ديالى: المدينة المنسية

9nQLE

ها هي الأشجار الممتدة كلوحة رُسمت بريشة أمهر فنان، إنها أجمل من أي لوحة رغم بساطة المكان، حاولت أن أُفتش عن سر هذا الجمال، لم أجد غير أنها تحمل الطبيعة كعنوانٍ لها، وقد أضفت إليها الطبيعة كل مُتغيرات العراق.

 تقع محافظة “ديالى” ومركزها بعقوبة 57 كم شمال شرق العاصمة بغداد، في القسم الشرقي من وسط العراق، ولها حدودها مُمتدة شرقًا مع إيران، جعلتها عرضة للحروب والمؤامرات، منذ الحرب العراقية الإيرانية (القادسية الثانية)، والتي استمرت ثمان سنوات، والحروب التي مازالت حتى اللحظة.

تمتد بين دائرتي عرض (-33.3 و-35.6) شمالًا وخطي طول (- 44.22 و 45.56) شرقًا، تبلغ مساحتها 17774 كم، وتشكل ما نسبته 4.1% من مساحة العراق البالغة 434128 كم، وكانت محافظة ديالى تسمى في العهدين العباسي والعثماني طريق خرسان، الذي كان يعرف سابقًا باسم سرياني (تأمرا).

ويطلق العراقيين على ديالى تسمية “مدينة البرتقال”، حيث تشتهر بزراعته، ويشتهر قضاء المقدادية بزراعة الرمان، كما أنها تعتبر سلة العراق الغذائية، وحديقة بغداد الخلفية، تضم ديالى ست أقضية (بعقوبة مركز المحافظة، المقدادية والذي يعرف محليًا بـ “شهربان”، خانقين، بلدروز، الخالص، وكِفري)، كما وتمتد فيها سلسة جبال أو تلال حمرين، بالإضافة الى حوض حمرين وبحيرة السعدية، وقد حباها الله بنهر يسمى “نهر ديالى”  وله عدة جداول وأنهر تتفرع داخل أقضيته، والذي ينبع من أراضيها ومن إيران ويصب في نهر دجلة.

هذا وتتميز المحافظة بالتلال الأثرية التي تعود إلى بداية الألف الخامس قبل الميلاد حتى العصور الحضارية المتأخرة ومن أهمها تل أسمر وهو موضع مدينة أشنونا وقد وجد فيه عدد من المعابد والقصور والتماثيل، وتل أجرب، وتل أشجالي وفيه معبد الإله الشمس وعشتار.

وهي من المحافظات الزراعية، حيث إن 70 بالمئة من مساحتها عبارة عن قرى وبساتين ومزارع، وهذا ما جعل أغلب سكانها قرويون، وتتبايَن أرض ديالى بين السهلة والجبلية، مما جعلها تتميز بالطبيعة الخلابة والبساطة، وبقيت ديالى مُهملة من جميع الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق، لذلك فإن ما بها من عمران قديم بدأ يتهاوى نظرًا لقلة الإعمار باستثناء مبانٍ قليلة، والتي مع آلة الهدم المستمرة في العراق الجديد، فإن أي مجهود آخر، لا يمكن اعتباره إعمارًا.

يمكن اعتبار ديالى عراق مُصغر؛ إذ تتعدد فيها القوميات والطوائف، (عرب، وأكراد، وتركمان)، بالإضافة إلى الصابئة، وهذا ما جعلها من المناطق المتنازع عليها بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق.

وتعتبر محافظة ديالى الآن، من أخطر مدن العراق، وأقلها أمنًا، إذ شهدت جميع أنواع العنف والحروب، غير أن الإعلام المحلي والعالمي، غالبًا ما يتجاهل نقل أخبارها، ولم تكن إيران التي تحدها من الشرق بعيدة عن إذكاء أو المشاركة في هذا العنف والقتل اليومي الذي يحدث في ديالى ذات الأغلبية السنية، ويقطنها نحو مليون ونصف المليون نسمة، حيث يشكل العرب السُنة فيها، أكثر من 75 بالمئة قبل الاحتلال الأمريكي للعراق، والتي تشكل خطرًا حسب رأي البعض على إيران، وهذا أدى إلى التخطيط لتغيير تركيبها تغييرًا ديموغرافيًا؛ لذا فقد تم تهجير وقتل واعتقال وتهديد السُنة فيها، لغرض جعل المحافظة شيعية خاضعة لإيران باستخدام القوة.

وقد نزح أغلب السُنة منها، منذ العاشر من يوليو الماضي، بعد دخول تنظيم داعش، وتعرض السكان للعنف من قِبل المليشيات المدعومة من الحكومة العراقية وإيران .