصدر كتاب “دور الأخت في الجهاد” وهو كتيب موجه للأمهات يرشدهن فيه عن كيفية تربية “الأطفال الجهاديين”.
– البنرات والصور: البنرات التصميمية التي أنتجها تنظيم الدولة كانت بمستوى جودة عالٍ، وحققت انتشارًا كبيرًا في وسائل التواصل الاجتماعي.
تنظيم الدولة يتعلم من أخطائه الإعلامية
نشر تنظيم الدولة فيديوهات تحتوي على خلفيات مختلفة في أماكن معينة استدل بها البعض على مكان التصوير، وعندما نشرت بعض الحسابات أنها استدلت على أماكن تصوير الفيديوهات وحددتها من خلال الخلفيات، غير تنظيم الدولة مواقع تصويرها، وأصبحت أشرطة الفيديو لا تظهر سوى خلفية جرداء من أي معالم مميزة، وبالطبع، كانت هذه رسالة إلى الجميع يقول فيها تنظيم الدولة إنه يراقب كل ما يُكتب عنه، ويُكيف أساليبه وفقًا لذلك.
استثمار الفرص الإعلامية
في الاحتجاجات بمدينة فيرغسون الأمريكية، استخدم تنظيم الدولة هاشتاغات مختلفة باللغتين العربية والإنجليزية لتحريض الأمريكيين من أصل أفريقي على الحكومة الأمريكية وتشجيعهم على تنفيذ هجمات في الولايات المتحدة.
ومن أهم الرسائل التي وجهت “أنهم يتشاجرون حول مسائل دنيوية، لذلك يمكنكم إرسالهم إلى الجحيم”، “يا أنصار الدولة الإسلامية في أمريكا ما يحدث في فيرغسون فرصة ثمينة لا تعوض قم واشغلهم عن المجاهدين بأنفسهم واسفك دماءهم بالطرقات والحارات”، و”الحل لحريتكم هو الإسلام، وتنظيم الدولة”.
هل تؤثر هذه الدعوات؟
يرى ستيفن ستالينسكي، وهو المدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام ميمري، أنه ليس أمرًا غير عادي بالنسبة لـ “الدولة الإسلامية”، أو الجماعات المسلحة الأخرى، استخدام الأحداث الجارية لتحريض أتباعهم، وأنه من شبه المستحيل معرفة ما إذا كانت مثل هذه الجهود على وسائل الإعلام الاجتماعي تؤدي بشكل مباشر إلى حدوث المزيد من العنف.
لكن النقطة المهمة أن كل من قاموا بهجمات مسلحة بشكل فردي في الدول الغربية كانوا فاعلين دائمًا ونشطين على تويتر، أو قاموا بمشاهدة الكثير من الفيديوهات التحريضية على موقع يوتيوب. (3)
حرفية التأثير النفسي على الغرب
يُقدر عدد الأوربيين الذين تم تجنيدهم من قبل تنظيم الدولة بـ 5000 شخص (4)، ومعظم هؤلاء الأوربيين لا يجيدون كلمة واحدة من اللغة العربية، لكن استطاع تنظيم الدولة الوصول لهم وجرهم إلى “دولة الخلافة”.
ولا يقتصر عمل تنظيم الدولة على التجنيد فقط، بل يستثمر هؤلاء الناطقين بأسماء دولهم الإنجليزية في إرسال رسائل قوية تؤثر على الرأي العام الأوروبي وتهزه، وبالتالي تستقطب المزيد مرة أخرى وتخلق رأيًا عامًا ناقمًا على الحكومات الغربية.
أكثر من 90% من عمليات التجنيد تتم من خلال الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر مقاطع فيديو فيها الكثير من الحرفية لجهة التأثير النفسي والقدرة على الإغواء، لا مشاهد عنف فيها بالضرورة بل مقاطع من أفلام مثل “ماتريكس” و”سيد الخواتم” وموسيقى جذابة وكلام مؤثر عن المظلومين إخوتنا في الإنسانية وواجب نصرتهم والدفاع عنهم، ومع التكرار يقتنع المستهدَف بأنه “مختار” للدفاع عن قضية عادلة، ويستبق الفيديو الانتقادات التي سوف يتعرض لها “المختار” من المقربين منه فيطلب منه تجاهلها وعدم التعامل معها. (5)
عند انتقال المقاتلين الأوربيين إلى صفوف تنظيم الدولة تبدأ عملية إشراكهم في عمليات منوعة ومختلفة ولكن يتم التركيز على بعض العمليات النوعية التي تهدف الى إثارة الرأي العام الأوروبي.
ففي 16-10-2014 أصدر تنظيم الدولة عملية ذبح الرهينة الأمريكي بيتر كاسيج الذي خُطِف في سوريا العام 2013، وتحدث الشخص الذي قام بذبح الرهينة بلغة إنجليزية قائلاً “هذا هو بيتر إدوارد كاسيج المواطن الأمريكي”.
ويرجح بعض الخبراء الى أن هذا اليوم – الذي شهد ذبح الرهينة الأمريكي وشهد أيضًا ذبح 18 طيار سوري من نظام بشار الأسد – قد تم الذبح على يد فرنسيين من أصل فرنسي، والذين يقدر عددهم بأكثر من 1000 شخص جاءوا لمبايعة تنظيم الدولة وقد أثار هذا الأمر الرأي العام الفرنسي لوجود أشخاص فرنسيين وهم من قاموا بتنفيذ العملية. (6)
أخيرًا
الإعلام لم يُدخل تنظيم الدولة إلى الموصل ولم يمكن لهم في الرقة، إنما دعم ذلك بقوة.
هذا المقال يأتيكم ضمن ملف “مستقبل القوة” على نون بوست، يمكنكم أيضا قراءة المقال الأول حول حروب الفضاء الإلكتروني والثاني حول التسريبات الاقتصادية وكيف تعمل كأداة حرب في المستقبل، والثالث حول الجيش الأمريكي وإعادة بنائه ليوائم الحروب القادمة، والرابع، وهو الجزء الأول من هذا المقال حول إعلام تنظيم الدولة بين الاحترافية والتأثير، والخامس وهو الجزء الثاني من هذا المقال عن إعلام تنظيم الدولة: لماذا تنجح داعش؟
———————————
(1) موقع دولة الخلافة الاسلامية
(2) الجزيرة نت 20-1-2015.
(3) موقع التقرير 26-11-2014.
(4) تصرح رئيس جهاز الشرطة الأوروبية (يوروبول) أمام لجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم البريطاني ، موقع فرانس 24 في 13-1-2015.
(5) دراسة للباحثة دنيا بوزار المتخصصة في علم الانثروبولوجيا – علم الجماعات البشرية وسلوكها وإنتاجها – نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، باريس.
(6) د.غسان العزي، جريدة الخليج، مقال “ظاهرة الجهاديين الغربيين العصية على الفهم” 1-1-2015 .